“الاسلامي الليبي عبد الحكيم بلحاج، قائد المجلس العسكري لمدينة طرابلس هو من دبر وخطط ومول لأعمال إرهابية في تونس، من ضمنها اغتيال المعارضين التونسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي”. هذه خلاصة ما قدمه الطيب العقيلي عضو المبادرة الوطنية لكشف الحقيقة بشأن الاغتيالات السياسية في تونس.
“الاسلامي الليبي عبد الحكيم بلحاج، قائد المجلس العسكري لمدينة طرابلس هو من دبر وخطط ومول لأعمال إرهابية في تونس، من ضمنها اغتيال المعارضين التونسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي”. هذه خلاصة ما قدمه الطيب العقيلي عضو المبادرة الوطنية لكشف الحقيقة بشأن الاغتيالات السياسية في تونس.
العقيلي كشف خلال ندوة صحفية عقدها الاسبوع الماضي، عن وثيقة لوزارة الداخلية التونسية تنبه مديرياتها الجهوية يوم 4 جانفي/ كانون ثان (شهر قبل اغتيال بلعيد)،إلى أن “بلحاج يدبر لأعمال إرهابية في تونس. وأن بلحاج الذي دخل الاراضي التونسية سرا، مع مواطنه سالم الواعر، يرتبط بعلاقة بتنظيم أنصار الشريعة التونسي (المشتبه بضلوعه في اغتيال البراهمي وبلعيد، ومصنف كتنظيم إرهابي)”.
وقدّم العقيلي ملفاّ يضمّ عددا من الصور والوثائق المسرّبة من وزارة الدّاخلية، تدعم أقواله وما آلت إليه أبحاث دامت 7 أشهر على الأقل.
ارتباط النّهضة ببلحاج
العمل الاستقصائي الذي قامت به منظمة المبادرة الوطنية لكشف الحقيقة بشأن الاغتيالات السياسية في تونس، أكد “استنادا إلى معلومات موثّقة و دقيقة أن وزارة الدّاخلية تعمّدت مرّة أخرى إخفاء الحقيقة بعدم الكشف عن الجهة اللّيبية الضّالعة في تدريب و تسليح العناصر التونسية. لعلمها المُسْبَق بأن هذه الجهة ماهي إلاّ الجماعة الإسلامية المقاتلة اللّيبية وأميرها عبد الحكيم بلحاج المكنّى بـ”أبو عبد الله الصادق”، علما أنه من المجاهدين العرب، شارك في حرب العراق ضمن فصائل أبو مصعب الزرقاوي”.
كما ورد أنّ حركة النهضة وقياديها على علاقة “وطيدة” بعبد الحكيم بلحاج وذلك وفقا لصور تبرز اجتماعه عديد المرات بقياديين في النهضة من ضمنهم سمير ديلو وزير حقوق الإنسان وراشد الغنوشي رئيس الحركة.
وكان بلحاج قد شارك كضيف شرف في المؤتمر التاسع لحركة النهضة في 22 تموز/ جويلية 2012 حيث ألقى كلمة أمام قيادة الحركة، في مقدمتهم راشد الغنوشي وعلي لعريض ومحرزية العبيدي وعبد اللطيف المكي وسميٌة الغنوشي، بشّر من خلالها قيادة الحركة بأن النتائج الاولية للانتخابات بليبيا في صالح من سيكون في خدمة “المشروع النهضوي”.
وتمّ استقبال بلحاج كضيف شرف في الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة الذي نظٌمه مكتب شباب حركة النهضة في 23 كانون أول/ ديسمبر 2012 بتونس، بحضور القيادات النهضوية ومنها نور الدين البحيري وزير العدل آنذاك.
كما ذكرت الوثيقة أنّ وزارة الداخلية لم تتخذ أيُّ إجراء ضدّ عبد الحكيم بلحاج سواء بمنعه من الدخول إلى البلاد أو بإيقافه والتحقيق معه.
كما أفادت الوثيقة أن “وزارة الداخلية كانت على علم بما خطّط له عبد الحكيم بلحاج ونفّذه تنظيم أنصار الشريعة”. وأن “الحكومة تساهلت في التعامل مع موضوع الإرهاب ولم يصدر القرار السياسي المناسب إلاّ بعد فوات الأوان وإلى حد التواطئ”. وأن “حركة النهضة وقياداتها استماتت منذ اعتلائها الحكم في إنكار فشلها في احتواء السلفيين الجهاديين الذين طالما دافعت عنهم و برّرت العنف الضالعين فيه”.
وفي اتصال بوسائل إعلام تونسية نفى بلحاج أية علاقة له بتنظيم أنصار الشريعة وبالتنظيمات الارهابية، كما نفى أن يكون قد دخل تونس متخفيا. وقال أن علاقته بالتونسيين جيدة وأنه دخل إلى تونس أكثر من مرة، عبر أبوابها، واستقبل بالترحاب.
النهضة تنكر وتندد
قياديو حركة النهضة تحفّظوا على ما ورد بالوثائق المقدّمة من الطيب العقيلي في حين اعتبر سمير ديلو، وزير حقوق الإنسان “أن الطيب العقيلي كاذب و محتال، يفتقر الى الكثير من المسؤولية وكان عليه الاتجاه للقضاء وليس توجيه الاتهامات في الندوات الصحفية”.
وقال ديلو إنه قدم أدلّة و صورا تؤكّد أنّ من رافقه في بعض الصور لم يكن المشتبه به عبد الحكيم بلحاج، و إنّما هو جمال السعداوي ( شبيهه) .
ولم يعلّق أي من قياديي النهضة، كراشد الغنوشي الذي ظهر في إحدى الصور مع عبد الحكيم بلحاج، ولم تردّ حركة النهضة على ما ورد بالوثيقة من تعليق على حضور بلحاج في مؤتمر الحركة التاسع.
في حين ورد بيان من المكتب القانوني للحركة يفيد بأنّه تابع باهتمام وقائع الندوة الصحفية التي كشف خلالها الطيب العقيلي ما ورد من معطيات تدين حركة النّهضة.
واعتبر المكتب القانوني أنّ ما ورد بالوثيقة ” اتهامات خطيرة وإدعاءات باطلة تصل إلى حد الجنايات التي يعاقب عليها القانون الجزائي لما تمثله من مساس بالأمن العام وسلامة الأشخاص”، واعتبرها “تزييفا للحقائق و تدليسا وتزويرا و ايهاما بجرائم لا وجود لها تمسّ من سلامة الوطن”، واصفا إياها بأنّها “افتراء على حركة النهضة و مناضليها من خلال اتهامها بالإرهاب ومحاولة إلصاق تهمة اغتيال الفقيدين (شكري بلعيد ومحمد البراهمي) بها”.
واعتبر المكتب أنّ ربط ذلك بالمسؤول الليبي عبد الحكيم بالحاج فيه مسعى واضح لاستهداف الحياة السياسية والمصلحة العليا للبلاد.
ودعا المكتب السلط القضائية ذات النظر إلى “التصدي إلى مثل هذه المغالطات التي من شانها النيل من الأمن العام والسلم الأهلي، في أحسن الآجال”.
القضاء يتحرى
استمع قاضي التحقيق بالمكتب الثالث بالمحكمة الابتدائية بتونس، صباح اليوم الاثنين 7 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، إلى أقوال الناشط الحقوقي والسياسي الطيب العقيلي، على خلفية الوثائق التي استظهر بها، خلال الندوة الصحفية المذكور تاريخها أعلاه، في علاقة بقضيّة اغتيال الشهيد شكري بلعيد. و ذلك على مدى يناهز الساعة، في انتظار استكمال الأبحاث الاستقرائية، حول قضيّة الاغتيال.
من جهتها ، قامت وزارة الداّخلية بإيقاف موظفين وعوني أمن، بتهمة “تسريب وثائق إدارية”.
أما اليساريون و قياديو حركة الجبهة الشعبية فقد أعلنوا رفضهم التحاور مع من اعتبروهم طرفا رئيسا في الاغتيال السياسي بحسب ما أفادته تقارير الطيب العقيلي والوثائق المسرّبة.
يذكر انّ القاضي استمع إلى الطيب العقيلي بعد أن قال أحد المتدخلين في قناة المتوسط إن كاتب عام نقابة السجون والإصلاح وليد زروق سلمه تسجيلات حول قضايا خطيرة.
في المقابل نفى الطيب العقيلي أن يكون قد تسلم أي تسجيل مشيرا إلى ما لديه من وثائق على ذمة القضاء.
قد نقاطع الحوار
حمة الهمامي، الناطق باسم الجبهة الشعبية التونسية، قال أن الجبهة ستدرس إمكانية مواصلة الحوار مع حكومة النهضة من عدمه بعد ما تقدّم من وثائق تدين الحركة وتورّطها في اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وأضاف الهمامي أن المعطيات والمعلومات التي كشفها الطيب العقيلي أثبتت تقصير وزارة الداخلية وقياداتها الأمنية إلى حد التواطؤ في موضوع اغتيالهما، مضيفا أنه تأكد بالوثائق والدلائل أن الحكومة الحالية هي “حكومة إرهاب واغتيالات”.
وبين الهمامي أنه “وبعد كشف حقائق الاغتيالات ستعمل جبهة الإنقاذ الوطني والجبهة الشعبية على تنظيم جملة من التحركات والقيام بالتعبئة الكاملة من خلال مواصلة تنظيم المسيرات والوقفات الاحتجاجية واعتصامات لإسقاط هذه الحكومة المتورطة”.
من جهتها قالت لميس البراهمي، ابنة الشهيد محمد البراهمي، “كنا نعلم ذلك منذ البداية، لكنّهم طالبونا بتقديم أدلّة على ما نقوله، هاهي الأدلة تقدّم، هل لكم أن تأخذوها بعين الاعتبار؟”.
و اضافت لميس البراهمي “حق والدي لا يمكن ان يذهب هباء ولن نصمت على هؤلاء الخونة.. لا بدّ ان تسقط حكومة الإخوان الخائنة”.