خمسة أيام هي المدة التي استغرقتها محاولات أحلام وعائلتها للخروج من منزلهم الكائن في منطقة بوعطني جنوبي بنغازي، إلى أن تمكن أفراد العائلة من عبور خط النار بسيارتهم الخاصة فارّين من مناطق الاشتباكات.

تقول أحلام (26 عاماً) إن كافة أنواع الأسلحة والقذائف جرى استخدامها خلال الاشتباكات، لم تفرق بين منزل ومعسكر أو سيارات مارة في الشوارع، وذلك رغم وعود الهلال الأحمر الليبي بتوفير ممرات آمنه للمدنيين.

خمسة أيام هي المدة التي استغرقتها محاولات أحلام وعائلتها للخروج من منزلهم الكائن في منطقة بوعطني جنوبي بنغازي، إلى أن تمكن أفراد العائلة من عبور خط النار بسيارتهم الخاصة فارّين من مناطق الاشتباكات.

تقول أحلام (26 عاماً) إن كافة أنواع الأسلحة والقذائف جرى استخدامها خلال الاشتباكات، لم تفرق بين منزل ومعسكر أو سيارات مارة في الشوارع، وذلك رغم وعود الهلال الأحمر الليبي بتوفير ممرات آمنه للمدنيين.

ويقع في منطقة بوعطني معسكر قوات الصاعقة التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، أحد المقار التي هاجمها وسيطر عليها ليسويها بالأرض لاحقاً مجلس شورى ثوار بنغازي المشكل من ميليشيات إسلامية.

وشهدت بوعطني أعنف الاشتباكات نهاية يوليو/ تموز الماضي، وما زالت المعارك مستمرة حتى الآن، ومعها نزوح مئات العائلات، إذ لم يبقَ سوى عشر عائلات في منطقة بوعطني رفضت الخروج من أصل حوالي مئة عائلة.

بحاجة للتعقيم

فرق الهلال الأحمر عملت على انتشال الجثث الموجودة بالمنطقة التي بدت وكأنها مدينة ِاشباح. وبحسب مسؤول في فريق الإصحاح البيئي بالهلال الأحمر الليبي في بنغازي، فإن الشوارع والأبنية بحاجة  لرش بالمبيدات وتعقيم ومكافحة للقوارض والكلاب، بالإضافة إلى التخلص من أجزاء السيارات المحترقة جراء الاشتباكات.

وأوضح مدير الهلال الأحمر الليبي فرع بنغازي الذي يضم 200 متطوعاً يعملون دون مقابل، أن فريق انتشال الجثث انتشل 102 جثة من مناطق الاشتباكات، إضافة إلى 17 جثة من مناطق متفرقة في بنغازي ليكون إجمالي الجثث المنتشلة 119 جثة منذ بدء الاشتباكات نهاية تموز/يوليو الماضي.

رصاص عشوائي

محاولات تعقيم المنطقة التي نفذها فريق الهلال الأحمر مع فرق أخرى لم تكن بتلك السهولة. فقد أكد مدير إدارة الوقاية بشركة الخدمات العامة في بنغازي أسعد الماقني لـ “مراسلون” أن فريق الإصحاح البيئي التابع للشركة دخل منطقة بوعطني بغرض مكافحة الكلاب والجرذان والقضاء على الميكروبات الناتجة من  تحلل الجثث، إلا أن موظفي الشركة فوجئوا برماية رصاص عشوائي في المنطقة مما دعاهم للانسحاب.

وأضاف أن موظفي الإصحاح البيئي لم يستطيعوا الدخول إلى المنطقة لاستكمال تعقيمها لأن المعارك لازالت دائرة بمحيطها، مضيفاً أن “المحاولات جارية للوصول إلى تفاهم مع الأطراف  المتنازعة للسماح لنا بالدخول ولو لساعات معينة لرش الذباب والبعوض خوفاً من نقل الجراثيم”.

وبحسب الماقني هناك مخاوف من انتشار الأمراض والأوبئة في حال بقي الوضع على ما هو عليه في بوعطني وإن كانت الأمور لم تتفاقم إلى هذا الحد حتى الآن، نافياً صحة الأنباء المتداولة عن انتشار أمراض خطيرة “لأن جميع الجثث تم انتشالها”.

مفقودون ونازحون

الجثث التي انتشلت من المكان وأرسلت إلى المستشفيات كانت سببا لتوافد المئات من ذوي المفقودين وأقربائهم، فإما يعثرون على قريبهم جثة هامدة في ثلاجة حفظ الموتى، أو يكون الانتظار حليفهم مشحوناً بأمل عودته حياً.

كثيرون بدورهم لن يتعرفوا على أماكن ذويهم دون مساعدة، فالعائلات النازحة تركت منازلها منذ بداية الاشتباكات، وآخرون علقوا حتى قدم لهم الهلال الأحمر مساعدات للخروج وسط تبادل إطلاق النار.

ويؤكد مدير الهلال الأحمر الليبي فرع بنغازي قيس الفاخري أنه تم إخلاء بوعطني بالكامل باستثناء 10 عائلات تمسكت بالبقاء في منازلها. وأضاف أن الهلال الأحمر يقدم معونات لـ76 عائلة نزحت جميعها من بوعطني موزعة على ست مدارس بالمدينة، بالإضافة إلى مساعدة 469 شخص أجنبي عادوا إلى دولهم.

مساع للمساعدة

من جهتها شكلت رئاسة الوزراء لجنة أزمة لتكون أحد مهامها متابعة العائلات النازحة من مدينة بنغازي وإليها.

وأوضح المتحدث باسم المجلس البلدي بنغازي معاذ الشبلي أن المجلس البلدي يقوم بعدة زيارات ميدانية للمدارس الموجودة بها عائلات للوقوف على متطلباتهم واحتياجاتهم، مشيرا إلى  أنهم بانتظار التقارير النهائية لإحصائيات عدد العائلات بكل مدرسة ونسبة تضررهم واحتياجاتهم.

وأضاف الشبلي أن المجلس شكل سابقا لجنة لحصر العائلات النازحة من مناطق بنغازي سواء العائلات الموجودة داخل بنغازي أو غادرت المدينة للسكن عند أقربائهم في مدن أخرى، لافتا إلى أنهم قيد التسجيل والحصر حتى الآن.

وتقول أحلام أن عائلتها سجلت لدى اللجنة المشكلة لحصر النازحين، إلا أنهم يسكنون بالإيجار ولم تقدم لهم اللجنة أي معونات، أو حتى قيمة الإيجار التي تضيق عليهم معيشتهم، فضلاً عما هم فيه من ضيق بسبب ترك منزلهم وأغراضهم الخاصة، ككتب الدراسة وغيرها من الأمور.

أحلام وعائلتها ليسوا وحدهم ممن عاشوا ذلك الوضع، فهناك العديد من العائلات لم تجد من يقدم لها يد العون رغم وجود المتطوعين من الهلال الأحمر وغيرهم من مؤسسات المجتمع المدني.

وحال بوعطني هذه تنسحب على مناطق عدة في بنغازي وإن كانت تتفاوت في حدتها من مكان لآخر.

فمنذ منتصف تموز/يوليو الماضي وأهالي المدينة بين قتيل وجريح ومفقود ونازح ترك منزله هرباً من الموت، وآخرون يترقبون ماذا ستسفر عنه الاشتباكات التي لازالت دائرة في أطراف المدينة ولم تبقِ وراءها سوى الدمار والخراب، ومعارك أهلكت النسل والحرث، وأسفرت عن نزوح أكثر من 700 عائلة داخل وخارج بنغازي بحسب إحصائيات غير رسمية قدرها سكان تلك المناطق.