“الضحية” و”المتهم” و”القاضي” ثلاثتهم في البرلمان مجبرون على التعايش لسن القوانين ومراقبة عمل الحكومة.
الجبهة الشعبية (جبهة تضم احزاب اليسار) الممثلة في مجلس نواب الشعب ب 16 مقعدا هي الحزب الذي انتمى إليه الزعيمان شكري بلعيد الذي اغتيل يوم 6 شباط/فبراير 2013 أمام منزله برصاص مجهولين ومحمد البراهمي الذي اغتيل يوم 25 تموز/يوليو من السنة ذاتها بنفس الطريقة.
“الضحية” و”المتهم” و”القاضي” ثلاثتهم في البرلمان مجبرون على التعايش لسن القوانين ومراقبة عمل الحكومة.
الجبهة الشعبية (جبهة تضم احزاب اليسار) الممثلة في مجلس نواب الشعب ب 16 مقعدا هي الحزب الذي انتمى إليه الزعيمان شكري بلعيد الذي اغتيل يوم 6 شباط/فبراير 2013 أمام منزله برصاص مجهولين ومحمد البراهمي الذي اغتيل يوم 25 تموز/يوليو من السنة ذاتها بنفس الطريقة.
تعتبر الجبهة أن حزب حركة النهضة الممثلة في البرلمان ب69 مقعدا هو المسؤول الاول عن اغتيال الرجلين وقد وجهت في اكثر من مناسبة أصابع الاتهام للحركة الإسلامية معتبرة أن الذي كان في الحكم في ذلك الوقت يتستر على هوية منفذي هذه الجريمة السياسية.
وذهب الأمر بالجبهة إلى حد اتهام وزير الداخلية علي العريض (حركة النهضة) بالتساهل مع العناصر الاسلامية المتشددة التي ثبت ضلوعها في تنفيذ الاغتيالين والعديد من العمليات الارهابية الاخرى التي أدت الى مقتل عناصر من الجيش والشرطة.
وترى الجبهة الشعبية أنها ضحية، وأنها الطرف السياسي الذي دفع الثمن بخسارة اثنين من ابرز قياديها، كما تعتبر الجبهة نفسها صاحبة الفضل على بقية الاحزاب باعتبار أنها كانت السباقة لإعلان اعتصام الرحيل في صيف 2013 الذي انتهى بالإطاحة بحكومة حركة النهضة وحلفاءها في وتأليب الشارع التونسي على حكم الإسلاميين.
وتقول مباركة عواينية أرملة محمد البراهمي التي حصلت في الانتخابات التشريعية الأخيرة على مقعد في البرلمان التونسي أنها ستتعامل مع نواب حركة النهضة بحكم مسؤوليتها كنائب، وانها تتقبل هذا الأمر على مضض لكنها ستواصل العمل من أجل كشف من وصفتهم بالجلادين أو الطرف السياسي الذي يقف وراء الجريمة التي انهت حياة زوجها ووالد أبناءها الأربعة.
ولا تتوانى مباركة في كل مناسبة عن تذكير الاطراف السياسية الممثلة في الحكم ولا سيما حركة نداء تونس الحزب الاغلبي بانهم مدعوون للكشف في اقرب الآجال على الجناة الحقيقيين .
نحن أيضا ضحايا
في المقابل تعتبر حركة النهضة الاسلامية التي تواجه تهمة التورط في التساهل واحتضان الجماعات المتطرفة التي نفذت الاغتيالين أنها بريئة من دم شكري بلعيد ومحمد البراهمي وأنها كانت أول من بادر إلى تصنيف المتطرفين دينيا المتهمين باغتيالهما كجماعات ارهابية معتبرة أن الحزب كان أيضا ضحية وأن الحركة خسرت موقعها في الحكم بسبب جريمة لا دخل لها فيها.
ودعا سمير ديلو النائب عن حركة النهضة ووزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية السابق إلى ضرورة الإسراع عن كشف الجناة معتبرا أن البرلمان قادر على احتضان كل الأطياف السياسية مهما كانت درجة اختلافها، معربا عن استعداد حركته للتعامل والتفاعل الايجابي مع نواب الجبهة الشعبية مؤكدا على ان ممثلي اليسار في البرلمان ليسوا خصوما بل شركاء في بناء الجمهورية الجديدة.
النداء والمهمة الصعبة
حزب حركة نداء تونس الذي أحرز في الانتخابات التشريعية الأخيرة أكبر عدد من المقاعد والذي فاز رئيسه الباجي قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية سيلعب دور القاضي أو الحكم في الخصومة بين اليسار (الجبهة الشعبية) واليمين (حركة النهضة).
وكانت حركة نداء تونس تعهدت في الحملات الانتخابية بالكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية وطالبت بإيجاد أكبر قدر من التوافق في البرلمان بين نواب النهضة والجبهة وهي مطالبة في الآن ذاته بالإيفاء بتعهداتها وإماطة اللثام عن الجرائم السياسية التي ارتكبت في عهد حكم حركة النهضة التي تشاركها اليوم في الحكم بعد انضمام أعضاء من حركة النهضة الاسلامية إلى حكومة الحبيب الصيد التي نالت ثقة البرلمان التونسي يوم 5 شباط/فبراير 2015.
ويرى مراقبون للشأن السياسي أن حركة نداء تونس في مأزق كبير فهي من جهة مطالبة بكشف حقيقة اغتيال قياديي الجبهة الشعبية شكري بلعيد والبراهمي وهي مطالبة في الآن ذاته بالمحافظة على هدوء الأجواء مع حركة النهضة، المتهم السياسي الأول في هذه القضية وفق تصريحات قياديي الجبهة.
كما يعتبر المراقبون أن قبول حركة النهضة المشاركة رمزياً (وزير واحد) في الحكومة بمثابة الحصانة التي تبعد عنها شبهة التستر على القتلة خاصة وأن النهضة اشترطت تحييد وزارتي العدل والداخلية وإسنادهما إلى شخصيات غير متحزبة مقابل منح نوابها الثقة للحكومة. فهل سيتسع البرلمان للتعايش رغم خطورة الاتهامات أم سيكون حلبة نزاع وقودها التهم المتبادلة؟