أثار رسم غرافيتي ضخم يزين شوارع تونس حفيظة العديد من الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي. ويتمثل هذا الرسم في صورة عملاقة للباجي قايد السبسي مرشح حزب “نداء تونس” للانتخابات الرئاسية ترافقها عبارة “أحب البجبوج” وهي كنية يطلقها أنصار السبسي على مرشحهم.

هذا الغرافيتي الضخم توسط ساحة برشلونة بالعاصمة تونس (المحطة المركزية للقطارات) يراه آلاف المسافرين القادمين من الضواحي الجنوبية للعاصمة تونس، أو الذاهبين إلى الساحل التونسي والجهات الداخلية للبلاد.

أثار رسم غرافيتي ضخم يزين شوارع تونس حفيظة العديد من الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي. ويتمثل هذا الرسم في صورة عملاقة للباجي قايد السبسي مرشح حزب “نداء تونس” للانتخابات الرئاسية ترافقها عبارة “أحب البجبوج” وهي كنية يطلقها أنصار السبسي على مرشحهم.

هذا الغرافيتي الضخم توسط ساحة برشلونة بالعاصمة تونس (المحطة المركزية للقطارات) يراه آلاف المسافرين القادمين من الضواحي الجنوبية للعاصمة تونس، أو الذاهبين إلى الساحل التونسي والجهات الداخلية للبلاد.

لكن ما استفز العديد من معارضي الباجي هو في الحقيقة قيام شابين يافعين عرفا بمعارضة النظام وبإيمانهم “بالمقاومة الفنية” برسم هذا الغرافيتي “التجاري” كنوع من الدعاية الانتخابية مدفوعة الأجر.

أحد الشابين برر ذلك على صفحته على الفايسبوك قائلا: “نحن فقراء والنظام يفقرنا ولا بأس في أن نسلبه بعضا من الأموال”، فأثارت هذه الذريعة جدلا واسعا بين مؤيدين من أنصار السبسي، معجبين بالغرافيتي الضخم، ومعارضيه الذين يرون في ذلك الغرافيتي “عملا فاشلا” يتقرّب من السلطات ويعمل في خدمتها، وكل ذلك من  أجل حفنة من النقود.

على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تبلغ الحملات الانتخابية ذروتها في مناصرة المرشح المفضل وضرب الآخر المنافس، قام شباب بتحوير الغرافيتي الخاصة بقائد السبسي إلى صورة كتب عليها “انتخبوا المومياء” مرفقة برسم كرتوني لمومياء في إشارة إلى الباجي قايد السبسي الذي يبلغ من العمر 87 عاما.

وقامت مجموعة فنية تدعى “زمرة” بإضافة عبارة “ضد مفهوم الدولة” على وجه اللافتة الضخمة ليلا احتجاجا على شخص السبسي المترشح للرئاسية.

مجموعة تسمى “جيل جديد” نشرت العبارات المناهضة لغرافيتي السبسي قائلة إن “فن الغرافيتي هو فن متمرد على كل الضوابط وهو فكر مقاومة تحول من حالة نقدية إلى وسيلة للإشهار السياسي والانتخابي، وانتقل من الأزقة الخلفية الهامشية إلى مراكز التأثير والإبهار في تقاطع بين رأس المال والسياسة”.

يقول الفنان الشاب حلمي دروم (24 سنة) لـ”مراسلون”: “لا نعير اهتماما لمن هاجمنا، فنحن أول من بدأ الكتابة على الجدران”.

ويضيف مدافعا عن اختياراته وأصدقائه “نحن نفصل بين آرائنا السياسية التي تغرد خارج سرب السياسة والنظام عامة، والتي ستظل دوما ضد النظام ورأس المال والسياسيين، وبين عملنا الذي  نقتات منه”.

ويعتبر حلمي أنه وزملاؤه محترفون، يعملون مع شركات إنتاج، وعملهم يتضمن لا فقط الغرافيتي بل أيضا الرسم والتزويق.

وبخصوص رسمهم الغرافيتي الخاص بالباجي قائد السبسي يقول: “لم نتعاقد مع الباجي قايد السبسي بل تعاقدنا مع شركة إنتاج هي التي كلفتنا بذللك الرسم الضخم، و سنرسم ضد الباجي على الجدران لو اقتضي الأمر”.

الراب والانتخابات

موسيقى الراب بدورها لم تغب عن الحملة الانتخابية والاحتفالات السياسية، و يبدو أن السياسيين فهموا أن حضور الراب في الاجتماعات الشعبية لمرشحي الرئاسة من شأنه أن يجذب انتباه الشباب واليافعين.

أول من التحق بصخب الحملات الانتخابية هو مغني الراب أحمد العبيدي المعروف باسم “كافون” والذي رافق حزب الاتحاد الوطني الحر داعما رئيسه سليم الرياحي طوال الحملة الانتخابية التشريعية (نوفمبر/تشرين الثاني).

ويبدو أن ترأس سليم الرياحي للنادي الإفريقي لكرة القدم (أحد أعرق النوادي الرياضية في تونس) مكّنه من أن يجمع حوله عددا كبيرا من مشجعي النادي، ومن بينهم مغني الراب “كافون”.

إحياء “كافون” العديد من الحفلات لصالح حملة الرياحي جعله عرضة للاستنكار وحتى للشتم، إذ اتهمه الكثيرون بعدم الوفاء للمبادئ التي قامت عليها أغانيه، بل عبر البعض من متصفحي مواقع التواصل الاجتماعي عن ندمه لمساندة “كافون” عندما قبع في السجن تسعة أشهر بتهمة تعاطي مادة مخدرة قبل أن يخرج في آذار/مارس 2014.

ومع تسارع إيقاعات الحملة الانتخابية الرئاسية، تكشف برامج المرشحين واجتماعاتهم الشعبية عن فناني راب آخرين وضعوا أقدامهم في حلبة السياسة، منهم الفنان “بلطي” الذي غنى في اجتماع شعبي للباجي قايد السبسي.

وتجاوزت المساندة والاصطفاف وراء مرشحي الرئاسة مجرد إحياء الحفلات الشعبية للمترشحين، لتصل إلى إصدار الأغاني التي تدعو بصريح العبارة إلى انتخاب مرشح بعينه. وانتشرت بين أنصار الرئيس المؤقت المترشح لرئاسة الجمهورية محمد المنصف المرزوقي أغنية تحمل اسم “24” وهو الرقم الانتخابي للمرزوقي.

هذه الأغنية هي من أداء فنان الراب حمادة بن عمر الملقب بـ”الجنرال”، صاحب أغنية “رايس البلاد”، الأغنية التي أثارت جدلا واسعا قبل اندلاع ثورة كانون الثاني/ديسمبر 2010 وأدت إلى سجنه، قبل ان يطلق سراحه بن علي، ليصبح “الجنرال” قدوة للشباب التونسي المنتفض ضد الظلم.

لكن التيار لم يحمل كل فناني الراب الذين عرفوا باهتمامهم بقضايا الشباب التونسي وهمومه ونبذهم للسياسيين والأحزاب على غرار “كلاي بي بي جي” و “ارمادا  بيزارتا”، إذ أصدر الأول أغنيتين، الأولى بعنوان “لسنا للبيع” وهي أغنية توضح موقفه من الأحزاب والسياسيين وتتهكم على من التحق بركب السياسة.   

مالك خميري (مجموعة ارمادا بيزارتا) قال لـ “مراسلون”: “نحن مجموعة فنية مقاومة لا نبرر ما قام به البعض من فناني الراب، من “تمعش” سياسي لكن نتفهم ان يلجأ البعض لهذه التصرفات في ظل غياب قطاع مهيكل يضمن لمحترفي الراب وغيرهم من الفنون حياة كريمة، فلا يوجد شركات انتاج موسيقي و لا صناعة موسيقية!”.

ثم يضيف: “رغم ذلك فقد تم إقحامنا زجرا في هذه المهاترات السياسية حيث استعملت أغنية “انت الصوت” التي تم إنتاجها من قبل الامم المتحدة في انتخابات 2011 والتي ضمت فنانين ملتزمين، خلال الاجتماعات الانتخابية لسليم الرياحي والباجي قايد السبسي ومنصف المرزوقي دون الرجوع إلينا أو استشارتنا!”.

من جهتها اعتبرت المغنية الملتزمة بديعة بوحريزي أن للفنان الحق في الانتماء السياسي والحق أيضا في النشاط مع من يلتقي معهم سياسيا، قبل أن توضح في استدراك لها: “لكن هذا سلاح ذو حدين، فبإمكان الفنان أن يخسر العديد من معجبيه فقط لأنه يخالفهم الرأي السياسي، وهو لا يستطيع التراجع امام مواقف سياسية اتخذها أو سياسيين ساندهم”.