أثارت مسوّدة الاتفاق السياسي التي قدمها رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا “برناردينو ليون” نهاية نيسان/أبريل المنصرم، والناتجة عن اجتماعات الفرقاء الليبيين بصخيرات المغرب، جدلاً واسعاً في الوسطين السياسي والإعلامي.

وتباينت الآراء والانطباعات حولها، بين من يرى أنها مكتملة ولن يُقدّم أفضل منها، وأنها تلّبي استحقاقات المرحلة الحرجة التي تمر بها ليبيا هذه الايام، وبين من يرى أن الكثير ينقصها ولم تنضج بعد ليتحلّق حولها الفرقاء الليبيون بمختلف توجهاتهم.

أثارت مسوّدة الاتفاق السياسي التي قدمها رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا “برناردينو ليون” نهاية نيسان/أبريل المنصرم، والناتجة عن اجتماعات الفرقاء الليبيين بصخيرات المغرب، جدلاً واسعاً في الوسطين السياسي والإعلامي.

وتباينت الآراء والانطباعات حولها، بين من يرى أنها مكتملة ولن يُقدّم أفضل منها، وأنها تلّبي استحقاقات المرحلة الحرجة التي تمر بها ليبيا هذه الايام، وبين من يرى أن الكثير ينقصها ولم تنضج بعد ليتحلّق حولها الفرقاء الليبيون بمختلف توجهاتهم.

القيادة السياسية لـ “فجر ليبيا” متمثلة بالمؤتمر الوطني العام (برلمان طرابلس) أحد أطراف الحوار، أصدر بياناً رفض فيه المسودة معتبراً أنها “لم تستند على الحل الموضوعي الشامل والمتوازن في ليبيا” في حين لم يصدر بيان رسمي عن الأطراف الأخرى المقابلة كبرلمان طبرق مثلا.

لكن الملاحظة الأساسية على المسودة بالنسبة لـ “فجر ليبيا” بحسب تقارير إعلامية هو اعتراف المسودة ببرلمان طبرق وبالجيش المنبثق عنه بقيادة اللواء خليفة حفتر.

الحوار .. ودون مكابرة

المحامية عزة المقهور ترى في تصريح لـ”مراسلون” أن الوثيقة جاءت متناغمة مترابطة، تكفل “احتكار” الدولة للحق الشرعي في الاستخدام المشروع للقوةً، كما تكفل وجود مجلس أمن قومي وجيش تحت إشراف السلطة المدنية، بحيث يلتزم الحياد بين الأطراف السياسية المتجاذبة، إضافة إلى عدم المساس بالنظام الدستوري، وحل ودمج وإعادة تأهيل منتسبي التشكيلات المسلحة في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وأن يقوم مجلس الوزراء بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي.

تضيف المقهور أن من أهم النقاط التي جاءت في المسوّدة تلك المتعلقة بحصرية استيراد الأسلحة والذخائر عن طريق الحكومة التي سيتم اختيارها توافقياً، إضافة إلى نقطة يرنوا لها الليبيون جميعاً ألا وهي الوقف الشامل والدائم للنار والاشتباكات.

ولكن كل ذلك قد لا يجدي نفعاً، تقول المقهور، “إلا إذا جلس الفرقاء في حوار هادف، دون تعنّت أو مكابرة، فقد يحتاج ذلك إلى جهد شاق ومضنٍ، إلا أن الحوار يبقى هو الحل الوحيد للخروج من النفق المظلم.

الإخوان يرفضون

بالرغم من أن المتتبع لرأي المحامية عزة المقهور قد يظن أن جميع الليبيين سيوافقون على هذه المسوّدة لا سيما الفرقاء، لكن المحلل السياسي خالد مطاوع يرى أن شريحة من الليبيين يعترضون عليها جملة وتفصيلاً.

يقول مطاوع لـ”مراسلون” إن جماعة الإخوان المسلمين – في ليبيا – ترفض مسوّدة الأمم المتحدة لحل المشكلة السياسية في البلاد، كما ترفض نتيجة انتخابات عام 2012 بشكل غير مباشر وانتخابات عام 2014 بشكل مباشر.

ويردف مطاوع أن مسوّدة الأمم المتحدة تقر بأن الانتخابات الديمقراطية وبقاء كيان الدولة أهم من قرارات الدائرة الدستورية مع احترامهم للقضاء، بمعنى أن المسودة تعترف بمجلس النواب الليبي جسماً شرعياً في ليبيا، الأمر الذي رفضته جماعة الإخوان المسلمين، “حيث أن رفضهم للمسودة هو مجرد غطاء سياسي لهم، وتعبير عن رأي الميليشات التي تتبعهم أو تتحالف معهم” على حد تعبير مطاوع.

رأيُ مطاوع جاء متوافقاً إلى حد كبير مع ما أصدره حزب العدالة والبناء الذي يضم معظم قيادات جماعة الإخوان المسلمين في اليوم الثاني من تقديم المسوّدة، حيث دعا الحزب ليون إلى سحب مسودته، رافضاً ما جاء فيها، واصفاً إياها بالمخيبة للآمال وأنها جاءت على نحوٍ صادمٍ متجاهلةً كل المبادرات والآراء التي قدمت في الحوار الرئيسي.

اقرؤوها من فضلكم!

وعلى مسافة بعيدة جداً من بيان حزب “العدالة والبناء” تقف الصحفية سعاد سالم داعية إلى قراءة المسوّدة بتمعن وعدم الاستماع إلى من يرغب في التشويش عليها.

تقول سالم لـ”مراسلون” إنها  قرأت المسودة المعروفة محلياً بـ”مسودة ليون”، وإن من يرفضها سيصدق فيه قول الناشطة الحقوقية المشاركة في حوار المغرب نعيمة جبريل إن “ليون ليبي أكثر من الليبيين”.

“إقروها من فضلكم” تقول سعاد “وأخبروني إن كان لديكم حلم أكبر مما موجود في بنودها”.

غير موفقة .. ومتناقضة

عضو مجلس النواب المقاطع لجلساته فتحي باشآغا يرى من جانبه أن المسودة تحمل في طياتها “تناقضات وانفصاماً شديدين” في بنودها وإطارها العام حسب تصريحاته في وسائل إعلامية مختلفة، مضيفاً أن المسوّدة استخدمت أكثر من مصطلح للإشارة إلى المشاركين في الحوار.

باشآغا عزا هذه التناقضات إلى تهرُّب المسودة من تعريف الأطراف جميعاً، متهماً ليون بأنه فصّل الاتفاق تتويجاً لطرف بعينه للاستئثار بالسلطة.

وغير بعيد عن باشآغا يقول الصحفي إسماعيل القريتلي لـ”مراسلون” إن المسودة تجاهلت طرفاً رئيسياً ومهماً في الأزمة الحالية وهو المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، وأن الضعف البنيوي جاءها في تجاهل المؤتمر وكل ما يتبعه من مكونات سياسية وعسكرية واجتماعية، ومنح الطرف الآخر وهو البرلمان ومن يجتمع حوله من سياسيين وأعيان وعسكريين رجحانا.

يردف القريتلي أن المسودة والبعثة لم تنجحا في وضع أسس متينة تقنع بصحة ما ذهبت إليه، مما يتطلب منها أهمية مراجعة هذا الانحياز الظاهر “حتى في غياب القصد”.

القريتلي يرى أن الأمر الثاني يتمثل في التعامل مع الجيش والأمن في ليبيا وكأنهم أطراف خارج النزاع السياسي والعسكري الحالي، مما يزيد في تعقيد المشهد والأوضاع وينذر بانزلاق البلد في أتون حرب أهلية ضروس، ولن ينفع معها التلميح والتهديد بالعقوبات وغيرها من المجتمع الدولي حسب كلامه.

غير بعيدين

وفي ظل كل ما يحدث تستمر الهيأة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في عملها لخلق دستور يتآلف عليه الليبيون، ولكن أعضاءها يراقبون عن كثب كل ما يتعلق بـ”مسودة ليون”.

يقول عمر النعاس عضو الهيأة “إننا غير بعيدين عن أروقة الحوار الليبي، وإن ما يقوم به السيد ليون هو محاولة تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة على السلطة خلال هذه المرحلة الانتقالية، ولكن ما أؤكده دائما هو أن ما يحدث خلال هذه المرحلة الانتقالية يجب ألا يؤثر على الهيأة التأسيسية، والتي مهمتها إزالة المرحلة الانتقالية بكل ما فيها من أجسام وأدوات مؤقتة، وتأسيس مرحلة استقرار حقيقي ومؤسسات يحكمها الدستور”.

حوار الصخيرات الذي بدأ منذ ما يقارب الشهرين، كانت أهم النقاط التي من أجلها انطلق هي الاتفاق أولاً حول وقف إطلاق النار، ثم التوافق على شخصية لقيادة حكومة الوحدة الوطنية، وأخيراً محاولة التوصل إلى اختيار الوزراء الذين سيمثلون مختلف الأطراف في هذه الحكومة.
وفي خط متوازٍ مع هذه الآراء المتباينة تعمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا برئاسة السيد ليون على دراسة الانتقادات التي وصلتها من جميع الأطراف لتخرج بمسودة اتفاق رابعة، لربما تحظى بقبول اللاعبين الأساسيين.