فقدت الطفلة غفران ابنة بنغازي (شرق ليبيا) والتي تبلغ من العمر 7 سنوات وتدرس بالصف الأول الابتدائي، اثنين من أصابعها إثر انفجار “جسم مجهول” بالقرب منها، أثناء قضائها مع عائلتها إجازة في منطقة سوسة السياحية بالجبل الأخضر (شرق بنغازي).

تروي والدة غفران وهي تبكي بمرارة حال ابنتها “نحن من سكان بنغازي، اتفقنا مع بعض الأقارب على الذهاب في رحلة إلى منطقة سوسة، واستأجرنا هناك سكناً صيفياً، وفيما كانت غفران تلعب مع ابن خالها الصغير ظهر يوم الأربعاء 9 أكتوبر 2013، بالقرب مني في نفس المكان  سمعت صوت انفجار قوي”.

فقدت الطفلة غفران ابنة بنغازي (شرق ليبيا) والتي تبلغ من العمر 7 سنوات وتدرس بالصف الأول الابتدائي، اثنين من أصابعها إثر انفجار “جسم مجهول” بالقرب منها، أثناء قضائها مع عائلتها إجازة في منطقة سوسة السياحية بالجبل الأخضر (شرق بنغازي).

تروي والدة غفران وهي تبكي بمرارة حال ابنتها “نحن من سكان بنغازي، اتفقنا مع بعض الأقارب على الذهاب في رحلة إلى منطقة سوسة، واستأجرنا هناك سكناً صيفياً، وفيما كانت غفران تلعب مع ابن خالها الصغير ظهر يوم الأربعاء 9 أكتوبر 2013، بالقرب مني في نفس المكان  سمعت صوت انفجار قوي”.

ساعات في الطريق

تواصل الوالدة “اتجه أخي إلى الصغيرة التي كانت يدها تنزف مسرعاً، ونقلها إلى مستشفى سوسة، حيث تم تحويلها إلى مستشفي البيضاء الذي لم يتمكن من استقبالها بسبب نقص الإمكانيات، وتم نقلها بسيارة إسعاف إلى مستشفى الجلاء ببنغازي”.

بعد تحويل الطفلة إلى بنغازي اضطرت العائلة لقطع مسافة 300 كلم حتى وصلوا إلى المستشفى، تقول الوالدة “وصلنا في الليل، وفي المستشفى تم تخدير غفران بسبب الألم وبكائها المتواصل، وأجريت لها عملية بسبب حروق في معظم الأصابع، وبعد الانتهاء من العملية قال لي الطبيب يعوض الله في اثنين من أصابع غفران فقد فقدتهن”.

وتؤكد العائلة أنهم حتى اللحظة لم يتمكنوا من معرفة ماهية الجسم الذي انفجر بالقرب من الطفلة، ولا تفسير لديهم لسبب وجوده هناك، في منتجع صيفي للعائلات؟؟.

بترت يده

غفران ليست الوحيدة التي حصلت لها عاهة مستديمة بسبب انفجار سلاح عشوائي، فمع صباح كل يوم جديد يتأمل الطفل فرج زوبي – 13 عاماً – الذي يدرس بالصف الثاني الإعدادي، المكان الخالي ليده اليسرى، آملاً في عودتها ولو على شكل يد صناعية، بعد أن بترت من انفجار قنبلة يدوية الصنع تسمى محلياً “جولاطينة”، تصنع من مادة “ت.ن.ت.” شديدة الانفجار.

تقول والدة الطفل المصاب “نحن من سكان منطقة السرتي، وهو حى شعبي فقير في بنغازي، منذ قيام الثورة ونحن نسمع يومياً وفي كل وقت أصوات إطلاق النار والانفجارات تهز المباني، فنصاب بالهلع خصوصاً أثناء الليل”.

وتضيف “كل ما سمعت صوت انفجار أخاف كثيراً على ابني الأصغر فرج، حتى وهو بجانبي”، وتنهمر بالبكاء “وقعت الحادثة مساء يوم الأحد 6 أكتوبر 2013، حيث كنا في جلسة عائلية بالبيت مع بناتي وأختي، فسمعنا صوت انفجار قوي هز العمارة، قمت وقتها مسرعة نحو النافذة فرأيت ابني يجري ويصرخ قائلاً يدي .. يدي، فنقله ابن الجيران مسرعاً لأقرب عيادة حيث قاموا بتحويله إلى مستشفى الجلاء، حيث علمنا بأن يده بترت وفقدها للأبد”.

على عكس والدته فرج لا زال يملك الأمل في عودة يده سليمة، ويروي لـ “مراسلون” كيف أنه وجد القنبلة اليدوية مرمية على الأرض فالتقطها، ولكنه فوجئ بالحرارة العالية للقنبلة فنقلها إلى يده اليسرى ليرميها، إلا أنها انفجرت قبل ذلك، “كان معي ثلاثة من أبناء الجيران، وحسب علمي لم تكن إصاباتهم بليغة، فقط خدوش طفيفة”.

المستشفى مكتظ

والدة فرج تشتكي كذلك من صعوبة استدعاء الأطباء للكشف ومتابعة حالة ابنها، الذي يعاني مشكلة في المسالك البولية، وبعض الجروح المتفرقة في جسمه بسبب شظايا الانفجار.

من الواضح أثناء وجودنا بالمستشفى صعوبة استجابة الأطباء لكل الطلبات من قبل المرضى وذويهم، فهم يستقبلون حالات من كل مناطق الشرق الليبي الذي تعاني مستشفياته من نقص مضطرد في الإمكانيات.

وكان مستشفى الجلاء للجراحة والحوادث ببنغازي، قد أعلن عن إحصائية للحالات التي دخلت المستشفى بسبب الإصابة بالسلاح العشوائي المتداول بين المواطنين، خلال الفترة من يوم 25 سبتمبر وحتى يوم 10 أكتوبر 2013، أكدت أن عدد الحالات بلغ العدد 39 حالة منهن خمسه إناث.

تسجيل هذا العدد في أسبوعين يشكل مؤشر خطرٍ كبير، وعقبة حقيقية في وجه التنمية لدولة تحاول وضع حد للتصعيد الرهيب في أعمال العنف، والجرائم التي تُستخدم فيها الأسلحة من قبل مواطنين.

سطو مسلح

زياد العمامي الشاب البالغ من العمر 20 عاماً من سكان منطقة الفويهات ببنغازي، كان هو أيضاً ضحية استخدام السلاح، ولكن ليس بشكل عشوائي، فقد تعرض لعملية سطو مسلح من قبل مجهولين حاولوا سرقة هاتفه النقال.

أصيب زياد ظهر يوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2013 برصاصتين، إحداهما في شفته العليا والأخرى في الفك العلوي، ما نتج عنه كسر ثلاثة من أسنانه وكسر في الفك، والرصاصة لا تزال ساكنة داخل الفم، يقول والده نقلاً عن الأطباء بأن العملية التي يحتاجها “لن تكون سهلة”.

يروي والد زياد لـ”مراسلون” كيف هاجمت عصابة مسلحة ابنه محاولة سرقة هاتفه وما يحمل من مال، “دافع زياد عن  نفسه فتراجع أفراد العصابة للخلف قليلاً، وقام أحدهم بإطلاق رصاصات الكلاشنكوف على الأرض، لترتد إلى الأعلى وتصيب زياد في وجهه” يقول الوالد.

ويؤكد أبو زياد بأنهم عرفوا الفاعل وأن من أطلق الرصاص تم القبض عليه وسجنه، إلا أنه يستبعد قيام العائلة بأي رد فعل انتقامي، “مع احتفاظ القبيلة بالحق في اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه قبيلة الطرف الآخر” بحسب قوله.

في متناول الجميع

وجود السلاح الناري بين أيدي مواطنين عاديين غير رجال الأمن والجيش، هو أحد تداعيات الانفلات الأمني في ليبيا، ومن شأنه تهديد أمن وسلامة الناس في غياب أي ضوابط لاستعمال هذا السلاح، الذي يمكن رؤيته بأيدي الشباب والمراهقين ممن لا يجيدون استعماله حتى، خاصة أن بعض العوائل تحتفظ بأسلحتها في البيوت، وتكون في متناول الجميع.

يقول خالد الشريف القاضي بمحكمة بنغازي الابتدائية في حديثه لـ “مراسلون” أن قضية تنظيم حيازة السلاح هي من أهم القضايا التي تشغل الليبيين في الفترة الانتقالية، كونها ترتبط بشكل جوهري بسيادة الدولة وإثبات فاعليتها، بحيث أصبحت لدى الرأي العام من مؤشرات قياس مقدرة الدولة على بسط سيادتها على الأرض.

ويعتقد الشريف بأنه من غير المجدي “الاعتماد على وزارة محددة لعلاج هذه المشكلة، أو الاستناد على الفصل بين التشريعي والتنفيذي لتفادي بحثها، كما لا يمكن القبول بأي تأجيل بشأنها، لأن ذلك يحوى خطراً لا يمكن قبول الاحتمالات بشأنه”.

خطان متوازيان

ويقترح كحل لمشكلة انتشار السلاح الخفيف أنه لا بد من السير في خطين متوازيين “الأول هو الحيلولة دون انتشاره بشكل أكبر مما هو عليه الأن، بمحاولة الحد من أسباب دفع الافراد إلى امتلاك السلاح، وتجنب التراكم المفرط للاسلحة”، وذلك يتم “بتفعيل الأجهزة الأمنية والقضائية، وتطهيرها من الفاسدين، وتفعيل برنامج المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وحل النزاعات المتراكمة بين مكونات المجتمع الليبي بالإتيان على أسبابها لا أعراضها”.

أما الخط الثاني يقول الشريف “وضع خطة لتنظيم السلاح في أيدي الأفراد للوصول إلى السيطرة عليه، وإدخال حيازته في دائرة الحيازة المشروعة”.

وإلى أن تتوفر لدى السلطات القائمة على البلاد النوايا الحقيقية والقدرة اللازمة لحل المشكلات الأمنية المختلفة، وعلى رأسها تنظيم حيازة السلاح، يبقى المواطن الليبي في الشارع لا يأمن على نفسه ولا أطفاله العودة سالماً إلى بيته مهما كان البيت قريباً أو بعيداً.