تنوعت الأشكال الاحتجاجية التي يقودها المعارضون التونسيون ضد الائتلاف الثلاثي الحاكم (الترويكا) في بلادهم، وبخاصة حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي. وهذه المرة ابتكر عدد من الشباب مظهراً جديداً من الاحتجاج خلافاً للكتابة على الجدران أو اللافتات في الشوارع يتمثل في كتابة شعارات منددة بالحكومة الحالية على الأوراق المالية.
تنوعت الأشكال الاحتجاجية التي يقودها المعارضون التونسيون ضد الائتلاف الثلاثي الحاكم (الترويكا) في بلادهم، وبخاصة حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي. وهذه المرة ابتكر عدد من الشباب مظهراً جديداً من الاحتجاج خلافاً للكتابة على الجدران أو اللافتات في الشوارع يتمثل في كتابة شعارات منددة بالحكومة الحالية على الأوراق المالية.
في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 2013 أطلق عدد من الناشطين على شبكة الإنترنت حملة تدعو المواطنين إلى كتابة “النهضة ديقاج” (النهضة ارحلي) و”يزي فك” (أي كفى)، وهي حـــملة موجهــة بالأساس ضد حركة النهضــة باعتبارها الحزب الحاكم في تونس.
لاقت هذه الالحملة رواجاً واسعاً، خاصة بعد تداول عدد كبير من التونسيين على مدار يومين نقوداً ورقية كتب عليه “ديقاج النهضة” باللغة الفرنسية و”النهضة إرهابية” و”يزي فك”.
وليست هذه المرة الأولى التي يُكتب فيها على الأوراق المالية عبارات مناهضة للحكومة، فقد سبق وأن نُظمت حملة مماثلة كانت موجهة آنذاك للمطالبة بالكشف عن قتلة شكري بلعيد من خلال خط عبارة “أشكون قتل شكري” (من قتل شكري).
الحملة ابتكار ثوري جديد
ترى أماني ذويب، وهي ناشطة في “حركة خنقتونا”( حركة شبابية مناهضة للحكومة)، أن الحملة ابتكار ثوري جديد. وتعتبرها جاءت نتيجة تنامي موجة الإرهاب وغلاء الأسعار ارتفاع معدلات الفقر واستفحال الأزمة الاقتصادية.
تقول ابنة الخامسة والعشرين ربيعاً: “اخترنا الكتابة على الأوراق المالية لأنها محل استعمال الجميع وتمثل وسيلة سهلة وسريعة الانتشار بين الناس. فضلاً عن كونها تمثل رسالة واضحة للحكومة الحالية إلى الرحيل لاسيما بعدما فشلت في إدارة شؤون البلاد”.
وتضيف أن الحملة الشعبية كانت تلقائية وعفوية انخرطت فيها حركات شبابية ثورية مثل تمرد وخنقتونا، وقد لاقت مساندة من الأحزاب السياسية المعارضة. ولكن تم توظيف هذه الحملة في الصراع الدائر بين المعارضة والحكومة.
من جهته يقول علاء الدين الرويسي، طالب وناشط صلب الاتحاد العام لطلبة تونس، إن “الإبداع النضالي الجديد وضع الحكومة أمام فريضتين: إما الإبقاء على الأوراق المالية المتداولة في السوق وتحمّل تبعات ذلك سياسياً، أو سحبها وتحمل تبعاتها الاقتصادية”. الأمر الذي يضع الحكومة في مأزق في كلتا الحالتين.
كما أشار الرويسي إلى أن الشباب التونسي ضاق صدره من سياسات الحكومة التي همشت أهم مطالبه الملحة والتي رفعها إبان ثورة 14 يناير، ولم يجنِ منه سوى الوعود الجوفاء والمماطلة والتسويف؛ مضيفاً أن الحملة كانت نتيجة الأزمة الاقتصادية والسياسية في تونس.
ويشار إلى أن التقرير السنوي الذي يصدره معهد “فريزر” الكندي للدراسات قد خفّض التصنيف الائتماني لتونس، فيما يعرف بمؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2013، بسبب استمرار الاحتقان السياسي، حيث احتلت تونس المرتبة 81 بعد أن احتلت في السنة الماضية المرتبة 80.
سحب الأوراق يعني فقدان السيولة
من جهة أخرى أصدر البنك المركــزي التونسي بياناً دعا فيه التونسيين إلى الكف عن كتابة شعارات معادية لحركة النهضة الإسلامية الحاكمة على الأوراق المالية المتداولة في البلاد و”الامتناع عن الالتجاء إلى مثل هذه الطريقة من التعبير”، خاصة وأن العملة “لا تتماشى واستعمالها كسند وكوسيلة للتعبير”. واعتبر البنك أن “الإساءة إلى العملة الوطنية يشكل مساً من سيادة البلاد”.
وهدد البنك المركزي التونسي بسحب هذه الأوراق من سوق التداول المالية، والتي تشمل بالأساس الأوراق من فئة 10 و 20 ديناراً.
غير أن عدداً من المحللين الاقتصاديين يؤكدون أن العملية صعبة أمام الانتشار المكثف للحملة، حيث يستحيل إلغاء كل هذه الأوراق وطباعتها من جديد بكلفة عالية، وهو ما يهدد بفقدان السيولة وانهيار الدورة الاقتصادية، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الهش الذي تعيشه تونس.
خصوصاً وأن العديد من الشباب الذين حاورناهم أكدوا أن سحب الأوراق النقدية لن يمنعهم من إعادة الكرة في ظل تمسك حكومة الترويكا بالاستمرار في الحكم وعدم تقديم استقالتها.
بالمقابل، وفي تصريح لـ”مراسلون” قال مصدر من البنك المركزي التونسي إنه لم يقم إلى حد كتابة هذه السطور بإحصاء الأوراق المالية المتداولة، وبخاصة الأوراق من فئة 10 و 20 ديناراً، وهو بصدد متابعة حجم تداول تلك الأوراق في البنوك من أجل إتلافها.
وأشار البنك المركزي إلى أنه سيسحب الأوراق المالية التي كتب عليها عبارات مسيئة للأخلاق العامة، وحسب تقديرات البنك فإن العدد الإجمالي للأوراق التي تضمنت كتابة احتجاجية محدود.
وفي الوقت الذي يجري فيه حالياً في تونس حوار بين مختلف الأطراف السياسية للتوافق حول شخصية مستقلة لتشكيل الحكومة، تتهم المعارضة حركة النهضة وشركاءها في الحكم بالمماطلة والسعي إلى إفشال هذا الحوار.
وتسعى أحزاب المعارضة إلى الضغط على الحكومة للاستقالة من خلال المظاهرات الشعبية وأشكال احتجاجية شبابية على غرار الكتابة على الأوراق النقدية.