يتضمن الكتاب الذي عرف باسم “الكتاب الأسود” قائمة بأسماء الاعلاميين الذين تعاونوا مع النظام إبان حكم الرئيس المخلوع زين الدين بن علي. كما يتضمن أيضاً قائمة بأسماء الناشطين والمعارضين الذين تم التضييق عليهم.

ويقدم الكتاب عبر 354 صفحة من القطع المتوسط جملة من الوثائق من الأرشيف الرئاسي تشير إلى تورّط عدد من الصحفيين في منظومة فساد النظام السابق. ويستعرض أسماء المؤسسات الإعلامية المكتوبة والسمعية والبصرية وأسماء الصحفيين الذين تلقّوا منحًا مالية و”رشاوى” من نظام بن علي، مقابل رفع تقارير خاصة لرئاسة الجمهورية ضد المعارضين من سياسيين ونقابيين وناشطين وصحفيين.

يتضمن الكتاب الذي عرف باسم “الكتاب الأسود” قائمة بأسماء الاعلاميين الذين تعاونوا مع النظام إبان حكم الرئيس المخلوع زين الدين بن علي. كما يتضمن أيضاً قائمة بأسماء الناشطين والمعارضين الذين تم التضييق عليهم.

ويقدم الكتاب عبر 354 صفحة من القطع المتوسط جملة من الوثائق من الأرشيف الرئاسي تشير إلى تورّط عدد من الصحفيين في منظومة فساد النظام السابق. ويستعرض أسماء المؤسسات الإعلامية المكتوبة والسمعية والبصرية وأسماء الصحفيين الذين تلقّوا منحًا مالية و”رشاوى” من نظام بن علي، مقابل رفع تقارير خاصة لرئاسة الجمهورية ضد المعارضين من سياسيين ونقابيين وناشطين وصحفيين.

الكتاب اسال الكثير من الحبر عن مدى أهلية رئاسة الجمهورية في إصدار مثل هذه المعلومات، سيما وأن نقابة الصحافيين طالبت في أكثر من مناسبة من تمكينها من كل الوثائق التي تثبت تورط اعلاميين في منظومة الفساد حتى تقدمها للرأي العام.

كما أثار الكتاب ايضا تساؤلا عن سبب تسليط الضوء عن الفساد في القطاع الاعلامي دون سواه مما يجعل الامر يبدو وكانه استهداف لهذا القطاع في حين لم تفتح بعد ملفات رجال الاعمال والقضاة وسياسيين وغيرهم مما انخرطوا في منظومة الفساد أيام الرئيس السابق.

توظيف حزبي وسياسي

طالبت نقابة الصحافيين التونسيين بعد اندلاع الثورة بكشف أرشيف النظام الديكتاتوري السابق وفضح منظومة الفساد والفاسدين في قطاع الإعلام، مشترطة الاعتماد في هذه المهمة على كفاءات تونسية مستقلة ومختصة في الأرشيف وبإشراف قضائي يعتمد الوثائق والقرائن والمعطيات.

ووجّهت للغرض مراسلات إلى كل من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة الداخلية ولجنة تقصي الحقائق، وجُوبه مطلبها بالرفض والتجاهل، مما دعا المكتب التنفيذي للنقابة إلى اتخاذ قرار بالشطب من قائمة المنخرطين ولمدتين نيابيتين كل من تورط في منظومة فساد النظام السابق وأضرّ بالإعلام والإعلاميين.

نقيبة الصحافيين نجيبة الحمروني قالت لـ”مراسلون” انها تخشى من إمكانية استعمال المعطيات الواردة بالكتاب لغاية تصفية الحسابات، معتبرة أن المحاسبة ومصارحة الشعب التونسي والكشف عن المنظومة الفاسدة هي مسألة وطنية وضرورية للإصلاح وللبناء الديمقراطي وليست مسألة شخصية أو حزبية تستأثر بها مؤسسة رئاسة الجمهورية أو حزب الرئيس لتحصل الاستثناءات وتتحول المحاسبة إلى تصفية حسابات.

كما حذّرت الحمروني من تداول قوائم سوداء وهمية على المواقع الاجتماعية، تقف وراءها أطراف مشبوهة، “تسعى لبث البلبلة في صفوف الصحفيين وضرب وحدة صفهم بإدراج أسماء لعدد من المناضلين في الحقل الإعلامي وإلصاق تهم باطلة بهم ووضعهم في قوائم مشبوهة مع بعض رموز النظام البائد”.

من جهته أعرب ايهاب الشاوش، صحفي بالتلفزة التونسية، عن استغرابه من ورود اسمه في هذا الكتاب بتهمة تقديم تقارير لصالح النظام البائد واكد لـ”مراسلون” انه مستغرب مما يحدث، نافيا نفيا قطعيا علاقته بالتقارير التي نسبت إليه ذلك ان نشاطه في تلك الفترة اقتصر على عمله في التلفزة ومراسلة وسائل اعلام اجنبية وعربية.، كما يقول.

وأضاف ايهاب الشاوش بأنه لو تضمن الكتاب الاسود حقائق عنه فإنه لن يخجل من الاعتراف بها.

وقال الشاوش إن القضاء سيكون الفيصل في هذا الشأن واصفا ما حدث بأنها عملية تصفية حسابات خالصة وهي تذكير بسياسة العهد البائد عندما كان بن علي يعتمد سياسة التسريبات للنيل من معارضيه.

النهضة وراء تسريب الكتاب

الكتاب الذي صدر مؤخرا على صفحات المواقع الاجتماعية، تسرب قبل ذلك في إحدى القنوات التلفزيونية المقربة من حركة النهضة. مما أفسح المجال واسعا امام التأويلات عن سبب نشره في هذا التوقيت بالذات، ومن يقف وراء ذلك.

الاعلامية نزيهة رجيبة المعروفة بأم زياد (التي عرفت بمعارضتها لنظام بن علي)، قالت إنها كانت من أشد المطالبين منذ الأيام الأولى للثورة بمحاسبة الإعلاميين المتورطين مع النظام السابق. “لكن التباطؤ ومواصلة تصدر ابواق بن علي للمشهد الاعلامي في تونس ارسل اشارات بان الوضع سيزداد تعقيدا وسيتلوث المشهد السياسي اكثر”.

وتعتبر أم زياد أنه كان من الضروري ان تقع محاسبة المخطئين وابعادهم لتنقية الأجواء وضخ دماء جديدة في هذا القطاع الحساس حتى تبنى علاقة ثقة واحترام بين الإعلامي والمواطن التونسي. إلا أن ذلك لم يحدث لا قبل الانتخابات ولا أثرها مما شجع الكثير من الأطراف السياسية وخاصة حركة النهضة على استقطاب اعلاميي بن علي.

وتضيف أم زياد “اليوم وبعد أن ضاعت فرصة إصلاح الإعلام أطلت رئاسة الجمهورية بكتاب يتحدث عن الفساد في قطاع الإعلام تضمن أسماء إعلاميين ناضلوا ايام بن علي على غرار لطفي الحاجي الذي دخل في اضراب جوع وتعرض للتعنيف اللفظي والجسدي”.

وترى الصحفية التونسية أن “أسماءً أخرى كانت بوق دعاية قبل الثورة للنظام السابق لم تظهر في الكتاب، فتواجدها اليوم في قنوات محسوبة على الحزب الحاكم (حركة النهضة)  كان كفيلا بحمايتها.. هذا يبعث عن الريبة ويؤكد ان هذا الكتاب مشبوه”.

وأضافت نزيهة رجيبة بأنها انتظرت معالجة هذا الملف في إطار العدالة الانتقالية. ولكن تولي جهة أخرى لهذه المسألة يكشف عن محاولة لتأديب الاعلاميين.

وقد ساند عبد الستار موسى رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان رأي نزيهة رجيبة مؤكدا على أن اصدار جهة رسمية كرئاسة الجمهورية لأسماء اعلاميين متورطين مع النظام السابق، هو انتقام من الأصوات التي تعالت منتقدة لأداء الحكومة في حين تم غض النظر عن متورطين في النظام السابق بعد أن قدموا الولاء فمكنتهم من صك الغفران.

وحذر بن موسى من امكانية تعرض الاعلاميين لخطر الاستهداف من قبل المتشددين مشيرا إلى أنه من الضروري معالجة هذا الملف مع توفير الحماية الكافية للمعنيين واحترام حقوق الانسان في هذا الاطار.

“الكتاب لا يهمني”

تضمن الكتاب الاسود قائمة عن الشخصيات الحقوقية والاعلامية والسياسية التي تم التضييق عليها أيام بن علي وشرح الطرق والأساليب التي اتبعها في محاولة لإسكاتهم.

ومن ضمن هذه الأسماء المحامية والحقوقية راضية النصراوي، التي اكتفت بالقول إنها لا تأبه لما صدر في كتاب رئاسة الجمهورية وإنها تفضل اليوم الالتفات الى أمور اشد حساسية.

وقالت أن الكتاب في الجانب المتعلق بقائمة الذين تعرضوا للتضييق لم ينصف عديد المناضلين ومن ضمنهم حمة الهمامي (زوج النصراوي) القيادي  في الجبهة الشعبية والذي عانى كثيرا من التضييقيات والايقافات في عهد بن علي.

كما عبرت عديد الشخصيات التي ذكرت في قائمة من تعرضوا للتضييق زمن بن علي، أن منصف المرزوقي لم يكن منصفا، حيث خص نفسه باثني عشرة صفحة من الكتاب، في حين غيبت شخصيات أخرى مناضلة أو حضرت باقتضاب شديد.

من جهتها لازمت رئاسة الجمهورية الصمت على إثر وصول كتابها الأسود إلى الإعلام ولم تبد أي موقف رسمي، كما ألغت دائرة الاعلام بالرئاسة لندوة صحفية بداية هذا الاسبوع، بعد الانتقادات التي وجهت للتقرير ولا سيما من حقوقيين وسياسيين.

ولم يجد الكتاب الاسود في النهاية الرضا لا من المتورطين ولا من الضحايا.