تزداد مخاوف الشارع التونسي من الشبان العائدين من سوريا بعد التقارير التي أكدتها وزارة الداخلية التونسية قبل أيام ومفادها أن عدد المتورطين في القتال هناك يناهز 2400 تونسي حالياً، فضلا عن مئات من المسجلين في عداد المفقودين أو القتلى. 

وقال وزير الداخلية لطفي بن جدو للصحفيين يوم الاثنين الماضي (23 حزيران/ يونيو) إن وزارته منعت حوالي 8800 تونسياً من السفر إلى سوريا، كما أعلنت الوزارة في وقت سابق من هذا العام عن تفكيك عدد من الشبكات المتخصصة في تجنيد مقاتلين تونسيين.

الحكومة تحارب الظاهرة

تزداد مخاوف الشارع التونسي من الشبان العائدين من سوريا بعد التقارير التي أكدتها وزارة الداخلية التونسية قبل أيام ومفادها أن عدد المتورطين في القتال هناك يناهز 2400 تونسي حالياً، فضلا عن مئات من المسجلين في عداد المفقودين أو القتلى. 

وقال وزير الداخلية لطفي بن جدو للصحفيين يوم الاثنين الماضي (23 حزيران/ يونيو) إن وزارته منعت حوالي 8800 تونسياً من السفر إلى سوريا، كما أعلنت الوزارة في وقت سابق من هذا العام عن تفكيك عدد من الشبكات المتخصصة في تجنيد مقاتلين تونسيين.

الحكومة تحارب الظاهرة

وبدأت السلطات التونسية في سياق التصدي لمقاومة المد الجهادي القادم من سوريا تدرس خطة لمنع عودة الجهاديين وتشديد الرقابة على المواقع الإلكترونية التي تجند المقاتلين.

ولكن اختلفت الرؤى السياسية بهذا الخصوص، بين داع إلى سن “قانون التوبة” ومن يطالب بمحاسبة من يثبت تورطهم.

في هذا الصدد يشير عبد الجبار المدوري، قيادي بالجبهة الشعبية (ائتلاف سياسي يضم أحزابا يسارية وقومية)، لـ”مراسلون” أن عدد المنخرطين في صفوف التنظيمات المتشددة التي تقاتل على الأراضي السورية ليس مؤكدا أو متطابقا، إلا أن الأمر المؤكد هو الخطر الداهم الذي يمثله “الفكر الجهادي” على فئات واسعة من التونسيين بعد امتداد تأثيره إلى فئات عمرية متفاوتة.

ويضيف المدوري أن تدفق المقاتلين التونسيين الذين تلقوا تدريبات واكتسبوا مهارات قتالية يعزز المخاوف من عودتهم، خاصة مع تداول العديد من التقارير الأمنية التي حذرت من تداعيات رجوعهم، “مما يؤكد ضرورة أن يكون هذا الملف ضمن الأولويات السياسية ويقع معالجته في إطار مؤتمر لمكافحة الإرهاب”.

وحول منشأ تلك الجماعات يصفه المدوري بأنه “منشأ غريب عن البيئة الشعبية التونسية في الفكر والبنية”، موضحا أن حركة النهضة التي تولت زمام قيادة البلاد في حكومة الترويكا “كانت تغض الطرف عن شبكات مخصصة لتجنيد الشباب التونسي”.

وكان رئيس الحكومة التونسية السابق علي العريض، القيادي في حركة النهضة، رد على هذه الاتهامات بقوله إن سلطات بلاده لا يمكنها منع مواطنيها من السفر، خلافاً لما تقوم به الحكومة حالياً من منع الآلاف من السفر إلى “أرض الجهاد”. 

وقال العريض في تصريح تلفزي إن العديد من الشباب التونسي يسافر إلى ليبيا أو تركيا، ومن ثم يتم نقله إلى سوريا، وأضاف “هناك من التونسيين الذين يسافرون الى بلد آخر مثل ليبيا وتركيا بداعي العمل أو السياحة، ثم ينتقلون إلى سوريا وليس لنا الحق في منعهم من الخروج، رغم أننا منعنا البعض من الذين رجحنا أنه يخوض مغامرة غير محسوبة العواقب بحسب معلومات من أهله”.

شباب في محرقة دمشق

مخاوف التونسيين من تدفق المقاتلين الذين يحاربون في سوريا، خشية أن تزيد عودتهم من حجم المخاطر الإرهابية، جاءت ردة فعلها الأولى من قبل العديد من العائلات التونسية التي دعت إلى وقف نزيف هجرة الشباب التونسي ومحاسبة شبكات التجنيد التي تقودها الجماعات المتشددة.

“سليمان” من بين عديد الشباب التونسيين الذين ماتوا في سوريا، حيث كان “سمسار” اسطنبول (أي الشخص الوسيط) يسلم مجموعات الشباب للتدريب قبل أن يتم نقلهم إلى جحيم المعارك الدائرة بين قوات نظام بشار الأسد والجماعات الإرهابية. بهذه العبارات يروي الأب محمد لـ”مراسلون” قصة رحيل ابنه الذي لقي مصرعه في شباط/ فبراير 2013 .

ويوضح “كانت أعصاب أفراد الأسرة مشدودة على مدار العام. كانت الأسئلة التي تتبادر إلى ذهننا عن مصير سليمان لا تجد إجابات شافية، فقط كنا نتابع عبر التلفزيون المشاهد المأساوية للشبان الذين غرّر بهم للقتال تحت مسمى “الجهاد”، حتى بلغنا خبر وفاته”.

ويواصل قائلا “في نهاية الأمر كان لهم ما أرادوا. لقد دفعوا بابني إلى جحيم المعارك. وبعد أن كان طفلا وديعا تغير مزاجه وطبعه لتجره تلك الجماعات إلى نيران المعارك”.

حاول موقع “مراسلون” معرفة الطريقة التي تمكن من خلالها سليمان من الدخول إلى دخول سوريا والتعرف على تلك الجماعات، لكن كل ذويه يؤكدون أن لهذه الجماعات ما يكفي من القدرة على التخفي، كما أنها تقيم خلايا سرية يصعب التواصل معها أو معرفة هويتها.

وجدنا الشاب وجدي كخيط قد يقودنا إلى التعرف على هوية تلك الجماعات وهو يقف على عربة لبيع “سندويتش” بالقرب من مقهى شعبي بمنطقة “الدندان” غرب العاصمة، حيث اعتاد الجلوس مع شبان من تلك الجماعات.

وجدي كان من الممكن أن يكون أحد المجاهدين التونسيين الذين تعج بصورهم مواقع التواصل الاجتماعي في معسكرات للتدريب ومواقع للقتال في شرقي سوريا، قريبا من الحدود العراقية السورية، لكنه عدل في اللحظات الأخيرة عن فكرته في الذهاب للقتال.

في حديث لـ “مراسلون” يقول “أعوّل على نفسي في كسب لقمة العيش إذ لم يسعفني الحظ في النجاح ومواصلة دراستي، وهو ما دفعني في لحظة ما كي انضم للجماعات الجهادية”.

ويبين وجدي لـ “مراسلون” أن تجنيد الشباب يتم بطرق سرية حيث أنه لا يتم التعرف على الوسيط (السمسار) أو من يقوم بالتواصل من تلك الجماعات.

ولدى سؤاله عن أسباب تراجعه عن قراره وتفضيل البقاء في تونس قال وجدي وهو على عجلة من أمره “خيّرت البقاء لأناضل لأجل أسرتي”.