ترى لبنى الجريبي، النائب عن حزب التكتل، أن الحوار الوطني “عرّى بشكل واضح آخر ما بقي مستورا من عورات الترويكا ومر إلى سياسة لي الذراع بين الشركاء في الحكم”.

وتضيف عضو المكتب السياسي في حزب التكتل، أحد الأضلاع الثلاثة المشكلة للترويكا الحاكمة، أن حزبها يعتبر نفسه عرّاب الحوار لذلك عمدت حركة النهضة إلى تأديبه ومعاقبته.

في ما يلي الحوار الذي أجراه معها موقع “مراسلون”:

ترى لبنى الجريبي، النائب عن حزب التكتل، أن الحوار الوطني “عرّى بشكل واضح آخر ما بقي مستورا من عورات الترويكا ومر إلى سياسة لي الذراع بين الشركاء في الحكم”.

وتضيف عضو المكتب السياسي في حزب التكتل، أحد الأضلاع الثلاثة المشكلة للترويكا الحاكمة، أن حزبها يعتبر نفسه عرّاب الحوار لذلك عمدت حركة النهضة إلى تأديبه ومعاقبته.

في ما يلي الحوار الذي أجراه معها موقع “مراسلون”:

مراسلون: بعد تنقيحات النظام الداخلي التي سلبت مصطفى بن جعفر صلاحياته، والتي صادقت عليها كتلتي النهضة والمؤتمر، هل يجوز القول إن حركة النهضة أرادت إضعاف التكتل؟

الجريبي: نحن نعتبر أن هذه التنقيحات جاءت في إطار فلسفة معاقبة كل من اضطلع في تعليق أشغال المجلس بعد اغتيال النائب محمد البراهمي. ونحن ذهبنا نحو تعليق أشغال الكتلة، رغم أننا لا نؤمن بسياسة المقاعد الشاغرة.

هذا الموقف زعزع حركة النهضة ورئيسها توجه للمجلس وعبر عما حصل بأنه “سوء تفاهم”. وطالما لم يتم التراجع عن هذا الموقف لن نعود.

نحن مع الحوار ولن نقطع مع المشاورات. وقد وددنا لو كان نواب المعارضة حاضرين لحالوا دون تمرير هذا التنقيح. حركة النهضة اقترفت خطأ سياسيا أعادنا الى مربع الانقسام والانشقاق رغم جهودنا التي بذلناها منذ اغتيال البراهمي.

لقد كنا أمام مجموعتين متصارعتين، فأخذنا خطوة تعليق أشغال المجلس لتهدئة الوضع ثم طلبنا من الإتحاد العام التونسي للشغل أن يتولى رعاية الحوار ونادينا بتشكيل حكومة غير متحزبة لكننا عوقبنا على ذلك.  لقد اقترفت حركة النهضة خطأ عرقلة الحوار الوطني وأعاقة تقدمه.

هل يتعارض هذا التصرف وإرادة حركة النهضة المعلنة في دعم تقدم الحوار الوطني؟

هذا أمر مؤسف فنحن بقدر ما نستطيع أن نتفهم مواقف النواب غير المنخرطين في الحوار الوطني السلبية، لكننا لا نستطيع أن نتقبل مواقف الأحزاب التي تدعم في العلن الحوار الوطني، وتدعو للتوحد وتجاوز الأزمة كحركة النهضة لكن في المقابل سقوط  نواب كتلتها في الاستفزاز والمصادقة على تنقيح النظام الداخلي يؤكد التعارض مع المبادئ.

من المفروض أن تكون تنسيقية الترويكا هي حاضنة خلافاتكم. هل يصح القول أن التنسيقية لم تعد قادرة على استيعاب خلافاتكم؟

بينت الخلافات أن التنسيق غير محكم،  ولا وجود لفلسفة التشاور التي لم تكن محكمة أو ناجعة. نحن حزب في الحكم لكننا غالبا ما نددنا بالخلافات، لأننا استنفذنا الطرق التشاورية والتشاركية.

لا يقبل المنطق أن يندد حزب مشارك في الحكم بتصرفات شركائه لكن الخلافات الجوهرية بيننا وضعف التنسيق والتشاور، خاصة ونحن حزب لا تجمعه أي قواسم مشتركة مع النهضة من حيث المشروع المجتمعي والرؤية الاقتصادية.

لقد خضنا ضد حركة النهضة صراعات وكنا في ريادة المعارضة في عديد المسائل المتعلقة بالدستور من بينها: مدنية الدولة وكونية حقوق الانسان، ومناهضتنا للعنف ودعوتنا لتحييد المساجد ومراجعة التسميات.

وكنا من بين المنادين بحل رابطات حماية الثورة، بالإضافة لمعارضتنا بعض مشروعات القوانين التي تحيلها الحكومة إلى اللجان التشريعية. بين حكومة الجبالي وحكومة العريض شهدنا تغيرا في سياسة التشاور، ويظهر ذلك خاصة في مشاركتنا في اختيار أعضاء الحكومة وبعث لجنة لمراجعة  التسميات.

برر التكتل، سابقا، دخوله في الائتلاف الحكومي مع حزب النهضة بأنه سيسعى للحيلولة دون استبدادها بالحكم. هل فشلتم في هذه المهمة؟

لقد تمكنا من تجنيب البلاد العديد من الأزمات. كما حاولنا التصدي لمحاولات الاستفراد بالحكم، لكن التضامن الحكومي يمنعنا من التصريح حول ذلك.

ونحن حلنا دون إقرار ميزانية لتعويض المساجين السياسيين، لا اعتراضا على المبدأ إنما لأن الوضعية الاقتصادية لم تكن تسمح. نحن لا نريد أن نظهر بمظهر البطل فالمرحلة دقيقة.

لكن التونسيون لا يعلمون كواليس الائتلاف، ويرون التكتل شريكا في كل الأخطاء التي ارتكبتها الترويكا. ألم يكن من الأجدر مصارحة التونسيين بحقيقة الوضع وموازين القوى صلب الائتلاف؟

التونسيون يفرقون بين الصالح والطالح، ليس الحاضرون دوما في الإعلام هم الأكثر مصداقية، حضورنا محدود لأننا نريد التهدئة ولا نفضل الانتقاد العقيم.

ونحن حافظنا على مبادئنا. من المؤسف أننا لم نكن مدعومين بأكثر أحزاب معارضة لكنا مارسنا أكثر ضغط ولم يكن لنا سند واسع صلب الائتلاف الحكومي.

هل حاولت النهضة سلبكم خصوصيتكم كما فعلت مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية؟ وهل من الوارد أنها ستستبدلكم بكتلة سيادة الشعب في الفترة المقبلة بعد تواتر الخلافات؟

نحن في  ائتلاف حكومي وليس في تحالف يقتصر على برنامج بناء مشترك. هي مشاركة مع أحزاب نختلف معها في البرنامج وفي المشروع المجتمعي لكن المرحلة تفرض مشاركتها في الحكم.

حزب نداء تونس ،مثلا، يقول إن المرحلة تقتضي التحالف مع العديد من الأحزاب وطرح التحالف مع حركة النهضة. بالنسبة لنا لم تكن هناك خيارات إنما هي ضرورات مرحلة تأسيسية.

لقد عرف حزبنا انقسامات على غرار بقية الأحزاب، لكننا حافظنا على الانسجام داخله. بالنسبة لكتلة سيادة الشعب هو ائتلاف نيابي سيشارك في العمل التأسيسي، نحن لم نكن دائما منسجمين مع كتلة حركة النهضة في العمل التأسيسي والبرلماني.

هل كانت مواقف المؤتمر من أجل الجمهورية صلب الترويكا مهادنة وموالية لحركة النهضة؟

لا نريد تقييم تجربة المؤتمر، فقط حبذنا لو أعطانا المؤتمر من أجل الجمهورية دفعا في صراعاتنا مع حركة النهضة صلب تنسيقية الترويكا.

وعند تنفيذ خارطة الطريق وخاصة الجزء المتعلق بالعمل التأسيسي، لعب التكتل دورا هاما في هذه المرحلة لكنه اليوم مستضعف، بعد محاولة حركة النهضة “تأديبه”.

كنا في ريادة المواقف والتصدي لمحاولات افشال الخارطة، وهذا ما أعطانا دورا جوهريا أهم من دور المعارضة. هاجس إنجاح المسار المربوط أساس بمسار الحوار الوطني هو الذي يقود التكتل وما تعليقنا لأشغال الكتلة إلا ضغط على بقية الأطراف لتعود الى الحوار.

في مناسبة أولى من الحوار الوطني اقترحنا أحمد المستيري لرئاسة الحكومة، وهو رجل دولة تصدى لبورقيبة عند انفراده بالحكم ولبن علي أيضا. وهو أحد مؤسسي التعددية الحزبية ومهندسي مجلة الأحوال الشخصية.

لقد ارتأينا أنه الشخص المناسب، لكن طالما لم يحصل توافق حوله، ذهبنا إلى طرح أسماء أخرى وفق معايير واضحة وهي أن يكون رجل دولة يحظى بالتوافق له شخصية قوية، يوحد التونسيين وله التجربة الكافية لإدارة الحكومة.

كيف تقيمون تدخل صندوق النقد الدولي الذي اسند قرضا رقاعيا لتونس بتأييد وزير المالية المنتمي للتكتل في مفاوضات الحوار الوطني؟

صندوق النقد الدولي يجب أن يلعب دوره كضامن اقتصادي ولا يتعدى ذلك، تونس دولة ذات سيادة ولا نقبل أن يتدخل الصندوق في المسائل السيادية وفي سلطة أخذ القرار.

أعتقد أن رهاناتنا في الستة الأشهر القادمة رهانات سياسية بامتياز أساسا لتحقيق الاستقرار السياسي وليست رهانات اقتصادية. ويجب أن نحافظ على استقلاليتنا. كل السياسيين اتفقوا على أن تحقيق استقرار سياسي سوف يلقي بظلاله على المجال الأمني والاجتماعي والاقتصادي.

هل الانصياع لتوصيات صندوق النقد الدولي أنسى التكتل مرجعتيه الاجتماعية، كحزب اشتراكي ديمقراطي؟

أقررنا العديد من الإجراءات الاجتماعية وهي لاعلاقة لها بإصلاحات صندوق النقد الدولي من بينها الإعفاءات الجبائية على الأجراء المتحصلين على أقل من 5 آلاف دينار سنويا. وفي المقابل قمنا بفرض رسم يقدر بـ 1 بالمائة للأجراء الذين تبلغ رواتبهم عشرين الف دينار سنويا وهم يمثلون 9 بالمائة من التونسيين. وهذه إجراءات جاءت لتدعم الفئات الضعيفة لذلك فنحن بقينا أوفياء لمرجعيتنا وما يقال عكس ذلك محض مغالطات.

لكن هناك عشرات الأمثلة تدل على التوجه نحو إفقار الطبقة الوسطى، خاصة رفع الأسعار والتوجه نحو رفع الدعم على المواد الاساسية؟

نحن نعتقد أن الدعم يجب أن يذهب إلى مستحقيه، يجب أن نحقق التضامن مع الطبقة الفقيرة. لذلك كل الضرائب التي فرضناها سوف تعود بالنفع على الطبقة الوسطى.

إن رسم الوقود على السيارات ذات الأربع أحصنة وأكثر ستعود بالنفع على من لا يملكون سيارات. الكل يدعو للإصلاحات وعندما باشرنا بها واجهنا حملة شعواء واعتقد أن هناك لوبي له مصالح اقتصادية كان هدفه تشويه هذه الإجراءات وتشويه سمعة وزير المالية. كما أن تقييمات بعض الخبراء، حول الاقتصاد التونسي، تقييمات سطحية لم تفهم عمق الإصلاحات. نحن نشارك في ائتلاف مع حزب ليبيرالي نظرته الاقتصادية ليبيرالية لكننا نحاول فرض بعض الإصلاحات الاجتماعية.