بعد إقامته قسرا ثم طوعا سنوات في بريطانيا، عاد محمد الهاشمي الحامدي زعيم حزب “تيار المحبة” وأحد المرشحين للانتخابات الرئيسية التونسية إلى بلده، وثقته كبيرة في الفوز برئاسة تونس رغم تراجع حزبه في الانتخابات التشريعية، لكن النتيجة كانت مخيبة للآمال.

الحامدي دافع عن في حوار مع “مراسلون” عن موقف حزبه مؤكدا أنه تونسي وسيبقى كذلك رغم حمله الجنسية البريطانية. وفيما يلي نص الحوار:

مراسلون: من طرائف مشاركتك في هذه الانتخابات أنك لم تدل بصوتك في سابقة لم يشهدها تاريخ الانتخابات، فما الذي منعك من القيام بهذا الواجب؟

بعد إقامته قسرا ثم طوعا سنوات في بريطانيا، عاد محمد الهاشمي الحامدي زعيم حزب “تيار المحبة” وأحد المرشحين للانتخابات الرئيسية التونسية إلى بلده، وثقته كبيرة في الفوز برئاسة تونس رغم تراجع حزبه في الانتخابات التشريعية، لكن النتيجة كانت مخيبة للآمال.

الحامدي دافع عن في حوار مع “مراسلون” عن موقف حزبه مؤكدا أنه تونسي وسيبقى كذلك رغم حمله الجنسية البريطانية. وفيما يلي نص الحوار:

مراسلون: من طرائف مشاركتك في هذه الانتخابات أنك لم تدل بصوتك في سابقة لم يشهدها تاريخ الانتخابات، فما الذي منعك من القيام بهذا الواجب؟

الحامدي: السبب يتعلق أساسا بموقف الهيئة المستقلة للانتخابات التونسية، فبحكم أنني مقيم في بريطانيا وجب علي في السابق التصويت في مقر إقامتي، وحال عودتي إلى تونس، تقدمت بطلب من أجل السماح لي بالتصويت في تونس، غير أن موقف الهيئة حرمني من ذلك بذريعة أنه يستحيل تغيير مكان التصويت، ومن المستحيل وفق ذلك أن أشارك في عملية التصويت التي واكبتها في مسقط رأسي في أحد أرياف محافظة سيدي بوزيد.

اليوم وبعد الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات وحلولك في المركز الرابع، كيف تقيم هذه النتائج خاصة بعد تأكيداتك الجازمة أنك ستكون رئيسا لتونس؟

تلك هي أحكام اللعبة الانتخابية. صحيح أنني لم أفز لكن النتائج التي حققتها ليست سلبية للغاية، ووجودي ضمن الرباعي الأول قبل عديد الشخصيات السياسية المعروفة ليس بالأمر الهيّن. عموما سآخذ قسطا من الراحة بين عائلتي، وبعد ذلك سأتحدث مطولا عن هذه النتائج.

استغرب البعض من عودتك سريعا إلى لندن، حيث لم تنتظر صدور النتائج الرسمية والنهائية، فهل هو الهروب من جديد  والاعتراف بالهزيمة؟

ليس في الأمر أي سر وليس من باب الهروب أو اعتزال الحياة السياسية بل إنني أردت التمتع ببعض الراحة ومراجعة بعض الأمور حتى يكون تقييمنا لهذه النتائج منطقيا، وأطمئن أنصاري بأنني مازالت مستمرا في الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم دون استسلام.

بعد صدمة الخسارة في الانتخابات التشريعية قررت الانسحاب من الرئاسية قبل أن تعدل عن ذلك سريعا وتعلن مواصلتك المشاركة في السباق ثم تقرر العودة إلى تونس، فما هي أسباب هذه التقلبات في المواقف والقرارات؟

في البداية أريد أن أشير إلى أن “تيار المحبة” تأثر بحالة الاستقطاب الثنائي بين حركة النهضة وحزب نداء تونس، وفي الانتخابات التشريعية سارت العملية الانتخابية وفق قاعدة أن تكون مع النهضة أو ضدها، وأن تكون ضدها يعني التصويت لفائدة حركة نداء تونس.

إذن فالتصويت “العقابي” جعل عديد الأحزاب الأخرى تخسر في هذه الانتخابات والأمر لم يقتصر على “تيار المحبة” فقط بل إن عدة أحزاب عريقة وكان لها حضور قوي في الانتخابات السابقة تأثرت كثيرا بهذا الاستقطاب الثنائي مثل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل من أجل العمل والحريات والحزب الجمهوري.

فضلا عن ذلك فخسارة “تيار المحبة” لعدة مقاعد كان أيضا نتاجا لتحييد قناة “المستقلة” التي أملكها، حيث لم أعمل على استغلالها من أجل التسويق للحزب، وكان أملي أن تكون وسائل الإعلام التونسية منصفة وتمنح الفرصة بالتساوي بين الجميع، لكن حصل العكس وهو ما أوضحته نتائج الانتخابات التي كرست مبدأ الاستقطاب الثنائي الحاد.

لكنك انسحبت من السباق للرئاسية ثم تراجعت عن الانسحاب

قرار العدول عن الترشح للرئاسة  أملته علي عدة ظروف من أهمها إيماني بأن الانسحاب لا يعني سوى الاستسلام وتخييب ظن أنصار “تيار المحبة” في وقت يتطلب الصمود ومواصلة المراهنة على تغيير الوضع العام في تونس، ولم يكن من حل اليوم سوى العودة إلى تونس والحرص على الاقتراب من الناس والإنصات إلى مشاغلهم والاحتكاك بهم، والحمد لله لمست في كل جهة من جهات البلاد زرتها بعد العودة تأييدا قويا يبشر بنصر كبير في الانتخابات الرئاسية.

بعض المحللين أرجعوا سبب خسارة “تيار المحبة” في التشريعية إلى ضعف برنامج ارتكز على نفس الخطاب الشعبوي قدمك على نصير الضعفاء الأوحد؟

لم أتخذ يوما هذا الشعار لخدمة مصالحي الشخصية أو خدمة حزبي، ولعل من يطلع جيدا على أشغال المجلس التأسيسي سيدرك جيدا أن نواب العريضة الشعبية (الاسم السابق لتيار المحبة) كانوا أكثر النواب استماتة في الدفاع عن حقوق الضعفاء والبسطاء والفقراء، هذا الشعار ليس مجرد دعاية حزبية بقدر ما هو مبدأ ثابت في برنامج عمل الحزب، ودعني أقول إن أي حزب أو رئيس لا يرتكز في عمله على دعم حقوق ضعاف الحال والمحرومين والمهمشين لا مستقبل له، ولا فائدة ترجى منه. لقد سمعت كثيرا عن كلمة الخطاب الشعبوي، فمتى كان التوجه إلى عامة الشعب وخاصة البسطاء منهم أمرا غير مرغوب فيه، نعم خطابي موجه للطبقات الكادحة والمحرومة والتي تعاني من التفقير والتجهيل، وهو يرتكز على تبسيط المعلومة وجعلها مفهومة لدى عامة الناس. برنامجي في تيار المحبة هو الحرص على تمكين كل هؤلاء الناس من حقهم من الحياة والعيش الكريم دون أي تهميش أو تجاهل.

توجهت في بعض خطاباتك إلى أنصار النهضة بضرورة التصويت لفائدتك في الانتخابات، فما الذي دفعك إلى استجداء أصوات هؤلاء الناخبين والحال أنك تصرح دوما بأن لتيار المحبة قاعدة شعبية واسعة تمكنك من الفوز؟

السبب واضح وبسيط، وهو يتعلق بكون الهاشمي الحامدي هو المرشح الأقرب لفكر وتصورات النهضة، ذلك أن برنامجي يستند إلى إعادة تونس كما كانت في السابق منارة إسلامية تعتمد الشريعة منهجها، وتعيد للإسلام مكانته. لهذا السبب كنت أعتقد أنه من الصالح ألا تذهب أصوات أنصار حركة النهضة لمرشح آخر لا تتماشى أفكاره مع المبادئ الإسلامية.

على ذكر الشريعة الإسلامية، صرحت سابقا بأنك ستعمل على تعديل الدستور،  وخاصة في فصله الأول، فلماذا هذا الإصرار على تنقيح فصل لا يمكن مناقشته أو تغييره إلا بعد خمس سنوات؟

يعلم الجميع أن نواب “العريضة الشعبية” (الاسم السابق لحزبه) رفضوا المشاركة في صياغة هذا الفصل إيمانا منهم بأن ذلك لا يستجيب لطموحات الشعب ولا يتماشى مع مبادئنا. فالواجب يحتم أن ينص الفصل الأول على أن الشريعة الإسلامية التي هي دين جميع التونسيين ويجب أن تكون المصدر الأول للتشريع، وأملي أن يدرك جميع التونسيين أن أعضاء حزب “تيار المحبة” لم يشاركوا بالمرة في صياغة هذا الفصل، ومن يدري فقد يأتي يوم أستطيع خلاله تنقيح هذا الفصل عبر إجراء استفتاء شعبي.

يتهمك البعض بأن ولاءك لبريطانيا أكبر بكثير من ولائك لتونس، خاصة وأنك رفضت بشدة التخلي عن الجنسية البريطانية، فما هو ردك؟

هذا الكلام مردود على من ادعاه، فتونس هي جذوري وأصلي وبلدي الذي أعتز به، لكن بالتوازي مع ذلك لا يمكن أن أنكر جميل بريطانيا التي وجدتها ملجئي بعد ترحيلي قسرا من بلدي. لقد حمتني تلك البلاد وآوتني ومنحتي وطنا يوم طردت من وطني، وبما أن الدستور الجديد يخول لي أن أترشح لمنصب الرئاسة فما الذي يدفعني للتخلي عن الجنسية البريطانية؟