في الجزء الثاني من حواره مع “مراسلون” يبدي رئيس المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان في ليبيا عصام الماوي عدم رضاه عن أوضاع السجون الليبية ويؤكدعلى افتقارها للمعايير الدولية. كما يقول إن قصورا يحصل في مراحل الاستدلال والتحقيق في عمليات الاغتيال ببنغازي نتيجة للظرف الأمني.

وفيما يلي نص الحوار:

في الجزء الثاني من حواره مع “مراسلون” يبدي رئيس المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان في ليبيا عصام الماوي عدم رضاه عن أوضاع السجون الليبية ويؤكدعلى افتقارها للمعايير الدولية. كما يقول إن قصورا يحصل في مراحل الاستدلال والتحقيق في عمليات الاغتيال ببنغازي نتيجة للظرف الأمني.

وفيما يلي نص الحوار:

مراسلون: لاحظ المجلس في أحد تقاريره عزوفاً للناخبين عن انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور ما قد يعيق عملية الانتقال الديمقراطي. ما هو سبب هذا العزوف وهل ينطبق ذلك على الانتخابات البرلمانية؟

الماوي: لقد تكرر هذا العزوف في الانتخابات البرلمانية. ربما يكون السبب الرئيسي والمباشر هو حالة الإحباط العامة التي يشعر بها المواطن من عدم تحسن الأوضاع العامة السياسية والاقتصادية والأمنية. لقد خلق ذلك حالة إحباط لدى المواطن الليبي ترجمها بالعزوف عن الذهاب لصناديق الاقتراع.

هذه الحالة بالطبع ليست صحية فالعامل الرئيسي لمساعدتنا في تجاوز هذه المرحلة هو المشاركة الشعبية القوية والفاعلة من خلال صناديق الاقتراع لاختيار القيادات السياسية والانتقال من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة دائمة.

هل قدمتم إلى هيئة صياغة الدستور مقترحات حول حقوق الإنسان لأخذها في الاعتبار عند كتابة الدستور؟

كان لي لقاء عابر وقصير وغير معد مسبقاً مع رئيس الهيئة التأسيسية السيد علي الترهوني واتفقنا على لقاء آخر موسع بحيث يقدم المجلس للهيئة مقترحات لها علاقة بالفصل الخاص بالحريات العامة و حقوق الإنسان.

هل يقوم المجلس بزيارات للسجون الخاضعة لوزارة العدل؟

نعم. وللإنصاف تبذل وزارة العدل جهودا كبيرة في إرجاع هذه السجون إلى سلطة الدولة. ولكن في الحقيقة هذه الجهود تسير بصورة بطيئة والأوضاع داخل السجون الليبية ليست جيدة، بمعنى أن المؤسسة الإصلاحية وأوضاع السجناء تفتقد للمعايير الدولية المعروفة في هذا الشأن. فالرعاية الصحية مهزوزة، ومراعاة معايير أخرى كالفصل ما بين السجناء لا توجد، وأوضاع السجناء متردية من الناحية الحقوقية وهناك الكثير من السجناء الآن في ليبيا لم يقدموا للعدالة وقضوا فترات اعتقال طويلة دون تقديمهم للمحاكمة أو للنيابة للتحقيق.

صراحة عندما يسجن شخص ثلاث سنوات دون توجيه اتهام فإن ذلك يشكل انتهاك واضح لحقوق الإنسان، وبالرغم من الدور الذي تقوم به الحكومة من خلال وزارة العدل إلا أن الأوضاع لم تتحسن بعد بالشكل المرضي.

ألا تحتاج إدارة السجون إلى تأهيل؟

نعم فالقائمين على السجون وإدارة السجون وأطقمها تحتاج إلى تأهيل وتوعية فيما يتعلق بالمسائل الحقوقية من حيث احترام حقوق السجين ومراعاتها. هذه مسألة تحتاج إلى وقت وجهد تبذله مؤسسات وطنية معنية بذلك وبمساعدة فنية دولية واعتقد أن وزارة العدل لها اتفاقيات في هذا الشأن. والمجلس الوطني للحريات العام وحقوق الإنسان يسعى مع شركائه الدوليين لخلق برنامج موسع وكبير جدا لتدريب القائمين على السجون.

ما هي جهودكم المبذولة لكشف حالات الاختفاء القسري؟

نتيجة للظرف الأمني في البلد وغياب سلطة الدولة لم نتمكن من الكشف عن مصير الكثير من المختفين إلا أن هذه الحالات تحت المتابعة.

هل أنتم راضون عن أداء الحكومة تجاه ملف المهجرين والنازحين في الداخل والخارج وخاصة لاجئي تاورغاء؟

المجلس غير راضٍ عن كثير مما يتعلق بأداء الحكومة خاصة فيما يتعلق بملف اللاجئين فبرغم الأموال الطائلة لا توجد نتائج. هناك قصور واضح وعلى الدولة الليبية احترام التزاماتها المتعلقة برعاية مواطنيها في الداخل والخارج. هذا ملف حساس جدا ويسيء إلى وجه ليبيا ما بعد الثورة وينبغي النظر فيه من ناحية حقوقية بشكل عميق ويجب إنهاء هذه المأساة بأسرع وقت ممكن.

أصدرتم بيانين حول مقتل الناشطة الحقوقية سلوى بوقعيقيص. ما التفاصيل المتوفرة لديكم حول الجريمة التي كدرت الشارع الليبي؟

قضية مقتل المناضلة والرفيقة سلوى بوقعيقيص هي لحظة حزن دائمة. فالجريمة بشعة في كل تفاصيلها. واعتقد أن من اغتال الشهيدة سلوى بوقعيقيص اغتال أشياء أخرى. أغتال صورة المرأة القوية الناضجة القادرة على المشاركة في الشأن العام وتحمل أعبائه. القضية يلفها الكثير من الغموض ومسألة اغتيال الشاهد الوحيد زادت القضية غموضاً وارتباكاً ، حيثُ تشير المعلومات الأولية إلى أنهُ توفي تحت التعذيب أثناء تواجده بمركز الشرطة.

المجلس يتابع القضية بشكل دائم ومستمر وقد خاطبنا النائب العام بضرورة فتح تحقيق في الواقعة. فلابد للعدالة أن تتحقق من أجل كل ضحايا جرائم الاغتيالات، وأنا على يقين من انهُ مهم طال الوقت سوف يأتي اليوم الذي يماط اللثام عن حقيقة كل تلك الجرائم.

ماذا عن قضية الشهيد عبد السلام المسماري التي اشتكى مدير قسم التحقيقات بمكتب النائب العام الصديق الصور من أن محضرها يتكون من صفحتين فقط بهما بلاغ بالهاتف عن مقتل وإجراء عرض على الطب الشرعي وتصريح دفن؟

لا يوجد تفاصيل حولها لدى المجلس بحكم أن الواقعة محل تحقيق لدى النيابة العامة لكن ما نعرفه هو وجود بعض القصور في عمليات الاستدلال والتحقيق في بنغازي نتيجة للظرف الأمني وهذه المسألة يجب أن تجد لها الحكومة حلاً. فلا يمكن القبول بهذا الصمت المريع من طرف الحكومة.

الآن هناك المئات من حالات الاغتيال لم تفتح فيها تحقيقات بالشكل المرضي من الناحية القانونية الذي قد يقود للكشف عن الفاعل. وهنا أنبه لمسألة مهمة جداً وهي أن المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان طالب أكثر من مرة وزير الداخلية الأسبق الصديق عبد الكريم بتنفيذ تعهداته التي قدمها في شهر آب/أغسطس الماضي عندما تحدث عن أن وزارة الداخلية تعرف الجناة وسوف تعمل على تقديمهم إلى العدالة.

نحن نطالب وزارة الداخلية رسمياً بكشف هذه التفاصيل للرأي العام وتعريفه بما يحدث تحديدا في بنغازي وهذا لا يمس سرية التحقيق فقد مضى على تلك الجرائم وقت طويل.