في حوار خصّ به “مراسلون” قال محمد الناصر رئيس مجلس النواب الشعب والأمين العام بالنيابة لحزب حركة نداء تونس الذي يقود الائتلاف الحكومي أن البرلمان يعتزم تنظيم جلسة مساءلة للحكومة عقب انقضاء مدة مائة يوم على انطلاق عملها. وفي ما يلي نص الحوار:

مراسلون: يناقش البرلمان الأيام القادمة مشروع قانون “زجر الاعتداء على الأمنيين والعسكرين” الذي اعتبره سياسيون وحقوقيون مدخلا لإعادة إنتاج الدولة البوليسية. ما موقفك من هذا المشروع؟

في حوار خصّ به “مراسلون” قال محمد الناصر رئيس مجلس النواب الشعب والأمين العام بالنيابة لحزب حركة نداء تونس الذي يقود الائتلاف الحكومي أن البرلمان يعتزم تنظيم جلسة مساءلة للحكومة عقب انقضاء مدة مائة يوم على انطلاق عملها. وفي ما يلي نص الحوار:

مراسلون: يناقش البرلمان الأيام القادمة مشروع قانون “زجر الاعتداء على الأمنيين والعسكرين” الذي اعتبره سياسيون وحقوقيون مدخلا لإعادة إنتاج الدولة البوليسية. ما موقفك من هذا المشروع؟

محمد الناصر: لا يزال مشروع هذا القانون قيد الدرس ضمن اللجان في البرلمان، والنواب بصدد الاستماع إلى كل الأطراف في المجتمع المدني من حقوقيين وخبراء ومختصين. المراد من هذا القانون هو حماية قوات الأمن والجيش من الاعتداءات، ومن واجب البرلمان أن يصدر قانونا يحمي القوات المسلحة من التهديدات التي تتربص بهم نظرا للدور الذين تقوم به في الحفاظ على أمن البلاد والعباد. ومع ذلك فإن زاوية النظر لن تقتصر على حماية الأمنيين والعسكريين بل ستأخذ بعين الاعتبار حماية الحريات وكل الحقوق التي تضمنها الدستور. وشخصيا لن أسمح بإصدار أي قانون يسمح بعودة دولة البوليس أو يتعارض مع الحقوق والحريات المكتسبة.

رغم  أن الإرهاب يتهدد تونس لم يتمكن البرلمان من التصديق على مشروع قانون الإرهاب ومنع غسيل الأموال الذي تمت صياغته منذ أكثر من سنتين وسبق أن ناقشه المجلس الوطني التأسيسي. لماذا كل هذا التأخير؟

قانون مقاومة الإرهاب يكتسي صبغة خاصة وقد رأى جزء من الرأي العام بأنّ النظر في هذا القانون لا بد أن يكون من أولويات البرلمان وهذا رأيي أيضا. منذ فترة عملنا على عقد جلسات استماع مشتركة بين كافة اللجان المعنية بصياغة هذا القانون وأعتقد أن المصادقة عليه لن تتأخر كثيرا. ونحن نحرص أيضا أن تضمن فصول هذا القانون شروط المحاكمة العادلة وحقوق المتورطين في قضايا الإرهاب خلال مرحلتي البحث والتقاضي.

توجه أطراف سياسية عديدة انتقادات لاذعة للبرلمان التونسي بدعوى أنه خرق الدستور بعدم احترامه الآجال المحددة لتشكيل وإحداث الهيئات الدستورية التي نصّ عليها الدستور الجديد. كيف تنظر لهذا الأمر؟

بالعكس البرلمان متمسك باحترام كل ما جاء به دستور جانفي/كانون الثاني 2014 ولكن كل ما في الأمر أن هناك اختلاف في قراءة نص الدستور في ما يتعلق بآجال تركيز الهيئات الدستورية. هناك من يحتسب الآجال بداية من تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية في أكتوبر/تشرين الأول 2014 وهناك من يحتسبها من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني 2014. وبالتالي فإن هذا الاختلاف في تأويل النص الدستوري جعل العديد من الأطراف السياسية تعتقد أن البرلمان بصدد خرق الدستور. وأنا كرئيس البرلمان شديد الحرص على الالتزام بكل أحكام الدستور التي تسري على جميع مؤسسات الدولة.

يرى البعض أنّ التحالف الحكومي الذي يضمّ أربعة أحزاب سياسية قد عزل المعارضة في البرلمان وقلّص من دورها وهو ما قد يكون له تأثير على مضامين القوانين. هل تعتقد بأنّ الحديث عن تراجع دور المعارضة أمر صحيح؟

المعارضة في مجلس نواب الشعب (البرلمان) فعالة ولها قوة إقناع ودفاع عن مبادئها وتوجهاتها. وهناك حرص ومسؤولية على أن يكون أداؤها مؤثرا وأن يكون لها أيضا مساهمات في الصياغة النهائية للقوانين حتى وإن صوتت في عديد الأحيان ضدّ قرار الأغلبية وهذا في صلب التنوع الذي يعيشه البرلمان والذي اعتبره ظاهرة صحية وسليمة.

تواجه الحكومة الحالية التي يقودها الحبيب الصيد سيلا من الانتقادات بسبب ما اعتبر ضعفا في أدائها. كيف تقيمون عمل الحكومة؟

وظيفة البرلمان في نظام برلماني معدل كنظام تونس الجديد هي مراقبة عمل الحكومة. وقد دعونا رئيس الحكومة وكافة أعضائها لتقديم الخطوط العريضة لبرنامج عملهم الحكومي. وسيكون لنا لقاء ثان لمساءلة الحكومة بعد انقضاء مدّة المائـة يوم الأولـى.

وإلى حدّ الآن نحن راضون على أداء الحكومة عموما وأعتقد أنها تقوم بعملها كما يجب. لكن لا نتردد في لفت نظرها في صورة وجود بعض الأخطاء.

أنت حاليا على رأس برلمان يضمّ خصوما سياسيين بارزين مثل الجبهة الشعبية اليسارية التي تحمّل ثاني كتلة برلمانية وهي حركة النهضة مسؤولية الاغتيالات السياسية في البلاد. ألا يؤثر هذا التجاذب السياسي على أداء البرلمان؟

اعتقد بأن أعضاء مجلس نواب الشعب من الجبهة الشعبية أو حركة النهضة الإسلامية يقومون بتجاوز هذه الخلافات الحزبية داخل البرلمان لأنّ المرحلة الحالية التي تعيشها تونس صعبة للغاية على المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وتتطلب تنازلات وتضحيات من كل الأطراف.

وعموما هناك روح من التعايش بين الأحزاب المختلفة، كما أن هناك علاقات زمالة طيبة وغالبا ما نتمكن في اجتماعات مكتب البرلمان من الاتفاق على النقاط الخلافية بين الفرقاء السياسيين، كما تقدم جل الأحزاب تنازلات من أجل ضمان تقدم الملفات المطروحة على البرلمان.

والاختلاف ليس مقتصرا على الخصوم السياسيين فحسب بل يمكن أن يمتد حتى إلى الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي لكن الرغبة في إيجاد التوافق موجودة أيضا لدى كل الأحزاب.

كيف عشت تفاصيل حادثة الهجوم الإرهابي على متحف باردو في مكتبك المطل على موقع الجريمة التي أودت بحياة 21 سائحا؟

(يصمت قليلا) كنت في مكتبي بصدد استقبال سفيرة الصين وفجأة رأيت أعوان الأمن يدخلون مكتبي  دون استئذان. ثم حلّ الحرس الخاص الذي كان منفعلا وبدأ في تأمين المكتب. بعدها مباشرة سمعت دوي رصاص وعلمت بحقيقة ما يقع في محيط البرلمان.

بعد وصول التعزيزات الأمنية كنت باتصال مع رئيس الحكومة ووزير الداخلية وكنا جميعا تحت الضغط وكنت أشعر مع دوي الرصاص أن هناك من ينتهك تاريخ تونس وحضارتها ويحاول تلويث سمعتها باستهداف ضيوفها من السياح الذين جاؤوا للوقوف على عمق تاريخ تونس الذي ترسمه أكبر مجموعة للفسيفساء في العالم.

على إثر انتهاء العملية الأمنية وإجلاء السواح كان المشهد محزنا ومثيرا، لكن البرلمان تجاوز في اليوم ذاته المحنة وعقد جلسة عامة استثنائية دعا خلالها إلى تنظيم مسيرة دولية ضد الإرهاب التي حملت لنا تضامن العديد من الدول الشقيقة والصديقة.