مع حلول الشتاء ومعه أزمة اسطوانات الغاز ظهرت تجربة “البيوجاز” (الغاز العضوي) في قرية ولاد إلياس إحدى قرى مركز صدفا في أسيوط (350 كلم جنوب القاهرة)، لتمثل طوق النجاة لحل أزمة البوتاجاز المستفحلة في الصعيد.
التجربة تنفذها وزارة البيئة بالتعاون مع المحافظة من أجل توليد الطاقة والحصول على سماد عضوي لتسميد الأراضي الزراعية من روث الماشية. وتقوم فكرتها على استخدام روث الماشية لدى الفلاحين وتجميعه في خزانات خاصة ملحقة ببيوتهم، ثم استخدام ما ينشأ عن هذا التخزين من غازات طبيعية في التدفئة والطهي، إضافة إلى استخدام الروث نفسه بعد ذلك كسماد عضوي.
مع حلول الشتاء ومعه أزمة اسطوانات الغاز ظهرت تجربة “البيوجاز” (الغاز العضوي) في قرية ولاد إلياس إحدى قرى مركز صدفا في أسيوط (350 كلم جنوب القاهرة)، لتمثل طوق النجاة لحل أزمة البوتاجاز المستفحلة في الصعيد.
التجربة تنفذها وزارة البيئة بالتعاون مع المحافظة من أجل توليد الطاقة والحصول على سماد عضوي لتسميد الأراضي الزراعية من روث الماشية. وتقوم فكرتها على استخدام روث الماشية لدى الفلاحين وتجميعه في خزانات خاصة ملحقة ببيوتهم، ثم استخدام ما ينشأ عن هذا التخزين من غازات طبيعية في التدفئة والطهي، إضافة إلى استخدام الروث نفسه بعد ذلك كسماد عضوي.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل يمكن أن نقضي على أزمة نقص اسطوانات الغاز من خلال تعميم التجربة خاصة وأنه لايكاد يخلو منزل بقرى الصعيد من الماشية التي تقوم عليها التجربة؟
موقع “مراسلون” نزل القرية والتقي بعض أصحاب التجارب لاستطلاع رأيهم ومدى رضاهم عن هذه التجربة.
لم أعد أشتري نهائياً
في قرية أولاد إلياس وتحديدا خلف المجلس القروي يقع منزل الحاج محمود محمد مصطفى، أحد أصحاب التجربة. حين التقيته كان مشغولا في تنزيل جرار زراعي استقدمه لأجل أغراضه الزراعية. لحظات وكان الحاج محمود يستقبلني في منزله ويحدثني عن تجربة البيوجاز.
يقول: “قبل الثورة جاءت مجموعة من خبراء وزارة البيئة والتقوا مسؤولي الوحدة المحلية لاختيار 50 منزلا لإقامة المشروع فيها، وبالفعل تم الاستقرار على اختيار منزلي وآخرين لتنفيذ التجربة. وعندما قامت الثورة تأخر تنفيذ المشروع عدة أشهر، ليبدأ التنفيذ الفعلي في مطلع العام الماضي. وقتها تم إنشاء وحدات البيوجاز”.
يشرح الحاج محمود بمزيد من التفاصيل عن شكل وحدة البيوجاز بمنزله وكيف تم إنشاءها قائلا إن الوحدة عبارة عن حفرة بعمق 6 أمتار وقطر 2 متر تقريبا، ويتم بناءها بالطوب والأسمنت والرمال والحصى.
وبدأت الإنشاءات بواسطة بناءين من الهند بالتعاون مع آخرين من محافظة الفيوم وقرية أولاد إلياس، وبعد شهرين تم الانتهاء من الإنشاءات وتجهيز الوحدة، وتركيب الخراطيم بها، وتجهيزها للعمل. ثم تم ملؤها بحوالي 2 طن من روث الماشية، وتغطيتها لمدة 15 يوما لتفاعل الغازات بها، وبعد هذه الفترة جرى تزويد الوحدة بحوالي 150 كيلو غرام من الروث ومثلها من الماء بشكل يومي، على أن يتم تخليط هذه الكميات في الحوض الذي يتم فيه سكب هذه المواد لبدء التفاعل والحصول على الغاز.
ويضيف: “كنت اشتري 3 اسطوانات غاز شهريا ولكن حاليا لا أشتري نهائيا، فقد وفر علي هذا المشروع مبالغ مالية كبيرة”، لافتا إلى أن بامكان هذا المشروع ان ينهي أزمة البوتاجاز خاصة ان كلفة إنشاء الوحدة لا تتجاوز 3 آلاف جنيه (435 دولار أمريكي)”.
غاز آمن
أسطوانات الغاز في القرية صعبة المنال، كما يشرح مصطفي شعلان، الذي يسكن إلى جوار منزل الحاج محمود، وارتفع سعرها في السوق السوداء حتى وصل إلى 40 و50 جنيها (نحو 7 دولارات) قائلا إنه يستهلك في الشهر من 4 إلى 5 أنابيب، وأن المبلغ قد يصل إلى 70 جنية عندما تشتد برودة الجو.
أما محمد عبدالرحمن، الذي شارك في تجربة الغاز العضوي، فيقول: “لا يوجد أي خطورة من وجود الوحدة في المنزل فحتى لو قطعت الخراطيم الناقلة للغاز فإنه لن يشتعل ولن يتسبب في حرائق فهو آمن تماما، أما بالنسبة للسماد المنتج من الوحدة التي عمقها 6 أمتار فيكفي لتسميد 7 أفدنة أما الوحدات الأصغر فتسمد عدد أفدنة أقل”.
ويضيف: “السماد المنتج من الوحدة من أجود أنواع الأسمدة، ولقد قمت بتجربة فعلية من أجل التأكد من ذلك، حيث قمت بتسميد محصول الرمان بهذه الأسمدة، وكانت النتيجة جيدة جدا، حيث كانت كمية المحصول هذا العام أفضل من العام السابق، كما قمت بتجربة السماد مرة أخري لأتأكد من فاعليته، حيث وضعت سماد عضوي لشجرة جوافة، وأخرى لم أضع لها سماد، فكانت ثمار الشجرة التي وضعت لها السماد أكثر وأفضل من الأخرى”.
وحول مدي استخدامه لأنابيب البوتاجاز بعد تركيب الوحدة يقول: “لقد استغنيت بشكل كبير عن البطاقات التي يوزعها التموين للحصول علي الاسطوانات، واكتفيت بما تنتجه الوحدة من غاز لاستخدامه في أغراض المطبخ”.
خطط لتوسيع المشروع
أزمة الأنابيب منتشرة بشدة في منطقة الصعيد، إذ يعاني الأهالي عادة من أجل الحصول على الاسطوانات. حتى مشروع توزيع بونات (بطاقات) على الأهالي لم يساهم في حل المشكلة كما يقول عادل توفيق، أحد أهالي القرية، مضيفا: “مع قرار توزيع الأنابيب بالبونات، قد أحصل علي أنبوبة أو اثنين علي الأكثر شهريا لأسرتي، في حين أنني احتاج إلي 4 أو 5 أنابيب شهريا، وهو ما يضطرني للجوء للسوق السوداء لشراء ما احتاج إليه”.
ويري أحمد حسن عبدالباري، رئيس مجلس قروي أولاد إلياس، أن الجيد في مشروع الغاز الحيوي أنه يتم بالمجان من قبل وزارة البيئة، حيث لم يدفع أي من أصحاب التجارب أي أموال في المرحلة الأولي للمشروع، أما المرحلة الثانية للمشروع التي بدأت في قرى كوم اسفحت والنخيلة فيقوم أصحاب التجارب بدفع نصف التكلفة التي تقدر بنحو 2000 جنيه تقريبا لإنشاء الوحدة الواحدة.
ووفقا لتصريحات منسوبة للدكتورة ليلى راشد اسكندر، وزيرة الدولة لشئون البيئة – منشورة في بوابة الأهرام في شهر تشرين اول/ أكتوبر الماضي – فإن المرحلة الأولى من المشروع والتى تم تنفيذها بقرية أولاد إلياس بعمل 50 وحدة تكلفت 250 ألف جنيه منحة كاملة من وزارة البيئة.
أما الدكتور نادر شحاتة، رئيس جهاز شؤون البيئة بأسيوط، فيقول إن المرحلة الثانية للمشروع تم البدء فى تنفيذها فى قريتى كوم اسفحت والنخيلة وسيتم التوسع فى إنشاء عدد الوحدات بها لتصل إلى 1500 وحدة جديدة لمنازل المواطنين فى هذه القرى بتكلفة تصل إلى 7 مليون جنيه بالمشاركة بين الأهالي ووزارة البيئة بدعم من الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هيئة التصنيع قامت بتصنيع بوتاجاز مثل الذي تم استيراده من الهند. ليس هذا فقط بل قام مصنع في المدينة الصناعية ببني غالب بمركز أسيوط بعمل أفران وسخانات تعمل علي وحدة البيوجاز وفي القريب سوف يتم تجربتها علي الوحدات التي يتم إقامتها، حسب قوله.
خفض استهلاك اسطوانات الغاز
مشروع الغاز الحيوي ستسهم في تخفيض استهلاك البوتاجاز كم يتوقع صالح عبدالله، وكيل مديرية التموين، قائلا إن التجربة ستسهم في إنهاء أزمة اسطوانات الغاز بنسبة 35%، مشيرا إلى أن أسيوط تستهلك حوالي مليون ونصف أسطوانة شهريا بتكلفة تقريبية تبلغ 55 مليون جنيه، وفي حالة تطبيق التجربة سوف يتم توفير أكثر من 15.5 مليون جنيه شهريا، وفي حالة تطبيق التجربة علي عموم الجمهورية سوف يتم توفير مليارات الجنيهات.
من ناحيته عبر اللواء إبراهيم حماد، محافظ أسيوط، عن سعادته بالمشروع قائلا إن مشروع “البيوجاز” يساهم في استغلال مصدر متجدد للطاقة وتحفيز التنمية الريفية بطريقة غير مركزية، بالإضافة إلى تحويل المخلفات إلى طاقة وهو طريقة مثلى للإدارة البيئية السليمة للمخلفات. وأضاف حماد “ويتمركز المشروع فى تحويل المخلفات إلى طاقة ينتج عنها سماد عضوي له قيمة مغذية كبيرة تفيد الفلاح، وتحويل المخلفات العضوية إلى طاقة يوفر من استهلاك البترول ويخفض من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون”.
التجربة التي أجريت حتى اليوم في محافظتي أسيوط والفيوم فقط صالحة إذن للتعميم في باقي المحافظات، من أجل حل أزمة اسطوانات الغاز. لاسيما وأن الدعم الحكومي المقدم لاسطوانات الغاز وصل بحسب تصريحات لوزير البترول المهندس شريف إسماعيل في “برنامج لقاء” على التليفزيون المصري إلى 22 مليار جنيه من إجمالي الدعم المقدم للطاقة والمواد البترولية المقدر بـ 130 مليار جنيه.