“خلاص اتضربت” ، “ماتت”، و”راحت عليها “، هذه الجمل وأخرى على نفس الشاكلة ستسمعها كثيرا داخل شرم الشيخ، درة سيناء السياحية وأكبر مدن جنوبها. المدينة التي كان مبارك شبه مقيم بها طوال العقد الاخير من حكمه، حيث شهدت طفرات في حجمها، وفي حجم السياحة المتدفقة عليها، حتى حظيت بلقب اجمل مدن العالم قبل عشر سنوات. كيف تبدو “مدينة السلام” – كما سمتها اليونسكو قبل سنوات – في ظل جو الاضطربات التي تعيشه مصر، وكيف تعيش المدينة تحت وطأة الاضطراب من ناحية والكساد من ناحية أخرى.
عن الوصول
“خلاص اتضربت” ، “ماتت”، و”راحت عليها “، هذه الجمل وأخرى على نفس الشاكلة ستسمعها كثيرا داخل شرم الشيخ، درة سيناء السياحية وأكبر مدن جنوبها. المدينة التي كان مبارك شبه مقيم بها طوال العقد الاخير من حكمه، حيث شهدت طفرات في حجمها، وفي حجم السياحة المتدفقة عليها، حتى حظيت بلقب اجمل مدن العالم قبل عشر سنوات. كيف تبدو “مدينة السلام” – كما سمتها اليونسكو قبل سنوات – في ظل جو الاضطربات التي تعيشه مصر، وكيف تعيش المدينة تحت وطأة الاضطراب من ناحية والكساد من ناحية أخرى.
عن الوصول
لم تكن بداية السفر مبشرة، كان من المفترض أن موعد الأتوبيس المتجه من الاسماعيلية إلى شرم الشيخ في السابعة صباحا، لكن تم الغائه بسبب فرض حالة الطوارىء وحظر التجوال، رغم ان شرم الشيخ لم يفرض عليها حظر كمعظم مدن مصر.
لذا كان أمامنا إما انتظار أتوبيس الحادية عشر، او الاتجاه – طبقا لنصيحة مدير محطة الاتوبيسات – لنفق الشهيد أحمد حمدى لاستقلال أى سيارة قادمة من القاهرة فى اتجاهها لشرم الشيخ. بعد ساعتين من الانتظار لم أجد إلا اتوبيس سياحي قبل أن يقلنى ومعى بعض المسافرين الاخرين.. “قبل تدهور الاوضاع كان ذلك مستحيلا، لكن الشركة المالكة للأتوبيس بدأت في نقل الركاب المصريين فى محاولة لتعويض خسائرها من غياب السياحة الاجنبية” كما أخبرنا محمد زايد سائق الاتوبيس الذى أكد عدة مرات على ارتفاع قيمة تذكرته بنسبة 40 بالمائة عن نظيرتها بالاتوبيسات العادية، وهو الامر الذى لم يلق ارتياحا لدى البعض إلا أن “المضطر يركب الصعب” كما قال احد المسافرين.
الأمن المتعب
تسببت الكمائن الامنية المكثفة على طول الطريق فى ارهاق المسافرين وزيادة زمن الرحلة إلا أن الامر كان يلقى يعض القبول من عدد من الركاب تضامنا مع الجهات الامنية فى محاصرة “الارهابيين” كما عبر البعض.
فور وصولنا تزاحم علينا أصحاب السيارات من أهل المدينة المنتظرين لأي قادم جديد عارضين النقل لاى مكان داخل شرم الشيخ. أخبرني “علي” – السائق الذى وقع اختيارى عليه لنقلى – أن هذا أخر يوم عمل له فى شرم فلم يعد بها حركة ركاب كالسابق، وانه سيعود للعمل فى مدينة الطور كما فعل بعض اقاربه واصحابه خاصة أن فرص الرزق فيها باتت أكبر من شرم الشيخ، كما قال.
الامن وغيابه عن مدينة “السلام” كان محور حديث كل من قابلناهم ، فالتوتر الامنى بعد الثورة، وخاصة بعد 30 يونيو، ساهم فى انخفاض السياحة الخارجية بدرجة كبيرة ،كما يقول أيمن الفولى “مدير فندق” وتسبب أيضا في ارتفاع نسبة المضايقات المستمرة للسائحين من قبل البائعين بخليج نعمة، الامر الذي ادى على سبيل المثال لاعتصام احد السائحين العرب داخل فندقه خوفا من تهديدات احد أصحاب الجمال له بعد مشادة حول الحساب.
وهو ما أكد عليه مصطفى خفاجى “مدير صيانة فنادق” واحد المقيمين بالمدينة منذ حوالي 16 عام، ، بقوله “سيارة النجدة التى كان لايستغرق قدومها ثلاث دقائق قبل الثورة، اصبح الحصول عليها الان من المعجزات”، وتابع مصطفى “هذا بخلاف مشاكل انهيار البنية الاساسية في المدينة، فرصف طريق الرياضات البحرية لم ينتهي حتى الأن، وعملية النظافة منهارة، وبالتالي هناك انتشار هائل للناموس.. شاهد كيف أصبح روث الجمال يملأ الشوارع!”.
سياحة المصريين..الفضيحة
لكن ألا يمكن لتنشيط السياحة الداخلية أن يعوض غياب السياحة الخارجية؟ الأمر بدا بالنسبة لأيمن ممكنا ، “إذا ما استمرت بشكل دائم ، وتغيرت بعض سلوكيات المصريين واعتادوا على نظام الفندقة”.
ولكن يأتى عمار غانم -مدير تسويق سياحي – ليرفض الفكرة تماما فسلوكيات المصريين –كما يراها – تسبب فى عدة خسائر وجزاءات مستمرة له، جازما بمرارة “أن وقف السياحة أفضل من أن تقوم على ايدى المصريين”.
السلوكيات وضحها فى التاخر عن مواعيد الرحلات مما يزعج الاجانب الذين يلغون رحلاتهم بسبب ذلك ، الى جانب ارتفاع الصوت بشكل مبالغ ، وتناول الاكل بشكل مبالغ فيه، ليصف هذه السلوكيات في النهاية ” بالفضيحة “.
لكن طه فؤاد “مدير الخدمات بشركة النيل للطرق الصحراوية” حاول أن يجد مبررا لهذه السلوكيات حيث يرى أن السبب الاساسي هو “عدم قدرة المصريين على الانفاق على الخدمات الترفيهية، موضحا أن الرحلة التى نظمها بالشركة ولم تتعدى تكلفتها الخمسمائة جنيه للفرد الواحد تعتبر كبيرة على مستوى دخول المصريين ، خاصة اذا رغب الشخص فى ان تصاحبه اسرته ، رغم أن تكلفة نفس الرحلة كانت كبيرة جدا بالمقارنة بالوقت الحالى”.
الكساد للجميع
من ناحية أخرى الانخفاض فى الانفاق تسبب فى هجرة العمالة المحترفة عن شرم الشيخ كما يوضح مصطفى خفاجى، “فمع انخفاض سعر الخدمة المقدمة للمستهلك – المصري حاليا- تزيد تكلفة الخامات والخدمات على الفنادق مما يتسبب فى انخفاض الايرادات بل أيضا في خسائر لملاك المشروعات السياحية وبالتالى انخفاض مرتبات العاملين”.
ويضرب أحمد عبدالباقى “مدير تسويق” مثالا أخر حيث اقنع المالك فى اجراء تخفيض بنسبة خمسون بالمائة على اسعار الشاليهات، ومع ذلك لم ينجح فى جذب مشترين جدد، امر مشابه حدث مع ميلاد مبارك منظم رحلات الباراشوت على شواطىء شرم الشيخ الذى بات يكتفى ب10 “طيرات” يوميا ، بعد ان كان يصنع ضعف هذا العدد من قبل، لوجود رواد لاتسمح دخولهم باجراء مثل هذه الأنشطة.
نفس المسألة يوضحها ريمون جرجس “منظم رحلات بحرية” حيث انخفضت اسعارها رحلاته بنسبة سبعين فى المائة ومع ذلك لم تغرى الا قليل جدا منهم.
عن الحل وتنفيذه
جميع من تحدثنا معهم لديهم مقترحات بحلول كثيرة كى تخرج شرم الشيخ من كبوتها، أيمن الفولي ذكر منها أن تصبح المدينة مستقلة كالأقصر ويديرها شخصيات محترفة لها علاقة بالتسويق السياحى، بالاضافة للعمل من أجل اعادة انواع من السياحة اقتربت من الاندثار فى شرم الشيخ رغم انها كانت سببا فى شهرتها مثل سياحة المؤتمرات، فأكبر فنادق المدينة والذى استضاف اهم المؤتمرات العالمية قبل ذلك، اقترب من الافلاس حاليا.
ويؤكد مصطفى خفاجى على ضرورة الزام الفنادق بالتعريفة السياحية المرتبطة بمستوى الخدمة، بالاضافة لاعادة تاهيل البائعين فى البازارات، وانشاء مشروعات سياحية ترفيهية جديدة تكون بديلة عن التى اعتاد عليها السائحين كما أوضح ريمون جرجس.
وكانت الخطوة الأولى التي اتفق عليها الجميع، أن تتضافر كل أجهزة الدولة، لاعادة الامن مرة أخرى لمدينة السلام.
لكن قبل المغادرة أخبرنا أيمن فائق “صاحب ورشة سيارات” أن “الاجراءات الامنية المكثفة على طوال الطريق لشرم الشيخ ، لا تسمن ولا تغنى من جوع، والدليل الضربة الاخيرة التى تعرضت لها مديرية امن جنوب سيناء” موضحا ان تضارب التصريحات الصادرة من الاجهزة الامنية حول كيفية التفجير، يدل عن خلل كبير فى المنظومة الامنية ، ورسالة من الارهابيين أنهم قادرين على الوصول لأى مكان بشرم الشيخ، والمشكلة بالنسبة لفائق “أن تشديد الاجراءات الامنيه الشكلية، والقبض العشوائى علي بعض المواطنين، وتلفيق بعض التهم، سيساهم فى إفراز جيل جديد من الارهاب ساخط علي الدوله وفاقد للانتماء”.