فقرات إعلانية حثّت الناس على التسجيل للانتخابات تخللت المسلسلات والبرامج الرمضانية على امتداد الشهر الماضي. ورسومات ولوحات طرقية تغطي معظم جدران المدن والساحات في العاصمة والجهات.

الشاحنات ذات الشاشات الإعلانية الضخمة غزت شوارع العاصمة لملاحقة من هجر التلفاز باتجاه المقاهي. والموظفون جابوا الطرقات محاولين إقناع الناس بضرورة تسجيل أسمائهم في القوائم، وبأن العملية بسيطة ولن تكلفهم وقتاً كثيراً.

فقرات إعلانية حثّت الناس على التسجيل للانتخابات تخللت المسلسلات والبرامج الرمضانية على امتداد الشهر الماضي. ورسومات ولوحات طرقية تغطي معظم جدران المدن والساحات في العاصمة والجهات.

الشاحنات ذات الشاشات الإعلانية الضخمة غزت شوارع العاصمة لملاحقة من هجر التلفاز باتجاه المقاهي. والموظفون جابوا الطرقات محاولين إقناع الناس بضرورة تسجيل أسمائهم في القوائم، وبأن العملية بسيطة ولن تكلفهم وقتاً كثيراً.

كل هذا لم يجد نفعاً في تفادي التأخير بعملية إغلاق القوائم. فالهيئة التي كانت قد مددت فترة التسجيل لغاية 22 تموز/ يوليو الماضي عادت لتمددها مرة أخرى فترة إضافية حتى 26 آب/ أغسطس الجاري، والسبب هو الإقبال الضعيف.

مساندة من المجتمع المدني

الحملة التوعوية التي شهدها الشهر الماضي كانت الأكبر على الإطلاق في تونس بحسب شهادات مختصين في الاتصالات، لكنها لم تنجح سوى في استقطاب أقل من ثمانمئة ألف مسجل من أصل ثلاثة ملايين (ربع السكان) استهدفتهم.

ووفقا لآخر المعطيات أصبح العدد الإجمالي للمسجلين حوالي خمسة ملايين من ضمن سبعة مواطن يحق له الانتخاب. وهو رقم لم يأت من جهود الحكومة وحدها، بل شاركتها مكونات المجتمع المدني في نشر المعلقات وومضات الفيديو، وذهبت حتى لطرق أبواب البيوت في المناطق التي تنشط فيها.

كما دخلت وسائل الإعلام الخاصّة والعمومية على الخط، إلى أن تحولت بعض الفقرات الإعلانية إلى مادة للسخرية والتندر على صفحات التواصل الاجتماعي، سواء لضعف مستواها الفني، أو لأن صانعيها بدوا عاجزين عن إقناع الفئات المستهدفة بأهمية المشاركة في هذا الحدث.

باب العزوف

نبيل بافون عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أرجع ضعف الإقبال إلى تردد المواطن التونسي وعدم حماسته للمشاركة في الانتخابات القادمة وقال إن “ضعف الإقبال شمل على حد سواء شريحة كبار السن والشباب، وبالخصوص ذوي المستوى التعليمي المتدني”.

في حين حمّل عدد من السياسيين الهيئة المسؤولية، وأرجع العزوف عن التسجيل إلى تهاونها في التوعية بأهمية التسجيل قبل فتح الآجال. كما اعتبر أن توقيت فتح باب التسجيل (التوقيت الإداري) وحرارة الطقس والصيام عوامل تمنع الناخبين من القدوم، الأمر الذي جعل الهيئة توفر فرقاً تتجول في المقاهي والمطاعم بعد الإفطار.

من جهة أخرى اعتبر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (الحزب الاسلامي الفائز بالانتخابات الماضية) أن السبب في التخاذل والعزوف عن ممارسة الحق الانتخابي هو الإعلام التونسي الذي “شيطن السياسيين”.

وقام موقع “مراسلون” باستفتاء عدد من الشباب التونسي الرافض للتسجيل. وقال عدد منهم إن سبب عزوفه يتمثل أساسا في فقدان الثقة في السياسيين واعتبار العملية الانتخابية في مجملها “تجارة بالناخبين في سبيل الوصول إلى الحكم” خصوصا مع تواصل غلاء الاسعار وتراجع فرص العمل وتنامي ظاهرة الإرهاب.

دعوات للمقاطعة وأخرى للتأجيل

في الوقت الذي تدعو فيه كافة مكونات المجتمع المدني والسياسي للتسجيل في الانتخابات، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملة اتخذت عنوان “لن أنتخب”، دعت إلى مقاطعة الانتخابات “بسبب الفشل الذريع الذي عرفه السياسيون وانتشار الفقر وازدياد الارتهان للغرب”.

وأفرزت الحملة ردود فعل مختلفة بين مستجيب لها ومندد بها، في حين دعا شقّ ثالث إلى التسجيل والتصويت لكن بوضع الورقة البيضاء.

ووفقا لحسابات الهيئة نأى حوالي مليوني مواطن تونسي بأنفسهم عن المشاركة، وهو ما دفع قوى سياسية من بينها حركة الشعب (ذات توجه قومي) إلى المطالبة بالمزيد من التمديد دون تأجيل الانتخابات.

في المقابل طالب حزب نداء تونس (وسط) والجبهة الشعبية (إئتلاف الأحزاب اليسارية) بالتمديد وتأجيل الانتخابات إن لزم الأمر إلى حين تنظيمها بشكل أفضل. فيما شددت أحزاب أخرى على إنجاز الانتخابات في تاريخها واحترام الرزنامة التي أعدتها الهيئة وعدم مخالفة الدستور.

واعتبر أحمد نجيب الشابي، رئيس الحزب الجمهوري (ليبرالي) “إن التفكير في تمديد مدة التسجيل بالنسبة للناخبين لا يتوافق مع أحكام الدستور ويضرّ بالمصلحة العامة”. كما استنكر حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (يمين وسط) وحركة النهضة (يمين) المواقف المنادية بتأجيل الانتخابات وشدد على ضرورة احترام قرارات الهيئة.

وكان المجلس الوطني التأسيسي التونسي قد صادق بشكل رسمي على أن يكون يوم 26 أتشرين أول/ أكتوبر القادم موعداً رسمياً ونهائياً لإجراء الانتخابات البرلمانية، على أن تجري الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية في 23 تشرين الثاني/نوفمبر، ما يعني بحسب مراقبين أن أي تمديد إضافي في عملية تسجيل الناخبين بات بحكم غير الممكن من دون تأجيل موعد الانتخابات نفسه.