رغم محاولات الحكومة التونسية التقليل من المخاطر التي تهدد حدود البلاد من الجانب الليبي، يؤكد أهالي بن قردان ( 600 كلم جنوب شرق تونس) أن مدينتهم تشهد منذ أسبوعين إجراءات أمنية استثنائية. يبدو ذلك من خلال تكثيف نقاط التفتيش وعبور آليات عسكرية ثقيلة وسط البلدة في اتجاه البوابات الفاصلة بين البلدين.

وكانت السلطات التونسية قد دفعت، منذ أيام، بتعزيزات أمنية وعسكرية إلى معبر “رأس الجدير” الحدودي، إضافة إلى طائرات استطلاع مجهزة بمعدات القصف الجوي.

رغم محاولات الحكومة التونسية التقليل من المخاطر التي تهدد حدود البلاد من الجانب الليبي، يؤكد أهالي بن قردان ( 600 كلم جنوب شرق تونس) أن مدينتهم تشهد منذ أسبوعين إجراءات أمنية استثنائية. يبدو ذلك من خلال تكثيف نقاط التفتيش وعبور آليات عسكرية ثقيلة وسط البلدة في اتجاه البوابات الفاصلة بين البلدين.

وكانت السلطات التونسية قد دفعت، منذ أيام، بتعزيزات أمنية وعسكرية إلى معبر “رأس الجدير” الحدودي، إضافة إلى طائرات استطلاع مجهزة بمعدات القصف الجوي.

وينتشر على طول الشريط الحدودي حوالي 600 عون من أعوان الشرطة والحرس وعناصر الجيش، قدموا من ثكنات المدن المجاورة لدعم زملائهم العاملين في المنطقة العسكرية العازلة على مستوى الحدود المشتركة بين تونس وليبيا والجزائر، وفقا لتقارير إعلامية متطابقة.

وتنفي وزارة الدفاع التونسية مضاعفة التواجد العسكري على الحدود التونسية-الليبية، وتعتبر أن التقارير الإعلامية حول إرسال مئات الجنود إلى الجنوب مبالغ فيها ووصلت إلى درجة السقوط في فخ الإشاعات.

وقال الناطق الرسمي باسمها العميد توفيق الرحموني لوكالة الأنباء التونسية الرسمية إن  “الوضع في الحدود التونسية الليبية مستقر ولا يتطلب إجراءات استثنائية لتعزيز التواجد العسكري، فنسق المرور العربات والأشخاص في معبر رأس جدير من الجهتين لم يسجل أي اضطرابات”.

إلّا أن تمسك النقابات الأمنية بمطالبة الحكومة بإعلام الرأي العام الوطني والدولي، والإفصاح عن المخططات الإرهابية التي تهدد سلامة وأمن التونسيين، دفعت بالعميد توفيق الرحموني إلى التراجع عن هذه التصريحات، والتأكيد أن التهديد الإرهابي بتونس هو أمر حقيقي.

وأوضح العميد أن الجيش الوطني في حالة يقظة بصفة مستمرة وجاهز لحماية المواطنين والتصدي لمقاومة الإرهاب. كما بيّن أن الأوضاع الأمنية غير مستقرة بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا، مما ألزم وزارة الدفاع باتخاذ الإجراءات اللازمة وتركيز قوات وآليات دفاعية على طول شريط الحدود التونسية-الليبية.

وفي هذا الصدد ذكر رفض ذكر اسمه لمراسلون، أن “مكتب المصالح المختصة في بن قردان اقترح ضرورة توخي الحذر على الحدود من الجانب التونسي، بإجراءات أمنية تحسبا لأي “تهور” قد يصدر عن المجموعات الليبية المسلحة”.

وأكد أنه لا توجد أدلة مادية دامغة تثبت نيّة المليشيات الليبية مهاجمة معبر رأس جدير والدخول للتراب التونسي، “لكن العمل الاستخباراتي يتطلب إلى جانب الحصول على معلومة تحليل الوضع وإرشاد وزارة الداخلية لأي طارئ من شأنه أن يهدد سلامة أمن الدولة خاصة في المدن الحدودية”.

واستدرك قائلا “لا ننكر أن المعبر تعرض أكثر من مرة لهجمات وإطلاق نار من حسن الحظ لم تسفر عن خسائر بشرية”، لكن دوافع هذه التصرفات الاستفزازية،حسب قوله، لم تتعلق أبدا بأعمال إرهابية، وإنما كانت من أجل مشاكل مرتبطة بالتهريب وأحيانا للمطالبة بإطلاق سراح مواطنين ليبيين تورطوا في قضايا حق عام في التراب التونسي.

وأضاف منبّها “لا ننسى أن المليشيات الناشطة على بعد 25 كلم من حدودنا مصنفة ضمن المجموعات الخارجة عن القانون، وبالتالي تكون في خدمة كل من يدفع لها الأموال على غرار مافيا التهريب وتجار المخدرات”.

وبحسب مصادر أمنية متطابقة، فإن معبر رأس جدير والشريط الحدودي سجل منذ أيام وصول عدد كبير من الجنود وأعوان الشرطة، لكن لم يبلغ العدد المتداول في وسائل الإعلام. والتجأت الحكومة التونسية لرفع درجة التأهب على الحدود كإجراء استباقي نظرا لبعد المنطقة عن الثكنات الرئيسة للجيش، وصعوبة وصول التعزيزات في حالة حدوث نتائج التحليل الاستراتيجي للتقارير الأمنية.

واعتبرت أن حديث بعض المحللين السياسيين عن امتلاك المجموعات الليبية لأسلحة كيمائية، لا يرتقي إلى مستوى العقلانية والتحليل المبني على أدلة. نافية  صحة هذه المعلومات استنادا لتقارير أغلب المخابرات الغربية والأمريكية.

وتشير التقارير الأمنية من الجانبين الليبي والتونسي إلى وجود معسكرات تدريب تضمّ المئات من التونسيين ومن جنسيات إفريقية، كان هدفها فور إنشائها من طرف التيارات المتشددة دينيا إرسال المجاهدين إلى سوريا للمشاركة في الإطاحة بنظام بشار الأسد. لكن بعد التطورات الحاصلة على المستوى الإقليمي، أصبحت تشكلا خطرا حقيقيا على البلدان المغاربية. ولم تعد استراتجياتها واضحة بخصوص تدريب هؤلاء والمهام التي سيكلفون بها مستقبلا.

ويعود تاريخ تأسيس المجموعات الليبية المسلحة إلى فترة المعارك الدامية التي حصلت بين ثوار ليبيا ونظام القذافي سنة 2011.

ويؤكد الخبراء أنها لعبت دورا هاما في حسم المعركة لصالح الشعب الليبي بمساندة حلف “ناتو”، لكن أغلبها رفض الاندماج صلب وحدات الشرطة والجيش بعد سقوط النظام السابق. وتتعدد أسباب هذا الرفض من عدم الرضا عن الحكومات المتعاقبة على حكم ليبيا إلى اختلافات تنظيمية وفكرية مع التشكيلات النظامية.

وتعتبر مجموعة “درع ليبيا”، التي لا يخلو مقال صحفي في وسائل الإعلام التونسية من إدراجها في الحديث عن ارتباط تنظيم ما يسمى بأنصار الشريعية في تونس بالثوار الخارجين عن القانون في ليبيا، من أبرز التنظيمات المسلحة، وهو ما دفع بالحكومة الليبية إلى تكليفها بحراسة الأهداف الحيوية برئاسة الأركان العامة بالجيش الليبي، قبل اغتيال قائدها المقدم عدنان النويصري. وتنقسم المجموعة المذكورة إلى عدة كتائب عسكرية منتشرة في البلاد يصعب تنظيمها أو السيطرة عليها.

وعن هذه النقطة يقول الناشط الاجتماعي الليبي “طلال زحلوق” لموقع مراسلون ” مجموعة درع ليبيا تأسست بموجب قرار صادر عن المجلس الانتقالي الليبي أثناء فترة الكفاح المسلح ضد معمر القذافي، وتشرف عليها رئاسة أركان الجيش على المستوى التنظيمي. لكنها  في الواقع لا تتقيد إلا بأوامر أمراء الكتائب الذين انحرف بعضهم عن الأهداف التي أنشئت على أساسها المجموعة”.

ويشدد “طلال” على أهمية الفصل بين أنصار تنظيم أنصار الشريعة في تونس وقوات درع ليبيا، نظرا للاختلاف الجوهري في مفهوم الجهاد الإسلامي. و لا يشك في ارتباطها بتنظيم القاعدة.

ويبرّر ذلك قائلا إن أغلب أمراء كتائب درع ليبيا كانوا في الماضي منتمين للمجموعة الليبية المقاتلة ويؤمنون بالفكر السلفي الجهادي، ما يفسر استحالة قبولهم بمدنية الدولة والحداثة. “لكن لا أجزم بتورط جميع عناصرها في الإرهاب حيث يتبنى العديد منهم الفكري السلفي العلمي، الذي يعتبر البلدان الإسلامية أراضي دعوة وليس جهاد “.

ويعتبر أن نشاطها الخارج عن القانون لا يخلو من مخاطر تهدد الحدود التونسية-الليبية، فالدولة الليبية ترفض إلى حدّ الآن مواجهتها والتصدي لتدخلها في شؤون البلاد وتسيير المعابر الحدودية.

ويتواصل في تونس تبادل الاتهامات بين المعارضة والحكومة بخصوص التقصير الأمني اتجاه ملف الإرهاب. وتتعلق الإجراءات الأمنية والعسكرية في الحدود التونسية-الليبية بالوثائق الاستخباراتية التي كشفها الناشط الطيب العقيلي، ودفعت بوزارتي الداخلية والدفاع إلى التعامل بجدية مع التقارير الأمنية الواردة من الجهات المختصة بما في ذلك الفرضيات التي قد تتطور إلى حقائق لا يحتملها الوضع السياسي التونسي.