“لو أردت أن تعرف قيمة سنة من الزمن فاسأل طالباً أعاد عامه الدراسي”، هذا ما قالته سارة وهي تتحدث عما فاتها من سنوات دراسية جراء إيقاف الدراسة بجميع مراحلها في مدينة بنغازي.

الطالبة بالسنة الثانية في كلية الطب البشري بجامعة بنغازي تقول إنها دخلت الجامعة منذ خمس سنوات لكنها لا تزال بالسنة الثانية بسبب توقف الدراسة عدة مرات.

“لو أردت أن تعرف قيمة سنة من الزمن فاسأل طالباً أعاد عامه الدراسي”، هذا ما قالته سارة وهي تتحدث عما فاتها من سنوات دراسية جراء إيقاف الدراسة بجميع مراحلها في مدينة بنغازي.

الطالبة بالسنة الثانية في كلية الطب البشري بجامعة بنغازي تقول إنها دخلت الجامعة منذ خمس سنوات لكنها لا تزال بالسنة الثانية بسبب توقف الدراسة عدة مرات.

وكانت جامعة بنغازي قد أعلنت عن تعليق الدراسة منتصف شهر أيار/مايو من العام الماضي خوفًا على سلامة الطلبة بعد انطلاق عملية “الكرامة” العسكرية بقيادة اللواء خليفة حفتر ضد ميليشيات إسلامية على رأسها في ذلك الوقت تنظيم “أنصار الشريعة”. وقد أغلقت الجامعة ابوابها بسبب وجود مقرها بالقرب من أحد المقار الذي كانت تستعمله كتيبة عسكرية (كتيبة 17 فبراير).

وأكدت إدارة الجامعة خلال اجتماعاتها الأخيرة أن استئناف الدراسة سيكون بعد تحرير بنغازي بالكامل من “المليشيات المسلحة”، وذلك بعد عدة اجتماعات وخلافات بين مطالب لاستئناف الدراسة ورافض لها.

تضييع للوقت

تقول سارة “كنا بصدد إجراء الامتحانات النهائية في نهاية شهر أيار/مايو 2014، إلا أن انطلاق عملية الكرامة في ذلك الحين حال دون البدء بذلك، بل وأدى إلى تعليق الدراسة إلى حين إشعار آخر”.

ما تعتبره سارة تضييعاً للوقت، ويدفعها لأن تطالب المسؤولين عن الدراسة في الجامعة بتمكين الطلبة من  إجراء الامتحانات في أي مكان آمن في المدينة مبدئياً، “ولا داعي للانتظار حتى صيانة المباني الدراسية” بحسب قولها.

مخاوف سارة من إضاعة عام جديد يبررها عدد الأعوام التي ضاعت على الطلبة في جامعة بنغازي منذ عام 2011، حيث أضاعت ثورة فبراير عاماً دراسياً كاملاً، وها هي الحرب الآن على وشك إضاعة عامين آخرين 2013- 2014، 2014-2015، خاصة أن طلبة جامعة بنغازي هم فقط من ضاعت عليهم هذه السنوات الدراسية في ليبيا.

محاولات للحل

عدد كبير من هؤلاء الطلبة وخاصة من عجز منهم عن الالتحاق بجامعات أخرى داخل أو خارج ليبيا، علت أصواتهم مراراً وتكراراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي مطالبين باستئناف الدراسة، رغم ما تعانيه المدينة من أوضاع معيشية صعبة، ناهيك عن الوضع الأمني ببعض المناطق الذي أدى لنزوح سكانها بمن فيهم الطلبة، الذين تمنعهم ظروفهم الحالية من مجرد التفكير بمواصلة الدراسة.

هؤلاء الطلبة يقومون بالتواصل مع عدد من أعضاء هيئة التدريس للبحث عن إمكانية إتمام الامتحانات على الأقل، حتى لا يضيع العام الدراسي بأكمله ويتفرغوا للاستعداد للعام الذي يليه.

طلبة نازحون

تقول إحدى طالبات كلية الهندسة، إنها تؤيد استئناف الدراسة والبدء في الامتحانات الفصلية للطلبة الموجودين في مدينة بنغازي حتى لا يفوتهم عام آخر، “هذا يؤثر سلباً على نفسيتنا كطلبة مقارنة بطلبة المدن الأخرى الذين واصلوا الدراسة دون توقف”.

المهندسة المستقبلية تتساءل “لماذا لا تستقبل الجامعات الموجودة بالمدن والمناطق التي نزح إليها طلبة من جامعة بنغازي ليكملوا العام الدراسي بشكل طبيعي مع مراعاة ظروفهم”.

وما يجعل التساؤل مشروعاً برأيها هو أن أغلب الجامعات الليبية أعلنت ترحيبها بطلبة جامعة بنغازي وفعلاً هناك العديد من طلبة بنغازي ذهبوا لاستكمال امتحاناتهم ودراستهم بجامعات أخرى في ليبيا.

الجامعة مدمرة

نسرين الطالبة بكلية الآداب لها مخاوف أخرى، حيث تقول “نرغب في استئناف الدراسة ولكن لا أعتقد أننا سنتمكن من ذلك بعد تحرير بنغازي فوراً، لأن المباني الدراسية في الجامعة تعرضت جميعها للتدمير، ولا سيما كلية الآداب التي ظهرت عدة صور عبر المواقع الإلكترونية توضح حجم الدمار الذي لحق بها بعد اشتعال النيران بالمبنى”.

نسرين ترى أن العدد الكبير للطلبة بالجامعة يجعل من الصعب توفير مبنى لنقل الدراسة إليه، خصوصاً أن معظم أحياء بنغازي مدمرة جراء الاشتباكات.

خيانة للمحاربين

في ذات الجامعة، هناك العديد من الطلبة عارضوا ولا زالوا فكرة استئناف الدراسة في هذا الوقت، مؤكدين على ضرورة مراعاة ظروف الأسر النازحة.

“لا وقت الآن للدراسة”، يقول محمد طالب بكلية الاقتصاد. فالعديد من الطلبة “موجودون بالجبهة يحاربون الإرهاب، وعودة الدراسة في غياب أولئك الطلبة خيانة لهم”. فمن وجهة نظره “لا يُعقل أن يدفع البعض دمه في سبيل القضاء على الإرهاب والآخرون يدرسون وكأن شيئاً لم يكن”.

كما يصف بعض أولياء الأمور الوضع في بنغازي بـ”الخطير”، ويؤكد كثير منهم استحالة إرسال بناتهم بشكل خاص للدراسة في هذا الوقت، حتى وإن أعلنت الجامعة عن استئناف الدراسة.

لكن سارة لا تخفي أملها بأن تجد الجامعة خططاً تمنع إضاعة المزيد من السنوات الدراسية، إذ تقول “نحن بانتظار تحرير بنغازي وما ستقوم به الجامعة بعد ذلك”.

وتضيف سارة: “لازال أمامي الكثير من السنوات للتخرج ولا أدري متى ستستأنف الدراسة، وهل سندرس بعد تحرير بنغازي أو سننتظر إلى حين صيانة مباني الجامعة، الدراسة في جميع الكليات تختلف عنها في كلية الطب البشري. نحن الأكثر تضرراً في مدينة بنغازي”.