كان فوز الزمالك بكأس مصر لعام 2014 الأسبوع الماضي، هو السبب الأكبر في إستغراقي بالنوم لأكثر من ثماني ساعات في نهاية اليوم ياعواطف.

كان فوز الزمالك بكأس مصر لعام 2014 الأسبوع الماضي، هو السبب الأكبر في إستغراقي بالنوم لأكثر من ثماني ساعات في نهاية اليوم ياعواطف.

شئ مريح، فقد غابت عني تلك الساعات منذ فترة طويلة. اختلف عدد ساعات نومي منذ بداية الثورة. كان متوسط عدد ساعات نومي في بدايتها خمس ساعات كماهو قبلها أيضاً. لا أستطيع أن أفصل حالتي النفسية عن عدد ساعات نومي. استمرت الساعات مستقرة في النصف الأول من 2011. كنت أستيقظ بهدوء واستغرق وقتا قصيرا في الإفاقة. إستيقظ لأتابع ماذا يحدث اليوم في الثورة، ماذا قال المجلس العسكري وماذا طالب الثوار وماذا تحقق من مطالب يوم الخميس. كانت أيام لطيفة، كان الثوار يستعدون للنزول للمطالبة بشئ ما يوم الجمعة، فيتحقق يوم الخميس قبل النزول. كان للثورة وطأة حينها، وكان الإخوان يبحثون في طريقٍ وحدهم، وكنا نظن بطبيعية الأمور يا عواطف.

بعد معركة محمد محمود تقلص عدد ساعات نومي كثيرا. صار التركيز أقل. كانت الإفاقة صعبة ومرهقة. كنت احتاج وقتا طويلا لأتمكن من النهوض من سريري. كان الصباح غير مفيد، وغير موجود. لا أفعل أى شئ بالصباح. وصل عدد ساعات نومي حينها إلي ثلاث ساعات. غاب النوم طويلاً.

وبالمرور لمعركة مجلس الوزراء كانت الضربة القوية لساعات نومي. كانت معركة غريبة. سقط منا العديد فيها بعد إنسحاب الجماهير من الميادين بنهاية محمد محمود. كان لنهاية “محمد محمود” مرار رغم كل المجد الذي صنع فيه، الأمر الذي جعل هزيمة مجلس الوزراء إذعانا بقصر النفس وضعف الحيلة. لم يتغير متوسط عدد ساعات النوم كثيراً بعد مجزرة بورسعيد. كانت المجزرة أكبر من أن تستوعب حينها على الجميع. ظلت الإفاقة مرهقة. كانت مباشرة اليوم أكثر إرهاقاً وهو ما تغير حينها. كانت إشارة النهاية بعد مذبحة ماسبيرو ومحمد محمود، كان الأمر مفجعا أن نتلقى الصدمات الكارثية المتتالية دون رد فعل قوي من جمهور الثورة في الشوارع يا عواطف.

توقفت المعارك فترة طويلة، فغاب الأمل طويلاً، وإستمر الإرهاق أكثر. أذكر أنني ذهبت للعديد من الأطباء النفسيين لحل مشكلة قلة ساعات نومي حينها، لم يفلح أى منهم في التعامل مع أى شئ. كانت 2012 أكثر الأعوام قبحا وسوءا. إنني أكرهها يا عواطف، تلك السنة الكبيسة، التي احتفلت أنا وصديقي حسام هلالي برحيلها ليلة رأس السنة وليس بقدوم العام الجديد.

الأربع سنوات الأخيرة صعبة ومرهقة للغاية، لكن تلك السنة تعرضنا فيها لما لم نتعرض له قبل ذلك، من ردود فعل الصدمات التي تلقيناها. رأيت الخلل يشوب العديد من التصرفات، سواء لي أو لمن أعرفهم. كان عدد من ذهب منا للأطباء النفسيين حينها قليل جدا، وهو ما زاد الأمر سوءا. أذكر أن أحد الأطباء النفسيين المصريين، كان أحد العائدين بعد تنحي مبارك للقاهرة، كتب مقال ينصح فيه الثوار حينها، بضرورة الذهاب للأطباء النفسيين حتى لا تتراكم الأمور في ذاكرتنا دون أن ندرك خطورة الأمر. حذرنا في مقاله، من ضرر الدخول في معارك جديدة مع السلطة تؤدي لقائمة جديدة من الضحايا والجرحى، دون المرور للمعالجة النفسية لما رأينا. استقبل السواد الأعظم ممن وصل إليهم المقال، باهتمام، باهتمام فقط، دون أن يذهب عدد كبير منهم حينها. وفي عام 2012، بدأ الكثيرون منا في التفكير في حتمية الذهاب لمعالجة ما اتلفته الأيام السعيدة. لم يتأثر متوسط ساعات نومي بذهابي للأطباء، كانت هناك تجارب ناجحة لبعض الأصدقاء، وإستعادوا عدد ساعات نومهم الطبيعي، قبل المرور لعام 2013.

زادت ساعات نومي قليلاً في بداية 2013، خاصة بعد الحكم على المتهمين بقتل جماهير الأهلي في مذبحة بورسعيد من الجناة ومن الداخلية المشتركة في المجزرة. كان ذلك بعد تحقق شئ بسيط من أوجه العدل. كان عهد مرسي رغم كل المحاولات الفاشية لطمس هوية الثورة، أفضل كثيراً على المستوى المعنوى من عهد السيسي، وكنا جميعاً نثق بقدرتنا على إسقاط مرسي والإخوان. كنا نعلم أن لا أمل للإخوان في تلك البلد في تلك الفترة. لم يغفر شباب الثورة للإخوان حينها خيانتهم لهم في معركة محمد محمود في عهد المجلس العسكري. رغم كل ذلك كانت فترة الإخوان تستنفر في الجميع حماسة الثورة مع كل خطأ تقترفه السلطة التي سلمت نفسها للداخلية والجيش الذي تلاعب بها. لذلك كانت ساعات النوم مستقرة بعض الشئ، فكان الصدام وشيكا ونتوقع حدوثه في أى وقت، كما حدث في ذكرى محمد محمود التي تم إحياؤها في موعدها، قبل أن تحدث معركة الإتحادية، التي كانت القشة التي قصمت ظهر الإخوان تماماً بالنسبة للشعب والثوار من ناحية الإخوان.

كانت لمظاهر بلطجة الإخوان وحماية السلطة برجال التنظيم وحملهم السلاح في وجوه الثوار آنذاك أثرا كبيرا في النفوس، فبعدما كرّم مرسي طنطاوي وبعدما نافق الداخلية وإسرائيل، أتى التنظيم بأبنائه للدفاع عن رئيسهم ضد المعارضين. كان مرسي والإخوان رغم كل جرائمهم يخشون رد الفعل الدولي، وكنا نملك الشوارع، فاستقرت ساعات نومي. الأمور السيئة الغادرة كانت أفضل كثيرا من الآن يا عواطف.