قبل أيام نشرت رسامة الكاريكاتير ليليا هتول على موقع إعلامي تونسي “حقائق اونلاين”، رسما كاريكاتوريا يجسم رئيس المجلس التأسيسي التونسي السيد مصطفى بن جعفر ونائبه الأول في رئاسة المجلس السيدة محرزية العبيدي، وكتبت على الرسم عبارتان باللهجة التونسية. كانت العبارة الأولى مقولة لبن جعفر “سيكون لنا أغلى دستور في العالم، كلفته أكثر من 100 مليار (دينار تونسي)”، والثانية على لسان محرزية العبيدي “افرحوا، ما زلنا قاعدين (سنبقى في المجلس)”.

قبل أيام نشرت رسامة الكاريكاتير ليليا هتول على موقع إعلامي تونسي “حقائق اونلاين”، رسما كاريكاتوريا يجسم رئيس المجلس التأسيسي التونسي السيد مصطفى بن جعفر ونائبه الأول في رئاسة المجلس السيدة محرزية العبيدي، وكتبت على الرسم عبارتان باللهجة التونسية. كانت العبارة الأولى مقولة لبن جعفر “سيكون لنا أغلى دستور في العالم، كلفته أكثر من 100 مليار (دينار تونسي)”، والثانية على لسان محرزية العبيدي “افرحوا، ما زلنا قاعدين (سنبقى في المجلس)”.

معنى العبارتين يلخص بصفة جلية ما يتداول في أوساط التونسيين من أن نواب المجلس التأسيسي الذين انتخبهم التونسيون في تشرين أول/ أكتوبر 2011، كانوا سببا مباشرا في المشكلات اليومية التي يعيشها المواطن لا سيما الاقتصادية منها.

الخبير المالي سامي الرمادي، رئيس الجمعية التونسية للشفافية المالية، أكد على أن تكلفة الفصل الواحد من الدستور ستكون في حدود 788 ألف دينار، و قد كانت في آذار/مارس الماضي تقدر بـ 597 ألف دينار تونسي، علماً أن عدد فصول الدستور سيكون 146 فصلا.

وبحسب الخبراء في الشؤون المالية، فقد بدأت مصاريف الدستور التونسي بداية من شهرأيار/ ماي 2011 عندما شرعت الهيئة المستقلة للانتخابات في عملها. واذا حسبنا مجموع الأموال التي رصدت للمجلس التأسيسي منذ بداية عمله الى غاية شهر كانون ثاني/جانفي الجاري فإن جملة التكلفة تبلغ 115 مليون دينار. وللإشارة فإن هذه الأرقام قابلة للزيادة إذا ما تواصلت الخلافات وتعطلت المصادقة على الدستور.

ويعتبر الملاحظون وخاصة خبراء القانون وبعض السياسيين على غرار أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد أن مدة كتابة الدستور قد طالت أكثر من اللزوم. واعتبر سعيد في هذا السياق أن قضية الدستور تحولت إلى قضية سياسية بامتياز وأن وظيفة الدستور لدى الساسة الحاليين هي التبرير لوجود السلطة في الحكم حسب تقديره. كما استغرب من إمكانية المصادقة على الدستور في ظرف عشرة أيام في حين استغرقت كتابته سنتين.

وأكدت رئاسة المجلس الوطني التأسيسي في بيان لها في أواخر الشهر الماضي على أن المجلس سيواصل مهامه بعد وضع الدستور في ممارسة السلطة التشريعية واستكمال القوانين الأساسية وعلى رأسها القانون الانتخابي إلى حين انتخاب البرلمان القادم وذلك وفق ما ينص عليه التنظيم المؤقت للسلطات العمومية.

ويتعرض نواب المجلس التأسيسي إلى العديد من الاتهامات الصادرة من هنا وهناك خاصة من قبل الفئات الشعبية محدودة الدخل التي لا يهمها ما كتب في الدستور بقدر ما يهمها تحسين أوضاعها المعيشية.

ومثلت الزيادة في الضرائب التي أقرتها وزارة المالية وصادق عليها النواب ضمن ميزانية 2014 سببا في حدوث احتجاجات شعبية في العديد من المدن التونسية.

وحسب معهد الاحصاء التونسي فإن عدد العاطلين عن العمل وصل الى 650 ألف شخص بنسبة قدرت بنحو 16 بالمائة. كما ان نسبة الفقر وصلت حسب تقارير المعهد نفسه الى 15.5 بالمائة.

لكن النواب الذين أصبحوا يعيشون تحت الضغط الشعبي والسياسي يعتبرون أن مدة كتابة الدستور عادية وقد أدت في النهاية إلى انتاج دستور يمكن أن تفتخر به تونس في محيطها الاقليمي والدولي.

وتعتبر المنح والامتيازات التي يتحصل عليها النواب هي الاخرى مثارا للجدل في الأوساط الشعبية والإعلامية خاصة مع إطالة أمد كتابة الدستور.

ويتهم رئيس المجلس ونائبه بالحصول على أجور مرتفعة كما يتهم أغلب النواب بالتمتع بمنح وامتيازات عالية. وكانت المحكمة الإدارية قد أبطلت في سنة 2012 قرارا من رئيس المجلس يقضي بالزيادة في أجره وامتيازاته.

ويذكر أن دستور 1959 وهو أول دستور تونسي بعد الاستقلال انبثق عن مجلس تأسيسي استمرت أشغاله أيضا أكثر من ثلاث سنوات. غير أن نواب الشعب في تلك الفترة كانوا متطوعين ولم يحصلوا على مقابل.