أمام أحد محلات تجارة القطن فى المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية رصدت  “مراسلون” معاناة المزارعين وصغار التجار ككل عام بسبب انخفاض سعر القنطار. فها هو “رضا زرد” يقف أمام أحد محلات تجارة القطن قائلا  “أنا من مزارع من قرية ميت غراب، وككل عام ينخفض سعر القنطار من القطن بعد رفض الحكومة شرائه منا بالسعر المناسب، ما يجعلنا فريسة للتجار”.

أمام أحد محلات تجارة القطن فى المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية رصدت  “مراسلون” معاناة المزارعين وصغار التجار ككل عام بسبب انخفاض سعر القنطار. فها هو “رضا زرد” يقف أمام أحد محلات تجارة القطن قائلا  “أنا من مزارع من قرية ميت غراب، وككل عام ينخفض سعر القنطار من القطن بعد رفض الحكومة شرائه منا بالسعر المناسب، ما يجعلنا فريسة للتجار”.

ويكمل رضا “موسم القطن تكلفته من إيجار للأرض حوالى 6000 جنيه للفدان بما في ذلك مصروفات الاسمدة والكيماويات، فتصل تكلفة سعر القنطار (القنطار ١٥٠ كيلوجرام تقريبا) إلى 1200، في حين يبلغ سعره الحالي 1000 جنيه فقط”.

الاسفنج يطيح بالقطن

يلتقط اطراف الحديث التاجر “وليد حسين ” صاحب المتجر قائلا “أشعر بمشكلة مزارع القطن، والقطن معدش زى زمان.” ويكمل وليد “كان موسم الصيف والزيجات تجعل القطن الأكثر رواجا فى السوق لتجهيز العروسة ونقوم بشرائه من شهر سبتمبر وحتى الصيف موعد حصاد القطن، نشترى القطن حوالى 100 قنطار بسعر 1000 ونبيعه بسعر 1040، والآن لم يعد من 10 محلات بالسنبلاوين إلا محلنا محل “الديب”.

ويؤكد وليد أنه قد اضطر إلى تنويع نشاطه لأن القطن لم يعد مربحا كما كان سابقا بعد أن كان يطلق عليه الذهب الابيض، فأصبح المحل بيع مراتب اسفنجات بالاضافة للقطن الذى أصبح نادرا ما يتم طلبه فى السوق، ومن عامين بدأت الأزمة تتفاقم فأصبح نسبة تجارة المحل 30% قطن و 70% مراتب اسفنجية وتركي لمواكبة العصر فى متطلبات العروس، حسبما يقول وليد.

رفع الدعم عن القطن

أحد أهم أسباب تدهور زراعة القطن المصري هو غياب سياسة تسعير واضحة، وبالتالي انخفاض سعر قنطار القطن المزروع سنويا، كما يرى الحاج محمود عتمان، عضو مجلس إدارة نقابة الفلاحين بالبحيرة، الذي طالب بوجود تسعيرة واضحة للقطن قبل الزراعة بثلاثة شهور على الأقل حتى يتمكن الفلاح من تدبير أموره.

لكن الحكومة لها رأي آخر، فالمحصول يأتي هذا العام في وقت تتجه فيه الحكومة إلى رفع يدها عن زراعة القطن العتيقة، حيث انتهى اجتماع وزاري الأربعاء الماضي ٧ يناير، إلى اتخاذ مشاريع قرارات تضمنت رفع الدعم الحكومي على محصول القطن، وفقا لما صرح به وزارة الزارعة عادل البلتاجي، الذي قال إن دعم الحكومة وصل إلى نحو ٣٥٠ جنيه لكل قنطار قطن العام الماضي، وهو ما لا ترغب الحكومة في الاستمرار فيه، ناصحا المزارعين بالتأكد من وجود تعاقد قبل زراعته.

ومن جانبه انتقد الحاج “فتوح الطير” عضو مجلس ادارة الغرفة التجارية بالدقهلية تصريحات وزير الزراعة عادل البلتاجى الأخيرة المتعلقة برفع الدعم عن القطن مؤكدا انه ينبغى على الحكومة ان تضع سعرا استرشاديا.

مصانع الغزل والنسيج تفضل القطن المستورد

ويرى التاجر وليد حسين أن من بين أسباب أزمة زراعة القطن ضعف سلالة القطن، فيقول إن مديرية الزراعة قدمت للمزارعين سلالة يطلق عليها البذرة المخلطة “جيزة 86 وجيزة 92 وجيزة 85″، وهي سلالة غير جيدة الأمر الذى امتنعت معه شركات الغزل الكبرى عن شرائه لأنه لا يتناسب مع نوع الآلات.

يضيف خميس السيد عامل بمصنع الغزل والنسيج بمدينة كفر الدوار سببا آخر لعدم اقبال المصانع المحلية على استخدام القطن المصري في صناعة النسيج، إذ يقول “ان من أسباب اتجاه المصانع لتشغيل اقطان مستوردة والعزوف عن تشغيل الأقطان المحلية يرجع لإستمرار تسهيل استيراد الأقطان من الخارج من دول اليونان وروسيا وكوريا ودول أخرى افريقية، حيث أن الأقطان المستوردة أقل فى أسعارها عن أسعار الأقطان المحلية وتعطى نفس المواصفات الفنية تقريبا عند التشغيل”.

لكن القيادي العمالي “محمد العطار” بالمحلة الكبرى بالغربية  نفى أن تكون البذرة هي المسؤولة عن تدهور صناعة النسيج، مرجعا ذلك إلى خصخصة المصانع لمصلحة رجال الاعمال حينما صعدوا للسلطة ابان حكم المخلوع مبارك، اضافة إلى تداخل السياسة مع رأس المال، حيث كان أمين اباظة أكبر مستورد قطن في الوقت الذي تولى فيه حقيبة وزارة الزراعة. وأكد العطار أن صناعة الغزل والنسيج فى تدهور حيث لم يتبقى سوى الشركة الأم “الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى ” و10 شركات قطاع الاعمال العام.

ونفى محمد العطار كلام البذرة الفاسدة قائلا “حجة البليد مسح التختة ” وأكد أن هذا الكلام عاري من الصحة وأنه بصفته مهندس ميكانيكا غزل يرى “أنه لا ضرر من استخدام القطن المحلى ذو الجوده العالية لعزوف المزارعين عن زراعة القطن واتجاههم لزراعة محاصيل أخرى أكثر ربحية “.

الاتجاه لزراعات اخرى

وفى محافظة الدقهلية عزف الفلاحين فى معظم القرى عن زراعة القطن بينما قام المزارعين فى الشرقية بحرق محصول القطن بسبب عزوف الحكومة والتجار عنه.

كلام يؤكده مركز التعبئة والاحصاء الذى جاء فى تقرير به هذا العام أن ” 69,7% تراجع فى صادرات القطن نظرا لانخفاض المناطق المنزرعة”.

وجاء فى التقرير  مركز التعبئة والاحصاء “انخفضت صادرات القطن المصري خلال الربع الثالث من الموسم الزراعي الحالي (مارس- مايو) بنسبة 69.7% محققة 106.5 ألف قنطار متري مقابل 351.7 ألف قنطار متري في في نفس الفترة من الموسم السابق لعزوف المزارعين عن زراعة القطن واتجاههم لزراعة محاصيل أخرى أكثر ربحية “.

وأشار إلى أن كمية الأقطان التي تم حلجها خلال الفترة (مارس- مايو) بلغت395 ألف قنطار متري، مقابل 485.9 ألف قنطار لنفس الفترة من الموسم السابق، بنسبة انخفاض 18.7%.

وإلى حين أن يتضح موقف قرارات الحكومة الجديدة، وما إذا كانت ستدخل بالفعل حيز التنفيذ تبقى زراعة القطن العتيقة في مهب الريح.