“حي خليفة حي خليفة.. بنغازي ما جابت كيفه”. بهذا الهتاف صدحت حناجر عدد من مواطني بنغازي المحتشدين لتحية اللواء المتقاعد خليفة بلقاسم حفتر أمام منزله بالمدينة، وذلك بعد أن خرج في 14 شباط/فبراير الماضي معلناً تجميد عمل المؤتمر الوطني العام والحكومة المؤقتة والإعلان الدستوري المؤقت.

حفتر القائد السابق للقوات البرية الليبية الذي صارت صوره ترفع في المظاهرات، كان قائداً للقوات الليبية المقاتلة في تشاد، وأسر في معركة وادي الدوم عام 1987، وهو يسمي ما أقدم عليه مؤخراً بأنه ليس “انقلاباً عسكرياً”، وإنما هو “استجابة لمطلب شعبي”.

“حي خليفة حي خليفة.. بنغازي ما جابت كيفه”. بهذا الهتاف صدحت حناجر عدد من مواطني بنغازي المحتشدين لتحية اللواء المتقاعد خليفة بلقاسم حفتر أمام منزله بالمدينة، وذلك بعد أن خرج في 14 شباط/فبراير الماضي معلناً تجميد عمل المؤتمر الوطني العام والحكومة المؤقتة والإعلان الدستوري المؤقت.

حفتر القائد السابق للقوات البرية الليبية الذي صارت صوره ترفع في المظاهرات، كان قائداً للقوات الليبية المقاتلة في تشاد، وأسر في معركة وادي الدوم عام 1987، وهو يسمي ما أقدم عليه مؤخراً بأنه ليس “انقلاباً عسكرياً”، وإنما هو “استجابة لمطلب شعبي”.

لكن أياً من التهديدات التي أطلقها حفتر لم تتحقق على الأرض، فقد استمر المؤتمر الوطني في عمله فيما خرج رئيس الوزراء المقال علي زيدان في مؤتمر صحفي في اليوم ذاته ليعلن أن الحكومة تمارس عملها بشكل اعتيادي، وإن الأمن تحت السيطرة، بل وزاد على ذلك بالقول ” أصدرت تعليمات لتوقيف اللواء حفتر، بحسب ما تحدده القوانين العسكرية”.

تبادل أدوار

رئيس أركان الجيش الليبي عبد السلام العبيدي قال في ذات السياق إن “العسكريين الذين سمحوا لأنفسهم بالانجرار إلى المواجهة السياسية ستتم معاقبتهم وفقًا للقانون العسكري”. وشدّد اللواء العبيدي على أن الجيش يسيطر بشكل كامل على جميع الوحدات والمنشآت العسكرية في البلاد.

غير أن جرعة التأييد التي تلقاها اللواء المتقاعد من بعض المؤيدين وخاصة في الشرق الليبي، دعته للرد بالتهديد باعتقال كل من رئيس الحكومة المؤقتة السابق علي زيدان ورئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبوسهمين وأي عضو من أعضاء المؤتمر الوطني “تطأ قدماه أي مطار من مطارات المنطقة الشرقية”، وذلك خلال كلمة ألقاها وسط مؤيدين احتشدوا أمام بيته ببنغازي في 28 شباط/فبراير الماضي.

“مشروع حفتر”

الغموض لا زال يحيط بما وصف بـ”مشروع حفتر”، والذي تغيب آليات تنفيذه في ظل عدم وجود جيش يأتمر بإمرته، وتشتت السلطة بين مراكز قوى عديدة،. ففي حين يقول منتقدوه إنه يتزعم انقلاباً عسكرياً فإن مؤيديه يرون فيه خلاصاً مما تعيشه البلاد من فوضى.

مراقبون يرون أن حفتر بعد أن فشل مخططه بتجميد عمل مؤسستي المؤتمر والحكومة في العاصمة صار يراهن على تجميع شتات القوات المسلحة الليبية في منطقة برقة، حيث يحظى بشريحة واسعة من المؤيدين الذين يرى فيه بعضهم “سيسي ليبيا” مستذكرين ما أسموه صلابته خلال حرب تشاد.

ويستشهد المراقبون بزيارات الرجل لمناطق البيضاء وشحات وقصر ليبيا واجدابيا الواقعة جميعها في إقليم برقة، لكن المراقبين يقرون بأن ذلك لن يتم إلا عبر بوابة تأمين مدينة بنغازي وهو ما وعد بتنفيذه في إحدى مداخلاته الإعلامية.

مناصرون ولكن

الناشطة السياسية نادية جعودة قالت لـ”مراسلون” إن تامين بنغازي مطلب نادت به منظمات المجتمع المدني في المدينة لكن السلطات لم تتجاوب رغم دموية الوضع.

وأضافت “في اعتقادي أن تأمين بنغازي يتطلب إرادة حقيقية وعقد تحالفات مع عدة أطراف، وإذا استطاع اللواء حفتر عقد هذه التحالفات قد يتمكن من تأمين المدينة باستراتيجية أمنية قائمة على التقنية والأمن المجتمعي، أي المشاركة الشعبية و بالتنسيق مع القوى الوطنية”.

جعودة التي أقرت بوجود مناصرين  للواء حفتر من الفئة التي تريد الأمان بأي شكل نتيجة لانهيار الوضع الأمني في المدينة، أردفت أن هناك تياراً رافضاً لعودة الحل والحكم العسكري بعد “ثورة شعبية”.

وترى الناشطة السياسية أن حل هذا الخلاف “يتطلب عقد مشاورات واضحة مع جميع الأطراف للتأكيد على مدنية الدولة الليبية، يكون حاضراً فيها شباب الحراك المدني كطرف ضامن للحفاظ على الحقوق والحريات العامة، حتى لا تكون النتيجة الخروج من أزمة والوقوع  في ورطة”.

مهمة محددة

المذيع براديو قورينا صقر الفيتوري قال لمراسلون “ما قام به اللواء خليفة حفتر بغض النظر عن المسميات، في اعتبار البعض انه انقلاب أو مدافع عن شرعية وصوت الشارع في نظر البعض الآخر، فإن تحركه كان واضحاً ليس فيه لبس أو تداخل أو قفز على سلطة منتخبة، فقد ذكر أنه مع رأي الشارع الذي يطالب باستلام رئيس المحكمة العليا للسلطة كما استلمها سابقاً وسلمها للمجلس الانتقالي”.

الفيتوري أضاف “بالنسبة لرأيي الشخصي لن أقبل باستلام السلطة السياسية من قبل القادة العسكريين لأن مهمتهم واضحة ومحددة هي حماية الشعب وحدوده ومؤسساته، ولا مبرر لدخولهم المعترك السياسي فعندها سيُعد انقلاباً فعلياً.. وليكن تحركهم كما صرحوا به وهو حماية الشعب من أي اعتداء خارجي أو داخلي”.

صناعة طاغية

الفيتوري رأى أن الدعم الشعبي الذي يحظى به حفتر لدى شريحة لا بأس بها من المواطنين ربما يساهم في خلق “طاغية جديد”، فبحسبه لازالت مطالب البعض حتى ولو كانت واقعية وشرعية متأثرة بأسلوب تمجيدي غير مقبول، حتى أن بعض الأهازيج التي تذكر تأييداً له “مستنسخة من العهد السابق، نأسف لها وتذكرنا بحقبة مقيتة كدنا ننساها”.

وأكد “فليكن مطلب الشارع على مستوى الثورة التي قدمها وأن لا نُستدرج إلى الوراء ولا نخترق عن طريق مطالبنا الواضحة كدعم الجيش والشرطة”.

ماهية الدور

الدور الذي يمكن أن يلعبه اللواء حفتر في حال امتلك الآليات وتمكن من تجميع شتات ما تبقى من الجيش الليبي يمثل هو الأخر لغزاً، ما بين أن يكتفي بمهامه العسكرية أو أن لديه طموحاً سياسياً لما هو أبعد، وسط غياب قيادات تمتلك الكاريزما وبحث المواطن البسيط عن قارب نجاة.

أحد مؤسسي الحراك الفيدرالي أسامة الجارد قال لـ”مراسلون” إن ما قام به حفتر من تجميد لعمل المؤتمر والحكومة والإعلان الدستوري المؤقت يدل على بحثه عن دور سياسي بحت، “ناهيك عن أن رسالة وصلت هاتفياً من أحد أبناء قبيلته إلى رئيس المكتب التنفيذي لإقليم برقة يطلب فيها تجميد العمل الفيدرالي بكل مكوناته”.

ويضيف الجارد أن ما قام به اللواء حفتر ليس له علاقة بالعمل العسكري، “كان عليه كرجل عسكري أن يجتمع بضباط وعناصر الجيش في معسكراتهم إن كان مشروعه عسكرياً حقاً”.

وبحسب الناشط السياسي، فإن رفع صور حفتر على غرار صور السيسي في مصر هو استنساخ للتجربة المصرية، لكن من الصعب أيضاً أن يكون له دور عسكري ، “فهو لا يستطيع بناء جيش لأن ذلك يحتاج رغبة دولية وحليف استراتيجي دولي كما أن القوى في مركز السلطة تحول دون ذلك”.

ويتساءل الجارد “لقد فكك القذافي الجيش الليبي منذ العيد العاشر (1979) في حروب وهمية بتشاد وأوغندا وحرب 73 وكلها كان قائدها اللواء حفتر. فكيف سيبني حفتر الجيش من جديد؟ وكيف سيحمي بنغازي إذا لم يستطع حماية منزله الذي تعرض لهجوم منذ أيام؟”.