في أحد أيام شهر آذار/مارس عام 2012، تلقت طالبة بجامعة بنغازي (شرق ليبيا)، استدعاءً خلال المحاضرة إلى مكتب الحرس الجامعي، لتفاجأ بهم يسوقون إليها تهماً أخلاقية منها التدخين وبيع المخدرات داخل الحرم الجامعي، إضافة إلى تهمة التعدي على طالبة بالضرب.

تقول (س. ع)، وعمرها 23 عاماً، إن هذا الاستدعاء جاء على خلفية شجار وقع بينها وبين طالبة أخرى “بسبب مشادة كلامية”، فتقدمت زميلتها بشكوى لمكتب الحرس الجامعي الذين انحازوا إليها بسبب علاقتها القوية بهم، ولفقوا إلى (س. ع) تهماً “غير صحيحة ولا علاقة لها بأي منها” بحسب قولها.

في أحد أيام شهر آذار/مارس عام 2012، تلقت طالبة بجامعة بنغازي (شرق ليبيا)، استدعاءً خلال المحاضرة إلى مكتب الحرس الجامعي، لتفاجأ بهم يسوقون إليها تهماً أخلاقية منها التدخين وبيع المخدرات داخل الحرم الجامعي، إضافة إلى تهمة التعدي على طالبة بالضرب.

تقول (س. ع)، وعمرها 23 عاماً، إن هذا الاستدعاء جاء على خلفية شجار وقع بينها وبين طالبة أخرى “بسبب مشادة كلامية”، فتقدمت زميلتها بشكوى لمكتب الحرس الجامعي الذين انحازوا إليها بسبب علاقتها القوية بهم، ولفقوا إلى (س. ع) تهماً “غير صحيحة ولا علاقة لها بأي منها” بحسب قولها.

وتتهم (س. ع) الحرس الجامعي بجامعة بنغازي بأنهم “استغلوا أنني ليست لي علاقات بأي شخصية أمنية متواجدة بالجامعة وليس بإمكاني الرد عليهم”.

حاميها حراميها

قصة هذه الطالبة واحدة من عشرات روتها طالبات وطلاب جامعة بنغازي حول علاقتهم المتوترة مع الحرس الجامعي، يقولون فيها إن الحرس كانوا وراء تجاوزات كثيرة تحدث في المدينة الجامعية، وإنهم يعملون على التمييز بين الطلبة بحسب مكانتهم في المجتمع أو مكانة عائلاتهم.

بينما اتفقت الطالبات على أنهن الأكثر تعرضاً للضغط من قبل أفراد الحرس. وقالت إحدى طالبات كلية العلوم – فضلت عدم ذكر اسمها – أن أفراد الحرس “موجودون صورياً فقط لإزعاج الطالبات، وفي حالة التعرض لهن من قبل شباب من خارج الجامعة فإنهم لا يتدخلون لحمايتهن حتى في حالة الاعتداء عليهن، الجامعة حاميها حراميها”.

ولم تسلم جامعة بنغازي من تردي الوضع الأمني والاختراقات الأمنية التي تعم المدينة، والتي كانت أحد أسباب تدني ترتيبها العالمي بين الجامعات الليبية، الأمر الذي أدى لتخوف أولياء أمور الطالبات بالذات من إرسال بناتهم لاستكمال دراستهن في المدينة الجامعية بمختلف كلياتها.

أما مشكلة (س. ع) التي وصلت حد تهديدها بالفصل من الجامعة، فلم تنتهي إلا بعد أن اتصلت بأحد أقاربها الذي يعمل في جهة أمنية ببنغازي، وقام بالتدخل الذي أدى لتغيير معاملة الحرس الجامعي معها، لدرجة أنهم أسقطوا جميع التهم الموجهة للطالبة، واعتذروا لقريبها وأكدوا له أن ما حصل “لا يتعدى كونه سوء تفاهم” بحسب قولها.

أسلحة داخل الجامعة

رغم أن مهام الحرس الجامعي تشمل إضافة لحفظ الأمن داخل المنشآت التعليمية بالجامعة وحماية الطلاب والموظفين وأعضاء هيئة التدريس داخل الحرم الجامعي، الإشراف على البوابات الرئيسية والاستعلامات للكليات، إلا أن الطلبة يشتكون من الإهمال في مراقبة الدخول والخروج إلى الجامعة.

فبحسب (ع. ق) الطالب في السنة الثانية بكلية الإعلام، الحرس الجامعي ليس له وجود فعلي في بوابات الجامعة، “لأن الطلبة وغير الطلبة يدخلون الجامعة بشكل عادي دون الخضوع للتفتيش، بل إن بعض المواطنين يدخلون الجامعة بأسلحتهم النارية”.

وقد روى لـ”مراسلون” أن كليته شهدت خلال الفصل الماضي أكثر من ثلاث مشاجرات بين الطلبة، واستخدمت فيها الأسلحة النارية والرصاص الحي دون تدخل من قبل الحرس الجامعي لفض المشاجرات.

لا تأهيل ولا إمكانيات

يبرر فتح الله المدني أحد عناصر الحرس في كلية العلوم بعض التجاوزات التي تحدث، بأن عناصر الحرس الجامعي هم “أشخاص مدنيون تم تدريبهم في دورة سريعة بمركز تدريب الجامعة لتأهيلهم ليكونوا حرساً جامعيين، وأنهم لا يملكون الخبرة ولا التأهيل الكافيين لهذه المهمة”.

كما أن الحرس يعملون وفق “نظام محكم لو تم تطبيقه” بحسب قوله، وأن كل كلية مخصص لها عدد من الأفراد الذين لا يُسمح لهم بالتواجد في كلية أخرى، إلا أن أغلب عناصر الحرس الجامعي “لا يواجهون مشاكل مع الطلبة والطالبات وأن جل مشاكلهم مع الغرباء الذين يدخلون الجامعة ويحاولون إثارة المشاكل فيها” بحسب تعبيره.

ويتفق معه مسؤول مكتب الحرس الجامعي خالد المجبري الذي يشتكي من عدم توفر الحماية لأفراد الحرس الذين يعملون بالجامعة، فبحسب قوله “في حالة حدوث مشاجرة بين أعضاء الحرس الجامعي والطلبة فإن الحرس يتعرضون للاستهداف خارج الجامعة، دون وجود جهة تقوم بحمايتهم أو أخذ حقهم”، بل وفي بعض الأحيان يتطور الأمر إلى مشكلة قبلية يصعب حلها.

ويرى هو الآخر بأن عناصر الحرس الجامعي يحتاجون من 3 إلى 6 شهور تدريب حتى يتمكنوا من أداء عملهم بالشكل المطلوب، لافتاً إلى أن الحرم الجامعي يتردد عليه أكثر من 3 آلاف طالب وطالبة يومياً، “تختلف تربيتهم وسلوكهم من شخص إلى آخر”.

مخدرات وسلاح

لا تفوت المجبري الإشارة إلى تعاطي عدد من الطلبة المخدرات، حيث تمكنت إدارة الحرس الجامعي من ضبط أنواع عديدة من الحبوب والمخدرات داخل الحرم الجامعي مع الطلبة، “وعند استدعاء أولياء أمور الطلبة لا يأخذ الجميع الأمر على محمل الجد” يقول المجبري.

ومهمة مكافحة هذا النوع من المشاكل يقول المجبري تتجاوز إمكانيات الحرس الجامعي، في ظل السلاح المنتشر والانفلات الأمني في المدينة، “إذ أننا لا نستطيع تفتيش جميع الطلبة والطالبات شخصياً لنتأكد من عدم حيازة أي منهم للممنوعات، فالتفتيش يتم في حالة الاشتباه فقط بعدد من الطلبة يتم استدعاؤهم وتفتيشهم”.

في ذات السياق يقول (ع. س) الموظف الفني بكلية العلوم أن الحرس الجامعي ينقصهم الكثير من الإمكانيات لأداء المهام المناطة بهم، إذ ينقصهم “آلات لتفتيش الطلبة ومنع دخول غير الطلبة للحرم الجامعي، فبنغازي تعج بالفوضى والجامعة جزء منها”.

الطلبة هم السبب

تختلف الدكتورة (ع. ر) وهي أستاذة في كلية الآداب بالجامعة مع الآراء السابقة حيث ترى أن رجال الحرس الجامعي غير مقصرون في أداء مهامهم، “والشيء الإيجابي أنهم فعّلوا بطاقات تعريف الطلبة في بعض مباني الجامعة، وكذلك قيامهم بتفتيش السيارات عند المدخل الرئيسي  للجامعة”.

وخلافاً لكل من عداها تتهم الطالبات بسوء معاملة رجال الأمن، وهن اللاتي من وجهة نظرها يقمن باستفزاز الحرس الذين يضطرون للرد عليهن بطريقة سيئة، ومع ذلك تقول “يفترض من أفراد الأمن ألا يتحدثو بأسلوب غير أخلاقي، فالجامعة منزلنا الثاني ولذلك يفترض أن نكون مجتمعاً يسلك سلوكاً راقياً بعيداً عن التلفظ البذيء”.

وفي إطار إلقاء اللوم على الطلبة توصي الأستاذة بزيادة عدد أفراد الأمن والتشديد عليهم لتطبيق القوانين، “كون تطبيق القانون في كل مرة سيكون رادعاً للطالب المسيء مستقبلاً، بالإضافة إلى تنظيم دورات خاصة للحرس تجعلهم مهيئين للقيام بواجبهم على أكمل وجه”.

وتبقى الطالبات اللاتي تعرضن للظلم والإساءة من أمثال (س. ع) شاهداً على حالة عامة تسود المدينة، “فمواقف من هذا النوع تؤثر على وضعنا الاجتماعي ومستوانا الدراسي، وغياب الأمن داخل الجامعة يشبه في النهاية غيابه في الشارع”، تقول الطالبة.