الإهمال الطبي وعدم توافر مصل العقرب في مستشفيات وزارة الصحة أدّيا إلى إصابة الطفل حسام الشهر الماضي بشلل نصفي مؤقت أقعده عن الحركة. حالة حسام ليست الأولى في محافظة الأقصر وبالطبع لن تكون الأخيرة، لأن مصل العقارب لا يزال مفقوداً.

قصة الطفل حسام عرفة قصة قصيرة يمكن أن تروى في بضعة أسطر، لكنها كاشفة لحجم التقصير في المستشفيات العامة. حسام عرفة أبوالنجا الضيفي يبلغ من العمر عامان فقط، ويقيم في قرية العديسات الجبلية بالأقصر، والتي تتنتشر فيها العقارب والثعابين بشكل كبير. 

الإهمال الطبي وعدم توافر مصل العقرب في مستشفيات وزارة الصحة أدّيا إلى إصابة الطفل حسام الشهر الماضي بشلل نصفي مؤقت أقعده عن الحركة. حالة حسام ليست الأولى في محافظة الأقصر وبالطبع لن تكون الأخيرة، لأن مصل العقارب لا يزال مفقوداً.

قصة الطفل حسام عرفة قصة قصيرة يمكن أن تروى في بضعة أسطر، لكنها كاشفة لحجم التقصير في المستشفيات العامة. حسام عرفة أبوالنجا الضيفي يبلغ من العمر عامان فقط، ويقيم في قرية العديسات الجبلية بالأقصر، والتي تتنتشر فيها العقارب والثعابين بشكل كبير. 

أُصيب حسام الشهر الماضي بلدغة عقرب فتوجه به والده علي الفور إلي الوحدة الصحية بالقرية ففوجئ بعدم توافر مصل العقرب فتوجه لاهثا إلى مستشفى البياضية فأخبره الأطباء بعدم توافر المصل كذلك، فذهب إلى مستشفي الأقصر العام ففوجئ بالأمر ذاته فذهب إلى مستشفي الأقصر الدولي الا أن الأطباء أخبروه بأن ابنه أصيب بشلل نصفي مؤقت لتأخره في أخذ جرعة مصل العقرب لعدة ساعات.

“كنت أنتظر اليوم الذي يكبر فيه حسام ليساعدني علي نفقات أخوته البنات السبعة الا أنه خاب أملي بعد أن صار ولدي الوحيد قعيدا في فراشه”. الحديث لأبوالنجا والد الطفل الضحية.

ارتفاع عدد الإصابات

عدد كبير من المستشفيات والوحدات الصحية التابعة لوزارة الصحة تعاني من نقص الكميات اللازمة لمصل العقرب ما تسبب في وفاة عشرات ممن لدغتهم العقارب مؤخرا، كان آخرهم طفل بمدينة ديروط في محافظة أسيوط وسيدة مسنة في مدينة أرمنت بمحافظة الأقصر.

محمد حسن أحد أقارب زينب إبراهيم السيدة المسنة التي وافتها المنية بعد فشل ذويها في العثور علي جرعة مصل العقرب اللازم لعلاجها يقول إنهم قضوا أكثر من 7 ساعات يبحثون عن المصل بمستشفى أرمنت المركزي والوحدة الصحية بقرية الرزيقات قبلي ثم الوحدة الصحية بأرمنت الوابورات مرورا بـ3 وحدات صحية أخرى الا أنهم فشلوا في العثور على المصل المضاد للسم في أي منها فقرروا الذهاب إلى مستشفى الأقصر الدولي التي تبعد عن مستشفى أرمنت المركزي نحو 22 كيلو متر فتوفت زينب في منتصف الطريق.

ناهد محمد أحمد وكيل وزاة الصحة بالأقصر تعترف بأن كمية المصل التي تصل الى المستشفيات محدودة ولا تكفي حالات الإصابة خاصة وأن هناك حالات قد تحتاج من 5 إلى 6 جرعات وهو ما يؤدي إلى نفاذ الكمية المقررة قبل نهاية الشهر.

تضيف وكيل وزارة الصحة بالأقصر أن الأزمة زادت خلال العامين الأخرين نظرا لزيادة عدد سكان القرى المتاخمة لمناطق جبلية خاصة في مركزي إسنا وارمنت موضحة أنه منذ تحويل الأقصر من مدينة إلى محافظة في عام 2009 وضم مدن وقرى جديدة إليها تضاعفت الحاجة إلى الأمصال دون أن يجري تأمين الكميات اللزمة.

تبلغ حصة محافظة الأقصر ما بين 1000 و1200 جرعة مصل (أمبول) فقط توزع علي 5 مستشفيات و105 وحدة صحية بالمحافظة بحسب مصدر بمديرية الشؤون الصحية بالأقصر  وهو ما أكدته وكيل وزارة الصحة بالأقصر. 

وأشار المصدر إلى أن هذه الكمية لا تكفي الحالات التي تصاب بلدغات العقرب حيث أنها تنفد قبل مرور نصف الشهر.

ويؤكد أن محافظة الأقصر وحدها تحتاج لـ 3 آلاف جرعة مصل مضاد لسم العقرب في الشهر حيث أن معدل الإصابة بلدغة العقرب بالمحافظة يتجاوز الألف و500 إصابة غالبيتها في قرى مركزي إسنا وأرمنت مشيرا إلى أن بعض الحالات الحرجة تحتاج إلى جرعة قد تصل لـ5 أمبولات طبقا لشدة السمية.

قصص مفجعة

قصص الإصابة باللدغة المفجعة لا تنتهي في المحافظة. فقرية الشغب التي تبعد عن مدينة الأقصر نحو 30 كيلو مترا على سبيل المثال تعد مرتعا للزواحف السامة نظرا لمتاخمتها لمنطقة جبلية، لذا يصاب عدد كبيرا من أهالي القرية بلدغات العقارب بشكل مستمر، وتسببت في وفاة بعضهم نظرا لنفاد الكمية الخاصة بالوحدة الصحية للقرية قبل انتهاء الشهر.

يروي صبحي بدر أحد أهالي القرية واقعة حدثت لإحدى فتيات القرية منذ نحو شهر حيث أصيبت أثناء جلوسها أمام منزلها بالقرية بلدغة عقرب فحملها عدد من أهالي القرية بـ”توك توك ” إلي الوحدة الصحية الا أن الطبيب أخبرهم بنفاذ حصة الوحدة من المصل المضاد لسم العقرب فتوجهوا بها الي عدد من وحدات القري المجاورة فلم يجدوا المصل متوفرا فقرروا أن يذهبوا بالفتاة الي مستشفى الأقصر الدولي التي تبعد قرابة الـ 30 كيلو مترا عن القرية الا أن الفتاة كانت قد فارقت الحياة قبل وصولها للمستشفي بعد أن سرى السم في جميع أنحاء جسدها.

واقعة أخرى يرويها ممدوح حسانين طبيب بقسم الطوارئ بمستشفى الأقصر العام حدثت معه أثناء دوامه الليلي بالمستشفى عندما جاءه والدا طفل مهرولين يطلبان مساعدته لإنقاذ ابنهما الذي اصيب بلدغة عقرب الا أنه فوجئ بأن صيدلية المستشفى خاوية من المصل المضاد لسمه فثار والدا الطفل عندما أخبرهما ثورة عارمة.

انتقادات

الدكتور أحمد حمزة نقيب الأطباء بمحافظة الأقصر ينتقد سياسة وزارة الصحة في توزيع كميات مصل العقرب على المحافظات قائلا: “الوزارة تتجاهل محافظات الصعيد والمناطق النائية التي تكثر بقراها الزواحف السامة وتتعامل مع تلك المحافظات بالتساوي مثلها مثل باقي محافظات الجمهورية “.

ويتابع حمزة أن عدم تقدير وزارة الصحة لحاجة كل محافظة من المصل هو السبب في خلق هذه الأزمة مشيرا إلى أن حصة محافظة الأقصر من أمصال العقرب لم تزد منذ سنوات رغم زيادة عدد السكان”.

وإلى أن يتوفر مصل سم العقارب بكميات كافية، سيظل سكان القرى والنجوع بالاقصر يعانون من خطر الإصابة المميتة.