بعد نتيجة الانتخابات الرئاسية المخيبة لآمال الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي وفوز غريمه السياسي الباجي قايد السبسي علّق نائب رئيس حركة النهضة ونائب رئيس البرلمان الجديد عبد الفتاح مورو على الأمر بقوله “أتوقع بأن يحدث شرخ بالنهضة  وربما ينفصل جزء من قاعدتها أو شبابها عقابا لها على اختيارها لأن جزءً منهم ناقم على عدم تأييدها للمرزوقي”.

الهزيمة المباغتة

بعد نتيجة الانتخابات الرئاسية المخيبة لآمال الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي وفوز غريمه السياسي الباجي قايد السبسي علّق نائب رئيس حركة النهضة ونائب رئيس البرلمان الجديد عبد الفتاح مورو على الأمر بقوله “أتوقع بأن يحدث شرخ بالنهضة  وربما ينفصل جزء من قاعدتها أو شبابها عقابا لها على اختيارها لأن جزءً منهم ناقم على عدم تأييدها للمرزوقي”.

الهزيمة المباغتة

توقعات مورو لم تأت من فراغ، فحركة النهضة التي أعلنت حيادها رسمياً في الانتخابات الرئاسية ورّطتها قواعدها الانتخابية في مساندة المرزوقي رغم أنفها، وأصبحت القيادات اليوم تواجه امتحانا عسيرا قد يكلّف النهضة وحدتها وحتى وجودها كحركة ناضلت لأكثر من أربعين سنة لتصل الحكم وعندما وصلته أجبرت على مغادرته تجرّ خلفها أذيال الفشل، فخسرت الانتخابات التشريعية الأخيرة وأثّرت هزيمتها في قواعدها التي تمرّدت على قراراها في الانتخابات الرئاسية وساندت المنصف المرزوقي ولم تلتزم بالحياد.

هزم المنصف المرزوقي في الانتخابات ولم ينل سوى 44.32  بالمائة من الأصوات الانتخابية مقابل 55.68 بالمائة لصالح الباجي قايد السبسي، هزيمة بدت مباغتة للمرزوقي الذي راهن بكل تاريخه النضالي والسياسي وزج بحلفائه معه في معركة أراد الفوز بها مهما كانت التكاليف.

لكن خابت آمال المرزوقي  و آمال مدير حملته عدنان منصر الذي سارع إلى مهاجمة الخصم السياسي الباجي قايد السبسي ومدير حملته الانتخابية محسن مرزوق عقب أعلانه فوز زعيم  نداء تونس بعد عشرة دقائق فقط من إغلاق صناديق الاقتراع.

إعلان فوز السبسي استفز القائمين على الحملة الانتخابية للمرزوقي وأدت ردود أفعالهم المتشنجة إلى اندلاع احتجاجات شعبية في بعض مدن الجنوب التي تحظى فيها حركة النهضة بدعم شعبي كبير.

“شعب المواطنين”

الاحتجاجات الشعبية تواصلت رغم إعلان المرزوقي اعترافه بنتائج الانتخابات وإحجامه عن تقديم طعون في العملية الانتخابية  لكن هذا لم يمنع أنصاره من إثارة زوبعة حول تزوير الانتخابات بدعوى وجود أسماء لأموات في السجل الانتخابي.

لكن قبول المرزوقي بمبدأ الانتقال السلمي للسلطة في قصر قرطاج أخفى مفاجأة للرأي العام أعلن عنها بعد سويعات، فالرئيس المؤقت وفي آخر خطاب له كرئيس للجمهورية أعلن أمام حشد من أنصاره عن إطلاق حراك أو حركة “شعب المواطنين”. اسم استلهمه من حركة شيوعية فرنسية أطلقها “ادغار موران” بعد تأسيس الجمهورية الخامسة وهي تتبنى الفردانية في الدستور واللامركزية في الحكم.

من خلال هذه المبادرة حاول المرزوقي الاستفادة من أكثر من مليون و300 ألف صوتا انتخابيا حصده في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية وظن أن هذا العدد الهائل من مؤيديه يمكن أن يحوّل هزيمته الى نصر ويجعله يغادر قرطاج كالمناضلين العظماء زعيما للمعارضة في تونس، معارضة راديكالية تجمع أكثر التيارات اليمينية واليسارية تطرفا وغلواً، معارضة تعوّل على الشارع لفرض آراءها و لا تعوّل على البرلمان لتمثيليتها الهشة فيه.

الحركة التي ينوي المرزوقي تأسيسها تتطابق مع مضمون قول عبد الفتاح مورو “أتوقع أن ينشئ المرزوقي حزبا بقاعدة الشباب الذين سينسحبون من النهضة ممن أيدوه، فهم ناقمون على المجتمع لاختياره وعلى النهضة لعدم تأييدها له”، وهي خطوة وتّرت العلاقة بين حركة النهضة والمرزوقي الذي تتهمه بعض قيادات الحركة بمحاولة السطو على قواعدها الانتخابية وتحويل وجهتهم الى حزبه الجديد، باعتبار أن احصائيات مؤسسات سبر الآراء تفيد بأن 70 بالمائة ممن صوّتوا للمرزوقي في الانتخابات هم من أنصار حركة النهضة.

حرب “القواعد”

غضب الحركة من المرزوقي لا يعود فقط لمحاولته الاستيلاء على قواعدها الانتخابية ولكن لأنه بدأ في الترويج لفكرة أنه سيكون زعيم المعارضة المنتظر حيث أن حركة النهضة التي قد تصبح شريكا في الحكم، تخشى أن تفقدها هذه الشراكة كثيرا من مناصريها ولا سيما الاكثر تشددا، واستقطابهم بالتالي من قبل المرزوقي غبر مبادرته “شعب المواطنين”.

محاولات المرزوقي المتكررة لتحويل وجهة قواعد حركة النهضة نحو حزب جديد يكون هو زعيمه أثارت حفيظة عدد كبيرا من قيادات النهضة وزعيمها راشد الغنوشي الذي استهزأ من نوايا المرزوقي. لكن النهضة المنشغلة هذه الأيام بتقاربها المفاجئ مع حركة نداء تونس تتحاشى الدخول في مواجهة مباشرة مع المرزوقي بعد أن حشرها في الزاوية وكسب تعاطف بعض قياداتها التاريخية كالحبيب اللوز والصادق شورو (من القيادات الاكثر تشددا أو ما يوصف بصقور النهضة).

قيادات اسلامية تاريخية تساند المرزوقي المناضل العلماني الذي بدأ في البحث عن أسطورته الشخصية خارج قصر قرطاج، فدخل إلى القصر رئيساً وأراد أن يخرج زعيماً.