أكدت بسمة الخلفاوي بلعيد على أن قتل كمال القضاضي، المشتبه به الرئيسي في اغتيال زوجها شكري بلعيد، قطع حلقة الوصل التي تؤدي إلى معرفة المسؤولين عن قرار الاغتييال. وأوضحت لـ”مراسلون” أن عائلات الشهداء لن تقبل جثة القضاضي “كهدية من وزير الداخلية” لطفي بن جدو.

وفي هذا الحوار مع موقع “مراسلون” أعربت أرملة بلعيد عن خشيتها من عدم كشف الحقيقة في قضية مقتل زوجها بعد مرور أكثر من عام على اغتياله في 6 شباط/ فبراير 2013، موضحة أن الإبقاء على لطفي بن جدو على رأس وزارة الداخلية في الحكومة التونسية الجديدة هو “خطوة إلى الوراء وتشبث بإخفاء الحقائق”.

أكدت بسمة الخلفاوي بلعيد على أن قتل كمال القضاضي، المشتبه به الرئيسي في اغتيال زوجها شكري بلعيد، قطع حلقة الوصل التي تؤدي إلى معرفة المسؤولين عن قرار الاغتييال. وأوضحت لـ”مراسلون” أن عائلات الشهداء لن تقبل جثة القضاضي “كهدية من وزير الداخلية” لطفي بن جدو.

وفي هذا الحوار مع موقع “مراسلون” أعربت أرملة بلعيد عن خشيتها من عدم كشف الحقيقة في قضية مقتل زوجها بعد مرور أكثر من عام على اغتياله في 6 شباط/ فبراير 2013، موضحة أن الإبقاء على لطفي بن جدو على رأس وزارة الداخلية في الحكومة التونسية الجديدة هو “خطوة إلى الوراء وتشبث بإخفاء الحقائق”.

وفي ما يلي نص الحوار:

عام انقضى على اغتيال شكري بلعيد، هل هنالك مؤشرات إيجابية للوصول إلى الجناة ومعرفة الحقيقة كاملة وراء تصفيته جسديا؟

للأسف الشديد فإن الحقيقة بدأت تبعد يوما بعد يوم، وفي ظل المعطيات الراهنة يبقى الأمل ضعيفا لكشف ملابسات الاغتيال، وهنا أتحدث بشكل مباشر عن بقاء لطفي بن جدو على رأس وزارة الداخلية. فهذا المسؤول أكد فشله الذريع في معالجة هذه القضية وعجز عن الوصول إلى حقيقة اغتيال شكري ومن بعده الحاج محمد الابراهمي رحمه الله.

رغم ذلك أصرت الأطراف الحاكمة على إبقائه في منصبه، وهنا أقصد حركة النهضة التي تريد التشبث بطمس المعلومة الصحيحة والحقائق، خاصة بعد أن كشفنا تورط بعض المنتمين لهذا الحزب والمقربين منه في محاولة الابتعاد عن الحقيقة وتغييرها أو تشويهها.

فضلا عن ذلك فإن وزارة الداخلية في عهد بن جدو تعاملت باستخفاف مع عديد الملفات الأمنية ومنها بالخصوص ملف اغتيال السياسي محمد البراهمي. ورغم ورود بعض المعلومات المؤكدة من المخابرات الأمريكية والألمانية عن وجود تهديد فعلي للبراهمي وبعض السياسيين الآخرين إلا أن وزراة الداخلية تحت قيادة بن جدو لم تتعامل بجدية مع هذه التهديدات ما أسفر عن اغتيال زعيم سياسي آخر.

والأمل لن يعود إلا برحيل بن جدو أو على الأقل ابعاد بعض المقربين منه ومستشاريه والقضاء على “الأمن الموازي” صلب وزارة الداخلية التونسية.

لكن بعد مقتل كمال القضقاضي المشتبه به الرئيسي في قضية اغتيال شكري بلعيد، هل يمكن القول بأن الملف أغلق نهائيا؟

بطبيعة الحال لا يمكن أن يكون مقتل احد المتورطين في اغتيال الشهيد شكري بلعيد نهاية لبحثنا عن الكشف عن الحقيقة. إن مقتل القضقاضي يدخل أساسا ضمن السياسة الأمنية الجديدة للحكومة الحالية، ولكن تلك العملية الأمنية لم تضف شيئا إلى القضية. وأعتبر موت القضقاضي هو بمثابة فقدان لحلقة الوصل بين المنفذ والجهات التي أعطت الأوامر بذلك.

على هذا الاساس فإن العملية الأمنية الأخيرة لن تثني هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي عن مواصلة البحث عن الأطراف المسؤولة عن الاغتيالات السياسية، والقضقاضي لم يكن سوى أداة تنفيذ فحسب.

صرح لطفي بن جدو وزير الداخلية أن نجاح قوات الأمن في القضاء على المتهم الرئيسي في مقتل بلعيد هو أفضل هدية لعائلته وأنصاره، فما هو تعليقك؟

هدية وزير الداخلية مردودة إليه، فنحن لسنا دعاة قصاص أو تشفي. دعني أقول بأننا نستهجن طريقة تفكير وزير الداخلية الذي كان يظن أننا نقبل جثة كهدية، هو تفكير انعدم فيه أي جانب انساني وأخلاقي، فديننا وسلوكنا وأخلاقنا هي مبادئ تفرض علينا عدم التعامل مع هكذا تصريحات.

وما نريده حقا هو تحقيق العدالة وفق ما يقتضيه القانون، والكشف عن الحقيقة الكاملة لمقتل بلعيد وكذلك البراهمي أي معرفة الأطراف الراعية للإرهاب.

ما رأيك في أداء الحكومة الجديدة في الملف الأمني، وخاصة فيما يتعلق بمكافحة الارهاب؟

ما يمكن تأكيده هو وجود تطور ملموس في طريقة تسيير الملفات الأمنية، ويبدو أن الحكومة الجديدة عازمة على تحسين الوضع الامني، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع ملف الإرهاب والاغتيالات السياسية. لكن هذه المؤشرات الأمنية بحاجة إلى التأكيد ولا يكون ذلك إلا من خلال  “تنظيف” وزراة الداخلية والابتعاد عن سياسية تعيين المسؤولين الامنيين وفق منطق الولاءات الحزبية الضيقة.

شهدت الساحة السياسية في تونس مؤخرا بعض الانفراج المتمثل بالخصوص في صياغة الدستور، ويعتبر البعض أن التنصيص على الفصل 6 الذي يجرم التكفير هو انتصار لشكري بلعيد الذي كان ضحية الحملات التكفيرية ضده؟

ما تضمنه الفصل السادس للدستور التونسي الجديد هو انتصار على كل فكر تكفيري رجعي وهو إرساء لثقافة جديدة ومناخ تعايش ملائم لكل التونسيين. هو ليس انتصارا لشكري فقط بل لكل من آمن بفكرة وطن واحد يضم الكل بلا استثناء ولا تكفير أو إقصاء.

 لقد دفع المئات من الشهداء أرواحهم من أجل دستور ضامن للحريات والكرامة.

إن الحديث عن الفصل السادس يحيلنا إلى بعض ما عاناه زوجي قبيل اغتياله، فقد تعرض إلى شتى أنواع التكفير في حملات ممنهجة و”دمغجة” لعقول بعض الشباب، ودفع  التلاعب بالعقول إلى ترسيخ فكر متطرف وتكفيري، كان ضحيته شكري وفقا لمعتقد “أقتل كافرا تدخل الجنة”. لقد كان البعض يتزاحم على “دم” شكري بلعيد ما أدى في نهاية المطاف إلى اغتياله.

هل يمكن القول بأن السبب الأساسي الذي دفعك إلى مقابلة مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس التأسيسي التونسي، قبيل الإعلان الرسمي عن الانتهاء من صياغة الدستور هو دعوته لتفعيل هذا الفصل؟

بعد اللغط الكبير و”المعارك” التي خاضها البعض من أجل إلغاء هذا الفصل والتخوف من التراجع عنه، كان من الواجب احتراما لدماء الشهداء والمناضلين الشرفاء إلزام رئيس المجلس التأسيسي بممارسة صلاحياته وبالتالي عدم التراجع عن الفصل السادس الذي سيكون ضامنا رئيسيا لحرية الفكر والتعايش السلمي بين جميع الأطراف.

ما هي قراءتك للدستور التونسي الجديد في مجمله؟

الدستور على هناته ونواقصه هو حدث هام  كتب بدماء شكري والبراهمي وكل الشهداء وساهمت فيه مختلف مكونات المجتمع المدني التونسي والرباعي الراعي للحوار الوطني في الفترة الأخيرة. وهو في نهاية المطاف انتصار لشعب تونس على برنامج رجعي دكتاتوري، وانتصار على مخطط هدفه استعمال الدين مطية للتغطية على الفشل الاقتصادي والأمني والاجتماعي.

وأعتقد أن الدستور بمضمونه الحالي، هو انتصار على برنامج حركة النهضة التي كان خروجها من الحكم بعد تكليف حكومة جديدة  إعلانا لفشلها الكلي، وفشل للإسلام السياسي في تونس.

بخصوص الحكومة الجديدة، هل يمكن القول أنها فعلا تستجيب لمطالب الشعب التونسي؟

رغم السلبيات الكبيرة ورغم عدم استجابتها لشروط خارطة الطريق التي نصت على عدم بقاء “الوجوه” القديمة، وخاصة وزير الداخلية الذي سبق وأن أشرت إلى فشله الذريع في التعاطي مع عدد من الملفات، ورغم تضمن التشكيلة الحكومية الجديدة لوزير العدل حافظ بن صالح غير القادر على مخالفة الأوامر العليا والذي كان أشرف على انتخابات رئاسية مزورة زمن الرئيس السابق بن علي، إلا أن هنالك بعض النقاط المضيئة في هذه الحكومة الجديدة بوجود كفاءات مرموقة ودماء شباب قادرة على إعادة صياغة المشهد العام في تونس. ومن الجيد للغاية أيضا تغيير وزيرة المرأة التي أضرت بالمرأة والأسرة التونسية كثيرا.

باعتبارك رفيقة درب شكري بلعيد، فلو كان حيا، ماذا سيكون موقفه من الدستور الجديد حسب رأيك؟

كان سيفرح بكل تأكيد مثل كل التونسيين، فأي أمر إيجابي يكون مفيدا لتونس والتونسيين ويفتح أبواب الأمل والعيش الكريم والحرية والكرامة يسعد شكري، وأنا على يقين أنه لو لم يمت شكري لانتهى حكم النهضة بعد حدوث أول عملية اغتيال سياسي ولن ينتظر مرور عام كامل على رحيله.