قبل فترة قصيرة لم يكن اسم الوزير في حكومة النهضة، مهدي جمعة، واردا كصاحب حظّ في تسنم منصب رئاسة الوزارء، لكن نتائج الحوار الوطني بين الفرقاء التونسيين صدّرت اسمه إلى الواجهة كي يمسك بزمام السلطة التنفيذية خلال ما تبقّى من المرحلة الانتقالية بعد أن منحه المجلس الوطني التأسيسي الثقة بأغلبية مريحة ليلة 28 كانون الثاني/ جانفي، وهو الآن مكلّف بالسير بالبلاد في المرحلة الانتقالية نحو انتخابات تشريعيّة ورئاسيّة.
قبل فترة قصيرة لم يكن اسم الوزير في حكومة النهضة، مهدي جمعة، واردا كصاحب حظّ في تسنم منصب رئاسة الوزارء، لكن نتائج الحوار الوطني بين الفرقاء التونسيين صدّرت اسمه إلى الواجهة كي يمسك بزمام السلطة التنفيذية خلال ما تبقّى من المرحلة الانتقالية بعد أن منحه المجلس الوطني التأسيسي الثقة بأغلبية مريحة ليلة 28 كانون الثاني/ جانفي، وهو الآن مكلّف بالسير بالبلاد في المرحلة الانتقالية نحو انتخابات تشريعيّة ورئاسيّة.
ويعد جمعة (51 عاما) شخصية غير معروفة نسبيا في الشارع التونسي حيث انطلقت تجربته السياسية في آذار/مارس 2013 بإمساك علي العريّض لمقاليد السّلطة عندما اوكلت إليه حقيبة الصناعة.
ويعلم رئيس الحكومة الحالي أن مهمّته ليست بتلك السهولة، وأن الفترة التي سيقود بها البلاد شديدة الحساسية، تكتنفها انتخابات عليه ضمان شفافيّتها ونزاهتها مرورا بعديد الملفّات المتعلّقة بها.
وتواجه حكومة جمعة جملة من التحديات الامنية والاقتصادية قد تتحول إلى ألغام في طريقه، وتمنعه من الوصول إلى انتخابات شفافة ونزيهة في أقرب الآجال.
من العنف إلى الإرهاب
بلوغ انتخابات تشريعيّة ورئاسيّة لن يكون إلا عبر تسوية بعض الملفّات المرتبطة بها. ولعلّ أبرزها الملفّ الأمني الذي أرهق الحكومات المتعاقبة بعد الإطاحة بنظام بن علي دون السّيطرة عليه. فقد تصاعدت وتيرت العنف بعيد الثّورة، من اعمال شغب وتخريب، لتصل إلى الاغتيالات السياسيّة والإرهاب.
يصعب تحقيق نجاح للفريق الحكومي المقبل دون إعادة الملف الامني إلى الاستقرار الذي كان عليه زمن بن علي. باعتبار أن الاستقرار يقابله نجاح الانتخابات وانتعاش البلاد على الكل المستويات. وخلال إدارة الترويكا عصف العنف بسياحة البلاد ومكانتها كوجهة للمستثمرين.
الوقت ليس في صالحه
“إن الوصول إلى مرحلة الانتخابات هو أولوية أولويات الحكومة ولكن لا بد من تهيئة كل الظروف الأمنية خاصّة، والآن العمل متواصل لتحسين الوضع الأمني في البلاد”. هذا ما قاله جمعة وهو ما يؤكد أنّه يعي جيّدا حساسيّة هذا الموضوع.
ادراك جمعة لأهميّة استقرار الأوضاع الأمنيّة جعله يتشبّث بلطفي بن جدّو وزير الداخليّة في حكومة علي العريّض. ورغم معارضة قوى سياسيّة عديدة فقد تمسك رئيس الحكومة الجديد ببن جدو، ربّما خوفا من تعيين آخر لا يعلم بخبايا الوزارة الأكثر غموضا في تونس على مدى عقود، خاصّة انّ الوقت ليس في صالحه.
محمد القوماني أمين عام حزب الاصلاح والتنمية يرى ان الحكومة المقبلة موكول لها دفع البلاد في أسرع وقت ممكن الى الانتخابات. واعتبر أن ذلك يتطلب مناخا أمنيا واجتماعيا وسياسيا سليما، وخاصّة “عبر استئصال الارهاب وحالات الانفلات للنّجاح، وأكثر من ذلك تهيئة أرضيّة لنجاح الحكومة التي ستليها لإخراج البلاد من الوضعيّة الحرجة”.
وقال القوماني لـ”مراسلون” “تسوية الملف الأمني متّصل أيضا بحلّ “رابطات حماية الثورة” من جهة، ومن ناحية ثانية هذا الموضوع أساسي لتهيئة أرضيّة سليمة لإجراء انتخابات لا يمكن التّشكيك فيها من أيّ طرف”.
لم يكن حمزة حمزة عضو مجلس شورى حركة النّهضة مخالفا للقوماني في الرّاي. وقال لـ”مراسلون” أن الحكومة المقبلة مطالبة بإنجاح الانتخابات أوّلا، وبإعادة الاستقرار والأمن الى البلاد، باعتبارها السّبيل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد الوطني وإعادة الثّقة للمستثمرين الأجانب”.
حلول اقتصادية عاجلة
الوضعيّة الاقتصادية الصّعبة للبلاد أُلقيت مهمّة إنعاشها كذلك على عاتق حكومة جمعة رغم قصر المدّة التي سيقود فيها البلاد. وقد بلغ العجز في ميزان المدفوعات 8٪ ممّا يعني أن خزينة الدولة شبه فارغة.
كما ان التضخم المالي بلغ 6٪ مما ينعكس على غلاء الأسعار في حين يقول الخبراء في الاقتصاد انّه لا يجب أن يتجاوز 3٪. كلّها مؤشّرات لا يمكن ترجمتها إلاّ على نحو: “مهمّة بن جمعة صعبة”.
المختص في الاقتصاد حسين الدّيماسي يرى خلال حديثه لـ”مراسلون” إن حكومة مهدي جمعة لا تملك حلا سوى الحصول على قرض صندوق النقد الدولي الذي تم تجميده لـ”عدم الاستقرار الأمني” حسب بلاغ للمؤسّسة الماليّة في وقت سابق.
وتوقعت مصادر حكومية وبعض الخبراء والمحللين الاقتصاديين التونسيين أن يعطي صندوق النقد الدولي الضوء الأخضر لتونس لمنحها الجزء الثاني من القرض الذي طالما انتظرته حكومة علي العريض، وذلك بعد انقشاع الأزمة السياسية بالمصادقة على الدستور وتشكيل حكومة جديدة. وقد وافق الصندوق فعلا يوم 29 جانفي/ كانون الثاني على منح تونس قرضا بقيمة 500 مليون دولار.
الحل للخروج ولو نوعيّا، حسب الديماسي، من التقهقر الاقتصادي يحيل مجدّدا إلى تسوية الوضعيّة الامنيّة في البلاد، وتحسين مؤشرات تصنيف تونس لدى المؤسسات الدولية التي شهد تراجع مستمر لنفس السّبب، بما يشجع المستثمرين في الداخل والخارج.
ثقة التونسيون و مدى تفاؤلهم بمهدي جمعة كان موضوع سبر آراء أجرته وكالة “سيغما كونساي” وقد كشف ان درجة التفاؤل بنجاح حكومة مهدي جمعة القادمة في مهامها بلغ 60.6%.