محمد الطالبي، 93 عاماً، أستاذ جامعي وعالم إسلاميّات تونسي، حصل على شهادة الدكتوراة من جامعات السوربون في باريس. وهو أول عميد لكلية الآداب في جامعة تونس في عام 1955، ومدرس سابق لمادة التاريخ الإسلامي في  كلية الآداب والعلوم الإنسانية.

محمد الطالبي، 93 عاماً، أستاذ جامعي وعالم إسلاميّات تونسي، حصل على شهادة الدكتوراة من جامعات السوربون في باريس. وهو أول عميد لكلية الآداب في جامعة تونس في عام 1955، ومدرس سابق لمادة التاريخ الإسلامي في  كلية الآداب والعلوم الإنسانية.

يدعو الطالبي إلى قراءة مختلفة للقرآن الكريم “ومراعاة القصد من الكتاب المقدس وليس الاحكام الصادرة في حقبة ماضية”، وصولا إلى تصريحات جريئة حول الحريات الجنسية وحق الإنسان في التعري، والمطالبة بثورة جنسية في العالم الإسلامي والعربي. وقد أثارت تلك التصريحات موجة من الانتقادات ضده، دفعته في شباط/فبراير 2012 إلى الالتحاق بحزب نداء تونس بقيادة الباجي قايد السبسي، “كردة فعل على الأحزاب المتشددة دينيا” على حد تعبيره.

وسبق للطالبي أن تولى في الثمانينات رئاسة اللجنة الثقافية الوطنية، وانضم سنة 1995 إلى المجلس الوطني للحريات في تونس (منظمة غير حكومية غير معترف بها من طرف الحكومة قبل ثورة 2011)، ومن أهم مؤلفاته: “مرافعة من أجل إسلام معاصر” (1998)، كونية القرآن (2002)، “مفكر حر في الإسلام” (2002 ) و”ليطمئن قلبي” (2008)، الذي أثار صدروه جدلا كبيرا سنة 2008، وآخر إصداراته “الإسلام ليس حجابا”.

في حوار مع “مراسلون” يؤكد الطالبي على أن الاسلاميين والدعاة يروجون لمفهوم خاطئ عن الإسلام. ويرى أن الإسلام دين العبادات والتقوى والأخلاق وليس دين الحجاب والرجم وإقامة الحد.

وفي ما يلي نص الحوار:

مراسلون: أنت باحث اسلامي ولك العديد من الدراسات في القرآن الكريم والسنة النبوية ومع ذلك دعوت إلى القيام بثورة جنسية والخروج عراة،  فهل هو تحدّ للإسلاميين؟

[ibimage==12757==Small_Image==none==self==null]

محمد الطالبي

محمد الطالبي: دعوت إلى القيام بثورة جنسية لأنى درست القرآن والسنة جيدا ولم أجد ولو نصا واحدا في القرآن يحرّم العراء كما لا يوجد عقاب في القرآن لمن لا تضع الحجاب.

أعتبر أن الإسلاميين والدعاة يروجون لمفهوم خاطئ عن الإسلام يقوم على التشدد والتعصب، لاعلى دراسة وفهم صحيحين للنص القرآني، كما أن هناك خلط متعمّد في المفاهيم يوظف لأغراض سياسية شوهت صورة الدين الاسلامي.

قلت إن البغاء غير محرم وأنه يجوز للمرأة غير المتزوجة ممارسة الجنس دون عقاب رغم أن القرآن حرم ذلك وأقر عقوبة الجلد للزاني والزانية فعلى ما استندت؟

فعلا البغاء غير محرم ويحق للمرأة غير المتزوجة العمل كمومس، فهي مسلمة كاملة يجب احترامها والقرآن “يقول لا تكرهوا فتياتكم على البغاء إذا ما أردن تحصنا” لذا فإن الإكراه على البغاء هو المحرم وليس الفعل في حد ذاته.

ثم يمكن للرجل المتزوج أن يعاشر البغيّ ولا تعتبر هذه المعاشرة زنا بل ملك اليمين، وملك اليمين حلال محلل.

في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كانت البغايا تتجولن في الشارع ولم يعاقب الرسول أي واحدة منهن، فهل يمكن أن نكون أكثر غلوّا في الدين من النبي محمد (ص).

أما في ما يتعلق بعقاب الزانية والزاني بالجلد فالعقاب يقتصر على المتزوجين، ثم أنه يشترط  لإثبات الزنا وجود أربعة شهود أثناء العملية الجنسية المكتملة. ولا أظن أنه إذا أراد أحد ممارسة الجنس سيطلب من أربعة شهود الحضور لإثبات الواقعة، وعليه فإن أهم ركن من أركان الإدانة، ينتفي وبذلك ينتفي معه شرط العقاب .

ولكن هناك من يطبق حد الرجم على من يقوم بعلاقة جنسية خارج إطار الزواج؟

القرآن يعاقب الزانية والزاني بالجلد في حال إثبات الجرم. ولا يوجد أي آية تتحدث عن الرجم، فالرجم أبشع ما جاءت به المشرعون وهو موجود في التوراة ولا يمت للإسلام بصلة. وتطبيق هذا الحد من باب المغالاة في الدين وتشويه صورة الإسلام لأغراض أعتبرها سياسية بالدرجة الأولى .

أنت بهذه التصريحات تشجع على الزنا والعلاقات خارج إطار الزواج. أليس كذلك؟

أنا كعالم إسلامي أفسر النص القرآني فقط ولا أشجع على أي فعل، لأن كل إنسان حرّ في حياته الجنسية. لكننا في المجتمعات الاسلامية نعاني من فهم خاطىء لعلاقة الدين بالجنس رغم أن القرآن فسرها وحدد أطرها بشكل واضح .

من تصريحاتك المثيرة للجدل أيضا أنك قلت أن المثلية الجنسية غير محرمة وهو ما جعل السلفيين يبيحون دمك.

أنا لم أقل إنها حلال بل قلت إنه لا توجد آية واحدة في القرآن خاصة بمعاشرة الرجل للرجل. فالآية الوحيدة في الكتاب التي تحدثت عن هذه العلاقة تخص قوم لوط، كما تحدث الله تعالى عن الفواحش ولم يذكر منها معاشرة الذكر للذكر. وهنا أعود دائما إلى الفهم الخاطئ أو تعمد ذلك باسم المغالاة في الدين لاستباحة دمي. وهذا ليس بغريب عن المتشددين دينيا، لكنني مع ذلك سأبقى إلى آخر لحظة أدافع عن أفكاري وقناعاتي لأني قضيت عمري في دراسة القرآن وأنا أكثر إسلاما منهم.

ما هو موقفك من الحركة الاحتجاجية التي قامت بها عاملات ماخور أمام المجلس الوطني التأسيسي (شهر مارس/أذار الماضي) والتي أثارت جدلا داخل المجتمع التونسي؟

العاملات في الماخور هن تونسيات مسلمات يتمعن بكافة حقوقهن المدنية. واحتجاجهن مشروع لأنهن يمارسن مهنة البغاء في إطار قانوني مثلهن مثل أي موظفة في أجهزة الدولة. والقانون يكفل لهن حق الاحتجاج والدفاع عن مصالحهن المادية والمعنوية. ويجب على المجلس الوطني التأسيسي والدولة عموما أن تحافظ على مصالحهن على غرار بقية الموظفين في الدولة.

وأعتبر أن استنكار المجتمع للمسيرة التي قمن بها أمام المجلس الوطني التأسيسي ينم عن العقد الاجتماعية التي نعاني منها في علاقتنا بالجنس والجسد. فأغلب الرجال كانت لهم على الأقل تجربة جنسية في أحد المواخير، بل هناك من يتردد على دور المتعة بصفة دورية لكنه لا يجد الجرأة للتصريح بذلك أمام المجتمع. لذلك دعوت إلى القيام بثورة جنسية على العقليات حتى نتحرر من كل هذه العقد.

لم يسبق لمحمد الطالبي الانضمام إلى أي حزب لماذا قررت في هذه السن (93سنة) الالتحاق بحركة نداء تونس؟

أعلنت لأول مرة في حياتي الانخراط في حزب سياسي لأني شعرت أن تونس مهدّدة بخطر الدكتاتوريّة الدينيّة، وهو ما يستوجب تكاتف جهود كل القوى المدنيّة والديمقراطيّة للتصدي لهذه الدكتاتورية التي تسعى إلى تغيير النمط المجتمعي في تونس ذات الـ 3000 سنة حضارة وتعيدنا إلى الخلف مئات السنين .

هل تتوقع عودة الاسلاميين للحكم في الانتخابات القادمة وما هو مصير من تصفهم بالمتشددين دينيا في تونس حسب رأيك؟

تونس لن تعود  إلى الوراء رغم كل التهديدات المحيطة بنا. وحركة النهضة دخلت مرحلة التفتّت، ولم تعد تمثل مصدر خطر كبير، رغم أنها  يمكن أن تكون حاضرة في المشهد السياسي مستقبلا بعد مراجعتها لخطابها وسياستها حفاظا على شعبيتها. وربما اتعظ قادة هذه الحركة  مما حصل للإخوان المسلمين في مصر.

هل يعني ذلك أن النهضة ستتخلى عن مرجعيتها الدينية وستتحول إلى حزب مدني برأيك؟

النهضة قامت بمراجعة خطابها في أكثر من مناسبة وتحاول مراجعة سياستها. وقد أعلنت صراحة تنصلها من الإرهاب ومن السلفيين رغم أنها كانت تغازلهم وتحميهم في البداية، لأنها تعرف أنّ مناخ تونس ليس مهيئا للإرهاب، ولن يصبح كذلك وأعتقد أنه سيقع القضاء على المجموعات الإرهابية حتى وإن شكلت مصدر قلق في مرحلة ما.

ليس للإرهاب مكان في تونس لا حاضرا ولا مستقبلا، معركة التكفير انتهت وليس لديها أي رصيد في ماضينا. وتونس لا تملك التربية التي تنبت التكفير والمحاكم الشرعية.

تتعرض كما تقول لكثير من التهديدات بالتصفية الجسدية نتيجة تصريحاتك. ألا تخشى أن تقوم جهة ما بتنفيذ تهديداتها؟

وهل ما زال في العمر بقية حتى أخشى التصفية؟ أنا سأواصل مهمتي في تجديد الفكر الإسلامي، وقد كونت جمعية في الغرض لأن الإسلام الذي أدافع عنه هو الدين الذي يلبي رغبات المسلم كامل الإسلام وكامل المعاصرة. فالإسلام دين العبادات والتقوى والأخلاق وليس دين الحجاب والرجم وإقامة الحد .