يواجه الرئيس المعزول محمد مرسى في أولى محاكماته تهمة التحريض على قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية في ديسمبر 2012 . وهى تهمة لا تختلف كثيرا عن تلك التي وجهت لحسنى مبارك اى التحريض على قتل المتظاهرين في ميدان التحرير، وهى اتهامات جنائية من المفترض أن تقدم جهات التحقيق أدلة دامغة لا تقبل اللبس تدين المتهمين بها، ولكن خبرتنا في المحاكمات المشابهة تؤكد أن جهات التحقيق تفشل في ذلك الأمر الذي تتوه معه الحقيقة بين الأطراف المختلفة وتطلق وسائل الإعلام الاتهامات جزافا ثم تظل تبكى على حق الشهداء الذي ضاع.

يواجه الرئيس المعزول محمد مرسى في أولى محاكماته تهمة التحريض على قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية في ديسمبر 2012 . وهى تهمة لا تختلف كثيرا عن تلك التي وجهت لحسنى مبارك اى التحريض على قتل المتظاهرين في ميدان التحرير، وهى اتهامات جنائية من المفترض أن تقدم جهات التحقيق أدلة دامغة لا تقبل اللبس تدين المتهمين بها، ولكن خبرتنا في المحاكمات المشابهة تؤكد أن جهات التحقيق تفشل في ذلك الأمر الذي تتوه معه الحقيقة بين الأطراف المختلفة وتطلق وسائل الإعلام الاتهامات جزافا ثم تظل تبكى على حق الشهداء الذي ضاع.

ويبدو أن السلطة في مصر رأت أن تبدأ محاكمات محمد مرسى بتلك القضية التي تستطيع أن تحشد فيها القوى الثورية من ورائها، لان الذين قتلهم الإخوان في الاتحادية هم من المنتمين إلى هذه القوى، ولا يجادل أحد في أن قتل المتظاهرين المطالبين بالحرية والديمقراطية والعدالة أمر لا يمكن تجاهله، ولكن هل يضمن أحد أن تنتهي هذه المحاكمة بمعاقبة قتلة الشهداء الحقيقيين؟ وهل محاكمة مبارك أو مرسى بحكم المسئولية السياسية أو حتى الجنائية على قتل هؤلاء كافية؟

هذه الأسئلة لم نكن لنطرحها لو كانت القوى السياسية المصرية اهتمت بإصدار قانون للعدالة الانتقالية، وهو ما حدث فى كل الدول التي شهدت تغييرات عاصفة مثل تلك التي شهدتها وتشهدها مصر منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، فالمحاكمات الحالية تستهدف أما إرضاء الجماهير بالنسبة لمبارك أو الانتقام من مرسى، ولكن القضاء الجنائي لا يصل عادة إلى الإدانة ليس فقط بسبب عدم كفاءة جهات التحقيق في تقديم الأدلة وإنما لأسباب متعددة منها تدخل السياسية فى ملف القضاء، ومع كل الجرائم التي ارتكبها الرئيسان في حق مصر والشعب المصري، فهذه الجرائم معظمها يتعلق بالفساد والاستبداد واستغلال النفوذ وهى تهم سياسية أكثر منها جنائية وكان لابد من وجود قوانين يحاكم بها الرئيسان عن  هذه  التهم لكنها  لا توجد الآن وكان يمكن أن توجد في قانون للعدالة الانتقالية الذي لم تتفق النخبة السياسية المصرية على شيء إلا على عدم إصداره ولا يطالب به إلا الحقوقيون الذين أصبحوا سيئي السمعة في المناخ الفاشي الذي تشهده مصر حاليا.

ومحاكمة محمد مرسى ما هي إلا استمرار لسجال نشهده منذ 3 يوليو الماضي بين من يقول أن انقلابا عسكريا حدث في مصر ومن يرى أن ما حدث هو انحياز من الجيش  للإرادة الشعبية ،وهو سجال بيزنطى، لأن القضايا الحقيقية تغيب عنه، وهي المتعلقة بتأسيس نظام  ديمقراطي مدني لم يسع الإخوان إلى تأسيسه، ولا تريد السلطة الحالية أن تقدم عليه، وأحد أبرز ملامح هذا النظام هو وجود “نظام للعدالة الانتقالية ” يتضمن محاسبة كل من تولى الحكم في مصر خلال الثلاثين عاما الماضية أي الحزب الوطني والإخوان، والمحاسبة السياسية لابد وان تتزامن مع المحاسبة الجنائية التي يبدو أن نظام العدالة القائم في مصر متسامح فيها أيضا لأن كل من ذهبوا إلى المحكمة من السلطة في تهم جنائية خرجوا منها غير مدانين، وهو ما يمكن أن يحدث لمحمد مرسى أيضا طالما أن نظام العدالة نفسه لم يتغير.

وسوف يضيع صوت القانون أمام ثرثرة السياسة فالرئيس المعزول يريد أن يحول المحاكمة بكاملها إلى خطب سياسية يدين فيها ما يقول إنه انقلاب، والمحاكمة ذاتها وسيلة من السلطة لكسر أنف الإخوان لإجبارهم على الدخول في خريطة الطريق أو الاعتراف بها، بما يعنى أن باب المساومات والتسويات خارج المحكمة مفتوح وهناك أطراف داخلية ودولية تضغط من أجل التوصل إليها. أي أن الحقيقة تضيع وتنتهك وتغتال في هذا المناخ غير الصحي ووسط الحروب الصغيرة التي تستخدم فيها المحاكم.