بعد أيام من إعلان الحكومة المصرية أن جماعة الإخوان إرهابية فسر محمد أمين المهدي وزير العدالة الانتقالية القرار بأنه إعلام للشعب بأن الجماعة إرهابية وهو ما يعني عمليا أن القرار ليس له أي مدلول أو تأثير قانوني، وإنما الأمر لن يتعدى الضغط على أعصاب قيادات جماعة الإخوان والعناصر المنتمية للجماعة.

بعد أيام من إعلان الحكومة المصرية أن جماعة الإخوان إرهابية فسر محمد أمين المهدي وزير العدالة الانتقالية القرار بأنه إعلام للشعب بأن الجماعة إرهابية وهو ما يعني عمليا أن القرار ليس له أي مدلول أو تأثير قانوني، وإنما الأمر لن يتعدى الضغط على أعصاب قيادات جماعة الإخوان والعناصر المنتمية للجماعة.

ويمكن القول أن التأثير الوحيد للقرار الذي ليس له أي سند أو قيمة قانونية كما قال كل فقهاء القانون هو أن وسائل الإعلام استبدلت وصف الجماعة بالمحظورة بآخر أكثر قسوة وهو الإرهابية. ولم يحدث ما هو أكثر من ذلك لأنه لم يصدر القرار بقانون كما طالب بعض القانونيين، كذلك فانه ليس في مصر قانون للإرهاب لكي يحاكم بموجبه أعضاء التنظيمات الإرهابية كما هو في بعض دول العالم الأخرى.

والطريف في تصريحات وزير العدالة الانتقالية هو أن الشعب المصري له موقف من الإخوان ولا يحتاج إلى قرار رسمي من الحكومة لتوصيف الجماعة. فالجيش الجمهوري الايرلندي على الرغم من كل العمليات التي قام بها لم تصفه الحكومة البريطانية بأنه إرهابي لأن العرف جرى على عدم محاكمة الجماعات أو التنظيمات وإنما يتم ذلك للإفراد فقط بحسم ما يرتكبوه من أعمال.

هو إذن قرار سياسي يستهدف الضغط النفسي على الجماعة وحصار أعضائها وإعطاء العوام أدوات جديدة في صراعهم ضد الجماعة، ذلك أن هؤلاء العوام التي تعطى لهم السلطة تسمية “المواطنين الشرفاء” هم أحد أبرز أدواتها في الصراع مع الجماعة. وهو صدر رضوخا لضغوط من الإعلام الذي يسعى إلى تعزيز الفاشية في المجتمع.

فقد طالب معظم مقدمي البرامج الحوارية في القنوات التلفزيونية الحكومة بإصدار هذا القرار واتهموها بأنها ذات أيدي مرتعشة وصورت للمشاهدين أن إعلان هذا القرار كفيل بإنهاء العنف الذي تمارسه الجماعة الأمر الذي حوله إلى مطلب شعبي وهو ما يتماشى مع الحالة الفاشية التي يسعى الإعلام لأن تتفشى في المجتمع وللأسف نجح إلى حد كبير فى تحقيق هذا الهدف.

وإذا كان وزير العدالة الانتقالية قال إن القرار ما هو إلا إخبار للشعب بطبيعة الجماعة، فإن أحد لواءات الداخلية قال إن القرار سوف يترتب عليه عقوبات قانونية حددها في تصريحاته لكل من يسير في تظاهرة تنظمها جماعة الإخوان أو يرفع لافتاتهم ومنها إشارة الأصابع الأربعة التي تدل على رابعة العدوية، ولم يقل لنا اللواء إلام استند في تهديده. 

وقامت الداخلية بالإعلان عن أرقام تلفونات لكي يبلغ المواطنون عن طريقها عن أعضاء جماعة الإخوان. ولا ندرى ما هي التهمة التي ستوجه إلى هؤلاء وكيف يثبت المواطن أن جاره أو زميله ينتمي إلى جماعة من المفروض أنها غير شرعية. وما الذي يضمن للداخلية بالا يستخدم هذا الأمر فى تخليص خلافات شخصية بين المواطنين وبعضهم البعض. وهذا الإعلان يعنى أن السلطة تريد أن تحول المصريين إلى شعب من الوشاة.

وليس صعبا أن نكتشف أن من يقف وراء هذه الحملة الإعلامية التي تسعى إلى حصار الإخوان هم المنتمين إلى نظام ما قبل 25 يناير، وخطاب هذه الحملة يسعى ليس فقط لحصار الإخوان وإنما يسعى لأن يحاصر أيضا أي أصوات عاقلة داخل الحكومة كانت ترى أن إعلان الجماعة إرهابية أو حتى المنتمين لها لابد وأن يكون عبر حكم قضائي من محكمة مختصة، فأصبح هؤلاء من الطابور الخامس أو أصحاب الايدى المرتعشة.

ومن عجب أن نرى الدكتور حسام عيسى نائب رئيس الوزراء للعدالة الاجتماعية ووزير التعليم العالي يصرح مساء في برنامج العاشرة مساء لوائل الابراشى أنه ليس مع أن يصدر مجلس الوزراء قرارا باعتبار جماعة الإخوان إرهابية ثم يقرأ بنفسه في اليوم التالي البيان الصادر بهذا الصدد. أي أن بعض أعضاء هذا الجناح خضعوا للابتزاز الذي مارسه الإعلام الفاشي عليهم. وفضلا عن ذلك فان الحملة تتضمن أي قوى سياسية أو افرد من الكتاب أو السياسيين لديهم رؤى وتصورات تختلف عن مقدمي البرامج من المطالبين بالمزيد من حصار الجماعة عبر إعلانها إرهابية.

على الجانب الأخر فإن جماعة الإخوان بكل ما تواجه من حصار شعبي قبل أن يكون رسمي وبكل الضربات التي وجهت لها منذ 30 يونيو حتى الآن مرورا بفض اعتصام رابعة فان سلوكها وممارساتها تسعى إلى المزيد من إحكام القبضة الأمنية على المجتمع. فالجماعة سلوكها يعزل الجناح الديمقراطي داخل السلطة وهو يطالب بالحوار معها إذا نبذت العنف لكنها تحرجه عبر ممارساتها وتعزله وتسعى إلى المزيد من الاستقطاب في المجتمع بما يحول المجتمع إلى الفاشية ويعطى مبررات لعودة الدولة البوليسية. وهى بممارستها تؤكد أن العنف احد أدواتها الرئيسية في العمل وبالتالي فهي فعلا إرهابية ولكن ذلك لم يكن الأمر يحتاج إلى قرار من الحكومة.