مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، ظهر بشكل جلي رموز الحزب الوطنى “الفلول” على الساحة السياسية مرة أخرى، فى مقابل ظهور خافت لعناصر ثورتى 25 يناير و30 يونيو.. “مراسلون” يرصد تحركات الجانبين، وأيهما سيكون له نصيب أكبر فى المعركة الانتخابية، وكيف ستواجه الأحزاب المدنية التي ظهرت بعد ثورة 25 يناير الأحزاب “الفلولية”.

مرشحو الثورة

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، ظهر بشكل جلي رموز الحزب الوطنى “الفلول” على الساحة السياسية مرة أخرى، فى مقابل ظهور خافت لعناصر ثورتى 25 يناير و30 يونيو.. “مراسلون” يرصد تحركات الجانبين، وأيهما سيكون له نصيب أكبر فى المعركة الانتخابية، وكيف ستواجه الأحزاب المدنية التي ظهرت بعد ثورة 25 يناير الأحزاب “الفلولية”.

مرشحو الثورة

عبدالناصر يوسف هو مرشح فردي – عن حزب المصريين الأحرار، ومن أنصار ثورتى 25 يناير و30 يونيو، دفعه للترشح للانتخابات، كما يقول، تحقيق المطالب التي كانت تنادى بهما ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وخاصة “العدالة الاجتماعية”، لأن البرلمان ما هو إلا وسيلة لذلك. ويقول “مقومات الثوري هي طرح أفكار ورؤي وحلول يستطيع من خلالها الوصول إلى الناخب، وهناك العديد من مرشحي الثورة ممن أقدموا على خوض التجربة فى مختلف مراكز المحافظة”.

وحول شكل الدعاية الانتخابية التي يستخدمها مرشحي الثورة يشير إلى أنه يستخدم الإعلام الحديث لتوصيل أفكاره ومبادئه للناخب عبر مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك – تويتر – يوتيوب”، فضلا عن الأساليب القديمة فى الدعاية كالبنرات واللافتات، والإعلان فى الصحف المحلية، منوهًا إلى أن شعار حملته هو “نسعى لتحقيق العدالة فى الصحة وفى العمل وفى التعليم”.

أما حسام حسن، مرشح حزب المصري الديمقراطي، حزب اجتماعي تأسس بعد 25 يناير، فيقول إن عددًا غير قليل من شباب الثورتين، أقدموا على الترشح فى الانتخابات البرلمانية سواء بنظام الفردي أو القائمة، حيث حرصت أحزاب الوفد والمصري الديمقراطي والمصريين الأحرار، على ترشيح شباب الثورة، ليمثلوا مراكزهم وأحزابهم، لتمكينهم فى الحياة السياسية.  

جدير بالذكر أن الانتخابات البرلمانية المنتظر أن تُجرى في الفترة من 22 مارس إلى 7 مايو ستتمخض عن مجلس نيابي مكون 567 عضوا، على أن يتم اختيار 120 عضوًا منهم بنظام القائمة و420 عضوًا بنظام الفردي، فضلا عن 5% يعينها رئيس الجمهورية بواقع 27 مقعدًا ليصل العدد الإجمالي 567 عضوًا.

لم تنضج بعد

فى مقابل مرشحي الثورة، ظهر بشكل كبير العديد من رموز الحزب الوطنى على الساحة السياسية فى مختلف مراكز المحافظة، وأعلنوا عن خوضهم الانتخابات معتمدين فى ذلك على العصبية القبلية والمال السياسي، ومعظمهم سيترشح للانتخابات بنظام الفردي. وفى هذا الإطار يقول محمد فهمي صالح، قيادى سابق بالحزب الوطنى المنحل وأمين حزب الشعب الجمهوري حاليا، إن “العصبيات والقبائل وعلاقات النسب والمصاهرة تلعب دورًا أساسيًا فى الانتخابات البرلمانية، وفى الـ10 سنوات الأخيرة  ظهر المال، وأصبح له تأثيرًا كبيرًا، وشكّل مع العصبيات قوة ضاغطة للوصول إلى أصوات المرشحين”.

لم يكن رأى الدكتور على سيد، المتحدث باسم تنسيقية ثورة 30 يونيو فى أسيوط، بعيدًا عن رأى سابقه، حيث يري أن أسس اختيار النواب ستظل شخصية متوقفة علي تقبل الناس لشخص المرشح، أو عائلية وقبلية – كما فى القري والنجوع – ، وسيظل المال السياسي لاعبًا أساسيًا فى انتخابات النواب، ويعول عليه بنسبة كبيرة جدًا فى تحديد الفائز، مرجعًا السبب فى ذلك إلى أن الشارع المصري حاليًا غير مهيئ للفصل بين المرشحين على أسس سياسية منطقية، وسيظل كذلك لفترة طويلة من الزمن.

ويضيف سيد أن الحياة الحزبية لم تنضج فى مصر بعد، حيث يختار المصريون أشخاصًا، وليس أحزابًا أو برامجًا سياسية، ويعتقد أنه لا يهم المواطنون مطلقًا انتساب المرشح لتيار الثورة أو الفلول بقدر ما يهمه قدرة المرشح على توفير الخدمات العامة لأهل الدائرة وياحبذا الخدمات الفردية إن أمكن، وهو ما يفترض أن تؤديه المجالس المحلية في الأساس.

صراع محتدم

يصف هلال عبدالحميد، منسق القوى المدنية باسيوط، الصراع بين  قوى ثورتى 25 يناير و30 يونيو من ناحية والفلول من ناحية ثانية بالمحتدم، ويرى أن هذا الصراع يظهر أكثر فى القوائم، في الوقت الذي تعتمد فيه القوى الشبابية والثورية والمدنية والديمقراطية على البرامج الانتخابية ومشاركتها فى الثورتين، خاصة وأن هذه القوى هي التي قادت النضال ضد نظام مبارك، وضد نظام الإخوان عبر جبهة الإنقاذ، التي تشكلت – عقب الإعلان الدستوري للرئيس المعزول مرسي-.

ويضيف عبدالحميد أن هذا الجانب يحاول أن يجد له موطأ قدم في الساحة السياسية عبر تحالف الوفد المصري، الذي يضم الأحزاب المدنية الجديدة، بالإضافة إلى حزب المصريين الأحرار، الذي فضل خوض الانتخابات مستقلا، وهو يعتمد على مرشحين أقوياء اختارهم بعناية عبر استطلاعات رأي ومراكز بحوث، وأعتقد أن هذا الفريق سيحصل على حصة من كعكة البرلمان سواء تحالف الوفد أو المصريين الأحرار

بينما جمع الفلول شملهم في عدة أحزاب فلولية مثل الشعب الجمهوري  وحزب أحمد شفيق وغيره، وبعض الشخصيات المستقلة، وهؤلاء يعتمدون على خبرات انتخابية وأموال طائلة، ولكن خبراتهم قبل ثورة 25 يناير تختلف فهي خبرات تعتمد على تقفيل الصناديق، وتسويد بطاقات الانتخابات، وهذه الخبرات ستكون غير ذي جدوى الآن، خاصة أنها فشلت فشلاً ذريعًا عندما كانت الانتخابات تجرى بنزاهة – كما حدث في الجولة الأولى لانتخابات 2005 – وفي كل الأحوال سيكون الصراع محموما، وأتوقع أن تكون الأكثرية لصالح الأحزاب الجديدة عبر تحالف الوفد المصري والمصريين الأحرار، بينما ستحصد أحزاب الفلول أعدادًا قليلة، وسيكون النصيب الأكبر للمستقلين، وبعضهم من الحزب الوطني من الجناح غير الفاسد.

قبليّون مغامرون

الدكتور محمد إبراهيم منصور، رئيس مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط، توقع أن يخلو البرلمان المقبل من الأسماء السياسية الكبيرة التي المحسوبة على الحزب الوطنى المنحل، لكن الأجيال التالية التى نشأت فى الحزب سيكون لها ظهورًا على الساحة السياسية، ومن الممكن أن يحصلوا على نسبة 10% من عضوية البرلمان.

ويرى منصور أن شكل الخريطة الانتخابية، غير محددة المعالم، لأن القوى السياسية على اختلاف توجهاتها مبعثرة، بسبب غياب الأحزاب الرئيسية في الشارع، فالكتلة الرئيسية من الأحزاب هي أحزاب جديدة انبثقت عن ثورة 25 يناير، وانتظمت صفوفها على عجل، وبعضها لم يستكمل هياكله السياسية، والمجموعة الأخرى هي الأحزاب القديمة، التي دبت الشيخوخة فى بعضها مثل حزب الوفد والتجمع وبقايا الحزب الوطى المنحل. وأضاف “وبالطبع لن يكون هناك وجود مؤثر للأحزاب الدينية بعد سقوط نظام الإخوان، وكل ما نشهده الآن هي محاولات من حزب النور لإيجاد موضع قدم فى البرلمان المقبل، ولن يتجاوز وزنه النسبي 10% من أعضاء البرلمان”.

من ناحية أخرى يرى منصور أن هناك كتلة كبيرة من أعضاء البرلمان سوف تعكس التركيبة القبلية والعائلية التقليدية، خاصة فى محافظات الصعيد، وسيناء، ومطروح، وهذه تنطلق بدوافع قبلية وعائلية أكثر ما تحركها الدوافع السياسية، فضلاً عن أن البرلمان المقبل سوف يشهد نسبة من العضوية العشوائية من المغامرين الذين لا ينتمون إلى مرجعيات سياسية أو قبلية أو عائلية، ولكنهم وجدوا فى الانتخابات فرصة لتحقيق طموحاتهم الشخصية، وهذه العضوية لن تقل عن 7% من البرلمان.

حجم الإسلام السياسي

لكن ما هو نصيب الإسلام السياسي من كعكة البرلمان؟ يستنكر حمادة نصار، المتحدث باسم الجماعة الإسلامية بأسيوط، التضييق على تيار الإسلام السياسي، قائلاً: لا شك أن المساحة المسموح بها من الحريات قد تم العدوان عليها من قبل السلطة الحالية، ولا شك أن الحكام الجدد لن يسمحوا بتكرار التجربة الماضية بشأن انتخابات حرة ونزيهة، كالتي جرت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وكل ما يسعون لتحقيقه هو برلمان تتم هندسته وتفصيله علي مقاس القوم، لتبنى سياسات النظام القائم وما يحتاج إليه من قوانين.

ويضيف “لذا إن الأحزاب المحسوبة علي التيار الإسلامي ترى أن الانتخابات البرلمانية لا تزيد عن كونها مسرحية هزلية لا تستحق أن ينظر إليها ولو بمؤخرة العين، أما حزب النور، الذي مازال يزايد علي الآخرين بأن له الفضل في إسقاط مرسي وإزاحة الإخوان عن الحكم أعتقد أنه لا يملك الخيار في شيئ سواء خوض الانتخابات أو غير ذلك لأسباب لا تخفي علي أحد”.

لكن محمد فهمي صالح أمين الشعب الجمهوري الحديث يرى أن من الخطأ التقليل من حجم التيارات الإسلامية، مستبعدا أن يحصلوا بأى صورة من الصور على ما حصلوا عليه بعد ثورة 25 يناير فى برلمان 2012، ولأن الوضع أصبح مختلفًا الآن، حسب قوله.