عقب الندوة الصحفية التي أدلى بها الطيب العقيلي عضو هيئة المبادرة الوطنية لكشف حقيقة اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، والتي كشف فيها عن وثائق مسربة تشير إلى تهاون  الحكومة في توفير الحماية لشهيد محمد البراهمي، توعد سمير ديلو وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية بفتح أرشيف البوليس السياسي خلال الأيام القليلة القادمة.

وقال الوزير إن التونسيين سيتفاجأون حين يكتشفون “تورط بعض المعارضين في جهاز البوليس السياسي” في تلميح للعقيلي، الذي ردّ متحديا الوزير أن يكشف الأرشيف.

عقب الندوة الصحفية التي أدلى بها الطيب العقيلي عضو هيئة المبادرة الوطنية لكشف حقيقة اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، والتي كشف فيها عن وثائق مسربة تشير إلى تهاون  الحكومة في توفير الحماية لشهيد محمد البراهمي، توعد سمير ديلو وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية بفتح أرشيف البوليس السياسي خلال الأيام القليلة القادمة.

وقال الوزير إن التونسيين سيتفاجأون حين يكتشفون “تورط بعض المعارضين في جهاز البوليس السياسي” في تلميح للعقيلي، الذي ردّ متحديا الوزير أن يكشف الأرشيف.

ورغم محاولات موقع “مراسون” في الحصول على توضيحات بشأن محتوى هذا الأرشيف وعلاقته بالعقيلي إلا أن الاتصال بوزير حقوق الإنسان تعذر.

لكن معاررضين وناشطين حقوقيين سارعوا عقب تصريحات الوزير إلى اتهامه وحكومته باستعمال الارشيف لابتزاز السياسيين ورجال الاعمال، وبالمماطلة في إرساء قانون للعدالة الانتقالية.

توظيف ضد الخصوم

يقول المحامي والحقوقي عبد الناصر العويني إن تسييس وتوظيف أرشيف البوليس السياسي من طرف حكومة النهضة واستعماله كورقة ضد الخصوم السياسيين لا يتماشى ومبدأ بناء المنظومة الأمنية المحايدة التي تقف مسافة أمان بين كل الأطراف السياسية .

ويضيف العويني أنه لا يمكن بأي حال من استغلال هذا الأرشيف لابتزاز أطراف أخرى لأن ذلك سيفتح الباب على مصراعيه لتوظيفه من أجل تحقيق أهداف حزبية.

وفي تصريح لمراسلون يقول شرف الدين القليلل عضو “مجموعة 25 ” الحقوقية إن فتح أرشيف البوليس السياسي ممكن نظريا إذا وقع تفعيل المرسوم 41 المتعلق بالنفاذ بالوثائق الإدارية. مبينا أن هناك إشكالان يعيقان فتح ملف الأرشيف السياسي أولا باعتباره جزء متعلق بأمن الدولة وثانيا لارتباطه بالخصوصيات الشخصية للأفراد.

وأشار القليل إلى أن المستوى النظري يختلف عن مستوى الواقع لأن أرشيف البوليس السياسي تعرض إلى حملات استيلاء ممنهجة لتوظيفه منذ الثورة. وقال “لا أستغرب أن أركان من جهاز البوليس السياسي تلبس جبة الثورة”.

من جهة أخرى يقول عصام الدردوري رئيس فرع تونس لجمعية “العمل من أجل أمن جمهوري” إن معالجة المنظومة الأمنية لابد أن تكون مع آليات تعمل لمصلحة وزارة أمن الدولة في إطار الحفاظ على الأمن العام وليس للملاحقة السياسية.

وأوضح الدردوري أن هناك تقارير أمنية كانت مغلوطة من أجل التشفي من بعض الأشخاص. مشيرا إلى أن بناء منظومة أمنية محايدة يبقى أفضل أداة ناجعة لخدمة الأمن القومي والدولة.

معالجة شعبوية

فيما اعتبر المولدي الفاهم، قيادي بالحزب الجمهوري، أن فتح ملف الأرشيف البوليس السياسي لا يمكن أن يعالج بشيء من الخفة أو الشعبوية بقدر ما يعالج بممارسة سياسية تقوم على الحكمة والمعالجة الهادئة في حكم ديمقراطي.

وأشار القيادي بالحزب الجمهوري إلى أن “حكومة الترويكا مضطربة وستفشل لو تمكنت من مثل هذه الملفات الشائكة في ظل الانفلات الأمني ومحاولات حركة النهضة الهيمنة على مفاصل الدولة وزارة الداخلية”، مؤكدا أن الأمن الموازي في هذا الظرف الدقيق والحساس التي تعيشه البلاد أصبح أكثر خطرا من فتح أرشيف البوليس السياسي خصوصا في ظل انتشار موجة الإرهاب والاغتيالات السياسية.

وأضاف المولدي الفاهم أن الاختراقات الأمنية تعدت وزارة الداخلية لتشمل المؤسسة العسكرية وهو ما بشكل تهديدا صارخا للأمن، “خصوصا وان حركة النهضة تصالحت مع كوادر أمنية ومع بعض أزلام النظام البائد في اطار المصلحة الخاصة”.

وأوضح أن توظيف البوليس السياسي لمصلحة الأمن القومي في إطار معالجة بناءة لا تهدف لملاحقة الخصوم السياسيين كما كان يحدث في عهد النظام السابق يعد الخيار الأنسب لمعالجة هذا الأرشيف.

جهاز أخطبوطي

وفي تصريح لـ”مراسلون” تقول نجوى الرزقي عضو بمنظمة “مساواة” ومنظمة العفو الدولية (أمنستي) إن البوليس السياسي هو الذراع الطويلة التي كرست طغيانها على السلطة والثروة والشعب ومصير البلاد. فقد شكل هذا الجهاز “أهم وأخطر أداة على الإطلاق بيد النظام الاستبدادي على مدى أكثر من نصف قرن من عمر الدولة”.

ويتحكم “الجهاز الأخطبوطي” -كما تصفه الرزقي- بجميع مراكز القوة والنفوذ داخل الدولة  والوظائف السياسية والأمنية والقضائية والعسكرية.  وقالت الرزقي إن “كشف حقائق الأرشيف كان ضمن المطالب التي رفعها التونسيون إبان ثورة 14 كانون ثاني/جانفي”.

وأضافت أن “رفع الغطاء عن الأرشيف الذي كان تزييف الانتخابات واستعمال القضاء في تجريم الأبرياء والتغطية على جرائم النافذين من أبرز انجازاته على الاطلاق، يبقى إجراءا متأخرا لاسيما في ظل الحديث عن إتلاف جزء هام من هذا الأرشيف وحرق كل الوثائق والأدلة التي تدين جرائم أفراده، وقد جرى ذلك لغرض حماية السلطة الحالية بعدما أصبحنا في دولة حماية المجرمين بامتياز” على حد تعبيرها.