أنا أهتم بالذهاب إلى المدرسة للاستفادة من دورس الرياضيات، بالإضافة إلى رؤية زملائي الذين حرمتني الحرب من اللعب معهم كما في السابق” يقول أحمد الذي يحضر مع زملائه منتدى تعليمياً ترفيهياً للأطفال، يقام في مدرسة مناهل العلم للتعليم الأساسي بمنطقة الكيش ببنغازي.

أنا أهتم بالذهاب إلى المدرسة للاستفادة من دورس الرياضيات، بالإضافة إلى رؤية زملائي الذين حرمتني الحرب من اللعب معهم كما في السابق” يقول أحمد الذي يحضر مع زملائه منتدى تعليمياً ترفيهياً للأطفال، يقام في مدرسة مناهل العلم للتعليم الأساسي بمنطقة الكيش ببنغازي.

ففي حين توقفت الدراسة في المدينة وبعض المدن الليبية الأخرى منذ أيلول/سبتمبر الماضي بسبب الاشتباكات المتواصلة فيها، نشطت بعض الجمعيات الخيرية والمتطوعين فنظموا منتديات ترفيهية وتعليمية ومسابقات تحفيزية للأطفال في مختلف المناطق الآمنة بالمدينة، وذلك لإخراج الأطفال من الحالة النفسية التي قد تفرضها عليهم هذه الأزمة.

تهيئة للدراسة

المنتدى الذي زاره “مراسلون” بمنطقة الكيش نظمته جمعية “الإسعاف والاستجابة” بالتعاون مع مدرسة مناهل العلم للتعليم الأساسي، واستهدف أكثر من 500 طفل وطفلة تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 11 سنة.

تقول بشرى (6 سنوات) والتي تدرس في الصف الأول ابتدائي أنها تأتي للمدرسة كلما سنحت لها الظروف رفقة شقيقتها التي تدرس في السادس الابتدائي، لتقضي يوماً ممتعاً ومفيداً مع أصحابها، ومن ثم يأتي والدهما ليأخذهما إلى البيت.

ويهدف هذا المنتدى بحسب سلامة المشيطي أحد مؤسسي الجمعية “لتهيئة الأطفال للعام الدراسي المقبل بعد العطلة الطويلة التي قضوها في منازلهم، وقد استهدفنا أطفال منطقة الكيش بالإضافة للنازحين إليها”.

ويستفيد من المنتدى الأطفال من الصف الأول وحتى السادس الابتدائي مقسمين على 16 فصلاً، بالتعاون مع إدارة المدسة والمعلمين والمعلمات بها الذين تطوعوا لإعطاء دورات تقوية للأطفال في عدد من المواد، بواقع ساعتين يوميًا من الـ 10 إلى 12 ظهرًا من الأحد حتى الأربعاء، ويوم الخميس يوم ترفيهي للأطفال لمدة ثلاث ساعات، مضيفًا أن يوم 25 يناير كان يوم ختام المنتدى وتكريم أهالي الشهداء والمتطوعين.

منطقة آمنة

هذه المبادرة نجحت – بحسب المشيطي – بعد محاولات كثيرة للتواصل مع مدارس أخرى بالمنطقة لتنظيم منتديات تعليمية ترفيهية بها، إلا أنها قوبلت بالرفض من مدراء المدارس بحجة عدم قدرتهم على تحمل مسؤولية الاطفال والمعلمات.

وتعتبر منطقة الكيش من أقدم المناطق السكنية في بنغازي وهي تقع جنوب مركز المدينة، وتحتوى على كثافة سكانية كبيرة تضم أكثر من 10 مدراس بين ابتدائية واعدادية وثانوية، بالإضافة إلى وجود ديوان وزارة التربية والتعليم داخل نطاقها.

ولم تشهد  منطقة الكيش وقوع اشتباكات عنيفة داخل شوارعها ولكنها شهدت سقوط بعض القذائف العشوائية التي لم تخلف ورائها إصابات بشرية، وذلك بسبب وقوعها بالقرب من منطقة بلعون (أحد أحياء الفويهات) التي تشهد اشتباكات عنيفة بين  قوات الجيش ومجلس شورى ثوار بنغازي.   

مسؤول الإعلام بوزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة نادر الهوني قال إن أحياء بنغازي تشهد تقريباً وضعاً آمناً باستثناء القذائف العشوائية التي تسقط بين الحين والآخر على بعض الأحياء، وأكد الهوني أن وزارة الداخلية لديها خطة معدة بخصوص فرض الأمن على مدينة بنغازي وهي في انتظار انتهاء المعارك  لتدخل حيز التنفيذ، مشيراً إلى أن الوزارة شكلت غرفة أمنية لحماية منتديات الأطفال بالاتفاق مع بعض مؤسسات المجتمع المدني.

(س. ع.) إحدى المعلمات التي تحدث إليهن “مراسلون” قالت أنها تأتي للمدرسة بشكل يومي لإعطاء الدروس للطلبة، وأن المنطقة آمنة بسبب تناوب سكان المنطقة على حمايتها وحماية المدرسة أيضا لوجود اطفالهم بها، “لم تسجل أي حالة اختراق أمني بالكيش، نحن فقط نسمع أصوات القذائف القريبة منا” تقول المعلمة.

منتديات النازحين

مشكلة الأمن ليست وحدها ما يعرقل عودة الدراسة ببنغازي فللحروب تبعاتها، والمدارس التي أصبحت ملاذاً للكثير من النازحين داخل المدينة أضحت هي الأخرى غير قابلة للاستعمال في تسيير العملية الدراسية، فضلاً عن المعاناة المضاعفة للأطفال النازحين ممن فقدوا منازلهم ومدارسهم وانتقلوا لمناطق جديدة بعيداً عن محيطهم الاجتماعي المعتاد.

تقول (أ. م.) إحدى الأمهات النازحات في مدرسة شرق بنغازي أن أحد اطفالها بلغ الـ6 سنوات وكان من المفترض أن يدخل المدرسة هذا العام، إلا أن الظروف التي تمر بها المدينة حالت دون ذلك، مشيرة إلى أن لديها طفلاً وطفلة آخرين يدرسون في السنوات الابتدائية ولهم ما يقارب الـ6 أشهر محبوسين داخل المدرسة النازحين إليها مما أثر سلبا على تصرفاتهم.

(أ. م.) تنتظر بفارغ الصبر أن يتم افتتاح فصول دراسية تعليمية للأطفال النازحين بالمدرسة، “وهو ما وعد به عدد من الشباب المتطوع بالمدينة، وذلك لإخراج الاطفال النازحين من الحالة التي وصلوا إليها” تقول الأم، فهي لم تتمكن من إرسال أطفالها لأي من المنتديات بسبب بعد محل إقامتها.

أمنية الأم ليست مستحيلة بحسب ما أكده محمد العمر الشاب المتطوع الذي التقاه “مراسلون”، فقد أكد أن عدداً من المنظمات الخيرية التطوعية تعمل على تجهيز فصول دراسية للأطفال النازحين في المدارس داخل المدارس النازحين بها، وذلك لإخراجهم من أجواء الحرب التي فرضت عليهم، مراعية في ذات الوقت الظروف المادية لعائلاتهم حيث كانت جميع المنتديات التعليمية والترفيهية مجانية.

هكذا انقسم أطفال بنغازي بين أطفال محبوسين داخل بيوتهم، ونازحين ومهجرين داخل وخارج بنغازي، وآخرين حاولت بعض مؤسسات المجتمع المدني دمجهم في منتديات تعليمية ترفيهية لتخفف عنهم ما شهدوه من ويلات الحرب، وكلهم يجمعهم الأمل بعودة الاستقرار والعودة من جديد لمقاعد الدراسة والحياة الطبيعية.