بدأت معاناة محمود بوناب، 60 عاماً، عندما أنهت مؤسسة “قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع”، وهي المالك السابق لقناتين تلفزيونيتين للأطفال هما “الجزيرة أطفال” و”براعم”، خدماته كمدير تنفيذي للقناتين، في أيلول/ سبتمبر2011، وفصلت معه كامل الطاقم الإداري وعددا كبيرا من الموظفين العرب، بينما بيعت القناتان إلى قناة “الجزيرة الإخبارية”.

بدأت معاناة محمود بوناب، 60 عاماً، عندما أنهت مؤسسة “قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع”، وهي المالك السابق لقناتين تلفزيونيتين للأطفال هما “الجزيرة أطفال” و”براعم”، خدماته كمدير تنفيذي للقناتين، في أيلول/ سبتمبر2011، وفصلت معه كامل الطاقم الإداري وعددا كبيرا من الموظفين العرب، بينما بيعت القناتان إلى قناة “الجزيرة الإخبارية”.

لم يقف الأمر عند هذا الحدّ، فمنذ 27 سبتمبر/أيلول2011 مُنع بوناب من مغادرة قطر بعد سحب السلطات القطرية جواز سفره وبطاقة الائتمان العلاجية ووجهت له النيابة العامة القطرية تهمة إهدار المال العام.  بعدها تواصل عقاب الصحفي التّونسي وأصبح علنيّاً فخصمه في المحكمة هي الشّيخة موزا بنت ناصر المسند، زوجة أمير دولة قطر السابق ووالدة الأمير الحالي.

تتجاوز القانون

في البداية اعتقد الإعلامي التّونسي أنّها مجرّد قضيّة بين مشغّل وموظّف ولن تتجاوز هذا الإطار. ولكن بعد تأكيد هيئة المحاسبة القطرية التّدقيق المالي أنّه بريء والتجاء الشيخة موزا المكتب محاسبة سويسري استنتج كذلك أنه لا وجود لتلاعب مالي ولم يُفرج عنه فهم ان الأمر يتجاوز القانون أو حتّى وعود الأمير القطري بالتّدخّل شخصيّا في القضيّة.

استنتاجات بوناب كانت في محلّها بل أصبحت يقينا بعد رفض السلطات القطريّة الإجابة بالسلب أو بالإيجاب على طلب الحصول على تأشيرة تقدّمت بطلبها لجنة مساندة محمود بوناب والمتكوّنة من رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، عبد الستار بن موسى، ونقيب الصحفيين التونسيين، ناجي البغوري، والحقوقيّة سعيدة قراش، لحضور جلسة المحاكمة في 26 حزيران/يونيو والتي انتظروا خلالها الحكم بعدم سماع الدّعوى لصالح بوناب.

لأجل غير مسمّى

ولكن القاضي القطري أعلن خلال تلك الجلسة عن تأجيل النّطق بالحكم لأجل غير مسمّى وبصفة أدقّ إلى حدود إنهاء التّدقيق في 3000 ساعة من الإنتاج السّمعي البصري أي طيلة الفترة التي عمل بها بوناب بالمؤسّسة من 2004 إلى 2011 من طرف هيئة عُهد إليها بالموضوع.

تقول عضو لجنة مساندة محمود بوناب الحقوقيّة سعيدة قرّاش لـ”مراسلون” إن “دولة قطر تواصل احتجاز مواطن تونسي بصفة تعسفية ومخالفة لحقوق الإنسان وقد قرّرنا التحرّك أكثر خاصّة أنّ  كل وعود أمير قطر بالتّدخّل شخصيّا كانت مجرّد كلام لا غير”.

القضيّة “ملفّقة”

واعتبرت الحقوقيّة التّونسيّة أن القضيّة منذ البداية كانت “ملفّقة” خاصّة بعد الإطّلاع على قائمة الاتهامات التي قدّمتها المشغّلة، وهي الشّيخة موزا بن ناصر المسند، صاحبة المؤسّسة المالكة للجزيرة أطفال وبراعم سابقا، ضدّ محمود بوناب باعتباره المدير التّنفيذي للقناتين.

وترى قراش أن القضيّة “سياسيّة بامتياز” وأن القضاء القطري يحاول بشتى الطّرق إبقاء وضع محمود بوناب على ما هو عليه وأصبح القاضي طرفا في القضيّة، “والسّبب تدخّل العائلة المالكة في قطر وصراع بين الامراء القطريّين يدفع بوناب ثمنه بسلب حريّته وحقّه في التنقّل”.

يُذكر أن بوناب قال عقب مثوله أمام القضاء في جلسة محاكمة في شباط/فبراير الماضي من الدوحة عبر سكايب “القضية برمتها مكيدة مدبرة للتخلص من شخصي ومجموعة كانت بجانبي تتألف من 11 شخصا كما تخلصوا من أكثر من 130 موظفا بطريقة تعسفية”.

سنتحرّك أكثر

تتابع عضو لجنة مساندة الإعلامي التّونسي حديثها لـ”مراسلون” وتقول “الآن لم يعد لدينا خيار سوى التحرّك أكثر للضغط على قطر وقد اتصلنا بجمعيات ومنظّمات حقوقيّة مغاربيّة ودوليّة للتّعريف بقضيّة بوناب”.

وتواصل “منذ أيّام إلتقى نقيب الصّحفيّين التونسيين (ناجي البغوري) برئيس الجمهوريّة المؤقت (منصف المرزوقي) وتحدّثا بالخصوص وقد وعد الرّئيس بالتدخّل وتمّت مراسلة سفارة قطر بتونس من طرف وزارة الخارجيّة ولن ندّخر أي جهد ليرى بوناب بلده وأسرته في أقرب وقت”.

يجب أن تتحمّل الحكومة مسؤوليّتها

وطالبت لجنة مساندة محمود بوناب الحكومة التّونسيّة بتحمّل مسؤوليّتها تجاه هذه القضيّة وشبّهت منعه من السّفر بذلك الذي تعرّض له موظّفو سفارة تونس في ليبيا “مع فرق يتمثّل في أن الجهة المحتجزة لمحمود بوناب معلومة وهي دولة قطر ومكانه أيضاً معلوم”.

وأكّد النّاطق الرّسمي لرئاسة الجمهوريّة عدنان منصر في وقت سابق أنّ أمير قطر وعد الرّئيس المرزوقي بإيجاد حلّ في أقرب وقت لهذه القضيّة، لكن هذا لم يحصل، كما لم يصدُر أي تعليق على الموضوع من السّلطات القطريّة أو من سفارتها في تونس.

وكان محامي محمود بوناب سلطان مبارك العبد الله تقدم يوم 20 حزيران/يونيو الماضي بطلب لرفع منع السفر عن بوناب وأكّد أن موكّله محروم من الرعاية الصحية الملائمة التي تقتضيها حالته ومن زيارة والدته المسنة وأسرته كما أنه غير قادر على الوفاء بالتزاماته سيما ما يتعلق بدراسة ابنه.

يذكر أنه تم منع الصحفي بوناب من السفر على بأمر من القضاء القطري منذ شهر أيلول/سبتمبر 2011 بعد أن وجّهت له تهمة إهدار المال العام رفقة عدد من المديرين من بينهم زوجته (مغربية الجنسية).