أحمد فارس خطاط مصري يسعى للحصول على “إجازة” للخط العربي من تركيا، والإجازة تعني إجادة الخط على شيخه، الذي نقله عن شيخه بسلسال من الخطاطين يمتد لألف عام. فارس جذبته العمارة الإسلامية والنصوص الخطية المكتوبة على جدران المساجد إلى فن الخط العربي. وعندما لمس والده هذا الاهتمام عمل على تشجيعه وتوجيهه قدر استطاعته. وفي مرحلة الدراسة الإعدادية أهدى إليه كتابا عن فن الخط العربي فعكف على تقليدها.

أحمد فارس خطاط مصري يسعى للحصول على “إجازة” للخط العربي من تركيا، والإجازة تعني إجادة الخط على شيخه، الذي نقله عن شيخه بسلسال من الخطاطين يمتد لألف عام. فارس جذبته العمارة الإسلامية والنصوص الخطية المكتوبة على جدران المساجد إلى فن الخط العربي. وعندما لمس والده هذا الاهتمام عمل على تشجيعه وتوجيهه قدر استطاعته. وفي مرحلة الدراسة الإعدادية أهدى إليه كتابا عن فن الخط العربي فعكف على تقليدها.

الاهتمام الذي بدأ بسبب النشأة الدينية تحول إلى اهتمام مهني، ففي مرحلة الدراسة الثانوية بدأ أحمد في الخروج إلي مجال العمل، واستفاد بموهبته بالعمل لدى أحد الخطاطين التجاريين الذين يكتبون اللافتات. ويقول مؤكدا على أهمية دراسة الخط والالمام بقواعده “اكتشفت من خلال عملي كرسام للافتات التجارية أن الخط العربي لا يمكن رسمه وتقليده. وإلا فقد روحه وتناغمه وهندسته وظهر باهتاً تنقصه الأصالة والتميز الفني”.

انتقل أحمد إلى الدراسة العلمية النظامية بالالتحاق بمدرسة “خليل أغا” وهي أول مدرسة متخصصة في الخطوط العربية أنشئت عام 1922 في منطقة باب الشعرية. ويحلم بأن يكون الخط العربي أحد الفنون التي تنال دعم الدولة وتفتح المزيد من المدارس والمعاهد والكليات التي تحتضن الفنانين والموهوبين على غرار ما يحدث في تركيا وإيران.

اهتمام حديث

مرت الحروف العربية وتشكيلاتها بمراحل تطور عديدة، كجزء من تطور الثقافة العربية، ودخول الإسلام كعنصر حضاري فعال في تطويرها. واليوم ومع هيمنة الكتابة الإلكترونية، صار الخط فنا “غريبا” على حداثة عرجاء، يقع فيها سؤال “الفصحى” موقع المساءلة مع جمودها وبُعدها عن إنتاج المعرفة، ومثلها صارت فنونها جمود في نظر كثيرين. لذلك كان من اللافت ملاحظة اهتمام قطاع من الشباب بهذا الفن مرة أخرى، وإن كان اهتمامهم لا ينصب في سياق إعادة إحياء الفن بمفهوم الإحياء الكلاسيكي، بقدر تطويعه لمعطيات جديدة، سواء كمكون فني على الملابس، أو الاستعانة الحرف العربي في أعمال تشكيلية.


معرفة القاعدة بهدف كسرها

اهتمام حاتم عرفة بالخط العربي بدأ كهواية ثم تحول تعمق بعد أن اكتشف امكانية إثرائه لمجال عمله كمصمم جرافيكي. ويقول الشاب السكندري ذو الخامسة والعشرين: “تجربتي مع الخط العربي بدأت منذ الصغر، من حبي للخط العربي الذي كان والدي هاويا له ونقل لي هذا الحب..كنت أتفرج على لوحات الخط كثيرا.. ولما كبرت أصبحت أحاول تقليدها، لكن كل هذا بقي في مرحلة الهواية إلى أن عملت في تصميم الجرافيك، واهتممت بتفاصيل العمل الفني الذي أصممه من صورة أو كتابة أو رسم كل على حدة، وبدأ اهتمامي بالخط العربي كوسيلة لضبط وتمييز التصميمات الجرافيكية”.

بداية دراسة حاتم للخط كانت في مدرسة الخط العربي في الإسكندرية، ثم شعر أن تعلم أكثر من خط عربي في نفس الوقت مرهق له، أذ كان يفضل أن أتقن نوعا واحدا وبعدها آخر وهكذا. لذكل ترك المدرسة وعلم نفسه بطريقة تناسب عمله بالجرافيك. ويقول “تعملت الخط الديواني تحديدا، واستخدمته في تصميماتي وطورته، وأحاول أن أمزج بين رسم القاعدة، والخروج عنها في شكل جديد جرافيكي”.

وعلى خلاف فارس، فعرفة لا يحب التقيد بصرامة القواعد، ويقول “القاعدة بالنسبة لي هي بداية للعمل الفني مش نهاية ليه، مش بتحكمه، يعني بحب أعرف القاعدة بهدف كسرها مش بهدف الالتزام بيها حرفيا، لأن ده في رأيي بيشكل تطور للخط وتقديم جديد ليه يخلي العين تشوفه بشكل مختلف”.

أول التجديد قتل القديم بحثا

بين فارس وعرفة يقع سؤال الحداثة بكل تعقيداته. فبينما جاءت محبة أحمد فارس للرسم العربي وفنونه من نشأته الدينية، فمحبة حاتم عرفة فنية تماما، ما جعل الأول يحب التقيد بالقواعد ويسعى للوصول إلى أعلى درجات الإجادة المنظمة، فيما تعامل عرفة مع الخط كفن يمكن أن يفتح فضاء أوسع للتعبير الفني كما يريد.

بين الاثنين تقع محبة “محمود عاطف” للخط العربي في موقع الحبيبة، يريدها بشروطها وشروطه كذلك، عاطف الشاب الريفي القادم من محافظة الغربية، نشأته الإخوانية جعلته قريبا مما يسمى بالفنون الإسلامية، أحب اللغة العربية فأحب رسم حروفها فصار شاعرا خطاطا، ولم يبق من تربيته الإخوانية غير علاقته الخاصة بالفصحى والخط العربي. عاطف لا يرى المسألة محصورة في ثنائية الأصالة والمعاصرة، ويقول “الفن يتجاوز هذه الثنائيات الضيقة”. وإن كان يميل إلى تعلم القواعد أولا مستشهدا بعبارة “أول التجديد قتل القديم بحثا”.

وهكذا، اتفق الشباب على محبتهم “لفن جميل” ينتمي في تفاصيله إلى التشكيل، غير مرتبط عضويا باللغة، بل يتعداها إلى الفن بكل رحابته، وبين رؤيتين يزدهر ويعطي زخما لتنوع، ربما تضيق به الساحة في فنون أخرى.