ما الذي حصل فعليا من أخطاء وثغرات أمنية يوم الأربعاء 18 آذار/مارس الجاري وقاد إلى تلك المجزرة التي راح ضحيتها 23 قتيلا من بينهم 21 سائحاً إضافة إلى 50 جريحاً من جنسيات متعددة؟ وماذا عن المسجد والمقهى المتواجدين بالمكان؟ وكيف سهل اختراق مكان استراتيجي يقود إلى مجلس نواب الشعب؟ ثم كيف مرّ الإرهابيان بتلك السهولة ونفذا مخططتهما؟ هذه الاسئلة يجيب عنها رفيق الشلّي كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالشؤون الأمنية في مقابلة خاصة مع “مراسلون”.
ما الذي حصل فعليا من أخطاء وثغرات أمنية يوم الأربعاء 18 آذار/مارس الجاري وقاد إلى تلك المجزرة التي راح ضحيتها 23 قتيلا من بينهم 21 سائحاً إضافة إلى 50 جريحاً من جنسيات متعددة؟ وماذا عن المسجد والمقهى المتواجدين بالمكان؟ وكيف سهل اختراق مكان استراتيجي يقود إلى مجلس نواب الشعب؟ ثم كيف مرّ الإرهابيان بتلك السهولة ونفذا مخططتهما؟ هذه الاسئلة يجيب عنها رفيق الشلّي كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالشؤون الأمنية في مقابلة خاصة مع “مراسلون”.
وكان رفيق الشلّي قد شغل على التوالي منصب مدير أمن الرئيس والشخصيات الرسمية ومدير الأمن الخارجي ومدير الشرطة العدلية وقنصل عام لتونس في طرابلس ليبيا ومتفقد عام للأمن الوطني. وهو متخرج في كلية الحقوق وفي المدرسة الوطنية العليا للشرطة بفرنسا وكذلك في معهد علوم الاجرام بمدينة ليون الفرنسية ومعهد الدفاع الوطني.
مراسلون: قدّمت العديد من الروايات حول ما حصل في متحف باردو . هناك من شكك في العنصرين المنفذين للهجوم كما تحدث آخرون عن تواجد منقبتين في المتحف. ما صحة ما يتردد من معلومات؟
رفيق الشلّي: مع الأسف، كثر الكلام وأغلب الروايات غير صحيحة، فوزارة الداخلية ليس من مصلحتها أن تقدم روايات خاطئة. ما قلناه ضمن تصريحات الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية أو ما صرّحت به أنا شخصيا ضمن برامج تلفزيونية هو الحقيقة وهو ما حدث فعلا. أكدنا انّ هناك إرهابيان نفذا الهجوم وانه تم القضاء عليهما وأن هناك شركاء لهم في العملية ممن قدموا لهما الدعم والمساندة كما عثرنا على خليّة نسّقت للعملية والتحقيق متواصل في هذا الخصوص وسيتم الكشف عن التفاصيل في الإبان. نحن نعرف انّ البحث يتطلّب دقة ويجب التحري في المعطيات ولهذا قد نتكتم عن بعض التفاصيل.
س: ماهي المعطيات التي لديكم بخصوص منفذي الهجوم؟
ج: لدينا معطيات تفيد بأن الإرهابيين هاجرا سابقا إلى ليبيا وتحديدا في كانون الأول/ديسمبر 2014، وقد تلقيا تدريبات في معسكرات هناك. وفي الحقيقة لا نملك معلومات عن تلك المعسكرات لكن يرجح أن تكون في درنة أو سبراتة وذلك قبل العودة الى تونس وتنفيذ الهجوم الإرهابي.
نتوقع أن التجنيد أو الاستقطاب حصل بإحدى المساجد كما أن أحد منفذي الهجوم وهو ياسين العبيدي كان قد قبض عليه سابقا، وهو من العناصر المشبوهة والمتطرفة والتي يطلق عليهم التكفيريين، ولكن في ظل غياب أدلة تستوجب التوقيف تم إيقافه ثم أطلق سراحه.
س: ماهي الأخطاء الأمنية التي حصلت وأدت الى دخول الإرهابيين إلى المتحف وهل فعلا كان الأعوان المكلفون بالحراسة في مقهى ساعة وقوع الهجوم؟
ج: في الحقيقة غياب الأعوان كلام لا أساس له من الصحة وقد قرأت مثل هذه التصريحات في الكثير من المواقع الاتصالية. صحيح كان هناك تقصير وإخلالات تتعلق بمراقبة المدخل الخارجي للمتحف بحكم طبيعة المكان كما سبق ووضحت، والذي تحوّل إلى فضاء للعبور، فالبعض يرتاد المسجد وآخرون المقهى وهناك من يأتي إلى المتحف. ولولا الخلل في مراقبة المدخل لما تمكن الإرهابيان من النفاد إلى المتحف وتنفيذ ضربتهم.
لكن لولا التدخل السريع للأعوان والذي حلّوا في أقل من ربع ساعة من الهجوم لكانت الكارثة أكبر. الحمد لله انه تم منع الإرهابيين من استعمال الأحزمة الناسفة و إلا لكانت الخسائر البشرية أعلى بكثير و لربما لمات أغلب السوّاح والمقدر عددهم بـ95 شخصاً كانوا محتجزين بالمتحف.
هناك سرعة في التدخل وقد رافقتها نجاعة كبيرة وقد تم إنهاء العملية في ظرف ساعتين و4 دقائق هذا إلى جانب القضاء على الإرهابيين. لقد انتهت العملية في وقت قياسي، كما تم ليلتها إيقاف عديد العناصر التابعة للخلية في ظرف لا يتعدى الـ 24 ساعة وهو ما ساعد من رفع معنويات الأمنيين .
س: ماهي الإجراءات العاجلة التي سارعت وزارة الداخلية إلى اتخاذها بعد الهجوم الإرهابي على متحف باردو؟
ج: تتمثل أولى الإجراءات في إعادة النظر في تأمين مقر متحف باردو وخصوصا المدخل الخارجي المؤدي إليه، فبحكم وجود مقهى ومسجد في نفس الفضاء وأمام الحركية الكبيرة التي يعرفها الفضاء تحول مع الزمن إلى مكان يكثر فيه العبور وأصبح مدخلاً يمر منه المارة وحتى السيارات وصولاً إلى مجلس نواب الشعب.
ولكن بعد الحادثة لا يمكن أن يستمر الوضع كما كان عليه في السابق، ولا يمكن أن تتواصل عملية العبور بنفس النسق إذ سيتم فصل الأماكن عن بعضها وتغيير مكان قطع التذاكر الخاصة بزيارة المتحف، إضافة إلى تركيز احتياطات أمنية كبيرة داخل وخارج متحف باردو. ويجري التنسيق حاليا مع وزارة الثقافة للنظر في طبيعة الإجراءات الواجب اتخاذها.
س: لاحظنا انتشارا مكثفا للأعوان ولعناصر من الجيش التونسي في أغلب جهات البلاد وبعديد المؤسسات الحكومية..
ج: طبيعي جداً أنه بعد الحادثة الإرهابية التي جدت وأمام التهديدات المتواصلة من العناصر الإرهابية أن يتم إعادة النظر في الانتشار الأمني في مختلف نقاط الجمهورية وبالعاصمة تونس إذ لا بد من مراقبة مداخل المدن والنقاط الحساسة من طرقات ومنشآت وأماكن قريبة من الشعانبي ومن القصرين. كذلك قمنا بتفعيل الاحتياطات الأمنية في المؤسسات المستهدفة والتي من الممكن ان تكون هدفا مرتقبا للإرهابيين.
س: تحدثتم سابقاً عن تجهيزات قد تصلكم قريباً ومن شأنها أن تساعد الأمنيين في عملهم، فماذا عن هذه التجهيزات؟
ج: وصلتنا بعض التجهيزات وتوجد أخرى في طريق الوصول كما تنقصنا تجهيزات بعضها يتطلب إمكانيات مالية كبيرة وسنعمل ضمن ميزانية وزارة الداخلية على توفير الاعتمادات اللازمة. هذه التجهيزات ستمكن الأعوان والوحدات الأمنية المتواجدة بالأماكن الوعرة والبعيدة مثل القصرين والكاف وجندوبة (مناطق حدودية) من العمل، فهذه الأماكن تعرف بتواجد الإرهابيين كذلك تتطلب المرتفعات تجهيزات خاصة ليكونوا محميين قدر الإمكان. وفي هذا الصدد اقتنينا ما يمكن اقتناءه ونسعى إلى جلب المزيد، كما نسقنا مع البلدان الشقيقة والصديقة التي يمكن أن تدعمنا في هذا الجانب.