جدل كثير يثار حول شخصية عبد الحكيم بلحاج، القائد الميداني ورئيس المجلس العسكري لمدينة طرابلس بعد الثورة، فتاريخه كأحد مؤسسي الجماعة الإسلامية المقاتلة وقصة اعتقاله التي اتهم فيها المخابرات الأمريكية والبريطانية وهدد بمقاضاتهما، تلقي بظلال كثيرة حول تساؤلات أثيرت ولا تزال تثار حوله.

الاتهامات التي تطال بلحاج ليست فقط من داخل ليبيا، بل عبرت الحدود لتصل إلى الجارة تونس، وكذلك إلى سوريا، ولتوضيح موقفه من كل تلك المسائل التقى “مراسلون” بلحاج، الذي كانت لديه الإجابات عن معظم هذه الأسئلة وغيرها، تطالعونها ضمن نص الحوار التالي:

جدل كثير يثار حول شخصية عبد الحكيم بلحاج، القائد الميداني ورئيس المجلس العسكري لمدينة طرابلس بعد الثورة، فتاريخه كأحد مؤسسي الجماعة الإسلامية المقاتلة وقصة اعتقاله التي اتهم فيها المخابرات الأمريكية والبريطانية وهدد بمقاضاتهما، تلقي بظلال كثيرة حول تساؤلات أثيرت ولا تزال تثار حوله.

الاتهامات التي تطال بلحاج ليست فقط من داخل ليبيا، بل عبرت الحدود لتصل إلى الجارة تونس، وكذلك إلى سوريا، ولتوضيح موقفه من كل تلك المسائل التقى “مراسلون” بلحاج، الذي كانت لديه الإجابات عن معظم هذه الأسئلة وغيرها، تطالعونها ضمن نص الحوار التالي:

مراسلون: ما ردك على اتهامات الإعلام التونسي بأنك خططت ودبرت لأعمال إرهابية في تونس مدللة على ذلك بوثائق من وزارة الداخلية التونسية؟

ج- يجب أن يبحث كل صحفي عن المعلومة اليقينية، ولا شك أن هذا هو معيار الصحافة وهو المصداقية، وأتمنى أن يكون الصحفيون مهنيين في نقل الوقائع والحقائق، وأنا أرى أن هناك أزمة في الإعلام هذه الأيام.

أما عن الاتهامات فلا شك أنني تفاجأت بها، ورددت عليها رداً منطقياً عقلانياً، لأننا نريد أن نحتكم إلى العقل والمنطق، وإلى تحري العدل والعدالة والإنصاف. وفي سبيل الحرص على علاقة الشعوب فهي ليست علاقة ظرفية أو علاقة مصالح فقط، إنها علاقة تاريخية، علاقة مصاهرة تمتد جذورها إلى سنين طوال.

هذه الاتهامات لم ترقَ إلى مستوى الإدانة، وكل ما تم تداوله هو ورقة قيل إنها خرجت من وزراة الداخلية التونسية، وقد ذكرت أن هذه الوثيقة تحمل متناقضات في طياتها، فقد جاءت تحمل أخباراً مدلسة وغير صحيحة، وهم أشاروا إلى تواريخ تم تدليسها، وأشاروا إلى أنني كنت سجيناً في غوانتامو، وهذه أيضاً معلومة غير صحيحة، ثم أشاروا إلى أنني دخلت تونس مع ثوار الزنتان وشخص من ثوار بني وليد يدعى العقيد “سالم الواعر”؛ ومن يعلم جغرافيا ليبيا وتركيبة الثوار والصلاحيات الإدارية والجهوية يعلم أن هذا الأمر لا يمكن أن يحصل أبداً.

س- لماذا تأخرت في الرد بالرغم من أن هناك اتهامات سابقة منذ عدة أشهر في وسائل الإعلام التونسية؟

ج- أنا قمت بالرد، وأجرت معي صحف تونسية مقابلات عديدة، وقمت بمداخلات هاتفية على قنوات فضائية تونسية بعد خروج هذه الاتهامات، وأصدرنا بياناً بالخصوص يفند تلك الاتهامات.

س- الوثيقة تحدثت أيضاً عن علاقتك بأنصار الشريعة وأميرها “أبو العياض”، الذي قيل إنه موجود في ليبيا، ما تعليقك؟

ج- من ضمن المتناقضات ما قيل إن بلحاج هو الحليف لحزب النهضة الحاكم في تونس، ثم جاء الاتهام الباطل بأن بلحاج يدرب ويسلح أنصار الشريعة “التونسي” في ليبيا لتوجيههم للقيام بأعمال إرهابية في تونس، فكيف يكون بلحاج على علاقة وطيدة بأنصار الشريعة التي تقاتل الحكومة التونسية التي تترأسها النهضة؟!

مازلنا نؤكد أن حفاظنا على أمن تونس هو كحفاظنا على أمن ليبيا، وتونس هي عمق استراتيجي لليبيا، فعندما تقفل بوابة رأس جدير يتضرر المواطن الليبي، وهل يمكن وهل يعقل أن نرد الجميل هكذا لمن وقف معنا في ثورة 17 فبراير، من مؤسسات الدولة التونسية والمؤسسة العسكرية التي تحارب الآن ويُقتل أفرادها؟

شحنات الأسلحة التي كان يرسلها المجلس الانتقالي لميناء جرجيس، كان يستقبلها الحرس الوطني التونسي، ويمهد لها الطريق ويحرسها حتى تدخل من منفذ ذهيبة وتصل إلى الثوار في الجبل، هل يعقل أن ندعم من يقاتلهم؟

س- لماذا اتٌّهمت أنت شخصياً دون غيرك؟

ج- ما يتضح لي أن هناك خصومات سياسية داخل القطر التونسي الشقيق، وهناك من يريد أن يُسقط حكومة النهضة فتم الزج باسمي، هم تحدثوا عن صور لي أنا لم أخفيها وقد تناقلها الإعلام في حينها، لماذا لم يتم الإشارة إليها في حينها؟ (بلحاج يشير إلى صور جمعته مع زعيم حركة النهضة التونسي راشد الغنوشي).

س- كُتب في إحدى مقالات موقع “مراسلون” أن الصحافة الأمريكية ذكرت أن أبو أنس الليبي اعترف بأنك وراء الاغتيالات في تونس؟

ج- هذا أمر مضحك، فالذي يعلم طبيعة وإدارة ما يتعلق بملفات التحقيق مع المتهمين في أمريكا، لا يمكن أن يصدق أنه في ظرف ساعات محدودة، يمكن للصحافة التونسية الموقرة أن تحصل على تسريبات، أو أن الحكومة التونسية لها التأثير البالغ على الإدارة الإمريكية، بحيث تسلم لها محضر التحقيق، هذا أولاً، الشيء الآخر وهو للأسف سقطت فيه وسائل إعلام تونسية منها صحيفة الشروق، التي نقلت عن الواشنطن بوست مقالاً مزوراً حول هذه المزاعم، والواشنطن بوست نفسها كذبت الخبر.

س- ما علاقتك بـ”أبو أنس الليبي”؟

ج- أبو أنس هاجر مبكراً من ليبيا في أوخر الثمانينيات، وانضم إلى تنظيم القاعدة، ثم انفصل عنها في منتصف التسعينيات تحديداً، ثم انتقل وأقام في بريطانيا، وعندما خرجت صحيفة الاتهام ضده أو تم الزج باسمه كان مقيماً في بريطانيا، جلست المخابرات البريطانية معه ثم غادر بريطانيا بعلم الحكومة البريطانية.

ثانياً “أبو أنس” عندما دخل ليبيا في أحداث ثورة 17 فبراير وبعد انتصارها توجه إلى الدوائر العدلية الليبية، وخاطب النائب العام باعتباره مواطناً ليبياً، وأخبره بأن اسمه موجود على لائحة المطلوبين في أمريكا، وهو يريد تسليم نفسه للسلطات الليبية لتقفل ملفه، لكن النائب العام رد عليه بأنه لم يرد إليه أي طلب وبأنه مواطن ليبي له كافة الحقوق.

توجه كذلك أبو أنس إلى جهاز المخابرات الليبية، وقال لهم بالحرف الواحد إنه “مستعد للتحقيق من قبل الأمريكان داخل ليبيا، برفقة أجهزة المخابرات الليبية”، وإن لديه ما يقول وإنه يريد إقفال الملف ويريد أن يعيش حياة عادية.

س- من أين لك كل هذه المعلومات؟ وهل هناك تقصير من طرف الحكومة الليبية؟

ج – أنا كنت شاهداً على هذا الأمر، وأنا من بلغ المخابرات الليبية، و”أبو أنس” قدم طلباً عن طريق أسرته وأنا على علم بذلك، لا أعلم ما إذا كانت الحكومة الليبية أبلغت الإدارة الأمريكية أم لا. تتحمل الحكومة جزءاً من التقصير.

صحيح أن هذه الحكومة الضعيفة ولم تستطع حماية رئيسها، ولكن هذا لا يعفيها من أن تعترض على هذا القبض، فالرجل تم خطفه من أمام بيته، والسفيرة الأمريكية كانت تعطينا دروساً عن السجون السرية والاختطاف خارج القانون في ليبيا، نحن نستنكر هذا، ولكن نرد عليه بأننا ندين الاختطاف خارج القانون الذي مارسته أمريكا ضد مواطن ليبي، وعلينا ألا نتعامل بازدواجية المعايير.

س- لكن أمريكا تقوم باعتقال المشتبه بارتكابهم أعمال إرهابية ضدها أو قتلهم دون علم سلطات الدول الضعيفة التي لا تستطيع القيام باعتقالهم على أراضيها؟

ج – أنا أشير هنا إلى أن ليبيا دولة ذات سيادة، ولديها حكومة ومؤتمر وطني وهناك تقصير من الحكومة في عدم إبلاغها الإدارة الأمريكية بما أقدم عليه أبو أنس الليبي، كان من الأولى على أمريكا تقديم مذكرة للسلطات الليبية تطلب فيها الرجل باعتباره متهماً وتريد التحقيق معه، وهناك بروتوكلات وآلية متفق عليها تحفظ للحكومة الليبية سيادتها أمام شعبها.

س- إذا كان منفصلاً عن القاعدة فبماذا تفسر خروج أعلام القاعدة ولأول مرة في طرابلس تنديداً بعملية خطفه؟

ج – هناك هامش فراغ موجود، وإذا لم تتقدم الدولة بملئه فسوف يزداد اتساعاً، وسوف تمارس فيه أعمال لا تخضع لسلطة الدولة، والمطلوب في هذا الوقت بالذات ملء هذا الفراغ.

انتشار الأعلام وهذه الجماعات دليل على غياب المؤسسة الرسمية المتمثلة بوزارة الداخلية، عندما نتحدث عن تصنيف ومتابعة وتقييم ومن يقرر أن هذا العمل مشروع أو غير مشروع فهي سلطات الدولة.

————————————————————–

في الجزء الثاني من هذا الحوار يقول بلحاج أن قيام أي تيار سياسي بامتلاك “ذراع إعلامية” هو أمر لا يعيب، ويؤكد أن قناة النبأ يمولها “عدد من رجال الأعمال”، وشدد على ضرورة عدم “اختزال كل عمليات الاغتيال على جهة واحدة فقط”………… ينشر في الأسبوع المقبل