الإجراءات الأمنية المشددة التي تحيط بالنائب المنجي الرحوي، كانت نتيجة إصدار فتوى بقتله بسبب تكفيره من طرف نائب من حركة النّهضة واتهامه بعدائه للإسلام في إحدى الإذاعات المحليّة. في ما يلي يتحدث الرحوي لـ “مراسلون” عن حقيقة تلك التهديدات.

الإجراءات الأمنية المشددة التي تحيط بالنائب المنجي الرحوي، كانت نتيجة إصدار فتوى بقتله بسبب تكفيره من طرف نائب من حركة النّهضة واتهامه بعدائه للإسلام في إحدى الإذاعات المحليّة. في ما يلي يتحدث الرحوي لـ “مراسلون” عن حقيقة تلك التهديدات.

مراسلون: صدرت فتوى بإهدار دمك هل من توضيحات حول هذا الموضوع؟
الرحوي: أعلمتني المصالح المختصّة بوزارة الدّاخليّة بمسألة صدور فتوى بإهدار دمي، دون تقديم أي تفاصيل عن هويّة الجهة الّتي أصدرت الفتوى أو أي معلومات دقيقة، وعلى حدّ علمي الدّاخليّة بصدد متابعة التهديدات الّتي وردتني بصفة جدّيّة. وتمّ تخصيص حراسة أمنيّة مكثّفة لمرافقتي في كلّ تنقّلاتي وتحرّكاتي وفي أي مكان بتنسيق محكم مع وزارة الدّاخليّة.

“النائب الرحوي معروف بعدائه للدين، وهو كعلماني يتوتر مع ذكر كلمة إسلام، ويريد لو أن الدستور ليس فيه أي كلمة إسلام ولا دين”، هذا ما قاله النائب الحبيب اللوز، ما رأيك بهذا التّصريح؟

هذه أقاويل لا أساس لها من الصّحّة والمغزى منها استعمال الدّين في المنافسة السياسيّة لتكبيل الخصوم السياسيين، ففي تصور الديمقراطيين تقوم مدنيّة الدّولة على المواطنة والمؤسسات والحريّة والديمقراطيّة والمساواة أمّا بالنسبة للنّهضوي الحبيب للّوز فتعني مدنية الدّولة إجراء انتخابات لا غير، ثمّ من هو الحبيب اللّوز ليقيّم مدى تديّن المواطنين وحبّهم للإسلام؟!

ما السّبب في تصريح اللّوز هذا؟

عندما كنا بصدد مناقشة الفصل الأول من الدستور وتحديدا عندما بينت أن الدولة شخصيّة معنويّة ولا يمكن أن يكون لها أيّ دين وبأنّ الدين للشعب لا غير وبطبيعة الحال كان رأيي في تعارض تام مع تأويل الحبيب اللّوز للفصل الأوّل فما كان منه إلّا المسارعة وإتّهامي بمعاداة الإسلام.

يعنى أن الفصل الأول من الدستور الجديد يمكن قراءته بطريقتين؟

نعم نحن أمام تأويلين اليوم للفصل الأول للدستور الذي ينص على أن “الإسلام دين الدّولة”. هناك قراءة قدّمها النّائب النهضوي الصادق شورو وقراءة قدمتها انا وهما تصوران متعارضان لمدنيّة الدولة. 
الدولة في نظري لها قوانين وليس لها دين. شعب تونس هو شعب مسلم والدين ملكه وليس ملكا للدولة. كنّا نعتقد ان الفصل الاول توافقي وإنتهى الجدل بخصوصه ولكن فوجئنا بقراءة الصادق شورو لهذا الفصل فلديه مفهوم آخر لمدنيّة الدولة وبالتالي للأسف نحن الآن أمام تأويلين للفصل الأول.

هل تعتبر أنّ تصريح اللّوز كان السّبب في إصدار فتوى بقتلك إذن؟

بطبيعة الحال فقد كفّرني على الهواء ودعا لقتلي بصفة غير مباشرة.

حركة النّهضة تبرّأت من تصريحاته والنّائب إعتذر فهل قبلت اعتذاره؟

اعتذاره لم يكن صريحا فهو دائما يتذرّع بكون تصريحاته تُخرج من سياقها كما كان الحال مع ختان البنات وتهديه للشّهيد بلعيد، وفيما يخصّ بيان حركة النّهضة فيه تبرّؤ مما صدر عن اللّوز ذلك لأنّها لا يمكنها التورّط في مساندة تصريحات كالّتي أدلى بها القيادي بها بصفة علنيّة للتبعات السياسيّة التي ستنجرّ عن ذلك.

هل تقصد ان حركة النّهضة تساند تصريحات اللّوز بصفة خفيّة؟

النّهضة تستفيد من القيادات المتشدّدة داخلها في التّعبئة وإظهار أنّها الحامي للدّين الإسلامي الذي يُحدق به الخطر ولكنّها لا تعلن ذلك.

بصراحة، هل خفت؟

(يضحك) فقط توجّست من دخول البلاد في حرب أهليّة في حال إغتيالي.

هناك أنباء عن مقاضاتك للّوز، هل هذا صحيح؟

بطبيعة الحال سأقاضيه وقد حصل المحامي على ملف القضية لتولّي رفعها لوضع حدّ لمثل هذه الممارسات التي تسبّب في جرائم ومآسي. فلا قدر الله لو تم اغتيالي آنذاك لكانت البلاد دخلت حربا أهليّة وبالتالي لن أساهم في تمادي المارقين عن القانون.

بعد الفتوى بقتلك تمّت إضافة “تحجير التّكفير” في الدّستور، هل تعتقد ان هذا كفيل لإيقاف سيل التّكفير في تونس؟

مع حملات تحسيسيّة وتوعية دينيّة معتدلة أعتقد انّنا سنفلح في وقف “موضة التّكفير” التي اجتاحت بلادنا بعد الثّورة.

ما رأيك بالإحتجاجات التي عمّت البلاد خلال هذه الأيّام؟

هذه الحركات الاحتجاجية، خاصّة ضد الإتاوة على السيّارات، أثبت ان الشارع ما يزال يحتفظ بوعيه بمصالحه وبروحه الثّوريّة وقد دفعت هذه التحرّكات الحكومة المستقيلة إلى تعليق الإتاوة وتوقّع أن يلغيها قانون المالية التكميلي، ولكن في المقابل أدعو الجميع إلى التحلّي بالسلميّة في التحرّكات وعدم الدخول في مربّع العنف.

ما رأيك في دستور البلاد المقبل، من خلال الفصول التي تمّت المصادقة عليها، إلى حدّ السّاعة؟

كل ما أستطيع قوله أنه مرضِ ومتوسّط عموما.

هل نفهم أنّك راض على الإبقاء على عقوبة الإعدام في الدّستور؟

بطبيعة الحال لا. أنا ضد المس بالحياة البشريّة مهما كانت الأسباب ولكن التّصويت أفرز على إبقاء هذه العقوبة رغم محاولتنا كقوى ديمقراطيّة لمنعها.