نجيب الشابي، المحامي وعضو المجلس التأسيسي، مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي (سنة 2001) الذي تغيّر اسمه بعد الثورة ليصبح الحزب الجمهوري، مازال يؤمن بحظوظه في أن يكون رئيس تونس القادم.
عن طريقة خوضه لمعركته الانتخابية والتحالفات التي يعقدها حزبه تمهيداً للانتخابات تحدث الشابي لـ”مراسلون” في الحوار التالي:
مراسلون: هل تعتبر أن الانتخابات الرّئاسية القادمة آخر فرصة لك لتتويج مسيرتك السياسية؟
نجيب الشابي، المحامي وعضو المجلس التأسيسي، مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي (سنة 2001) الذي تغيّر اسمه بعد الثورة ليصبح الحزب الجمهوري، مازال يؤمن بحظوظه في أن يكون رئيس تونس القادم.
عن طريقة خوضه لمعركته الانتخابية والتحالفات التي يعقدها حزبه تمهيداً للانتخابات تحدث الشابي لـ”مراسلون” في الحوار التالي:
مراسلون: هل تعتبر أن الانتخابات الرّئاسية القادمة آخر فرصة لك لتتويج مسيرتك السياسية؟
الشابي: إذا ترشّحت، ستكون هذه آخر معركة أخوضها. وصراحة أتمنّى ذلك لأن 50 سنة من العطاء والخدمة السياسية كافية والنفس البشرية تركن عادة الى الراحة. وإن ترشّحت فسأخوضها حتى النهاية. على كل حال هذه معركتي الاخيرة لأرتاح وأريح خصومي السياسيين.
ماهو سبب زيارتك للولايات المتحدة مؤخرا وهل التقيت بقيادات في الإدارة الأمريكية؟
هذه ليست زيارتي الأولى للولايات المتحدة الامريكية. هي زيارة مشابهة تماما لكل الزيارات السّابقة. كانت بدعوة من مؤسسة عقدت ندوة حول التجارب الانتقالية في مصر و ليبيا وسوريا وتونس وطلبت منّي تقديم مداخلة. واستدعي رئيس الحكومة السابق والقيادي في حركة النهضة علي العريض في الإطار نفسه.
و بمناسبة هذه الندوة، وعلى غرار بقية زياراتي السابقة، نظمت لي لقاءات مع مسؤول عن الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الامريكية. وأهم رسالة أبلغتها مفادها أن الوضع الاجتماعي في تونس هش ولا يتحمل مزيد الضغوطات من الهيئات المالية العالمية. كما التقيت بالمسؤول عن حقوق الانسان في البيت الأبيض وتناقشنا حول الأوضاع في العالم العربي بشكل عام، و أيضا بمجموعة من معاوني مجلس الشّيوخ. كما زرت العديد من مراكز الدراسات التي تعتبر مطابخ لصنع السياسات الامريكية.
ماهو تقييمك لأداء الحكومة الحالية في تونس ومدى تطبيقها لبنود خارطة الطريق؟
أسجّل لفائدة حكومة مهدي جمعة إلى حد الآن التهدئة السياسية والمحافظة على السلم الاجتماعي وهذه عناصر هامة جدا، إلى جانب الآليات القانونية مثل الدستور والقانون الانتخابي. لكن المطلوب من الحكومة الحالية هو أولا ضمان حياد الإدارة و ثانيا محاصرة العنف في الحياة السياسية. فبالرغم من تحسّن الوضعية الأمنية لكن الوضع لا يزال مقلقا. والمطلوب من الحكومة مزيد من الجهد لضمان وصولنا الى الانتخابات في أمان دون تهديدات “روابط حماية الثورة” والتي رغم صدور حكم بحلّها فإنها مازالت تشكّل تهديدا. كما على حكومة مهدي جمعة عدم المس بالقدرة الشرائية للتونسي فليس المطلوب منها تغييرات هيكلية بل إيصالنا فقط للانتخابات في أمان.
كيف تقيم السياسة الخارجية لحكومة جمعة و خاصة زيارته الأخيرة إلى برلين؟
هي علاقات عامة، فتونس ينظر إليها كحالة ناجحة و ينظر إليها أيضا بتعاطف. فمنذ البداية سميت ثورتنا “ثورة الياسمين” لأنها ثورة مسالمة، و رغم الانحراف الامني في بعض الأحيان فقد حققنا أشواطا هامة في التهدئة السياسية خلق صورة جميلة في الخارج عكس بقية البلدان التي عاشت ثورات.
أعتقد أن حكومة مهدي جمعة فترة حكمها محدودة جدا ودورها الأساسي هو أن تدير شأن البلاد حتى نصل الى الانتخابات بسلام، لذلك لا أظن أنه يوجد شيء جوهري مع البلدان التي زارها و من بينها المانيا سواء من حيث الاستثمار أو التعاون الاقتصادي ونحن بدورنا لا نطالبه بذلك.
ماهو تقييمك لأداء رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي؟
المرزوقي اختار أن يكون رئيسا للجمهورية بصلاحيات محدودة للغاية و بالتالي لم يتمكّن من لعب دور مهم في الحياة الوطنية و ما عدا ذلك فهو ككل إنسان يخطئ ويصيب.
وهل تشاطر من يخشى أن يستغل المرزوقي منصبه للقيام بحملة انتخابية سابقة لأوانها؟
السياسة تبنى على أن نسيء الظن بالنّاس، ولو كان حسن النيّة موجودا لما وجدت القوانين والفصل بين السلطات.
ولا يوجد أيّ قانون يفرض على المرزوقي الاستقالة قبل الانتخابات لكن توجد قواعد تفرض عليه عدم استغلال منصبه وآليات الدولة لحملته الانتخابية. والمراقبة هي مهمة المجتمع المدني والإعلام.
ماهي التحالفات المرتقبة للحزب الجمهوري؟
لقد أطلقت مبادرة تتمثّل في لم شمل القوى الوسطية، لأننا إذا اعتمدنا على نتائج انتخابات 2011 من حيث عدد الناخبين والحاصل الانتخابي في مختلف الدوائر، وإذا افترضنا أنّ قطبي الحياة السياسيّة (النهضة والنداء) لهما فعلا 30% من توقعات التصويت (وهو مجرّد افتراض)، فإنّنا متّجهون نحو مجلس تشريعي بقطبيْن لا يمكن لأيّ منهما الحصول على أكثر من 60 أو 65 مقعدا، و بينهما ستتقاسم عديد الأحزاب بأحجام صغرى ومتوسّطة حوالي 80 مقعدا.
إذن لن يكون هناك حزب مهيمن ولن يكون في مقدور أي حزب أن يحكم بمفرده، وسيجد الحزبان الكبيران نفسيهما مجبران على الحكم معا. هذا لا يعني أنّهما سيكونان بالضّرورة على نفس الدرجة من القوّة. ثمّ لا ندري لمن ستؤول رئاسة الجمهوريّة التي سيكون لها بالتّأكيد دور مهمّ في هذا التوازن اضافة الى عدم ضمان الانسجام بينهما مما سيجعلهما ربما في حالة صراع على السلطة.
ومن أهم الأسباب التي جعلتني أطلق هذه المبادرة هي أن لا نترك التونسيين يختارون بين نظام بقايا الترويكا الفاشل (الترويكا هي أحزاب النهضة والمؤتمر والتكتل التي تشاركت في الحكم بعد انتخابات 2011) والنظام القديم الذي يمثله نداء تونس (بزعامة الباجي قائد السبسي).
هل من السّهل في وقت قصير توحيد القوة الوسطيّة والتقدّميّة؟
من باب الوهم الاعتقاد بأنّ هذه القوى الوسطيّة قادرة على دخول الانتخابات القادمة بقوائم موحّدة للانتخابات التشريعيّة أو بمرشّح وحيد للرئاسيّة، فالانقسامات السياسيّة والصراعات الشخصيّة والمصالح الحزبيّة إضافة إلى الوقت الضيّق الذي يفصلنا عن الانتخابات لا تعطي إمكانيّة التحوّل إلى قوّة انتخابيّة أو جبهة انتخابية، لكن يمكن تكوين كتلة سياسيّة مبنيّة على قيم الديمقراطيّة التشاركيّة التي تقبل بالجميع.
و بالتالي أوجّه دعوة صادقة لكلّ هذه القوى، دون أيّ استثناء، لتنطلق منذ اليوم في نقاشات جدّيّة لتكوين هيئة مشتركة تحضر لعقد مؤتمر الوسط الديمقراطي والاجتماعي. هذا المؤتمر سيغيّر المعطيات السياسية وسيؤثّر بالتأكيد على الانتخابات.
و لماذا لا توحّدون صفوفكم في شكل تحالف؟
أولا هذا غير ممكن، لأن القانون الانتخابي في تونس لا يشجّع على التحالفات. فكل كتلة أو حزب لديه مرشح للرئاسية والتحالف يقلّل من حظوظه. لهذا أطلقت مثل هذه المبادرة حتى يقدّم هؤلاء القوى انفسهم للناخبين كوحدة سياسية حتى بعد الانتخابات.
هل توجد نيّة للتحالف مع النهضة؟
التّحالف مع حركة النهضة غير مطروح حاليا و أنا على نفس المسافة من النهضة ونداء تونس.
قررت حركة نداء تونس، حليفكم السابق، الدخول بمفردها لخوض غمار الانتخابات. كيف تقبّلتم القرار، وهل غدر النداء بالأسرة الديمقراطية؟
قلتها أكثر من مرّة، إن “النّداء” لم تكن له في أي مرحلة نيّة الدّخول في أي ائتلاف انتخابي. كنت أدرك هذا منذ البداية وهو سبب استقالتنا عن الاتحاد من أجل تونس. وهذا ليس السبب الوحيد بل السبب الثاني هو تعدّد الخلافات السياسية بيننا، وقد تجلّت في الكثير من المواقف على غرار أزمة حكومة حمّادي الجبالي وفي حوار دار الضيافة و في دستور غرة جوان وأخيرا في الحوار الوطني حول الشخصية المقترحة لرئاسة الحكومة. في الحقيقة لم تكن بيننا أرضية سياسية تسهّل التحالف معهم.
أمّا بالنسبة لقرارهم الأخير، فللأمانة رئيس الحركة الباجي قائد السبسي قبل على مضض بتكوين الاتحاد من أجل تونس وفكرة التحالف الانتخابي و هذا بعد ضغط حزبي المسار والجمهوري (يسار وسط) باعتقاد منهم أنه يمكن الزامه بجبهة انتخابية فقبل في مرحلة أولى.
لماذا فشلت العائلة التقدّمية مرّة أخرى في توحيد صفوفها؟
لأنها أحزاب لها مبادئ وثوابت مختلفة ومحاولات تقاربها لم تنجح. ربّما السبب هو الزعامة. فلا يمكن انكار هذا فكل زعيم حزب لا يقبل بالآخر. وفي اعتقادي أن الجمهوري يختلف عن البقية لأنه مع الديمقراطية الجامعة، وقد أثبت هذا عبر تاريخه النضالي من خلال ضمّ كل التوجّهات من إسلاميين ونقابيين وشيوعيين. ونحن والمسار مثلا نتشارك في عديد النقاط الاجتماعية ، لكننا نختلف حول مبدأ أساسي فنحن نتمسّك بهويّة تونس العربية الاسلامية والمسار لديه رؤية مختلفة.
و ماهو موقفك من قرار حركة النهضة الاسلامية ترشيح رئيس وفاقي في الانتخابات الرئاسية؟
استغربت هذا القرار، خاصة أننا نعيش الديمقراطية التي تقوم على التنافس من أجل الأصلح والأفضل.
حركة النهضة ربّما تفكّر في عدم تقديم مرشّح و هذا أمر يخصّها أو أن تبحث عن شخصية بمواصفات معيّنة وهذا أيضا من حقها، لكن ان نضعف منصب رئيس الجمهورية أو أن نحيّده سياسيا فهذا لا يتماشى ومتطلّبات الوضع.
نحن في فترة تتطلّب رئيس جمهورية قوي مسيس بدرجة أولى ولديه ميزات قيادية ويعمل على توحيد التونسيين وهو الضامن للدستور والحريات في المرحلة القادمة وهو الضامن لمبدأ الفصل بين السلطات.