“مراسلون” جلست مع الحاجة منوبية (62 عاما) والدة محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 ليشعل احتجاجات واسعة في تونس انتهت بالإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي وأطلقت شرارة الربيع العربي. وتطرقت معها إلى أهم الأحداث التي عرفتها تونس على امتداد سنة 2013 لتعلق عليها، وفيما يلي إجاباتها التي اتسمت بالبساطة والعفوية.

مراسلون: رغم مرور ثلاث سنوات على وفاة محمد البوعزيزي إلا أنه بقي إلى اليوم قدوة، وحالات الإنتحار المماثلة مازالت مستمرة، ما هو تعليقك؟

“مراسلون” جلست مع الحاجة منوبية (62 عاما) والدة محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 ليشعل احتجاجات واسعة في تونس انتهت بالإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي وأطلقت شرارة الربيع العربي. وتطرقت معها إلى أهم الأحداث التي عرفتها تونس على امتداد سنة 2013 لتعلق عليها، وفيما يلي إجاباتها التي اتسمت بالبساطة والعفوية.

مراسلون: رغم مرور ثلاث سنوات على وفاة محمد البوعزيزي إلا أنه بقي إلى اليوم قدوة، وحالات الإنتحار المماثلة مازالت مستمرة، ما هو تعليقك؟

الحاجة منوبية: ابني رحمه الله وكتبه مع الشهداء أعاد كتابة التاريخ. فمن كان يتصور أن تؤدي حركة يائسة من شاب في مقتبل العمر انسد أمامه الأفق إلى تغيير وجه تونس والإطاحة بالطاغية زين العابدين بن علي. لقد فعل محمد ما عجز عنه الكثيرون من السياسيين بمن في ذلك البعض من الذين سجنوا وعاشوا خارج البلاد طويلا.

ابني محمد يمثل كل مواطن “زوالي” (بسيط) ثار من حيث لا يدري على الظلم. وأراد من خلال حرق جسده أن يثور على الظلم والقهر والجوع، فنجحت هذه الخطوة وأوقد من حيث لا يدري شرارة الثورة التونسية وكل الثورات العربية المتعاقبة.

تلك الخطوة بقيت خالدة لنجاحها ولهذا السبب أعتقد أن الإنتحار حرقا أصبح أقوى أشكال الإحتجاج ضد الظلم والقهر والإستبداد.

عرفت السنة المنقضية اغتيال بعض السياسيين في تونس على غرار شكري بلعيد ومحمد البراهمي، فكيف تابعت تلك التطورات؟

قلبي موجوع عليهما الإثنين رحمهما الله. في البداية كتموا صوت شكري نصير المظلومين والفقراء والمحتاجين في سليانة وسيدي بوزيد والقصرين وقفصة وغيرها من المناطق المحرومة والمهمشة في تونس، وكان شكري مثل ابني محمد مقداما وبطلا.

ثم اسكتوا صوت محمد الابراهيمي ابن سيدي بوزيد منبع الثورة. وكأن القتلة أرادوا أن يضربوا باغتياله الثورة في تونس برمتها، خاصة وأن البراهمي كان مثل بلعيد يتبنى كل قضايا الضعفاء والمحرومين، قلبي موجوع لأن دماء الرجال ذهبت هباء من أجل الحكام الجدد الذين لم يحلموا يوما بالعودة إلى تراب تونس.

وما هو رأيك فيما حدث العام الفائت من قتل للجنود ورجال الأمن إلى محاولات تفجير النزل؟

رغم عدم المامي الجيد بالمواضيع والأمور السياسية إلا أنني أؤكد أن ما حدث خطير للغاية، وصراحة لم يحدث سابقا حتى في زمن الطاغية زين العابدين بن علي. لم نكن نسمع بالإرهاب والتفجيرات والقتل والذبح، لكن مع الحكام الجدد أصبح كل أمر مباح وممكن، والسبب في رأيي هو التقصير الكبير في التعامل مع كل القضايا وعدم القدرة على توفير الأمن والحماية للتونسيين.

ما هو تقييمك لأداء حكومتي النهضة بقيادة حمادي الجبالي أولا ثم علي العريض ثانيا؟

كلهم “كيف كيف” ( متشابهون). لقد فشلوا ولم يحققوا أي هدف من أهداف الثورة. لقد حرصوا على خدمة مصالحهم أكثر من أي شيء آخر والأوضاع التي تعرفها تونس حاليا تؤكد أن الحكومة السابقة عجزت عن تقديم أي إضافة ملموسة للتونسيين الذين تعبوا كثيرا في السنوات الماضية.

خلال الفترة الماضية أفرز الحوار الوطني تغييرا جديدا على المستوى السياسي يتمثل في انتهاء حكم النهضة، فكيف تعلقين على هذا التحول؟

أنا مع كل شخص وطرف يكون بمقدوره إفادة البلاد، فمصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وكل حاكم جديد يعمل بعزيمة وصدق واخلاص يجب علينا أن نسانده ونثق فيه.

يتأهب المجلس الوطني التأسيسي للإعلان عن نهاية كتابة الدستور التونسي الجديد، فماهي انتظاراتك؟

رغم حرصى على متابعة آخر المستجدات إلا أنني لم أفهم ماذا يفعلون ويخططون، ما أفهمه واقتنع به هو أن تونس بحاجة إلى “رجل صنديد” يكون قادرا على خدمة البلاد والعباد ويكون نصير الضعفاء والمظلومين ويعمل على القضاء على الفساد، هذا ما أفهمه…

خلال الفترة الأخيرة تم بعث صندوق لتعويض المساجين الذين عانوا الويلات زمن حكم بن علي، فهل تساندين هذا المشروع؟

إنه لأمر مضحك فعلا، فهل هؤلاء هم من أخرجوا الرئيس المخلوع؟ وهل هؤلاء هم من سقوا تراب تونس بدمائهم؟ هذا الأمر لا يرضي أحدا ولكن تلك رغبة الحكام الجدد الذين وجدوا كل شيء ممهدا ومهيئا كي يتقاسمون الغنيمة، والأكيد أن الشعب التونسي لا يرضى أبدا بمثل هذه الأمور.

شهدت أسعار المواد الاستهلاكية ارتفاعا كبيرا وقياسيا، فهل تعتبرين أن الأمر عادي بحكم الظروف الاستثنائية التي تعرفها تونس بعد الثورة؟

هذا حرام، ولا يرضي الله فكيف يمكن أن تصل الأمور إلى مثل هذه المرحلة الخطيرة التي تضرر منها المواطن البسيط بشكل كبير. لقد قام التونسيون بثورة من أجل العدل والمساواة وتحسين ظروف العيش لكن للأسف ازداد الفقير فقرا ولم يعد بمقدور أغلب التونسيين مجابهة المصاريف الباهظة، وهذه الزيادات المستمرة في الأسعار جعلت المواطن التونسي يعيش تحت الصفر.

بماذا تفسرين استمرار الإضرابات والاحتجاجات وارتفاع وتيرتها رغم مرور ثلاث سنوات على اندلاع الثورة؟

لأن المواطن التونسي لم يجد أي حل للمشاكل التي كان يعاني منها، وبسبب فشل الحكومة وعدم جدوى سياستها فإن الأمور السلبية استمرت. ولم يعد أمام المواطن سوى الاحتجاج والمطالبة بحقوقه في ظل تشبث السياسيين باللهف خلف الكراسي والمناصب.

شهد العام المنقضي سجن عدد من الصحفيين والفنانين، فكيف تصفين هذا الأمر؟

هو الظلم بعينه، فمن يتكلم ويسعى للكشف عن الحقائق يتم إلجام صوته و”قطع لسانه”، إنه الظلم والتسلط بعينه، لكن الشعب التونسي لم يعد يخاف أو يخشى الطغاة وصوته سيبقى دوما عاليا مهما تعرض للظلم.

ما هو رأيك في عودة التجمعيين للساحة السياسية؟

كل من يريد أن يعبر فله الحق في ذلك في كنف الحرية ولكن المواطن المسؤول يعرف جيدا تحديد الخيار الأنسب ويضع ثقته في الشخص الذي سيخدم البلاد.

نشر رئيس الجمهورية التونسية المؤقت محمد المنصف المرزوقي كتابه الأسود الذي أراد من خلاله فضح المتورطين في خدمة النظام السابق، فهل تؤيدين ما قام به المرزوقي؟

ما أقدم عليه المرزوقي عاد عليه بالوبال ولم يهزم إلا نفسه فقط. كان من الأفضل أن يسعى إلى تقديم صورة إيجابية عن نفسه وشخصه وليس التهجم والتعدي على الأشخاص، فلم يسلم منه الميت والحي. حتى الرياضة لم تسلم من كتابه الأسود.

على ذكر الرياضة، كيف تعلقين على فشل المنتخب التونسي لكرة القدم في التأهل إلى كأس العالم؟

هو سوء الحظ، فالطالع الحسن والفأل الخير لم يعد موجودا حاليا في تونس.

في الذكرى الثالثة لاندلاع الشرارة الأولى للثورة التونسية أي يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2012،غاب الرؤساء الثلاثة (رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس الوطني التأسيسي) فهل في الأمر علاقة لما حصل لهم في الذكرى الثانية عندما تم استقبالهم بالحجارة؟

كان من المفروض أن يتم تخليد هذه الذكرى الرمزية، أنا لا أعلم السبب الرئيسي الذي جعل ممثلي الحكومة يتخلفون ولكن كان من المفروض أن يحضروا مهما كانت الأسباب والعوائق. وأعتبر أن الحضور في مراسم الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة فخر وشرف لهم ولكل التونسيين، ومن واجب هؤلاء الحكام أن يحتفلوا بالتاريخ الصحيح للثورة التونسية وليس تجاهله بمجرد حدوث بعض التجاوزات في الذكرى السابقة.

هل استعمت إلى أغنية الراب التونسية “حوماني” التي حققت أعلى نسبة متابعة في المجال الغنائي بتونس؟

لا أعرفها ولم أسمعها أبدا، ربما إذا سألتني عن القرآن الكريم والكتب التي تهتم بديننا الإسلام كنت سأجيبك، ولكنني لست من هواة أو متابعي الأغاني وعلاقتي بالله لا تترك لي الوقت لمثل هذه الأمور.