لم تكد تحل ذكرى هذه الأيام حادث قطار منفلوط، الذي راح ضحيته قبل عام نحو 50 تلميذا، حتى أظهرت حادثة قطارات أخرى مدى ضعف قطاع القطارات في مصر. فقد أدت حادثة قطار دهشور التي وقعت الثلاثاء 19 تشرين ثان/ نوفمبر إلى سقوط أكثر من 27 قتيلا.

مراسل الموقع التقى عامل مزلقان أولاد إلياس بمركز صدفا، والذي كان لنا معه لقاء العام الماضي بعد كارثة قطار منفلوط لنتعرف منه إذا ما كان هناك تغييرات طرأت على حياته بعد عام على الكارثة.

الأوضاع كما ماهي

لم تكد تحل ذكرى هذه الأيام حادث قطار منفلوط، الذي راح ضحيته قبل عام نحو 50 تلميذا، حتى أظهرت حادثة قطارات أخرى مدى ضعف قطاع القطارات في مصر. فقد أدت حادثة قطار دهشور التي وقعت الثلاثاء 19 تشرين ثان/ نوفمبر إلى سقوط أكثر من 27 قتيلا.

مراسل الموقع التقى عامل مزلقان أولاد إلياس بمركز صدفا، والذي كان لنا معه لقاء العام الماضي بعد كارثة قطار منفلوط لنتعرف منه إذا ما كان هناك تغييرات طرأت على حياته بعد عام على الكارثة.

الأوضاع كما ماهي

ما إن نزلت من مركبة “التوك التوك” التي استقلها، متجهًا إلى المزلقان حتى وجدته مغلقا استعداد لمرور قطار قادم من مدينة أسيوط متجها إلي سوهاج، وبمجرد وصولي دخلت نفس الغرفة الضيقة التي تشبه “العشة” والتي يزاول فيها حمدي أحمد منصور مهام عمله.

للوهلة الأولى ترى أن الأوضاع كما هي وأن شيئا لم يتغير، فالتليفون مازال قديما والفتحات في السور لم تسد بعد، وأحوال المزلقان بشكل عام لم يطرأ عليها أي تغيير. عند ذلك سألت “حمدي” ما التغيير الذي طرأ علي حياتك فرد علي قائلا: “فقدت والداي وكذلك أحد أطفالي الأربعة، غير ذلك زاد راتبي لكنه ما زال غير كاف، وقمت بالحصول علي قرض من أحد البنوك لبناء منزل، ومازلت أعمل في المحارة في يوم الراحة حتي أسدد القرض وأنفق علي أسرتي”.

أما بالنسبة لظروف العمل فمازال حمدي يعمل 12 ساعة في الوردية الواحدة، ويحصل علي 24 ساعة راحة، وهذا بالطبع أمر مرهق جدا كما يقول، مضيفا “أتمني لو تم تخفيض ساعات العمل إلى 8 ساعات فقط حتى ولو كان ذلك بشكل يومي، فهذا أرحم من الوردية 12 ساعة”.

المزلقان لم يتطور

ينظر حمدي بعينه ناحية بوابة المزلقان ويقول بأسى: “تم تغيير البوابة القديمة بأخرى جديدة ولكنها بالطبع معرضة للكسر بشكل أكبر من البوابة الأولى لأنها أخف وزنا، بينما مازلت أزاول مهام عملي في نفس الغرفة الضيقة التي تفتقد إلي الآدمية ولا يوجد بها دورة مياه، وبعد حادث قطار منفلوط سمعنا أن المزلقان سيتم تطويره في 2015- والله أعلم – إذا كان الكلام صحيحا أم لا”.

حمدي مازال يتعرض وزملائه في المزلقان لمشكلات كثيرة أثناء عملهم، فهم يتلقون شتائم من الناس بسبب رفض فتح المزلقان قبل عبور القطارات، دون اكتراث بأرواح الآلاف.

ويطلب حمدي توفير عسكري مرور ينظم حركة السير أمام المزلقان بسبب الازدحام الذي يحدث لأن هذا المزلقان يقع بالقرب من الطريق الزراعي أسيوط – سوهاج، ويعتبر حلقة الوصل مع الطريق الصحراوي الغربي، ولذا فالضغط عليه كبير.

الرواتب أفضل ولكن..

يعود حمدي ليقول: “لا أحد ينكر أن رواتبنا زادت خلال السنة الماضية، ولكن نطمع في المزيد من أجل معيشة أفضل، حيث كنت أتقاضي 700 جنيه في العام الماضي ولكن الآن أتقاضي مايقرب من 1350 جنيه (أقل من 200 دولار)، وبلا شك الحكومة اتخذت خطوات جيدة فيما يتصل بتطبيق الحدين الأدني والأقصي للأجور، وسيؤدي ذلك إلى زيادة الرواتب”.

ويتابع “أقوم كل شهر بدفع قسط شهري قدره 410 جنيها لقرض قمت بسحبه بضمان الراتب من أجل بناء المنزل الذي أعيش فيه وأولادي لأنه كان قديم ومتهالك، وما يتبقي من الراتب أتعايش به وأسرتي”.

الحوادث لا تنتهى

وتعليقا على حادث قطار دهشور الذي راح ضحيته العشرات يقول حمدي: “الحوادث لاتنتهي، ومنظومة السكة الحديد تحتاج إلي تغيير شامل، والمشكلة ليست في المزلقانات ولكن في القيادات والمسؤولين عن هذه المنظومة التي تخدم ملايين المواطنين، ويجب أن يتم إحلال وتجديد هيئة السكة بداية من العامل وحتى رئيس الهيئة، ومن الممكن أن يتم تحويلها إلي شركة قابضة أو قطاع أعمال مثل الكهرباء حتي نتلافي عيوب الإدارة ومن ثم تقليص مثل هذه الحوادث التي تقع”.

ومنذ 30 حزيران/يونيو، توقفت القطارات بين محافظتي أسيوط وسوهاج عن العمل في ظل الاضطرابات السياسية التي أعقبت عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ولكن منذ فترة بدأت تعمل 6 قطارات ركاب مابين محافظتي أسيوط وسوهاج من إجمالي نحو 18 قطارا تقريبا كانت تعمل علي الخطين القبلي والبحري غير قطارات البضائع التي مازالت تسير باستمرار. “بالرغم من ذلك فالحوادث لا تتوقف نهائيا” يعلق حمدي، إذ أن “جزء من الحوادث سببه سلوكيات المواطنين مثلما حدث في حادث قطار دهشور، حيث اخترقت سيارتين المزلقان بالرغم من إغلاقه”.

المسؤولون لا يسألون

“محدش هيفكر يسأل فينا”.. بهذه الكلمات رد حمدي حول سؤال عن وجود تواصل بينه وبين المسؤولين، وأضاف: “دا حتي نقابة العاملين بهيئة السكة الحديد العاملين فيها بياخدوا تفرغ من العمل ويحصلوا علي كامل مستحقاتهم وبالرغم من كده برضه مبيعملوش أي حاجة لينا”.

ويطالب حمدي من الحكومة النظر إلى العاملين الصغار في السكة الحديد وتطوير الهيئة بشكل عام، وفوق كل هذا إقرار الأمن في البلاد.

يذكر أن حادث قطار أسيوط وقع في 17 نوفمبر 2012، وراح ضحيته 52 طفلا من أطفال قرية الندرة، وبعد الحادث تم إلقاء القبض علي عاملي المزلقان والبلوك بالقرية واتهامهم بالتسبب في قتل أولئك الأطفال، ومازالت القضية منظورة في محكمة الاستئناف، في الوقت الذي ظل هذا المزلقان وغيره على ماهو عليه دون تطوير.