بحسب ربيعة بن عمار، المتحدثة باسم وزارة العمل الليبية، فإن عدد الشباب الذين سجلوا أنفسهم لدى وزارتها كعاطلين عن العمل بعد الثورة كان “صادما”.

وهي في هذه المقابلة تكشف بن عمار عن الأسباب التي جعلت المعدل الرسمي للبطالة في ليبيا يصل إلى حوالي 12%، مؤكدة أن هذا الرقم “وهمي”، وأن عدد العاطلين عن العمل أقل من ذلك بكثير.

بحسب ربيعة بن عمار، المتحدثة باسم وزارة العمل الليبية، فإن عدد الشباب الذين سجلوا أنفسهم لدى وزارتها كعاطلين عن العمل بعد الثورة كان “صادما”.

وهي في هذه المقابلة تكشف بن عمار عن الأسباب التي جعلت المعدل الرسمي للبطالة في ليبيا يصل إلى حوالي 12%، مؤكدة أن هذا الرقم “وهمي”، وأن عدد العاطلين عن العمل أقل من ذلك بكثير.

مراسلون” التقت ربيعة عمار، مستشار وزير العمل والتأهيل، والمتحدثة باسم الوزارة، التي سلطت الضوء على مشكلة أكبر من مشكلة البطالة بحسب رأيها، وهي ثقافة العمل لدى جيل الشباب، ومستوى توقعاته من الدولة.

مراسلون: لماذا تشككون في البيانات الرسمية حول نسبة العاطلين عن العمل في البلاد؟

بن عمار: خلال هذا العام أعلنا عن تحديث منظومة الباحثين عن عمل لتعرض بعض المنظومات للتلف. لكن وفي الوقت نفسه سرت إشاعة تقول إن الدولة ستمنح مكافأة مالية للباحثين عن عمل، الذين يسجلون أنفسهم لدى الوزارة، فجاءت الأرقام غير صحيحة وتجاوز عدد المسجلين 400 الف باحث أي بنسبة 12% وهو مايعد رقم مبالغ فيه.

على سبيل المثال، اكتشفنا وجود ربات بيوت تجاوزن سن العمل وتقدمن للتسجيل بغرض الحصول على منح مالية لا فرص عمل، بالإضافة لمتحصلين على تراخيص وأذونات مزاولة أنشطة فردية قاموا بتسجيل أنفسهم.

ما الذي دفع إذن كل أولئك الشبان والشابات للقدوم وتسجيل أنفسهم؟ هل هي فقط المكافأة المالية؟

في ليبيا نعاني من ثقافة اسمها: “ضرورة العمل في القطاع العام”. من لا يعمل بالقطاع العام نفسه عاطل عن العمل وباحث عن عمل.

حتى الحاصلين على تراخيص في مزاولة مهن خاصة  تدخل عليهم عوائد مالية تفوق مرتبات التابعين لأجهزة الدولة يعتبرون انفسهم باحثين عن عمل، وهو مايعد مخالف لمعايير منظمتي العمل الدولية والعربية اللتين تعرّفان العاطل عن العمل بمن لا يتقاضى مرتب أو من لديه القدرة على العمل ولم يتحصل على فرصة.

إذن المشكلة برأيك تكمن في ثقافة العمل السائدة في ليبيا وليس في محدودية فرص العمل؟

إلى حد كبير، إذ إن هناك فرص عمل  شاغرة كثيرة لكن الشباب الليبي يرفض هذه الفرص المتاحة لأنها لا تواكب طموحاته، وهذا ما نسميه البطالة الوهمية. والدولة لهذا السبب أمام معضلة خطيرة تكمن في ترهل القطاع العام وتدني أداء القطاع الخاص وعزوف الشركات الأجنبية عن الرجوع للعمل داخل البلاد.

كما أننا نعاني من ثقافة النظرة الدونية لبعض المهن التي كان يشغلها ليبيون في السابق، منها العمل في المطاعم والمقاهي وصناعة الاغذية وشركات النظافة وغيرها، وهي الآن مشغولة بالكامل من قبل أجانب وبمقابل مالي كبير جدا.

واستشهد هنا بحملة تفتيشية أطلقت مؤخرا تحت اسم “حملة طرابلس الكبرى” تقصد  الشركات الكبرى لمعرفة العمالة التي تشتغل في التنظيف والمطاعم والمناولة، ووجدت كلها تشغل من قبل أجانب. وتم الاعلان عبر وسائل الاعلام لمن يرغب العمل بهذه الوظائف من الليبيين وكانت حصيلة المتقدمين أقل من متدنية.

ماذا عن وسائل تغيير هذه الثقافة. تدريب الشباب مثلا على مهن جديدة؟

الشباب في ليبيا يرفضون فكرة التدريب والكل يرغب في الحصول على فرصة عمل يكون بموجبها مدير لا متدرب. وبعد ثورة السابع عشر من فبراير ساهمت عملية عسكرة الشباب في تعميق هذه الثقافة بانضمام أعداد كبيرة منهم لوزارتي الداخلية والدفاع والتي من خلالها يتحصل الموظف على مرتب يصل إلى 1400 دينار ليبي مقابل تكليفه بحراسة يوم واحد في الأسبوع أو أربعة ايام شهريا على أكثر تقدير. وعندما تتوفر له فرصة عمل من خلال الوزارة يرفض رغم أنه يحمل شهادة مهنية تمكنه من العمل ورغم أن تخصصه مطلوب بالدولة.

لقد كان لدينا مراكز مهنية متخصصة في التدريب على المهن كالميكانيكا واللحام والتبريد والتكييف وغيرها، وكانت مخرجاتها تناسب متطلبات سوق العمل، لكن عزوف الشباب عن ارتيادها بسبب النظرة الدونية لهذه الأعمال خلق فجوة في السوق سارعت إلى تغطيتها عمالة أجنبية وبمرتبات فائقة جدا.

ماذا عن الجهاز الإداري للدولة وفرص العمل المتاحة به؟

منذ بداية التوظيف في أوائل السبعينات ونحن نعاني من ترهل الجهاز الإداري. حتى الآن وأكثر من نصف العاملين في القطاع العام يحسبون على البطالة المقنعة، وهم عبارة عن موظفين موجودين يتقاضون مرتباتهم ولا يؤدون خدمة. ولأن الجهاز الإداري يعاني من تضخم في أعداد العاملين فيه، لا يستطيع استيعاب أعداد جديدة باستثناء تغييرات بسيطة، كتعويض التسرب الطبيعي الناتج عن التقاعد والوفيات.

هناك فئة من الشباب جرى تعيينها عن طريق الوزارة في عشرات الشركات الأجنبية في البلاد. ما مصير هذه الفئة اليوم؟

بعد توقف المشاريع الأجنبية نتيجة الظروف الأمنية حاولت وزارة العمل تدريب أولئك العاملين المؤهلين لغرس ثقافة العمل المهني في الشارع الليبي. وأطلقنا مشروعين أحدهما مشروع التدريب للباحثين عن العمل من المؤهلين وتعاقدنا مع 320 مكتب تدريب في الداخل لتدريب 22 ألف باحث عن عمل في مجال المهارات واللغة الانجليزية والكمبيوتر والمهارات الحياتية والصحية والسلامة المهنية يخضع خلالها المتدرب لتدريب مدته أربعة أشهر ويحصل على منحة مالية قدرها 200 دينار وجهاز حاسوب.

لكننا صدمنا أن المسجلين لغرض التدريب ينقطعون عن التدريب بعد المباشرة بأيام قليلة، ومنهم من لا يحضر أصلا بعد تسجيله، وهو ما يسبب إرباكاً في عملية التدريب في المراكز التي تم التعاقد معها. وفي بعض المراكز لم يتجاوز عدد الحضور عشرين متدربا من أصل ستين.

في بعض المراكز قمنا باستبدال المتغيبين بآخرين، لكن المراكز المتقدمة في مراحل الدراسة لن تتمكن من استقبال طلبة جدد.

ماذا عن  الباحثين عن العمل من غير المؤهلين؟

حاليا  تعمل الوزارة على برنامج التدريب المهني واتفقت مع عدد من المؤسسات في تونس ومصر والأردن وايطاليا على تدريب الباحثين عن عمل. ولدينا مشروع كبير نعمل على إطلاقه وبموجبه سيتم إيفاد 1400 شخص للتدريب في شركات الهونداي والسامسونج وLG وغيرها من الشركات العالمية، يخضع من خلاله المنخرط في البرنامج التأسيسي لدورة تدريبية داخل ليبيا لمدة شهر وبعدها يتم إيفاده لمدة ستة أشهر إلى سنة حسب التخصص للتدرب في الشركة.

هل تعتقدين أن مشاريع التدريب الجديدة ستفلح في اجتذاب أولئك الشباب؟

(تضحك) نعم أعتقد ذلك.. فهناك رغبة لدى المتدربين في السفر خارج البلاد أكثر من الحصول على فرص عمل.