يصرح النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي امحمد علي شعيب في حديثه لـ “مراسلون” بأنه كان صاحب فكرة زيارة الأمين العام للأمم المتحدة المفاجئة إلى طرابلس، والتي أكد من خلالها دعم المجتمع الدولي للبرلمان المنتخب ورفض فيها مقابلة رئيس المؤتمر السابق نوري بو سهمين ورئيس حكومته عمر الحاسي.

يصرح النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي امحمد علي شعيب في حديثه لـ “مراسلون” بأنه كان صاحب فكرة زيارة الأمين العام للأمم المتحدة المفاجئة إلى طرابلس، والتي أكد من خلالها دعم المجتمع الدولي للبرلمان المنتخب ورفض فيها مقابلة رئيس المؤتمر السابق نوري بو سهمين ورئيس حكومته عمر الحاسي.

شعيب هو من أكبر الداعمين للحوار الوطني مع كافة الأطراف، وفي سبيل إنجاحه يقول “لسنا متمسكون بطبرق” كمكان لانعقاد الجلسات، ويتمنى على “السيد حفتر أن يعتزل الحياة العامة ويشكل حزباً سياسياً” لأنه لن يقبل “بأي مجموعة مسلحة خارج مؤسسات الدولة” حسب قوله.

وفي موقف مخالف لقرار البرلمان يؤكد أنه ضد وصف “ثوار فجر ليبيا” بالإرهابيين، لأنهم لا ينتمون لتيار واحد وهو يرفض الأحكام القطعية، مزيد من التصريحات والمواقف كشف عنها الرجل الثاني في البرلمان الليبي ضمن الحوار التالي:

 

س- كيف تم التنسيق لزيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المفاجئة لطرابلس؟ ومن هم أعضاء مجلس النواب الذين حضروا؟

ج- أعضاء مجلس النواب – البرلمان – الذين حضروا لقاء بان كي مون كانوا 12 عضواً، منهم أنا و د. سعد المريمي من الأعضاء غير المقاطعين لجلسات طبرق، والباقي إما أعضاء حضروا إلی طبرق في البداية ثم رجعوا إلی مدنهم، أو أعضاء قاطعوا جلسات البرلمان منذ بداية انعقادها.

فكرة الزيارة أتت بعد سماعنا أن أمين عام الأمم المتحدة سيقوم بزيارة كل من تونس ومصر، وإدراكاً مني لأهمية أن تشمل جولة كي مون زيارة إلى ليبيا التي لا يمكن تجاهلها بحكم موقعها في شمال إفريقيا ووضعها الحالي، اقترحت ذلك على السيد برناردينو ليون مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، فوافق على الفكرة وأبلغ بها السيد الأمين العام الذي استجاب للاقتراح ووافق على الزيارة.

أهمية الزيارة تكمن في مقابلة الأمين العام للأمم المتحدة للسلطة المنتخبة في ليبيا والتي أتت بانتخابات حرة ونزيهة وشفافة، ولكن من ناحية ثانية كان علينا تأمين الزيارة للسيد بان كي مون وأعضاء البرلمان الذين قد يتعرضون لأي نوع من الاعتداء حتى وإن كان لفظياً.

وقبل الموعد بـ 24 ساعة أبلغني ليون بأن الزيارة تمت الموافقة عليها، وبما أنه كان توقيت إجازة عيد الأضحی وأغلب الأعضاء غير حاضرين، فكان أقرب عضو للمكان هو د. سعد المريمي النائب عن طرابلس، الذي أبلغته بالزيارة والتقينا بالسادة الأعضاء الذين لبوا الدعوة، وأعتبر أن الزيارة كانت ناجحة.

 

س- ما هي الأهداف الأساسية التي انطلقت لتحققها الجولة الأولى من الحوار الوطني الذي ترعاه الأمم المتحدة المسماة بـ “حوار غدامس”، والتي جمعت أعضاء البرلمان المقاطعين وغير المقاطعين لجلسات طبرق؟

ج- الهدف الأساسي من الحوار هو الوصول إلی أن يكون هناك برلمان واحد يجمع أكبر عدد من الأعضاء وينهي حالة الانقسام الحاصل، نحاول أن نلم الشمل.

النصاب القانوني لانعقاد الجلسات هو 96 عضواً فقط، وجلساتنا يحضرها أكثر من ذلك بكثير، وأقل جلسة كانت بحضور 115 عضواً، لكنني لا أريد القول بأننا وصلنا للنصاب ولا تهمنا باقي الأصوات المقاطعة لأن ذلك الموقف لا يبني وطناً.

نحن نهتم بالأقلية المقاطعة ونحرص علی أن يكون أكبر عدد من الأعضاء موجودين في البرلمان، وأنا أكرر دائماً مقولة واحدة وهي أن البرلمان هو خيمة كل الليبيين والقبة التي تحتضن الأسرة الليبية، وأن يدي ممدودة دائماً للحوار والتصافح والتسامح.

أما بالنسبة للمسائل الأخری فنحن نعلم أن هناك مسائل يجب أن يشترك فيها الجميع، الثوار والمجموعات المسلحة وكل الأطراف الأخری، البرلمان ليس له القدرة علی إجبار الأطراف المتنازعة علی الحوار، نحن قوة مدنية سياسية وندعو إلی وقف إطلاق النار، أما الأخوة في مصراتة فلديهم الثقل السياسي والعسكري لإقناع باقي الأطراف بأهمية الحوار.

 

س- هل وضع الأعضاء المقاطعون للبرلمان شروطاً للانخراط في الحوار؟

ج- هناك بعض المقترحات والآراء ومنها مكان انعقاد البرلمان، كنت أتمنى أن يُترك هذا الأمر للمحكمة الدستورية، علماً بأن الاقتراح جاء من السيدة ديبرا جونز سفيرة أمريكا، التي اقترحت انعقاد جلسة التسليم والاستلام في مدينة ما ووافقنا مباشرة على ذلك، لأن الإعلان الدستوري يقول بأن مكان انعقاد البرلمان هو بنغازي ويجوز له أن يعقد في أية مدينة أخری.

تجنی البعض علی مدينة طبرق واعتبرها غير محايدة، وهذا تسييس لموقع البرلمان يجافي الواقع، وطبرق مثلها مثل أي مدينة أخری، ومع هذا نحن لسنا متمسكين بأن يكون مكان البرلمان في طبرق وهو ليس قضية جوهرية، أنا لم أُلاحظ أية ضغوط على البرلمان لا من شخص ولا حزب ولا جهة، وأؤكد أنني لا ولن أقبل ذلك مطلقاً.

هناك نقطة أخری وهي آلية اتخاذ القرارات في البرلمان، هناك من يدفع بأن القرارات يجب أن يتم اعتمادها بموافقة ثلثي عدد الأعضاء، وهذه ليست إشكالية بالنسبة إلي شخصياً، لأنه في المجتمعات المنقسمة كلما كان التصويت علی القرارت الكبری والمهمة بأكبر عدد من الأصوات قبولاً أو رفضاً يكون ذلك القرار موفقاً ومرضياً للجميع.

فمثلاً لا يمكن أن نقول إن قرارات من نوع إسقاط الحكومة أو اعتماد الميزانية أو إعلان الحرب يتم التصويت عليها بالنصف +1 هذا لا يجوز، ولا بد أن أذكر بأن عملية اتخاذ القرارات في البرلمان تخضع للتصويت برفع اليد أو التصويت السري، ومن هنا فإنه ليس بمقدور من يكون في منصة الرئاسة أن يوجه التصويت أو يعيقه.

 

س- لا يتفق كافة أعضاء البرلمان مع فكرة الحوار، بل إن أحد الأعضاء صرح بأن “السيد شعيب لا يمثل وجهة نظر الأعضاء في الحوار”…ما ردك؟

ج- هذه هي الديمقراطية.. لا يمكنني القول بأن كل أعضاء البرلمان موافقون علی الحوار، طبيعة الديمقراطية تتطلب أن يكون هناك اختلاف في وجهات النظر.

الحوار الوطني في رأيي خيار وطني لا بديل للشعب الليبي عنه، الحوار يعني إجراء تسوية، يعني الاستعداد لتقديم تنازلات من كل الأطراف لأن هناك هدف أكبر ينبغي الوصول إليه، وهو إنقاذ البلد من الانقسام والحرب الأهلية.

لن تبنى بلادنا إلا بالجلوس والحوار والتنازل المتبادل، وما يحزنني هو أن نتأخر في إدراك هذه الحقيقة، ونُعمق الجراح والخيبة في نفوس الجيل الجديد.

 

س- ما هو موقفك من عملية الكرامة واللواء خليفة حفتر؟ ولماذا لم يصدر قرار من البرلمان بهذا الخصوص؟

ج- قلت مراراً وتكراراً إننا  نتمنى على السيد حفتر أن يعتزل الحياة العامة ويشكل حزباً سياسياً أو أي عمل مدني إن شاء، ولمن معه أن ينخرطوا في رئاسة الأركان كجزء من الجيش الليبي، لأنه من غير المقبول وجود أي تنظيم أو مجموعة مسلحة خارج سيطرة مؤسسات وأجهزة الدولة.

أنا لا أقبل في الدولة الحديثة أي كيان خارج عن مؤسسات الدولة الشرعية كائناً من كان، ولا أری أي منقذ للبلد غير هذه السياسة.

هناك ظاهرة استشرت في البلد وهي قتل المئات من الليبين لأسباب مختلفة دون تحقيق ولا محاكمة، استرداد الحق بالذات أمر ترفضه الشريعة والقانون، وهو أمر مجرّم مهما كانت المبررات.

ما قام به السيد حفتر كان سيقوم به أي شخص آخر نتيجة غياب الدولة والجيش وفشل السلطات في إعلان الحرب علی الإرهاب. نحن نريد أن تتولی مؤسسات الدولة الشرعية مهمة مكافحة الإرهاب.

أنا أشبه ظهور السيد حفتر بظهور المجالس العسكرية بعد تحرير ليبيا، والتي كانت عفوية ولم تكن بقرار من الدولة، وهي محاولة لضبط الواقع والمساهمة في فرض الأمن وتوفير الخدمات الاجتماعية. كانت المجالس العسكرية مبادرة من الثوار والعسكريين الثوار لإنشاء ذلكال جسم، وتمكنوا بشكل أو بآخر من ضبط الأمن، هل يمكننا الآن أن نسمح لهذه المجالس العسكرية بالاستمرار؟ لقد آن الأوان لكي تنخرط تلك المجالس تحت مؤسسات الدولة.

 

س- هل كان قرار البرلمان صائباً برأيك في وصف ثوار فجر ليبيا بالإرهابيين؟

ج- كنت خارج البلاد عندما تم التصويت علی البيان، ولو كنت موجوداً لصوّت ضده مع احترامي للأغلبية التي صوتت معه، كما قلت سابقاً: القرارات لا تتحكم بها رئاسة المجلس.

لم يكن البيان موضوعياً وتنقصه الحكمة السياسية، مع تقديري للظروف التي صدر فيها، لأن المجموعات التي شملها الوصف ليست كتلة واحدة وليست حزباً سياسياً واحداً. أنا أعرف الكثير من الشباب الذين انخرطوا في العملية بروح وطنية للدفاع عن مدنهم وعن ثورة 17 فبراير.

هذا لا يعني أنه لا يوجد من لديه أجندة سياسية في هذه العملية العسكرية بطريقة أو بأخری، يجب أن لا نبرئ الذين لديهم أهداف سياسية وأيدولوجية من هذا الوصف. فجر ليبيا هو عبارة عن إفراز لوضع سياسي متردي فيه صراعات كثيرة وتشوهات كبيرة. أنا ضد الأحكام القطعية، الذين اعتدوا وكانت لهم أغراض سياسية هؤلاء مذنبون، أما الآخرون فهم ضحايا لهذه العملية.

 

س- هل يمكن مراجعة القرارات الصادرة من مجلس النواب؟

ج- ربما في المستقبل… هذا يتوقف علی مدی التطور الإيجابي للمجلس، أي شيء قابل للتعديل، لكن الصعوبة في أن يكون ذلك شرطاً مسبقاً للحوار.

 

س- ما الذي ينتظر البلد بنظرك في حال فشل الحوار؟

ج- البلد مفتوحة على كل الخيارات، بما فيها النفط مقابل الغذاء والتقسيم والحرب الأهلية التي ستطال الجميع، إلی الآن أبدت جميع دول العالم نيتها بالمساهمة في إنجاح الحوار، وأن لا تكون ليبيا ساحة لحرب أهلية.

نصحت السيد عبد الله الثني بأن تكون حكومته المصغرة شاملة لكل الأطراف بما فيها المعارضة، فالمجتمعات لا تبنی إلا بالتوافق، نحن مجتمع لدينا انقسامات، وفي الديمقراطية كلما تستوعب أكبر قدر من المختلفين كانت فرصة النجاح أكبر.

 

س- ما رأيك بحكومة “الإنقاذ الوطني” التي شكلها المؤتمر المنتهية ولايته في طرابلس؟

ج- المؤسف والمؤلم جداً أن هؤلاء الأشخاص لم يستيقظوا بعد، وهذه إحدی الأمور التي ستدفع بالبلد إلی الهاوية، هي حكومة خارجة عن القانون وعن الشرعية، ويجب علی مؤيديها إدراك أن العالم لا يعترف إلا بالبرلمان المنتخب فقط.

 

س- هل سيصدر مجلس الأمن أو محكمة الجنايات قريباً قائمة بخصوص الأشخاص الذين ستطالهم العقوبات الدولية؟

ج- لا أتوقع في الوقت القريب صدور أية قائمة من مجلس الأمن أو محكمة الجنايات بخصوص الأشخاص الذين ستطالهم العقوبات، كل الأطراف الدولية تتحدث عن الحل السياسي السلمي، ولكن العالم مليء بالاحتمالات والكرة في ملعبنا، نحن الليبيين من بأيدينا أن نمنع التدخل العسكري الدولي، ولكن لو ساءت الأمور ربما يكون هناك تدخل عسكري دولي.