مولدي الزوابي الوجه الإعلامي والحقوقي ومؤسس نادي القلم العالمي صحبة الرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي، عاش في زمن بن علي سلسلة من المحاكمات والاختطافات من قبل البوليس إثر عمله الصحفي المنتقد للسلطة. وهاهو اليوم يجد نفسه من جديد في وضع المتهم رغم انتفاء الدواعي والأدلة لإدانته.
قضية المولدي وإن اشتركت شكليا مع بقية قضايا الإعلاميين الذين مثلوا مؤخرا أمام القضاء ( زياد الهاني وزهير الجيس وآخرون) إلا أنها تختلف من حيث المضمون والتاريخ. إذ تعود أطوارها إلى ما قبل 14 كانون الثاني/ يناير 2011.
مولدي الزوابي الوجه الإعلامي والحقوقي ومؤسس نادي القلم العالمي صحبة الرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي، عاش في زمن بن علي سلسلة من المحاكمات والاختطافات من قبل البوليس إثر عمله الصحفي المنتقد للسلطة. وهاهو اليوم يجد نفسه من جديد في وضع المتهم رغم انتفاء الدواعي والأدلة لإدانته.
قضية المولدي وإن اشتركت شكليا مع بقية قضايا الإعلاميين الذين مثلوا مؤخرا أمام القضاء ( زياد الهاني وزهير الجيس وآخرون) إلا أنها تختلف من حيث المضمون والتاريخ. إذ تعود أطوارها إلى ما قبل 14 كانون الثاني/ يناير 2011.
يقول مولدي الذي كان يسكنه القلق رغم رباطة الجأش التي تحلى بها يوم المحاكمة أن هذه القضية رفعت ضده من أحد المنتسبين إلى الحزب الحاكم سابقا (التجمع الدستوري الديمقراطي) سنة 2010 بدعوى الاعتداء عليه بالعنف.
هذه القضية لم تكن سوى تهمة كيديّة من السلطات المحلية في محافظة جندوبة شمال غرب البلاد لمعاقبة المولدي لكشفه من خلال تقارير صحفية لقضايا فساد اجتماعي واقتصادي بالمنطقة. وكان ينتج التقارير لصالح قناة الحوار التلفزيونية وصحيفة الموقف وراديو كلمة، وهي وسائل اعلامية كانت مناهضة للسلطة في زمن بن علي.
معركة مع الإعلام
يقول مولدي إنه لا يستغرب إعادة فتح ملف القضية بعد أن بت فيها القضاء بحكم نهائي في شهر أيار/ مايو 2012 بطلب من النيابة العمومية التي رأت ان الحكم الصادر في حقه (عدم سماع الدعوى) لا يتماشى والجرم الذي اقترفه.
ويشير إلى أن كل الذين كانوا يقفون وراء القضية التي حيكت ضده هم اليوم في مواقع متقدمة من القرار في محافظته، بل أن هناك من بينهم (قاضي التحقيق ووكيل الجمهورية) من تمت ترقيتهم، ثم هناك أيضا من كان ينشط لصالح حزب بن علي انخرط في ركاب حركة النهضة ذات الأغلبية الحاكمة اليوم في تونس. وهو ما يجعل مولدي الزوابي متأكدا بأن “لا شيء تغيّر بعد الثورة وأن محاكمات الاعلاميين والتضييق عليهم ستستمرّ بل ستؤول الصحافة في تونس إلى وضع أسوأ مما كانت عليه في عهد النظام السابق” .
ينظر مولدي شاخصا إلى فنجان القهوة محاولا ترتيب أفكاره ثم يستدرك قائلا “إن إحياء ملف القضية بعد أكثر من سنة ونصف من إغلاقه ليس إلا دليلا على أن الحكومة الحالية فتحت معركة مع الإعلام وأساسا مع الإعلاميين الذي عرفوا الحرية بمعنى التحدي قبل الثورة”.
ويرى أن الحكومة تريد أيضا من وراء ذلك بعث رسائل إلى الإعلاميين الذي يتمتعون اليوم بهامش من الحرية ويراهنون على قدراتهم للتمسك بهذا المكسب وعدم التنازل عنه تحت أي ذريعة .
الارتهان متواصل
يجزم مولدي الزوابي أن دعوته إلى المحكمة من جديد هي جزء من سلسلة لا تزال مستمرة من المحاكمات والقضايا سترفع ضده. فهو يعتبر أن النيابة العمومية ترهبه بملفات أخرى لم تفتح إلى حد الآن ولم تحدد بعد لها جلسات. وهو ما يؤكد أن تردده على المحكمة سيطول حتى تضمن السلطة عدم إثارته لكل المواضيع التي تقلق راحتها.
لكن حسب الاعلامي والحقوقي مولدي الزوابي، يخطئ من يعتقد أن القضايا المرفوعة ضده ستثنيه عن مواصلة عمله الصحفي في التقصي وكشف الحقائق وملفات الفساد رغم أنه يقر بأن “الحكومة نجحت نسبيا في تكريس صورة تقدم فيها الاعلامي والسياسي المعارض على أنه غير وطني وهو أمر في غاية من الخطورة” على حد تعبيره .
المرزوقي أربك السلطة
في تقييمه لأداء رئيس الحكومة المؤقت المنصف المرزوقي الذي كان زميله في النضال صلب المنظمات الحقوقية وأسس معه نادي القلم يقول المولدي الزوابي إن المرزوقي “لم يتخلص من جبة الحقوقي ولا يستطيع ان يكون رئيسا بالمعنى المتعارف عليه لرئيس السلطة التنفيذية”. وهو ما ساهم بشكل كبير في “عزل مؤسسة رئاسة الجمهورية عن بقية السلطات، وأربك عمل دولة سواء على مستوى التنسيق في المواقف أو حتى على مستوى الأداء” حسب الزوابي.
وفي هذا السياق يؤكد على أن ضعف مؤسسة رئاسة الجمهورية وتذبذب أداء الرئيس الحقوقي يؤكد فشل القادمين من الحقل الحقوقي على إدارة دواليب الدولة، “فالنضال في الميدان الحقوقي يختلف تماما عن العمل السياسي والحكم”. لكنه يعتبر قبول المرزوقي بهذا المنصب أتى في إطار اقتسام كعكة الحكم بين السياسيين الذين حصلوا على الشرعية من مناهضتهم لحكم بن علي.
بين الأمل الذي يحدوه والخوف من المستقبل الذي يتقاسمه مع كل التونسيين يجزم المولدي الذي ينشط في الحقل الاعلامي منذ سنة 1984 أن تونس تمر حاليا بأصعب الأزمات، فهي تفتتح السنة القضائية بمحاكمة الاعلاميين وبانسحاب النواب من المجلس الوطني التأسيسي وبحكومة تتمسك بشرعيتها رغم أن عهدها شهد من قضايا الاغتيال والذبح وتسريب الوثائق، ما يجعل أعتي الدكتاتوريات تستقيل بقطع النظر عن كل مطالب المعارضة.
يختتم مولدي الزوابي حديثه ويمضى بخطى متثاقلة ولكنها ثابتة ثبوت أولئك الذين ذاقوا المرارة في صراعهم لأجل كشف الحقائق، وقضوا أجمل سنوات العمر بين أروقة المحاكم.