ليلى سويف مناضلة من تراث فريد، فعندما كانت أستاذة الرياضيات بكلية العلوم بجامعة القاهرة في 2003 أسست مع آخرين “حركة استقلال الجامعات” والتي اشتهرت إعلاميا باسم “حركة 9 مارس” والتي بدورها ساهمت بصورة كبيرة في تدشين العديد من الحركات السياسية الأخرى.

كما كانت هذه السيدة التي لا تتوقف عن الحركة عضوا مؤسسا في “الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب” والتي لعبت دورا كبيرا في فضح انتهاكات الشرطة في العقد الاخير لحكم مبارك.

ليلى سويف مناضلة من تراث فريد، فعندما كانت أستاذة الرياضيات بكلية العلوم بجامعة القاهرة في 2003 أسست مع آخرين “حركة استقلال الجامعات” والتي اشتهرت إعلاميا باسم “حركة 9 مارس” والتي بدورها ساهمت بصورة كبيرة في تدشين العديد من الحركات السياسية الأخرى.

كما كانت هذه السيدة التي لا تتوقف عن الحركة عضوا مؤسسا في “الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب” والتي لعبت دورا كبيرا في فضح انتهاكات الشرطة في العقد الاخير لحكم مبارك.

تنحدر ليلى من عائلة أكاديمية، أبوها مصطفى سويف عالم النفس الكبير ومترجم فرويد، وأمها فاطمة موسى أستاذة الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة، وشقيقتها الكاتبة أهداف سويف.

انشغلت بالهم العام منذ شبابها –أول مظاهرة شاركت فيها كانت في السادسة عشر- وانغمست في جوانبه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، خارج منزلها وداخله. تزوجت الحقوقي الرائد أحمد سيف الإسلام (1951-2014)، ذلك الرجل الذي قضى خمس سنوات من عمره في سجون مبارك بينما تحملت هي عبء تربية ثلاثة أبناء هم الناشط والمدون علاء سيف الذي  يقضي الآن عقوبة السجن ثلاث سنوات بسبب تظاهره ضد قانون التظاهر وهي القضية المعروفة بـ”أحداث مجلس الشورى”، وسناء سيف التي تقضي هي الأخرى عقوبة حبس ثلاث سنوات بسبب التظاهر ضد محمد مرسي وقت كان رئيسا فيما يعرف إعلاميا بـ “أحداث الاتحادية”. وما بين هذا وتلك أوسط أبنائها منى سيف مؤسسة حملة “لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين”.

جدير بالذكر أن سيف الإسلام توفي بينما يقبع أولاده الإثنان في السجن.

على الرغم من كل هذا ليلى لم تحبط، فهي كما تقول تدرك حركة التاريخ، وتعرف أن تلك الحركة لا تمضي في مسار واحد فقط، تصعد وتهبط، ولو كنا الآن في مرحلة هبوط فهذا لا يعني أن التاريخ قد توقف.

“مراسلون” التقتها لتتعرف على رؤيتها للأوضاع الراهنة، وكيف ترى القادم، والعديد من الأمور الأخرى.

  • بداية ما هو تقييمك للمرحلة الراهنة؟

مرحلة جزر عادية، سبق وأن مررنا بها العديد من المرات. لكن إذا لم تعِ السلطة الراهنة أن هناك خطراً حقيقياً، وأن تضع حداً لحالة التوحش الأمني وغياب العدالة الاجتماعية فإن الانفجار قادم لا محالة.

  • هل ترين بوادر إنفجار جماهيري قادم في مصر؟

بالطبع فالشعب المصري لم يجد الا الفقر والقمع بعد موجات الثورة الثلاثة. والنظام الراهن يجسد الجناج الأسوأ في نظام مبارك. حيث يرفع العصا، ولا يعلم شيء عن التفاوض، وهو ما سيجعل عدد سنوات حكمه أقل من مبارك بكثير.

  • إذا كانت هناك احتمالات الانفجار قوية، فهل ترين أن هناك بديلا لمثل هذا الانفجار؟

في الحقيقة تلك الحسابات مربكة، ولكن نحن أمام شيئين لا ثالث لهما، إما أن يكون الانفجار بلا نهاية، ونصبح مثل العديد من الدول الإفريقية التي تعاني من الصراعات بصورة مستمرة، أو أن يستطيع الشباب أن يجد بديلاً من بينهم، وقتها فقط يمكن اعتبار أن الثورة قد نجحت.

  • شاركتِ كطالبة في النضال الطلابي في السبعينات، وشاركتي في تأسيس حركة إستقلال الجامعات منذ التسعينات، ولم تتغير الجامعة، فهل هذا يثير الإحباط؟

(تبتسم)..تعودت على ألا أحبط. فالانتصار والهزيمة أصبحا عادة يومية في حياتنا. ومن يقرأ التاريخ ويعي مفهوم الثورة لا يمكن له أن يصاب بالإحباط. فهي موجات مد وجزر، ويكفي أن أرى طلبة الجامعات وكم الوعي الذي يتمتعون به والمواقف المتقدمة التي يتخذونها في مواجهة محاولات المساس بحقوقهم، أو حتي حقوق الغير.

  • تنتمين إلى جيل السبعينات وهو جيل موجه له العديد من الاتهامات من قبل الشباب هل توافقين على ذلك؟

أوافق بشدة، فجيل السبعينات تربى على التكيف مع الواقع بدلا من الثورة عليه. بداية من اللجوء لمدارس أجنبية في تعليم ابنائهم ومرورا بالواقع السياسي والثورة. وهو ما انتج إنتهازية في الغالبية العظمى من ذلك الجيل باستثناءات ليست كبيرة، خاصة بعد حالات السقوط الجماعي للأقنعة في الفترة الماضية، وهو السقوط الذي أظهر عجز النخبة السياسية في مواجهة النظام، للحفاظ على مصالحهم الشخصية، وأعتقد أن 30 سنة فساد في عهد مبارك وما قبله كانوا كفيلين بإصابة كل من هو فوق الأربعين بأمراض يصعب علاجها.

  • الأفق السياسي يكاد يكون مغلق في الفترة الراهنة، وهناك تخوفات من التنسيق مع تيارات الإسلام السياسي، فهل لديك رؤية للعمل السياسي في الفترة الراهنة؟

أرى أن العمل على القضايا النوعية يمكنه أن ينهي صراع التحالف مع الإخوان من عدمه، لاسيما القضايا الخاصة بالحريات، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

  • كيف ترين الشباب المصري الذي تعولين عليه في نجاح الثورة؟

شباب رائع بالمعنى الحرفي للكلمة، لديه القدرة على المعرفة ولكنه لا يعلم طريقه بشكل صحيح، ولا يعلم أن الخروج من الأزمة الحالية هو أن يحكم الشباب وليس الأجيال السابقة. فبدلا من البحث عن شخصية سياسية بارزة والالتفاف حولها، على الشباب أن يفرزوا قيادتهم، وأن يبتعدوا عن الأجيال الأكبر .

  • من بين هؤلاء الشباب ابنك الاكبر علاء سيف الذي يقضي عقوبة بالحبس ثلاث سنوات وابنتك الصغرى سناء التي تقضي عقوبة مماثلة في أحداث الاتحادية، ألا يؤثر ذلك على رؤيتك للمستقبل؟

المعركة ليست سهلة، فهي معركة حياة أو موت بين نظام يسعى إلى الاستيلاء على كل شيء، وشباب يرفض أن يخضع، ويدفع ثمناً باهظاً مقابل ذلك، وسجن ابني وابنتي لن يؤثر، فهما يعلمان طريقهما جيداً.

  • هل هناك محاولات للإفراج عنهما داخليا أو خارجياً؟

أنا لم ولن أسعى. لن أذهب للسلطة وأتوسل إليها لكي تفرج عن ابنائي فهم مثل الآف الشباب المصريين الذين يقمعون بأمر النظام.

  • ساهمتِ في تأسيس العديد من الحركات السياسية، وناضلتِ مع الراحل احمد سيف الاسلام سنوات كثيرة، فهل هناك شيء تندمين عليه اليوم؟

هناك شيء واحد فقط ندمت عليه. ولم الاحظه إلا تلك الايام، خاصة مع تقدم السن، وهو أني لم أقم بعمل أبحاث علمية كثيرة، حيث جذبتني السياسة والقضايا المختلفة، وأبعدتني عن القيام بالمزيد من الابحاث في تخصصي العلمي. على الرغم أنه كان بإمكاني عدم الغرق في كافة القضايا السياسية، والتركيز في الابحاث العلمية.

  • ما هي أكثر الاوقات التي شعرتِ فيها باحتياج للراحل سيف الاسلام؟

في الحقيقية هناك اكثر من موقف، ولكني أتذكر موقف خروج سناء وعلاء في المرة الاولى، وكم الاجراءات التي حدثت في النيابة. وكان من الممكن ان ينهيها سيف. والموقف الاخر الاكثر تاثراً، يوم جنازته، حيث كان الالم يخيم على الجميع، وكان لدي احساس شديد بالفقد والحاجة اليه.

  • كيف تمضي حياتك اليومية في هذه الفترة؟

أذهب للجامعة والتدريس ثلاثة أيام، وزيارة للسجن يومان في الأسبوع أحدهما لسناء والأخر لعلاء، وفي اليومين الباقيين اقضي الوقت مع خالد ابن علاء وأقوم ببعض الزيارات العائلية.