“هم قالوا عملنا ثورة..أبي قلي وقتاش (متى)”. هذا الكلمات بالدارجة التونسية أداها مغني الراب klay bbj معبراً عن خيبة أمل يشاركه بها عدد لابأس به من الشباب التونسي، يعتبر أن ثورته سرقت منه على يد “الشيوخ”، وما أكثرهم في عالم السياسة.

المشهد بحسب هذه الأغنية لم يتغير عمّا كان عليه قبل ثلاث سنوات. ثورة خفت بريقها مع مرور الأيام وحادت عن مطالبها. السّلطة الجديدة تسعى إلى لعب ورقة “الإسلام في خطر” “والثورة في خطر”، بعد أن فشلت في حل القضايا الحيوية واليومية التي من أجلها ثار شباب تونس، يقول الشباب.

“هم قالوا عملنا ثورة..أبي قلي وقتاش (متى)”. هذا الكلمات بالدارجة التونسية أداها مغني الراب klay bbj معبراً عن خيبة أمل يشاركه بها عدد لابأس به من الشباب التونسي، يعتبر أن ثورته سرقت منه على يد “الشيوخ”، وما أكثرهم في عالم السياسة.

المشهد بحسب هذه الأغنية لم يتغير عمّا كان عليه قبل ثلاث سنوات. ثورة خفت بريقها مع مرور الأيام وحادت عن مطالبها. السّلطة الجديدة تسعى إلى لعب ورقة “الإسلام في خطر” “والثورة في خطر”، بعد أن فشلت في حل القضايا الحيوية واليومية التي من أجلها ثار شباب تونس، يقول الشباب.

ورغم أن الجيل الجديد لم يعش كما سابقه أيام الالتزام الحزبي، لكنه لا شك ساخط اليوم أكثر من أي وقت مضى على الأوضاع السياسية.

“خرجنا إلى الشوارع من أجل أن يكون لنا مستقبل، فكان جزاؤنا أن هُمّشنا”، يقول وديع الجلاصي صاحب صورة القفص الشهير في شارع الحبيب بورقيبة2011. ويرى أن حرية الرأي و التعبير مهددة كما كان عليه الحال في السابق، في ظل أحكام قضائية بحق شباب تهمتهم “إهانة الشرطة وخدش الحياء العام” سواء في أغاني الراب أو في العروض المسرحية والكتابة الإبداعية والصحافية.  

خدش حياء القائمين على الشأن السياسي في تونس حكومة ومعارضة ابتدعه الشباب من خلال أساليب خاصة، لينفسوا عن حالة “السخط” الدائم التي يعيشونها، مع برلمان يتكون من 150عضوا لا يوجد فيه سوى ستة دون سن 32 سنة، ثلاثة منهم من أبناء قادة بارزين.

“شيخوخة” مجلس شورى حركة النهضة ليست هي المؤشر الوحيد على ما تعيشه البلد من “زحف الشيوخ” على كامل مفاصلها، فقائمة العشرة شخصيات الأكثر تأثيرا في المشهد السياسي يبلغ سن أصغرها حمة الهمامي زعيم الجبهة الشعبية 62 سنة.

الثورة المغدورة

“لسنا حالمين، اننا نستفيق من حلم تحول الى كابوس” هذه العبارات يقتبسها  فوزي ديسي الناشط السياسي المتستقل عن مفكره المفضل سلافوي ججيك ليعبر بها عن خيبة أمله من مآلات ثورة أطلق عليها من الأسماء “ثورة شباب”.

حلم فوزي قبل ثلاث سنوات “بتيغير مفاهيم العمل السياسي وتجديد الدماء في ساحته”، فأصحاب الوجع هم من يضعون له حد من وجهة نظره، وأشد مواضع الوجع هي “البطالة” التي ارتفعت نسبتها عمّا كانت عليه قبل الثورة وبلغ رقم الملتحقين في صفوفها أكثر من مليون عاطل وفق الإحصائيات الرسمية بعد أن كان يناهز الـ 800 ألف عاطل عن العمل قبل الثورة.

وعود الحكومة في تغيير الواقع وتوفير فرص عمل للشباب لا يستسيغها فوزي ويعتبرها “دجل سياسي” مستندا إلى ما اعتبره مسلمة تقول إنه “في حالات السلم الاجتماعي لا يمكن تحقيق أكثر من 5 بالمائة كمعدل نمو سنوي وهو كفيل بادماج 70 ألف طالب شغل كحد أقصى في سوق الشغل، وهو ما يطرح سؤال عن مصير بقية العاطلين، خاصة وأنه يضاف اليهم 80 ألف خريج من الجامعات التونسية سنويا يبحثون بدورهم عن فرص عمل”.

انحراف الثورة عن مسارها لا يقتصر على فشلها في تطبيق شعار “شغل، حرية، كرامة”، ولا في تحقيق حلم تأسيس الجمهورية الثانية الذي تبنته نوال بوزيد، التي تقول: “ظننت أني كغيري انتخبنا مؤسسة شرعية تؤسس لنظام ديمقراطي فوجدنا سلط متداخلة ومتخبطة”. كما لا تتوقف اكتشافات الشابة ذات الـ 23 ربيعا عند هذا الحد بل طاولت حقيقة من هو أهل للحكم، “هل هو الشيخ الذي ناضل في شبابه ام الشاب الحلم بالغد؟”، تسأل.

فقبل الانتخابات كانت نوال تظن أن “التاريخ النضالي ضمانة للحكم، فمن قمع لن يقمع، ومن همش في

شبابه لن يهمش الشباب”، لكنها استفاقت على وقوعها ضحية “خداع” من قبل “الجيل القديم”.

“نحن المسؤولون. لقد أخطأنا في وضع ثقتنا في الشيوخ” هكذا حدّدت نوال بوزيد الطرف المسؤول عمّا باتت عليه الأوضاع التي فاقمت من عزوف الشباب عن الانخراط في المشهد السياسي، بعد أن “قتل السياسيون الحماسة فينا”.

كما بررت نوال التي فقدت ثقتها في جزء لا بأس به من الفاعلين السياسيين الذين وصلوا الى المناصب عبر “استغلال الشباب في حملتهم الانتخابية”.

مسؤولية استبعاد الشباب عن مراكز القرار، يحملها فوزي ديسي للشباب نفسه الذي غاب عن قائمة أعضاء الحكومة وعن المجلس التاسيسي الذي يبلغ معدل الأعمار فيه 45 سنة، كما غاب عن تقلد مناصب استشارية وما أكثرها في تونس.  

الذكرى الثالثة للثورة التونسية تأتي قريبا، وفوقها سحابة من الخيبة تظلل طموحات الشباب التونسي. ويؤكد فوزي أن على الشباب التعلم من خطئهم، وعدم ترك زمام القيادة في أيدي الأسماء القديمة. “علينا الانخراط بكثافة في كافة الاستحقاقات السياسية القادمة، “حتى لا يبتلعنا شيوخ السياسة” يحذر، مطالبا أبناء جيلها بمشاركة سياسية أوسع  في الانتخابات القادمة.