شكلت حادثة التفجير الانتحاري التي وقعت ببوابة “برسس” في المدخل الشرقي لمدينة بنغازي فجر الأحد 22 ديسمبر 2013، والتي تعتبر الأولى من نوعها، تطوراً نوعياً خطيراً على صعيد عمليات العنف التي تشهدها البلاد.
فالحادثة التي تصدرت عناوين نشرات الأخبار المحلية والعالمية، راح ضحيتها حوالي 12 قتيلاً و 15 جريح، بحسب الناطق الرسمي باسم الغرفة الأمنية المشتركة بنغازي ابراهيم الشرع، والذي أكد لمراسلون أن الحادث كان “تفجيراً انتحارياً وقع في وقت مبكر من اليوم”.
شكلت حادثة التفجير الانتحاري التي وقعت ببوابة “برسس” في المدخل الشرقي لمدينة بنغازي فجر الأحد 22 ديسمبر 2013، والتي تعتبر الأولى من نوعها، تطوراً نوعياً خطيراً على صعيد عمليات العنف التي تشهدها البلاد.
فالحادثة التي تصدرت عناوين نشرات الأخبار المحلية والعالمية، راح ضحيتها حوالي 12 قتيلاً و 15 جريح، بحسب الناطق الرسمي باسم الغرفة الأمنية المشتركة بنغازي ابراهيم الشرع، والذي أكد لمراسلون أن الحادث كان “تفجيراً انتحارياً وقع في وقت مبكر من اليوم”.
الشرع قال إن “شخصاً يقود سيارة دفع رباعي (نوع تويوتا لاند كروزر) ملغومة، قام بتفجيرها وسط البوابة بعد أن تم اعتراضه من قبل رجال الأمن”.
أما الحكومة المؤقتة من جهتها فقد أعلنت الحداد لثلاثة أيام على أرواح من قضوا في الحادث، وتعهدت بتحمل تكاليف العلاج لجرحى التفجير.
سابقة أخرى
قبل ذلك بأيام كانت بنغازي قد شهدت سابقة أخرى هزّت الرأي العام لبشاعة المنظر، وذلك عندما وصلت إلى قسم الإسعاف بمستشفى الجلاء “رأس مقطوعة” لشخص مختطف منذ أشهر، هو “عطية النايلي” والد “سالم عفاريت” الذي ذاع اسمه في ما عرف بـ “أحداث الصاعقة”.
وظلت هذه الرأس بلا جسد لمدة عشرة أيام، عثر بعدها عاملون في شركة الخدمات العامة في منطقة الهواري ببنغازي على بقية الجثة داخل كيس ملقى بالقرب من المقبرة.
سالم عفاريت أكد أن والده خطف قبل ثلاثة أشهر أي قبل المواجهات بين الصاعقة وأنصار الشريعة، في حين أكدت مصادر مطلعة لـ “مراسلون” أن والد الضحية خُطف من قبل عصابة ابتزت ابنه سالم للحصول على المال.
أحداث الصاعقة
“سالم النايلي” الملقب بـ “سالم عفاريت” هو المتهم من قبل جماعة أنصار الشريعة بالتسبب في مواجهات هي الأعنف في بنغازي منذ التحرير، بدأت بعد منتصف ليلة الأحد 24 نوفمبر الماضي واستمرت حتى العاشرة صباحاً، بين قوت الصاعقة التابعة للجيش الليبي ومجموعة من أنصار الشريعة، استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة من الجانبين.
بعد توقف الاشتباكات أرسلت وزارة الصحة لجنة أزمة أعلنت عند منتصف نهار الإثنين 25 نوفمبر، عن سقوط 9 قتلى و 49 جريحاً من صفوف قوات الصاعقة، وبعض المدنيين الذين شاركوا بالقتال.
وفي حين لم تؤكد أي جهات رسمية سقوط قتلى أو جرحى من أنصار الشريعة، تحدثت مصادر غير مؤكدة عن وصول مصابين من أنصار الشريعة لمدينة اجدابيا (160 كم غرب بنغازي)، لتلقي الإسعافات هناك، ولم تؤكد مصادر “مراسلون” هذه الأنباء أو تنفيها.
بداية المعركة
تلك المواجهات الدامية بدأت بعد وقوع إطلاق نار من قبل دورية تابعة لقوات الصاعقة على أحد المقرات التابعة لأنصار الشريعة، داخل كتيبة الفضيل بوعمر الأمنية سابقاً، في منطقة البركة ببنغازي.
شهود عيان قالوا إن “سيارة تتبع القوات الخاصة كان يستقلها شخص يدعى (سالم عفاريت) وبصحبته سائق، هم من بادروا بإطلاق النار على أفراد من أنصار الشريعة في منطقة البركة”.
وهي رواية أكدها السائق الخاص لعفاريت في اتصال بإحدى القنوات المحلية ببنغازي، و كذبها عفاريت من خلال تسجيل فيديو قام بنشره على موقع يوتيوب.
توسع الاشتباكات
بعد إطلاق النار في البركة توسعت دائرة الاشتباكات إلى أكثر من مكان، وكان أعنفها تلك التي دارت في منطقة “رأس اعبيده”، حيث تحصن عدد من أنصار الشريعة داخل مبنى يتخذونه مقرا لعيادة خيرية.
وقد أدت الاشتباكات التي دارت لساعات طويلة إلى إخلاء الشوارع من المارة، وإقفال المدارس والشركات العامة والخاصة وإقفال المحال التجارية، والتي عادت لتفتح أبوابها تدريجياً بعد نهاية المعركة، وبدأ الجيش يخفف من انتشاره في الشوارع دون أن يؤثر على وتيرة الاغتيالات المستمرة وبشكل شبه يومي لعناصر أمنية وعسكرية.
اشتباكات نوفمبر حركت المياه الراكدة في العلاقة بين أنصار الشريعة وقوات الصاعقة التي يرفضون وجودها في بنغازي، ويقللون من أهمية ما تقوم به من عمل لتأمين المدينة.
نفي وإقرار
وجاء رد آمر القوات الخاصة العقيد ونيس بو خمادة بحسب ما تداولته بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، نفياً لتبعية سالم النايلي للقوات الخاصة، وتأكيداً على أن النايلي تم فصله من القوات الخاصة منذ فترة طويلة ولم يعد تابعاً لها.
بوخمادة وفي اجتماع طارئ بالمجلس المحلي ومجلس الحكماء ببنغازي على خلفية الاشتباكات، أقر أيضاً بعدم “انضباط بعض من جنود الصاعقة، وتعاطي البعض منهم للمخدرات والخمور”.
وقد أدت مبادرة قادها عدد من الحكماء والمشائخ والعقلاء بالمدينة لإنهاء الأزمة بين الطرفين، وحدثت تهدئة عقبها نشر لقوات الجيش في كل شوارع بنغازي الخالية من المارة، بعد إعلان المجلس المحلي ببنغازي للعصيان المدني لمدة ثلاثة أيام.
دعم الصاعقة
فيماعقد المؤتمر الوطني العام اجتماعاً طارئاً لبحث المسألة، تمخض عنه إرسال وفد يترأسه رئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان ويضم عددا من الوزراء وأعضاء بالمؤتمر إلى بنغازي للوقوف على الوضع.
أما الحكومة وعلى لسان رئيسها فقد قررت دعم القوات الخاصة وإمدادها بكل ما يلزم، وشدت على أيدي بوخمادة لتطهير بنغازي من الإرهابيين والخارجين عن الشرعية، موقف كان يتوقع أن يأتي الرد عليه عنيفاً من قبل أنصار الشريعة.
ولكن في الجانب المقابل لم تتكرر الاشتباكات كما كان متوقعاً، ولم تشهد بنغازي أي ردود فعل صريحة لأنصار الشريعة، في حين استمرت عمليات الاغتيال التي قيدت كسابقاتها ضد مجهول.
مدن أخرى
في مدينة اجدابيا القريبة من بنغازي هاجم مواطنون جمعية خيرية تحمل أسم “جمعية الشريعة “، وقاموا باقتحامها واتلاف محتوياتها كردة فعل على احداث بنغازي.
وحول ذلك لم يؤكد رئيس المجلس المحلي اجدابيا سالم الصبيحي تبعية الجمعية لأنصار الشريعة، مؤكداً أنه لا يوجد لهم أي تنظيمات أو نشاطات في اجدابيا، وأنهم ربما وجدوا كأفراد لا كتنظيم كما في بنغازي.
المحلل السياسي السنوسي بسيكري تحدث لـ”مراسلون” مطولاً عن الوضع الأمني ببنغازي، قائلا إن “أول تفجير انتحاري منذ بداية الأحداث، من شأنه أن يحسم الجدل لدى الكثيرين، حول من يتورط في أعمال العنف من تفجيرات واغتيالات، بإدخال الإسلاميين المتشددين في المعادلة ليس على سبيل التخمين، ولكن بقناعة جازمة مردها أن من يستخدم هذا النهج هم القاعدة او من قاربها في التوجهات”.
مخاطر التصعيد
بسيكري يرى أن هذا التصعيد من شأنه أن يؤزم الوضع أكثر، بل ويسهم في تغيير شبكة العلاقات الداخلية على أساس أن العدو هم المتشددون وليسوا أي فريق آخر، وخطورة هذا المنحى ليس في اعتبار العناصر المتشددة خطراً، بل في حصر الخطر فيهم خصوصاً، خاصة وأن هناك ما يؤكد تورط عناصر تنتسب للنظام السابق في أعمال قتل وتخريب، بحسب رأيه.
من ناحية أخرى يقول بسيكري “يحدث هذا التصعيد الأمني أمام عجز وفشل الحكومة والجهات الأمنية التابعة لها في طمأنة الرأي العام أن هناك أمل في احتواء الخطر والقضاء على المتورطين”.
ويخلص بسيكري إلى أن التحدي لا يكمن فقط في التصعيد الجديد وما سيترتب عليه من مشاكل جديدة، بل في غياب أي مؤشرات عن إمكانية تطوير القدرات الأمنية لمجابهة هذا التصعيد وما سيترتب عليه من تداعيات.
أطراف خارجية
بسيكري يرى أيضاً أن “الساحة مفتوحة، وأصحاب المصالح عدة والمنطق يقول ألا نستبعد الأطراف خارجية، ليس على سبيل الجزم، ولكن ليس صحيحاً استبعادهم من التحليل”، بالذات أن الأسباب خلف التدهور الأمني من وجهة نظره تبقى سياسية بامتياز.
أهم مظهر من مظاهر فشل الحكومة في معالجة الوضع الأمني هو غياب رؤية واستراتيجية لبناء الجيش والشرطة، وجمع السلاح ودمج المسلحين الوطنين، ومجابهة حملة السلاح النفعيين.