النتيجة الأولى التي سوف تترتب على حكم محكمة القاهرة لـ “الأمور المستعجلة” بحظر تنظيم الإخوان المسلمين هو أن كتاب النظام سوف يعودون مرة أخرى إلى وصف الجماعة بالمحظورة. فالجماعة منحلة منذ أربعينات القرن الماضي ثم حلت مرة أخرى عام 1954 عندما اعتبرها مجلس قيادة الثورة حزبا سياسيا وحلت مع باقي الأحزاب السياسية. ومنذ ذلك الحين وهى منحلة ومحظورة.

النتيجة الأولى التي سوف تترتب على حكم محكمة القاهرة لـ “الأمور المستعجلة” بحظر تنظيم الإخوان المسلمين هو أن كتاب النظام سوف يعودون مرة أخرى إلى وصف الجماعة بالمحظورة. فالجماعة منحلة منذ أربعينات القرن الماضي ثم حلت مرة أخرى عام 1954 عندما اعتبرها مجلس قيادة الثورة حزبا سياسيا وحلت مع باقي الأحزاب السياسية. ومنذ ذلك الحين وهى منحلة ومحظورة.

وعندما عادت إلى العمل السياسي في سبعينات القرن الماضي كانت تعمل عرفيا وليس بصورة قانونية لكنها اكتسبت مكانتها من تحالفها مع النظام والدور الذي أعطاه لها وكان في البداية حصار اليسار ومواجهته ثم تحول إلى نزع الغطاء الديني والشرعي عن جماعات التطرف والإرهاب التي كانت تطلق على نفسها مسمى الجهاد الاسلامى والجماعة الإسلامية.

وإذا كان معظم المحللين يرون إن الضربة التي تلقتها جماعة الإخوان بعد عزل مندوبهم في قصر الاتحادية محمد مرسي اقوى من تلك التي وجهت لهم في عام 54 والتي بدؤوا معها ما يسمونه بسنوات المحنة، فان هذا الحكم لن تتعدى أهميته البعد الرمزي في الصراع مع “الدولة المصرية”.

فالمواجهة بين الطرفين دخلت في مرحلة تكسير العظام، وواقع الحال هو أن الجماعة عادت لتصبح محظورة، وتشير الأحداث الجارية إلى أنها سوف تخرج من العملية السياسة أو تهمش فيها، لكنها رغم ذلك ستظل موجودة على ارض الوقع من خلال نشطاها في القرى وبعض المحافظات التي تعتبر مركز نفوذ لها. وستظل ذات وجود اقتصادي سواء من خلال رجال الأعمال المنتمين لها أو الأموال التي تتدفق عليها من بعض دول الخليج أو من أموال التنظيم الدولي. وسوف تظل الجماعة تقوم بدور ما في العمل الاجتماعي في مناطق الفقر والعشوائيات عبر الجمعيات الخيرية التابعة لها. وكل ذلك لن يوقفه حكم قضائي، حتى ولو كان الحكم القضائي الأخير الذي يتضمن إغلاق الباب أمام كل هذه الأنشطة، فالتحايل عليها لن يكون صعبا.

وهنا يثور السؤال حول أسباب الاحتفاء بهذا الحكم من قبل القوى المناهضة للإخوان. فالحكومة المصرية أشارت في بيان لها إلى أن الحكم ليس باتا وإنها سوف تنفذ الأحكام الصادرة من قبل محاكم مختصة وتقصد بذلك القضاء الادارى المتوقع له أن يصدر حكما مشابها خلال أيام.

أما الاحتفاء فقد جاء من قبل قوى أخرى إعلامية بالأساس تعتقد أنها كسبت معركة “رمزية” في مواجهة الإخوان، وإنها بذلك تضغط نفسيا على أعضاء الجماعة كما أنها يمكن أن توقف التعاطف الشعبي من بعض الفئات أو بعض المناطق مع جماعة الإخوان .

إضافة إلى ذلك فان هناك من يرى أن هذا الحكم يمكن أن يفتح الباب أمام انشقاقات داخل الجماعة أو يعزز من أوضاع قيادات منشقة تسعى لان تشكل تنظيما بديلا للإخوان قد يكون على أسس مختلفة تماما، وأشير هنا إلى جماعة “إخوان بلا عنف” التي أسسها شباب منشقون عن الجماعة أثناء اعتصام رابعة العدوية، أو انه يهمش القيادات المتشددة في الجماعة المنتمين إلى التيار القطبي لصالح قيادات معتدلة يبدو أنهم يديرون حوارا مع الدولة في الوقت الراهن مثل عمرو دراج ومحمد على بشر اللذين لم توجه لهما أيه اتهامات حتى الآن .

ما نراه الآن هو تنويع في وسائل لصراع بين النظام والإخوان، ولعبة عض الأصابع بين الجانبين، لهدف وحيد هو التوصل إلى صيغة للتسوية تعطى للإخوان دورا ما ولكن هامشيا في العملية السياسية، مقابل وقف المظاهرات والاعتصامات.

ولعل بعض ما يجرى داخل لجنة الخمسين غير منقطع الصلة بهذه الصفقة ولا بمحادثات قد تكون تجرى عبر وسيط قد يكون حزب النور ففي نفس يوم صدور الحكم القضائي نشرت بعض المواقع الالكترونية أنباء عن أن أعضاء في اللجنة قريبين من النظام من التيار المدني حاولوا إقناع آخرين بالتخلي عن نص الدستور أن مصر “دولة مدنية” ولا يمكن أن يكون ذلك إلا بسبب محاولات لإرضاء السلفيين لأنهم يتولون القيام بدور ما مع النظام في ملف الإخوان أو لإرضاء الإخوان لدفعهم إلى التخلي عن الاحتجاج مقابل التنازل لصالحهم فى ملف الدستور.

وهذا الصراع سيظل مفتوحا ويلجأ فيه كل طرف إلى الأدوات المتاحة له. ومنها بالطبع أحكام القضاء كما حدث في الحكم القضائي الخاص بحظر جماعة الإخوان. الجماعة وليس الجمعية الأهلية المعبرة عنها. أي أن القضاء يحظر جماعة منحلة قانونا لكنها عادت محظورة “إعلاميا”.