في مدينة بنغازي التي تعيش على وقع أخبار الموت، حاول مجموعة من الشبان بإحياء اليوم العالمي للسلام 21 أيلول/ سبتمبر الماضي بطريقة مختلفة، فرسموا أكبر شعار للسلام في العالم على لوحة قماشية علقوها في ملعب جامعة العرب الطبية، إلا أن أيادٍ خفية قامت بحرق اللوحة قبل موعد الاحتفال بيوم واحد.

يعيش الليبيون حالة عنف مستمرة، فلا يمر يوم دون أن يقتل أحدهم إما لخلاف سياسي أو ثآر شخصي أو جريمة مخدرات أوسرقة. حالة العنف هذه أصبحت واضحة في ألعاب الصغار الذين لم تعد تستهويهم إلا البنادق والمسدسات، وكذلك الأمر بالنسبة لمظاهر الاحتفال والفرح التي تستخدم فيها الذخيرة الحية.

في مدينة بنغازي التي تعيش على وقع أخبار الموت، حاول مجموعة من الشبان بإحياء اليوم العالمي للسلام 21 أيلول/ سبتمبر الماضي بطريقة مختلفة، فرسموا أكبر شعار للسلام في العالم على لوحة قماشية علقوها في ملعب جامعة العرب الطبية، إلا أن أيادٍ خفية قامت بحرق اللوحة قبل موعد الاحتفال بيوم واحد.

يعيش الليبيون حالة عنف مستمرة، فلا يمر يوم دون أن يقتل أحدهم إما لخلاف سياسي أو ثآر شخصي أو جريمة مخدرات أوسرقة. حالة العنف هذه أصبحت واضحة في ألعاب الصغار الذين لم تعد تستهويهم إلا البنادق والمسدسات، وكذلك الأمر بالنسبة لمظاهر الاحتفال والفرح التي تستخدم فيها الذخيرة الحية.

رداً على هذه الحالة قامت عدد من مؤسسات المجتمع المدني في مختلف المدن الليبية بإحياء اليوم العالمي للسلام، أملاً منهم في انقشاع دخان الأسلحة عن أجواء مدنهم التي يُغتال سلامها كل يوم.

لوحة محروقة 

[ibimage==9901==Small_Image==none==self==null]

الابتسامة والتعاون والمحبة هو شعارنا.

شباب بنغازي أرادو إحياء الأمل في قلوب أهالي المدينة بتنظيم مهرجان السلام بجامعة العرب الطبية، وحضَّروا لأجله أكبر لوحة قماشية رُسم عليها أكبر شعار للسلام في العالم، كانوا يريدون من خلالها توجيه رسالة تعبر عنهم. إلا أن مجهولين أقدموا فجر 20 أيلول/ سبتمبر الماضي على حرق اللوحة التي كان يراد لها أن تسجل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية قبل بدء الاحتفال.

عبد الله التهامي أحد شباب منظمة “زهرة البلاد” التي حضَّرت للاحتفال وصف لـ “مراسلون” تلك “الروح الجميلة” التي امتاز بها أهالي بنغازي حينما شاركوا في تجهيز لوحات قماشية ووضع بصماتهم عليها تعبيراً عن سعيهم للسلام.

ويضيف التهامي أن حرق اللوحة الكبيرة في ملعب الجامعة “لم يحبط معنوياتنا، بل كان حافزاً للنجاح بالمهرجان وكسب تعاطف أهالي المدينة، وسبباً لحضورهم لإحياء المهرجان وإنجاحه”.

فسحة للفرح

ويشير التهامي كذلك إلى أن توقف العديد من المهرجانات والأمسيات الشعرية والفنية في ليبيا مؤخراً كان سبباً في إقبال الليبيين على متابعة نشرات التلفاز، “والتي نادراً ما تعرض ما يسرّ أو يبعث على الطمأنينة” على حد وصفه، ولهذا كان لا بد من التفكير في مهرجان يشارك فيه الناس ويروح عنهم.

 فكان مهرجان السلام الذي يطمح منظموه بحسب التهامي “إلى خلق عالم جميل رسالته الابتسامة والتعاون والمحبة، وهذا ما دفعنا إلى تجميع الناس للمشاركة في لوحة واحدة لهدف واحد (لوحة عليها بصمات المشاركين)، وهي رسالة سلام للعالم من بنغازي، لنؤكد معاً أن الامل لازال موجوداً، والسلام لا يزال بالقلوب، وطيبة وحب أهالي هذه المدينة فقط يحتاج المجال للظهور”.

حي يرزق

بنغازي ليست الوحيدة التي تعاني هذه الأيام، بل انضمت إليها العاصمة طرابلس التي لا تتوقف فيها البلاغات إلى مراكز الأمن عن حدوث أمر ما هنا أو هناك.

لكن طلال برناز، من منظمة 1libya، يؤكد أن السلام “حي يرزق في قلوب سكان هذا البلد رغم كل الأجواء والظروف التي يمر بها، ويمكن إحياؤه حينما نتناسى العنصرية والتطرف، ونربي الأجيال القادمة على عدم التمييز العرقي والفكري”.

“السلام يبدأ منّي ومن كل فرد في هذا المجتمع، ولهذا علينا أن نجدد الأمل به كل يوم”، تقول الناشطة إيناس سدوح عضوة منظمة H2O التي تعنى بقضايا الشباب، وكانت إحدى المنظمات التي أسهمت بشكل بارز في إحياء اليوم العالمي للسلام في طرابلس.

إيناس قامت مع أفراد منظمتها بالاحتفال بهذا اليوم مع طلاب المدارس لاعتقادها بأن “السلام يبدأ من البيت والمدرسة اللتان تمثلان أول مدرستين تربويتين يقبل عليهما الأطفال، فمتى ما غرسنا قيم السلام لدى الصغار سيبذلون كل ما بوسعهم للحفاظ عليه حينما تسير بيهم السنون”.

وتضيف إيناس أنها شاركت في هذا اليوم “سعياً لنشر الفكرة بإشراك الآخرين بأعمالنا رغم بساطتها وقلة إمكانياتها”.

[ibimage==9904==Small_Image==none==self==null]

الأيادي الملونة.

شباب لا ييأس

مدينة الزاوية (40 كم غرب طرابلس) كانت حاضرة أيضاً في يوم السلام، حيث قامت منظمة XYZ  التي عانت من ردود فعل سلبية من بعض المواطنين خلال إحيائها لساعة الأرض في المدينة في آذار/ مارس الماضي، بإحياء يوم السلام بزيارة مجموعة من المدارس، “لنشر ثقافة الاحترام المتبادل تجاه الآخرين وتجاه العالم” وفق تعبير المشرفين على المنظمة.

عمر الأزرق أحد شباب المنظمة الذين تم تخريب شموع احتفالهم بيوم الأرض في ميدان الشهداء بالزاوية، بذريعة أنهم يقيمون طقوساً لعبادة الأوثان وعبادة النار.

يقول الأزرق بأنه وزملاءه حاولوا “تذكير الناس بأهمية السلام وبضرورة نبذ العنف، والخروج من حالة الاحتقان الشديدة المسيطرة على الوضع السياسي في ليبيا، بالإضافة إلى حالة العنف الممنهجة ضد المدن التي كانت محسوبة على النظام السابق”.

 ويؤكد الأزرق أنهم مدركون تماماً لدورهم كمؤسسات مجتمع مدني في اتخاذ خطوات عملية وجادة من أجل تحقيق سلام حقيقي في ليبيا، يكون قائماً على العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان وكرامته، “فلا سلام بلا عدالة أوحرية تعبير عن الرأي”.

إذاً هي محاولة تتنفس بصعوبة لإحياء سلام طال انتظاره في ليبيا، مع أصوات الرصاص والمدافع التي تسمع كل حين. سلام ينتظر أن يولد من مرحلة الفوضى الانتقالية، وعشرات المجموعات المسلحة في كل مكان، إلا أن الأمل الذي رآه رسل السلام في أعين تلاميذ المدارس يدفعهم للإيمان بقرب عودة السلام من جديد.