في حوار مع “مراسلون” تحدث السفير البريطاني لدى ليبيا مايكل أرون عن أن المستهدفين بالعقوبات من الأطراف المتوطة في “تقويض السلم الأهلي بليبيا”، ينتمون إلى كافة أطراف النزاع.

كما أكد عدم اعتراف بريطانيا بحكومة عمر الحاسي واستحالة عودة بعثتها الدبلوماسية إلى طرابلس في وجود ما وصفه بـ “حكومة غير شرعية”، وتحدث عن أسباب مغادرتهم طرابلس وعن المشروع الإعلامي الذي ستطلقه المملكة المتحدة في ليبيا قريباً.

تفاصيل هذه العناوين وغيرها تقرؤونها ضمن نص الحوار التالي:

في حوار مع “مراسلون” تحدث السفير البريطاني لدى ليبيا مايكل أرون عن أن المستهدفين بالعقوبات من الأطراف المتوطة في “تقويض السلم الأهلي بليبيا”، ينتمون إلى كافة أطراف النزاع.

كما أكد عدم اعتراف بريطانيا بحكومة عمر الحاسي واستحالة عودة بعثتها الدبلوماسية إلى طرابلس في وجود ما وصفه بـ “حكومة غير شرعية”، وتحدث عن أسباب مغادرتهم طرابلس وعن المشروع الإعلامي الذي ستطلقه المملكة المتحدة في ليبيا قريباً.

تفاصيل هذه العناوين وغيرها تقرؤونها ضمن نص الحوار التالي:

س- الخارجية البريطانية صرحت: لن نتردد في فرض عقوبات ضد من يقوض السلام في ليبيا، ورغم أنها من قدمت مشروع القرار 2174 الخاص بليبيا لم تقم إلى الآن باتخاذ أي إجراءات ضد من شملهم القرار ممن يعرقلون الحل السياسي للأزمة الليبية.. ما تفسير ذلك؟

ج-  قضية العقوبات ليست سهلة، وتطبيقها ضد أي شخص يتطلب قراراً شرعياً وأدلة وبراهين تثبت تورطه، وإنجاز ذلك يحتاج وقتاً.

هذا عدا أننا نعتقد أن التهديد بالعقوبات أحياناً يكون أكثر أثراً من العقوبات نفسها، فأحياناً يكون الشخص المستهدف بالعقوبات لا ينوي السفر خارج البلاد ولا يملك أرصدة بنكية داخل أو خارج ليبيا، هؤلاء لن يتضرروا بفرض عقوبات ضدهم وستكون المسألة برمتها رمزية لا أكثر.

في اجتماع المبعوثين الخاصين بشأن ليبيا (المحرر: من الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا واسبانيا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) الذي عقد في باريس يوم 30 أكتوبر مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة برناردينو ليون، تكلمنا كثيراً عن موضوع العقوبات وما هي أفضل الطرق لتطبيق القرار 2174 للحصول على أفضل النتائج الممكنة.

س- هل تم التوصل إلى وضع قائمة بأسماء المستهدفين بالعقوبات؟

ج-  جرى الحديث عن أسماء معينة ولكن ليس هناك قائمة محددة بعد.. كما تم الاتفاق على أن يتحدث إليهم السيد برنادينو ليون قبل نشر القائمة ويحاول إقناعهم بتغيير مواقفهم وإلا فسوف نطبق عليهم العقوبات.

س- ورد في خبر نشرته بوابة الوسط الإلكترونية تسريب حول الاجتماع المغلق الذي عقده مجلس الأمن بنيويورك للاستماع إلى السيد ليون، ورجحت مصادر الخبر أن تصدر قائمة تحوي 3 أو 4 أسماء تطبق عليهم العقوبات، هل تؤكد أو تنفي هذه التسريبات؟  

ج- لم يكن هناك قرار محدد في اجتماع المبعوثين الذي حضرته في باريس وإنما كان هناك حديث عن شخصيات معروفة، أنا لم أطلع بعد على نتائج جلسة نيويورك .. ولكن يمكنني القول أن الحديث دار حول خمسة أو ستة أسماء وليس فقط أربعة.

الفكرة أنه سيكون هناك قائمة مبدئية تضم الشخصيات الأكثر تورطاً في تقويض السلم الأهلي، تكون بمثابة رسالة للآخرين إن أرادو أن يتجنبوا وضع أسمائهم في قوائم العقوبات فعليهم أن يغيرو سلوكهم.

س- هل الأسماء تنتمي لكافة أطراف النزاع الليبي أم أنها تمثل طرفاً بعينه؟

ج- الأسماء من كافة الأطراف، ليسوا من مدينة واحدة أو من جانب واحد، كما تعلمين المشكلة في ليبيا أن الأمور ليست واضحة بمعنى وجود أبيض وأسود، أو أن هناك إرهابيين وديمقراطيين أو إسلاميين وليبراليين، الوضع مختلف تماماً فليس هناك جيد وسيء، الجميع يرتكب انتهاكات وفي كل الأطراف هناك معتدلون يعملون لصالح الحوار والسلام والتقدم.

س- لماذا غادرتم ليبيا؟ هل تلقت بعثتكم تهديدات مباشرة؟

ج- أنا شخصياً كنت أرغب في البقاء داخل ليبيا ولم أرد المغادرة أبداً ولكن حدث يوم 27 يوليو الماضي أن تعرض موكب سيارات تابعة للسفارة إلى هجوم مسلح في منطقة الماية قرب معسكر 27 غربي طرابلس، أنا شخصياً لا أعتقد أن إطلاق النار تم من داخل المعسكر بل كان من منطقة ورشفانة ولم يكن الهجوم إرهابياً وإنما كان الغرض سرقة السيارات مثلاً أو شيء من هذا القبيل، ولكن في لندن عندما شاهدو صور السيارات بعد الهجوم عليها اعتبروا ذلك مؤشر خطر لا يجب الاستهانة به.

بعد ذلك تعرض أحد البيوت التابعة للسفارة والذي يقع في منطقة الخط الأمامي للاشتباكات في جنزور غربي طرابلس، للاحتلال من قبل بعض المسلحين، وقاموا بإطلاق الرصاص في وجود أحد أفراد طاقم السفارة، إلا أنه لم يصب بجروح.

في ذات اليوم أثناء القتال في منطقة السراج تعرض السكن الخاص بالسفارة للرصاص بسبب الاشتباكات الدائرة في المنطقة المحيطة، وقد أصيب منزلي في هذه الاشتباكات ولكنني لم أكن موجوداً وقتها.

هذه الحوادث الثلاثة التي تعرضنا لها، وإن كانت في الحقيقة ممكن أن تحدث لأي شخص في هذه الظروف، إلا أنها كانت بنظر الحكومة البريطانية وأنا أتفق معها سبباً وجيها للخروج من طرابلس تفادياً لوقوع حوادث أكبر تنجم عن سوء تقدير حجم الخطر، لذلك قررنا أن نغادر بعد أن نؤمن مغادرة رعايانا في ليبيا، حيث نظمنا رحلتين بحريتين لإجلاء الرعايا من طرابلس غادرنا بعدها براً إلى تونس.

س- هل تربطون عودتكم إلى ليبيا بتقدم عمليات الجيش على الأرض؟

ج- لا.. عودتنا إلى ليبيا سوف تكون بنسبة 95 في المائة لأسباب سياسية وليست أمنية، لا يمكن أن نرجع إلى طرابلس في ظل وجود حكومة غير شرعية، حكومة الحاسي تعيينها أصلا لم يكن شرعياً، ولذلك بالنسبة لنا فهي غير معترف بها.

س- يبدو أن أطرافاً أخرى تحاول الدخول على خط الحوار الليبي الليبي مثل مبعوث الرئاسة الفرنسية الشخصية الجدلية برنار هنري ليفي واجتماعه مع أطراف ليبية في تونس، ألا تقوض تلك المحاولات جهود بعثة السيد برناردينو ليون؟ أو على الأقل تضعف من فاعليتها؟

ج- أنا لا أعرف السيد ليفي، ولكنني أعتقد أن كل جهود تقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع مفيدة، ولكن طبعا السيد برناردينو ليون هو المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة وهو مسؤول عن قيادة الحوار بشكل رسمي، وهو بالتالي أهم شخص في هذه العملية، ولكن هذا لا يمنع قيام اجتماعات جانبية مثل مؤتمر الحوار المزمع عقده في الجزائر مثلاً، أو ما صرح به الاتحاد الأفريقي في اجتماع المبعوثين الخاصين بباريس من استعداده لبذل الجهود لإنجاح الحوار في ليبيا.

ثم إن السيد ليفي لم يكن ممثلاً للحكومة الفرنسية، بل قام بهذه الخطوة بصفته الشخصية، بدليل أن الحكومة الفرنسية استضافت اجتماع المبعوثين الخاصين مع السيد ليون في باريس، إذا فهي تدعم كلياً جهود برناردينو ليون في ليبيا.

س- من هي الأطراف الليبية التي لا تقبل المملكة المتحدة الجلوس معها في حالة حوار؟

ج- هل قرأت كتاب السيد جوناثان باول المبعوث الخاص لبريطانيا إلى ليبيا؟.. لقد ألف كتاباً بعنوان “التحدث مع الإرهابيين”.. في رأيه وهو طبعاً رأي شخصي لا يمثل رأي المملكة أننا يجب أن نتحدث مع كل الأطراف.

ولكن بالنسبة لبريطانيا والمجتمع الدولي ككل فإن تنظيم أنصار الشريعة وحلفائهم من القاعدة وغيرها من التنظيمات المتطرفة هم من رفضوا الحوار، كما أننا ندعم عملية حوار تجمع الأطراف التي تمثل الشعب الليبي، ووفق رؤيتنا فإن أنصار الشريعة وحلفائهم هم مرتبطون بأطراف خارجية وتنظيماتهم تجمع الكثير من الأجانب إلى جانب الليبيين، ولذلك الحوار يجب أن يكون بين الأطراف المتفقة على رؤية لمستقبل ليبيا مستقلة وديمقراطية.

س- هل تخشى بريطانيا من تغول الإرهاب في ليبيا خاصة في وجود أطراف تبايع تنظيم داعش ولا تواجه أي مقاومة حقيقية لتمددها على الأرض؟

ج- طبعاً نحن قلقون.. بل وأكثر من ذلك، فمدينة مثل درنة ظلت مغلقة لفترة طويلة ولم يتمكن أحد من زيارتها والاطلاع على الوضع هناك، وبالتالي فنحن لا نفهم حقيقة الوضع في تلك المدينة وقلقنا حيال تمدد الإرهاب داخلها وخارجها يتزايد بشدة.

ولذلك بالنسبة لنا حل المشكلة يتمثل بداية في الوصول إلى مجلس نواب موحد، وحكومة شرعية متفق عليها، تؤسس لمؤسسات حقيقية مثل الجيش والشرطة، بعد ذلك يمكن أن تبدأ الحرب على الإرهاب.

س- كيف تقيم أداء مجلس النواب حتى الآن وما هو أسوأ القرارات التي اتخذها برأيك؟

ج- أنا أفهم أن مجلس النواب في طبرق وقع في عدة أخطاء، ولكنه برلمان منتخب وأنا أرى أن كل أعضائه من الرجال والنساء يريدون الأفضل للدولة، والمعارضة والعمليات العسكرية التي تعرضوا لها من الطرف الثاني سببت لهم الكثير من الإرباك والضغط والتحديات.

لذلك أنا أستوعب الحالة التي اتخذت فيها معظم قراراتهم، مثلاً حين يقولون عن الطرف الآخر في الصراع أنهم إرهابيون، هذا القرار بالنسبة لي خطأ، ولكنه خطأ أفهم أسبابه.

وكذلك قرارهم بخصوص التدخل الخارجي، أنا تحدثت مع السيد امحمد شعيب حول هذا القرار وأكد لي أن المقصود منه لم يكن التدخل العسكري، بالطبع هناك من الأعضاء من يريد أن يكون هناك دعم لوجستي وأكثر من ذلك ولكن الأغلبية يرفضون التدخل الأجنبي.

معظم أعضاء البرلمان ليست لديهم أي خبرة سياسية فالسياسيون رفضوا ترشيح أنفسهم للانتخابات، ولذلك مشكلة عدم الخبرة كانت واضحة في أدائهم، ولكنني التقيتهم في طبرق ولمست أنهم أناس وطنيون ومخلصون ولديهم الوعي الكافي لقيادة المرحلة.

س- حضرت شخصياً في الفترة الماضية إطلاق قناة تلفزيونية أنشأتها “بي بي سي ميديا أكشن” موجهة إلى ليبيا.. ما هدف بريطانيا من الدخول على خط الإعلام الليبي؟

ج- هناك مشاكل كثيرة يتعرض لها الصحفيون في ليبيا، كالضغط والتهديدات من الجانبين ما يجعل ظروف عملهم صعبة جداً، وكذلك القنوات التلفزيونية تمارس نوعاً من الاستقطاب الشديد للرأي العام، لا فرق في ذلك بين قناة العاصمة وقناة الجزيرة أو العربية أو النبأ أو الدولية وغيرهم.

بينما قناة بي بي سي لديها سمعة جيدة في عدم الانحياز لأي طرف من أطراف الصراع، ولذلك ومن باب أنه من الضروري جداً للمشهد السياسي الليبي أن تكون هناك قناة مستقلة وغير منحازة، الفكرة أيضاً هي في تدريب الصحفيين والإعلاميين من خلال العمل في هذه القناة، خاصة وأن تونس تجمع عدداً كبيرا من الصحفيين الذين يخشون العودة إلى ليبيا في الوضع الراهن.

تكمن أهمية الموضوع في أنه بدون الصحافة لايمكن أن توجد ديمقراطية، فبدون تقارير الصحفيين التي تعكس واقع الحال في كل مناطق ومدن الدولة، لايمكن فهم ما يحدث داخل البلاد.

س- هناك أطراف تتوجس من نظرية المؤامرة دائماً، وباعتبارك على تواصل مع كل الأطراف الدولية وتحديداً أوروبا، هل تعتقد أن في أوروبا من يدعم مشروع تقسيم ليبيا؟

ج- لا بالعكس، من مصلحتنا أن تكون ليبيا موحدة ومستقرة وفيها تنمية واستثمارات، وليست لديها مشاكل مع دول الجوار، وهذا لن يتحقق إلا بوجود برلمان موحد وحكومة قوية، بالتالي فنحن ندعم مطالب الشعب الليبي في وحدة التراب والاستقرار بما يحقق مصالح الجميع.